Friday 6th December,200211026العددالجمعة 2 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

واحات الرسالة واحات الرسالة

قال الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى: خرج مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر».
وفي معاودة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، منها: ان صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله. ومنها: ان صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة، كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة، وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج الى ما يجبره ويكمله من الأعمال.
ومنها: أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا قبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.
ومنها: أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره وان الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز، فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتورم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً؟.
ومنها: أن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها الى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان، بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً.
هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير للآجال ، ومواقيت للأعمال، ثم تنقضي سريعاً، وتمضي جميعاً، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها باق لا يزول، ودائم لا يحول، هو في جميع الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقيب مشاهد، فسبحان من قلب عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخدم، ليسبغ عليهم فيها فواضل النعم، ويعاملهم بنهاية الجود والكرم، لما انقضت الأشهر الثلاثة الكرام التي أولها الشهر الحرام، وآخرها شهر الصيام أقبلت بعدها الأشهر الثلاثة، أشهر الحج الى بيت الله الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه، فمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات؛ فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف، ويتقرب بها الى مولاه وهو راج خائف.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved