Wednesday 4th December,200211024العددالاربعاء 29 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

23/9/1389هـ الموافق 2/12/1969م العدد 272 23/9/1389هـ الموافق 2/12/1969م العدد 272
أثر الصيام في التربية
بقلم: عبدالعزيز بن عبدالله العبدان

تودع الأمة الإسلامية هذه الأيام شهر رمضان المبارك وتستعد لاستقبال عيد الفطر السعيد.. ووسط مشاعر ألم الفراق وأمل الاستبشار، تلقينا من الأستاذ عبدالعزيز العبدان مدير التعليم الثانوي بوزارة المعارف مقالاً مركزاً عن أثر الصيام في التربية:
قال الله تعالى:{يّا أّّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا كٍتٌبّ عّلّيًكٍمٍ الصٌَيّامٍ كّمّا كٍتٌبّ عّلّى الذٌينّ مٌن قّبًلٌكٍمً لّعّلَّكٍمً تّتَّقٍونّ}.
أيها الصائم الكريم:
إن للصيام مزايا كثيرة وفوائد متعددة كلها تدعو إلى تهذيب النفس وتربية ملكة الصبر وضبط النفس وانصياعها وكبح جماحها وترويضها على احتمال الشدائد والوقوف بصدق وعزيمة أمام العقبات.
كما تدعو إلى أفضل أساليب التربية الروحية وفق مقتضيات الفطرة السليمة، وإلى تنمية فضيلة الأمانة والصدق في القول والإخلاص في العمل والقضاء على الرذائل والشهوات المادية وكذلك إشاعة الإخاء والمحبة بين الناس والتعاون بين الأفراد والجماعات.
وقد جعل الله تعالى الصيام الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها هذا الدين الحنيف وجاء بتعاليمه السمحة لسعادة البشرية.
والتربية هي عملية نمو متواصل في الطفل تمكنه من مواصلة استعداداته وتنمية قدراته واستكشاف مواهبه تلبية لمتطلبات المستقبل الذي هو وليد الحاضر. وتعمل التربية على تهيئة الطفل لأن يكون عضواً صالحاً في المجتمع قوياً في تفكيره سليماً في اتجاهه وميوله متيناً في أخلاقه وعاداته.
لقد أخذت المنظمات التربوية العالمية مؤخراً تدعو إلى تسخير أساليب التربية الحديثة لخدمة الإنسانية بعد أن طغت المادة على المثل العليا. حيث ان من مبادئ التربية إشاعة العدل والمساواة والاخاء والاحترام المتبادل بين بني الإنسان لما تدعو إليه من تعاليم ومبادئ لتقويم شخصية الإنسان وتهذيبها والابتعاد بها عن مواطن الضعف الروحي والتخاذل النفسي أمام سلطان الشهوات والاعتداء على حقوق الغير.
ومن هذا المنطلق يتضح لكم أيها الصائمون مدى التوافق في الأهداف التي يرمي إليها كل من الصوم والتربية وبالأحرى مدى التأثير الذي يحدثه الصوم في التربية.
فالصيام الذي فرضه الله على خلقه وجعله ركناً من أركان الإسلام لم يكن ذلك لمجرد تجويع الإنسان ومنعه من ا لأكل والشرب ولكن لما للصيام من فضائل تهذيبية وتربوية وقيم روحية ترتقي بالصائم من عالم المادة إلى عالم الروحانيات فتزكو بها نفسه وتصفو سريرته.
قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».
فالصوم يتمثل فيه عبادتان هامتان هما. طاعة الله بالامتناع عن المفطرات المعنوية والحسية وجهاد النفس ومخالفة أهوائها «لأن النفس أمارة بالسوء» وكلا العبادتين سر بين العبد وبين ربه لا يقبل فيهما إلا الصدق في القول والإخلاص في النية والعمل.
والصوم بمعناه الدقيق هو تكييف الإنسان لنفسه بنفسه في حالة نموه المادي والروحي وحفظ التوازن بينهما بحيث لا تطغى مادته على حساب روحه ولا تقوى روحه على حساب مادته والإسلام يتطلب من المسلم أن يكون وسطاً بين مادته وروحانياته فيعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً كما يعمل لآخرته كأنه سوف يموت غداً.
فالصوم من أعظم ما يعين الإنسان على الجانب الروحي فهو يخفف من أثقال المادة ويخلق في الإنسان قوة الإرادة وملكة الصبر والاحتمال والجلد على المكاره ويمنع النفس من الاندفاع وراء الشهوات وإشباع رغباتها. فعندما يأتي شهر الصيام يحس الإنسان في قرارة نفسه أنه مقبل على أيام معدودات تفتح فيها أبواب الجنات وتضاعف الحسنات وتجاب الدعوات بطلب إقالة العثرات. وهو موسم لفعل الخيرات والأعمال الصالحة والدعوة إلى التوبة وتطهير النفس وتعويدها على حب الخير والبذل والعطاء والجود والتضحية، وبهذا يعود المرء إلى رشده ويتمكن من بناء كيانه وإنشاء إنسانيته والسلوك بها على الطريق الصحيح.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved