Sunday 1st December,200211021العددالأحد 26 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الشاعر السوري عبدالكريم الهبرة لـ « الجزيرة »: الشاعر السوري عبدالكريم الهبرة لـ « الجزيرة »:
الأصالة ضرورة للمثقفين العرب لإعادة نهضة الأمة
قصائدي ليست قاصرة على المديح.. والهم القومي ليس حكراً على أحد

* القاهرة مكتب الجزيرة طه محمد:
عديدة هي القضايا التي تشغل الواقع الثقافي العربي حالياً، أبرزها الاشكاليات الدائرة بين الأصالة والمعاصرة والشعر العمودي والشعر الحر، ومن هنا كان لقاء «الجزيرة» مع الشاعر السوري عبدالكريم الهبرة، والذي يؤكد فيه ان هذه الاشكاليات وخاصة الدائرة بين الاصالة والمعاصرة أمر طبيعي في الواقع الثقافي العربي، لأن الشأن الثقافي يستهدف الحوار والنقاش الذي قد تظهر فيه إعادة اشكال عدة من الجدل.
ووصف الهبرة الواقع الثقافي العربي بأنه ليس على مستوى الحالة الراهنة خاصة ان هذا الواقع بحاجة إلى إعادة نظر مشدداً على ضرورة ان يكون المثقفون العرب على مستوى اعادة الأصالة إلى الأمة للنهوض بها حضارياً من جديد، وتناول موقفه من الشعر العمودي، وما يتردد عن ان شعره يغلب عليه المديح، وما يتردد عن ان بكل شاعر ناقد مضمر، إضافة إلى حديثه عن قضايا ثقافية أخرى، جاءت في الحديث التالي:
ألوان الشعر
* بداية.. يرى كثير من النقاد ان شعرك يغلب عليه المديح بعيداً عن تناول أغراض شعرية أخرى، فما ردك على هذه الآراء؟
بالفعل.. قيل ان شعري يغلب عليه طابع المديح، وان كنت أقف موقف المعارض لهذا القول، ولأن المدح عندي دائماً يكون مرتبطاً بقضية معينة، لأن المدح إن كان في غير محله كان كمن يكذب على نفسه، وعموماً المديح في الشعر غرض من أغراضه، ودواويني لا تقتصر على غرض دون غيره، وكما فيها المديح فهناك أغراض أخرى فيها، ومنها ما يحض على الجهاد، أو هدف يجسد الواقع الراهن بكل آماله وآلامه.
وهناك دواوين صدرت لي في دولة الإمارات، وكان أبرزها «رجال ومواقف» وهي تمثل الهم القومي والعربي، فهما خطان أصيلان تحافظ عليهما دواويني، لأنني حريص على ابراز الهم العربي ومختلف القضايا الوطنية والقومية، وهو خط التزمه في دواويني ولا أحيد عنه على وجه الاطلاق.
* في المقابل، لماذا نرى كثيراً من الشعراء العرب مختلفين حول قضايا فرعية دون الالتفات إلى الهم الثقافي العربي؟
القضية الأساسية أرى انها موجودة والهم القومي موجود لدى الجميع ولا استطيع ان أجعله حكراً على أحد، ولكن قد يختلف الشعراء في وجهات النظر، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وأؤكد انه مهما كان حجم خلافنا واختلافنا، فإن القضية الأساسية واحدة، وهي الهم القومي، والشعور بحجم التحديات التي تحيط بنا ويجب على المثقف ان يتناولها.
الشاعر والناقد
* هل ترى ان الشاعر يمكن ان يمارس دور الناقد طبقاً للرأي القائل بأن في داخل كل شاعر ناقد مضمر؟
من الممكن بالفعل ان ينقد شاعر غيره من الشعراء، ولكن في حالة استكمال القصيدة للمعنى والشكل لدى الشاعر وبعد ان تستوفي كل عنصر فيها، وان كنت اعتقد ان الشاعر يصعب ان ينقد شعره، لأنه يدخل نفسه في «دوامة» فكرية وجدلية.
* ما هو تفسيرك لدخول بعض الألفاظ المحلية في الشعر العربي، الأمر الذي يمكن ان يخرج الشعر من الإطار العربي الشامل إلى الإطار المحلي فيضعف من انتشاره؟
إن كنت لا اعترض كثيراً على دخول القليل من الألفاظ المحلية بما يخدم البيان والتوضيح في الشعر العربي، لأنها يمكن إذا دخلت ان تجعله في إطار محلي دون انطلاق إلى مستوى أعم وأشمل في العالم العربي،.
وهنا أود الإشارة إلى الرأي الذي أذهب إليه وهو الالتزام بالشعر العمودي الذي نظمه الآباء والأجداد، وان كان لكل شاعر رأي في نظم الشعر واستحسانه، وللنقاد ان يحكموا على النظم إذا كان رديئاً أم جيداً، لكن تبقى ضرورة الحفاظ على التقاليد والمزاج العربي، لأن الشاعر مسؤول عما ينظمه.
* وأمام الحفاظ على المزاج والذوق العربي، هل ترى انه مستهدف من قبل الثقافات الوافدة سواء من جانب المستشرقين أو من لف لفهم؟
أنا لا أنكر ان هناك حالة وشكلاً من أشكال الغزو الثقافي، فالأمة العربية تتعرض لغزو ثقافي وفكري، وهذا ليس بجديد لذلك لا بد للمتلقين ان يكونوا دائماً في حالة صحوة متجددة لأن بعضاً من مثقفي العالم يحاولون بث مدارسهم الفكرية ومضربات أخرى مادية لفرض الهيمنة الفكرية والدعوة إلى الاستشراق، لذلك فالصحوة الثقافية في العالم العربي ضرورة وليس ترفاً أو «تحصيل حاصل»، ونحن بحاجة إلى من ينبه من مغبة ومخاطر الأفكار الأخرى، وهذا يتطلب وعياً اجتماعياً صحيحاً يبدأ من الفرد، وهو هنا المتلقي.
حركة الاستشراق
* في ظل حركة الاستشراق التي ذكرتها، ألا ترى من ضرورة للحديث عن الأدب الملتزم وأهميته، وأنه أصبح يفرض نفسه على الكتاب والمثقفين العرب؟
نعم.. من الضروري ان يكون الإبداع عموماً ملتزما وليس الأدب فقط، ونحن لو استقرأنا التاريخ القديم والتاريخ الحديث لوجدنا أدباً ملتزماً وآخر غير ملتزم، وفي الوقت نفسه نجد كثيراً من الشعراء ملتزمين بنوع محدد من الشعر، وان هناك شعراء غير ملتزمين.
وعلى أية حال، فإن أي أدب لا يخرج عن نطاق عاداتنا وتقاليدنا وأصالتنا فهو أدب غير ملتزم، ولكن في تقديري فإن الأدب الملتزم هو الذي يحافظ على العادات والتقاليد والأصالة العربية، أما غير الملتزمين شعرياً فنحن لا نقرهم على وجه الاطلاق.
* من الاشكاليات الدائرة في الساحة الثقافية العربية، تلك الدائرة بين الأصالة والمعاصرة، فما تفسيرك لأسباب هذه الاشكالية؟
هي اشكالية قائمة بالفعل، وأتصور ان أسبابها من طبيعة الحوار والنقاش في العمل الثقافي الذي تظهر فيه عادة أشكال عدة من الجدل، وأتصور انه لا يمكن ان تكون هناك أصالة بدون معاصرة والعكس صحيح، فالأصالة لا تعني القديم كما يفهم البعض، ولكن الشيء النفيس «القيم والأصيل» وان كانت المعاصرة ليست كلها شراً.
واعتقد انه من الصعب للغاية حسم الجدل حول هذه الظاهرة، ما دام هناك شعراء ونقاد، وهناك قديم وحديث، ولذلك فهي ظاهرة طيبة، ولكن إذا تم الحديث عنها بشكل موضوعي بعيداً عن التحيز.
* ربما يدفعنا هذا إلى الحديث عن موقفك من الشعر العمودي، وهل سبق لك ان نظمت شعراً عمودياً؟
لقد نظمت الشعر العمودي منذ بداياتي الأولى المعبرة عن الوطنية والقومية وأنا لم أحاول ان أخرج عن غيره إلى ألوان أخرى، وان كان شعراء الحداثة وغيرهم لهم رأي في شعرهم، وان كان لدي تحفظ على هذا اللون من الإبداع.
وأؤكد ان التزامي بالعمود الشعري جعلني في منأى عن نظم شعر الحداثة بكل أشكاله وأنواعه، حيث لا تناسب الخط أو اللون الذي أتبعه في نظمي للشعر.
الواقع الثقافي
* وأخيراً.. كيف ترصد طبيعة الواقع الثقافي في الوقت الراهن، وأبرز الأزمات التي تواجه المثقفين حالياً.
كثير من الشعراء يعانون من أزمة الانغلاق، لأنهم لا يستطيعون ان يقولوا ما لا يشعرون، فدائماً الشاعر عندما يرغب في الحديث أو التعبير عن أفكاره، فإنه لا يستطيع ان يتحدث عنها بحرية أو يعبِّر عن مشاعره وواقعه بموضوعية.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved