رمضان ضيف سنوي يعود إلينا كل عام يأتي ليخفف عنا ثقل الذنوب وليوقظنا من رقاد الغفلة وليأخذ بأيدينا لئلا ننجرف مع تيار هذه الفانية يسأل عن أناس خلفهم في العام الماضي فلا يجدهم، تركهم وهم في قمة نشاطهم واكتمال صحتهم لكنه عاد ولم يجدهم ولو علموا بذلك لأحسنوا وداعه في العام المنصرم.
ما أحوجنا لرمضان وما أحوج قلوبنا لأيامه المباركة ولياليه العامرة.
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدومه لما يعرفه عليه الصلاة والسلام من فضله وكان صلى الله عليه وسلم يخصه دون غيره من الشهور بزيادة العبادة والاجتهاد في الطاعة وهو الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه ويصوم حتى يقال: لا يفطر وإذا دخلت العشر الأواخر شد صلى الله عليه وسلم مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله.
وكان صلى الله عليه وسلم قد بلغ الغاية في الكرم ومع ذلك إذا دخل رمضان كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
إذاً فالدعوة إلى تغيير الحال وحسن الاستعداد لا يخاطب به المذنب والمقصر فقط وكلنا كذلك!
إنما ينبغي لكل مسلم أن يحسن الاستعداد لهذا الشهر المبارك بما يتناسب مع قدسيته وفضله وأن ينتقل من السيىء إلى الحسن أو من الحسن إلى الأحسن.
الجيل الأول الذين فقهوا مقاصد الصيام قللوا فيه من المآكل والمشارب فسمت نفوسهم وأشرقت أرواحهم وخشعت قلوبهم ووجدوا لذة العبادة التي غابت عنا حينما أعلنا حالة الاستنفار القصوى قبل حلول الشهر لتوفير أصناف الأطعمة والمأكولات حتى وجدنا الكثير يشكو من انهيار أوضاعه الاقتصادية مع حلول هذا الشهرالكريم ومقارنة مصروفات هذا الشهر مع غيره تبين هذا الأمر وكل هذا يبين الفرق بين رمضاننا ورمضانهم.
الجيل الأول جعل من هذا الشهر فرصة لمراجعة النفس وخلوتها بربها والبعد عن مشاغل الدنيا الفانية حيث كانوا يعتكفون في المساجد ليتفرغوا للعبادة ونحن تتجاذبنا المشاغل الدنيوية في هذا الشهر أكثر من غيره حتى تشغلنا عن الواجب فيمضي الشهر دون الإحساس بلذته أو الاستفادة من خيره وبركته وهذا الفرق بين رمضاننا ورمضانهم.
|