Monday 25th November,200211015العددالأثنين 20 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كتب كتب

قدم له الأمير سلطان ونيلسون مانديلا
التطور السياسي في المملكة العربية السعودية وتقييم لمجلس الشورى
تأليف :د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز
عرض : إبراهيم بن سعد الماجد(*)
إذا نظرنا إلى بلادنا (المملكة العربية السعودية) نظرة فاحصة، نظرة دقيقة مركزة على نظامها السياسي منذُ توحيدها على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - ننشدّ إلى هذا النظام السياسي «المبهر» بحق.. نظام يستمد نظمه وتشريعاته من كتاب عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حكيم، ومن سُنَّة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. هذا النظام يطور حيناً بعد حين ولكن تحت مظلة القرآن الكريم والسنَّة المطهرة.
لقد وضع الملك عبدالعزيز نظام الدولة وفق التشريع وحسب حاجة وقته ثم جاء من بعده ملوك ساروا على نهجه في تطبيق الشريعة والاتباع لا الابتداع. جاء سعود ففيصل فخالد، واليوم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وفقه الله ورعاه، طوروا وأضافوا وحذفوا حسب حاجة العصر دون المساس بجوهر النظام.
والكتاب الذي بين أيدينا والذي قدم له صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لمؤلفه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز يتحدث عن التطور السياسي في المملكة ويركز على مجلس الشورى «تقييماً».
يقول المؤلف في مقدمته: «إن من توفيق الله جلّ وعلا لمؤلف هذا الكتاب هو ما سبق أن أشرت إليه في تحضير رسالة الماجستير عام 1408هـ/1988م والتي كانت تتحدث عن (المجالس المفتوحة في المملكة)، وذكرت حينها أن هناك توجها لدى المملكة العربية العربية السعودية لإصدار نظام مجلس الشورى (حسبما وعد به باستمرار ولاة الأمر وآخرهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رعاه الله)، وبالفعل صدر النظام الجديد لمجلس الشورى الذي أصبح يشكل امتداداً طبيعياً لرسالة الماجستير وكان هاجسي بعد صدور النظام هو استكمال ما بدأته ومحاولة معرفة خفايا وإيجابيات وسلبيات هذه المؤسسة الجديدة (مجلس الشورى).
يقع الكتاب في 433 صفحة من القطع المتوسط مشتملاً على خمسة أبواب وستة ملاحق بالإضافة إلى قائمة المراجع العربية وقائمة المراجع الإنجليزية وتقديم ومقدمة وخاتمة.
يتحدث في الفصل الأول عن البُعد الجغرافي والتاريخي للمملكة العربية السعودية من خلال مبحثين: المبحث الأول الواقع الجغرافي والمبحث الثاني التاريخ السياسي للمملكة العربية السعودية بدءاً من الدولة السعودية الأولى التي قامت على يدي الإمام محمد بن سعود - رحمه الله تعالى - عام 1157هـ تلك الدولة التي قامت على محاربة الشرك والضلال عندما اتفق الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب على انتشال نجد وبقية مناطق الجزيرة العربية من الشرك والجهل والنزاع والخلاف، ومنذ ذلك الاتفاق التاريخي بينهما سار الإمامان يدعوان معاً إلى الله فتوحد تحت حكمهما معظم المناطق المتنافرة والإمارات المتنازعة.. فتلك كانت بداية الدولة السعودية.. دولة التوحيد.. دولة الإيمان الكامل بالله سبحانه وتعالى.
وبعد وفاة الإمام محمد بن سعود عام 1179ه خلفه ابنه عبدالعزيز الذي يُعدُّ الإمام الثاني من أئمة الدولة السعودية الأولى، وقد تحقق على يديه شيء كثير لهذه الدولة من تحقيق الترابط الاجتماعي بالإضافة إلى الانتصارات الحربية العديدة، ومما كان يمتاز به رحمه الله الشجاعة والكرم، وكثرة العبادة لله سبحانه وتعالى كما كان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، تحقق في عهده الرخاء وساد الأمن وعمت الناس الطمأنينة على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ومع كل هذا كان - رحمه الله - يعامل الناس كواحد منهم إلى أن اغتالته يد الغدر والخيانة وهو ساجد لله في صلاة عصر يوم من أيام العشر الأواخر من شهر رجب 1218ه، وبعد رحيله خلفه الإمام سعود بن عبدالعزيز، وهذا الإمام يعتبر أول من أمر بكسو الكعبة المشرفة من آل سعود بأحسن الأقمشة الحريرية، وقد توفي هذا الإمام عام 1229ه وخلفه الإمام عبدالله بن سعود، وفي هذا الوقت كانت جيوش محمد علي منتشرة في أنحاء الجزيرة العربية، وقد كانت الجيوش متواصلة من مصر إلى الدرعية إلى أن سقطت الدولة السعودية الأولى عام 1233ه بعد أن خان إبراهيم باشا العهود والمواثيق ورحل الإمام ومعه 1400 من إخوته وأهله ورجاله إلى تركيا، وهناك كانت الخيانة والجبن عندما قتلوا هؤلاء الرجال عند أبواب مدينة اسطنبول. رحلوا ولم يرحل تأثيرهم في من خلفهم.. حيث كانت العقيدة الصحيحة التي تفعل ما لا يفعله أفتك الأسلحة.
لهذا لم تخمد روح الجهاد في البلاد واستمرت الانتفاضة السعودية ضد الحكم التركي المصري في نجد حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله من تأسيس الدولة السعودية الثانية التي تعتبر امتداداً للدولة السعودية الأولى، ونظراً للأعمال العظيمة التي قام بها الأمير تركي بن عبدالله فقد نظر إليه كثير من المؤرخين باعتباره المؤسس الأول للدولة السعودية الثانية، ولكن أغلب المؤرخين قالوا: إن التخلص من الترك والاستقلال الفعلي تم في فترة حكم الإمام فيصل بن تركي للمرة الثانية أي بعد جلاء قوات محمد علي عن جزيرة العرب حيث استقلت الدولة السعودية الثانية استقلالاً تاماً إلى أن توفي الإمام فيصل بن تركي 1282هـ وخلفه ولي عهده ابنه الأكبر عبدالله ولكن حدث خلاف بينه وبين أخيه سعود مما أدى إلى نشوب حرب أهلية استمرت أكثر من عشرين عاماً وأدى ذلك إلى نهاية الدولة السعودية الثانية وبعد هذا السقوط غادر الإمام عبدالرحمن بن فيصل وبعض أتباعه إلى قطر ثم البحرين ليستقر بهم المقام في الكويت وكان بصحبته ابنه عبدالعزيز الذي كان لا يتجاوز عمره ست عشرة سنة (ولد الملك عبدالعزيز عام 1293هـ).
وتمر الأيام ويكبر هذا الغلام ويأبى إلا أن يسترد ملك آبائه وأجداده وتكون البداية عام 1319هـ وتلك هي بداية الدولة السعودية الحديثة هذه الدولة التي أعلن عن اسمها (المملكة العربية السعودية عام 1351هـ).
وأراني قد استطردت كثيراً في تاريخ نشأة هذا الكيان العظيم ولكنها النفس تأبى إلا أن أقول وأقول ذاكراً تاريخاً مجيداً بذكره تشرئب الأعناق بكل فخر وعزة.
الشرعية التاريخية للنظام السياسي السعودي:
مر المجتمع السعودي بعملية تطور سياسي منذ بداية الدولة السعودية بجميع مراحلها السابقة والحديثة، ويشهد سجل الأعمال على إنجازات ذلك الجيل من سلالة عظيمة حكمت في بلاد العرب لثلاثة قرون، وشرعية هذه الأسرة في الحكم تستند أولاً: إلى الدين الإسلامي الذي هو شريعة سكان الجزيرة العربية بوجه خاص منذ البعثة النبوية الشريفة والذي قامت القيادة السعودية بنصرته ورعاية الحرمين الشريفين وثانياً: تعد الأسرة السعودية رمزاً لوحدة هذا الكيان (المملكة العربية السعودية) متمتعة بحب وإعجاب المجتمع السعودي بالمؤسسين الأوائل لهذه المملكة وبالجهد والتضحيات التي بذلوها في سبيل توحيد مناطقها الواسعة تحت راية التوحيد والعدالة، والحب والأخوة، وتعرف القيادة السعودية بالتزامها بالثوابت الإسلامية ثم العادات والتقاليد العربية الأصيلة (الخولي 1981م). وقد أحسنت القيادة السعودية في تبني العقيدة الإسلامية ونشرها مما أدى إلى ربط القبائل المتفرقة في شبه الجزيرة العربية وانصهارها تحت لواء الإسلام، وتوحيدها في كيان واحد هو المملكة العربية السعودية، ويؤكد بعض المفكرين السياسيين (المهنا 1980م) أن الحكام السعوديين كانوا يجمعون بين التمسك بالشريعة الإسلامية والعادات العربية الأصيلة، وقد استمر هذا الجمع قائماً رغم ما يعتريه من ظروف ومتغيرات، ثم إن دور القبيلة تلاشى بعد قيام المؤسسات لإدارة البلاد وانخراط أبناء القبائل وغيرهم لخدمة البلاد عن طريق هذه المؤسسات وانصهر النظام القبلي في مؤسسات الدولة ليصبح جزءاً من النظام السياسي السعودي العام، وساعد على استقرار هذا النظام التزام الدولة السعودية بالشريعة الإسلامية مع الاستفادة من المستجدات الحضارية الحديثة التي لا تتعارض مع الإسلام.
وإنه ليكفي فخراً لهذه الدولة ولهذا الشعب أن حكمهم يستمد من كتاب أُنزل من فوق سبع سماوات لا من دساتير وضعية يعتريها النقص ولا تخلو بأي حال من الأحوال من أهواء شخصية ونظرات قاصرة.
يقول هوبداي (1978م): إن القرآن الكريم عظيم ورائع لأسباب منها: احتواؤه على قدر من القواعد والتعليمات الإلهية يمكن أن تضبط كل ما يتعلق بالحياة اليومية، وهو الوثيقة الأكثر كمالاً، فهو لا يعرض الأفعال الدينية التي يجب أن تؤدى، ولكن يعرض كل ما هو مطلوب لإيجاد مجتمع يحكم القانون الإلهي فيه كل الممارسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والسبب الآخر في روعته وعظمته يتمثل في تمسكه بالالتزام الديني الصارم بأحكام الله، فهذا التمسك ما زال قوة رئيسية في المملكة، وقوة الرأي الملتزم تنمو في اطراد، لأنها تستمد شرعيتها وقوتها من المبادىء الصحيحة التي أنزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا النمو بدأ يحظى باهتمام متزايد بوصفه قاعدة عامة للتغيير الاقتصادي. أ. هـ.
ومن جميل ما أثبت المؤلف مراحل تغير ألقاب حكام الدولة السعودية حيث كان يطلق على الحكام في الدولة السعودية الأولى والثانية لقب «إمام» حيث كان الحاكم في ذلك الوقت يُعدُّ إماماً في الدين وقائداً في السياسة، أما في الدولة السعودية الحديثة فمر لقب الحكام بعدة مراحل، فعند التأسيس (1319هـ) لم يتخذ الملك عبدالعزيز لقب إمام لوجود والده الذي كان يطلق عليه الإمام وإنما كان يطلق على الملك أو كان ينادى باسم «الشيوخ» وبعد ضم الإحساء (1322هـ) خاطبته المعاهدة باسم (عبدالعزيز باشا آل سعود والي وقائد نجد) وبعد المعاهدة السعودية البريطانية (1334هـ) أصبح لقبه أمير نجد ورئيس عشائرها) وبعد انعقاد مؤتمر الرياض (1339هـ) أصبح اللقب (سلطان نجد) وبعد ضم حائل وعسير (1340هـ) إلى ملكه صار (سلطان نجد وملحقاتها) وبعد ضم الحجاز (1344هـ) أصبح (ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها) وبعد مؤتمر الرياض (1345هـ) صار (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وفي عام 1351هـ صدر المرسوم الملكي بالاسم الحالي (المملكة العربية السعودية).
ويتحدث المؤلف في الفصل الثاني عن (نظريات التطور السياسي) من خلال المباحث الأربعة التالية:
المبحث الأول: يتناول فيه مفهوم التطور السياسي ناقلاً أقوالاً لعدد من المؤرخين والسياسيين في هذا المجال نشير في هذه العجالة إلى قول (Ferre 1984) فإن التطور السياسي من منظور الغايات هو حركة واعية محددة نحو هدف أو أكثر أو حالة من الوجود ضمن السياسة، ويمكن أن تكون الأهداف مفردة أو متعددة: مثل الديمقراطية، الاستقلال، الشرعية، المشاركة، التحرك، المساواة، التفاضل، إنشاء المؤسسات، التكامل، الترشيد، برمجة التنظيم الإداري الحكومي، والحرية، والمظاهر العملية لهذه التعابير تشير إلى أن التحرك نحو نوع معين من النظام السياسي، أو نحو الخصائص السياسية للمجتمع الصناعي الحديث، هو مطلب يجب أن تضعه كافة الحكومات أمام عينها. ا. هـ. وفي المبحث الثاني يتناول المؤلف (المفهوم الغربي للتطور السياسي) حيث يقول: ترجع النظرية الحديثة للتطور السياسي في الغرب إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، ويرى (Blomstrom and Hettne 1965) أن النظرية الحديثة في أصولها الأولى والتي أخذت بعد ذلك في التطور كانت نظرية اقتصادية بحتة، كما أنها كانت تتأسس كلية على الظروف الاقتصادية التي كانت قائمة في المجتمعات الصناعية الغربية، وهي أمور تغيرت، فبات من الضروري البحث عن مفهوم يستند إلى أسس ثابتة.
ومن المؤكد أن تطبيق هذه النظريات على حالة البلدان النامية في العالم الثالث كشف عن وجود فرق كبير بين الواقع العملي وبين الإطار النظري، ذلك أن مشكلات التطبيق نجمت عن حقيقة ثابتة وهي أن أكثر بلدان العالم الثالث تقلد الأساليب الغربية في الفكر السياسي تقليداً أعمى، دون النظر إلى ثوابت الأمة والظروف الحضارية المتغيرة والتركيبة السكانية ومدى ملاءمتها لتطبيق تلك الأساليب.
ولذلك فإن أكثر المساهمات العلمية في نظرية التنمية، سواء منها الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو التي نشأت على أسس منهجية نموذجية، يرجع بشكل عام إلى مثل (نموذج التحديث)، فلقد تم النظر إلى التطور من جانب واحد، كما تم تعريف التخلف تعريفاً نمطياً رغم وجود خلافات واضحة في الآراء جديرة بالملاحظة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، ولذا فإن التطور في هذه الحالة يعني سد هذه الثغرات من خلال أساليب تقليدية، حيث إن البلدان الأقل تطوراً تتوقع أن تتطور أكثر فأكثر مثل الأمم الصناعية، بيد أن هذا التوقع يتخذ نمط المحاكاة بدلاً من النظر في ظروف الواقع الخاصة.
وتفيد الدراسات التاريخية في فهم أبعاد تطورات الدول وإن كانت الدراسات المؤسسية تعطي اهتماماً كبيراً لمؤسسات المجتمع المدني من أجل الحكم على البلاد ومدى تطورها من عدمه، ولذا فإن المفهوم الغربي للتطور السياسي ما يزال يعتريه القلق على صعيد الفكر السياسي والتباين على صعيد التطبيق العملي وربما التنافر رغم هذه الوحدة الأوروبية التي بدأت تشكل كياناً سياسياً عالمياً كبيراً.
وفي المبحث الثالث يبين المؤلف (المفهوم الإسلامي للتطور السياسي) من خلال ثلاثة محاور. المحور الأول: أساس النظام السياسي الإسلامي والدولة الإسلامية، والمحور الثاني: السيادة والشرعية في الدولة الإسلامية، أما المحور الثالث والأخير فعن شرعية السلطة في الإسلام.
أما الفصل الثالث من هذا الكتاب فقد خصصه ل(تطور النظام السياسي السعودي) وقد تناول ذلك من خلال مباحث خمسة تحدث في الأول عن (الحكومة المستقرة والإطار العقدي) وفي المبحث الثاني عن (آليات التطور في الدولة السعودية الحديثة)، أما المبحث الثالث فتحدث عن (تطور البناء الإداري)، وفي الرابع تناول (الإصلاحات السعودية الحديثة)، أما المبحث الخامس والأخير فكان عن (الأصالة والمعاصرة) حيث قال: تعد سياسة «المجالس المفتوحة» أحد تقاليد الحكم العريقة في تاريخ المملكة العربية السعودية، فهي قديمة قدم الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام المؤسس محمد بن سعود، كما أنها تعد أحد المرتكزات الفكرية لحركة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
ويرى هورث (1980م) أن هذا النوع من الاتصال المباشر بين الحاكم والشعب كان وما يزال يمارس على مستوى يومي وأحياناً على مستوى أسبوعي، ويعد المجلس في الوسطين الشعبي والرسمي أحد أوجه المشاركة السياسية حيث تتاح لعامة الشعب فرصة التفاعل المباشر مع السلطات العليا في المملكة، وعرض مشكلاتهم على صانع القرار مما يمكنهم من الحصول على حلول مبدئية ومباشرة لما يعرضوا على المسؤولين، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن أفراد الأسرة الحاكمة ولاسيما الملك وولي عهده والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء يفتخرون بهذه الممارسة، فمن خلال تجربتهم التاريخية وجدت الأسرة الحاكمة ان تلك الممارسة تفتح لهم قنوات مباشرة للتفاعل والحوار مع المواطن العادي، ما يمكنهم من الاطلاع على حقيقة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وشؤون القبائل ومشكلاتها، ومن ناحية اخرى فان ذلك التفاعل المباشر يمكن صانع القرار من الحصول على معلومات مهمة وحيوية يتم توظيفها في وضع الخطط التنموية المستقبلية وتقويم ومحاسبة قطاعات الدولة المختلفة، ويشكل المجلس قمة التطور السياسي فالمجلس مؤسسة سياسية شعبية تتاح من خلالها فرصة المشاركة لكافة المواطنين ولا يستثنى منها أحد، حسب المادة الرابعة والثلاثين والقانون الاساسي المنظم لشؤون مجلس الملك وولي العهد، وللمجلس بعد عقدي تاريخي، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يدير ارجاء الدولة الاسلامية في عهده من خلال المجلس المفتوح، وقد تابعه في ذلك صحابته من الخلفاء الراشدين وخلفاء المسلمين في العصور المختلفة.
ان الحكام السعوديين حريصون كل الحرص على استمرار السياسة المفتوحة واللقاء المباشر بالمواطنين، فالبعد الشرعي لمؤسسة المجالس المفتوحة مكن لديمومة هذه المؤسسة واستمرارها وتشجيعها وحث المواطنين على الاستفادة منها.
من الجدير بالذكر ان الملك يعقد مجلسه مرتين اسبوعيا، كما يتم تقديم وجبة عشاء عامة على الاقل مرة اسبوعيا، ومن ناحية اخرى فان الملك ايضا واتباعا للعادات الاسلامية العريقة في تقاليد الحكم يلتقي العلماء، ويستمع لآرائهم فيما يتعلق بالشؤون العامة. والنمط الذي يتبعه مجلس الملك المفتوح هو نفسه تقريبا الذي يجري في كل من مجلسي ولي العهد، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، اما وزير الداخلية او نائبه فانه يعقد جلسات مفتوحة يوميا وهو على اتصال مباشر بالمواطنين أ.هـ.
اما الفصل الرابع فكان عن «الشورى ونظام الحكم في المملكة العربية السعودية» من خلال خمسة مباحث تناول في المبحث الاول «الشورى ومكانتها في نظام الحكم الاسلامي» وفي المبحث الثاني «الشورى في الدولة السعودية الاولى»، وفي المبحث الثالث «الشورى في الدولة السعودية الثانية» اما المبحث الرابع فكان عن «الشورى في الدولة السعودية الحديثة» وذلك من خلال «مجلس الشورى في عهد الملك عبد العزيز».
اما المبحث الخامس والاخير من هذا الفصل فكان عن مجلس الشورى الجديد قراءة في نظام مجلس الشورى.
ونختتم فصول هذا المؤلف بنظرة الى «مجلس الشورى من الداخل» وذلك من خلال مباحث خمسة بدأها المؤلف ب«اهداف وعينة البحث وسماتها الشخصية» حيث قال: يهدف هذا البحث الى معرفة آراء اعضاء مجلس الشورى السعودي فيما يتعلق بمنجزاتهم السياسية، وقد ركزت على ذلك لنتعرف درجة الرضا لدى اعضاء المجلس عن عملية صناعة القرار، وقد عملت أيضا على معرفة تركيبة المجلس وتقسيماته الادارية، ومدى الرضا عن تلك الترتيبات، كما تم وصف بعض العلاقات والمتغيرات مثل مستوى العضو التعليمي، وتجربته السابقة، وخلفيته الاجتماعية، وكما أسلفنا فإن معظم أعضاء المجلس من مدرسي الجامعات ورجال الاعمال ورجال العلم والمعرفة وكبار موظفي الدولة السابقين، ذلك التنوع وبتجربته الغنية يشكل ميزة واضافة نوعية للمجلس ولطبيعة مهمته، ومن ناحية اخرى فإن كون المجلس ايضا يتكون من اعضاء يمثلون اقاليم المملكة المختلفة فان معرفة وجهات نظرهم ومدى رضاهم عن مهمتهم وكيفية ادائها يشكل مؤشرا لرضاهم عن الخدمات المقدمة للبلد عامة ولمناطقهم خاصة.وقد تم استخدام عدة اساليب بحثية في هذا العمل من خلال اجراء مسح شامل لاتجاهات وآراء اعضاء المجلس، وذلك فيما يتعلق بالتنمية السياسية في المملكة وطبيعة آرائهم في العملية التنظيمية والادارية وآليات صنع القرار في المجلس، وخبراتهم السابقة، ولقد اجريت الدراسة على 90 عضوا من اعضاء المجلس، وقمنا بتشجيع كافة اعضاء المجلس للاجابة على الاستبانة التي وزعت عليهم الا ان بعضهم ولاعتبارات شخصية او ادارية قد امتنعوا عن الاجابة، ولقد تم الالتزام بتعليمات المجلس التنظيمية في هذا المجال.
وفي المبحث الثاني يتناول «تقويم اعضاء المجلس للتجربة الشورية» اما المبحث الثالث فعن «مرافعات المجلس وقراراته»، وفي المبحث الرابع يتناول «فاعلية المجلس وكفاءته» حيث يقول: لمعرفة وجهات نظر اعضاء مجلس الشورى وآرائهم حول فاعلية المجلس في اداء مهامه وممارسة اعماله ودوره في ترشيد القرار السياسي، كان لابد من سؤالهم عن هاتين الناحيتين فمن ناحية سُئلوا عن مدى رضاهم عن مستوى فاعلية المجلس في اداء مهامه؟ وقد عبر 63% من اعضاء المجلس عن رضاهم الى حد ما عن اداء المجلس، في حين كان 29% من اعضاء المجلس راضين جدا، وقد اظهر 8% من اعضاء المجلس عدم الرضا.
اما المبحث الخامس والاخير من هذا الفصل فكان عن «الصعوبات ونقاط الضعف» يقول المؤلف: على الرغم من أن مجلس الشورى السعودي اصبح مؤسسة تنظيمية فعالة في البلاد ويتمتع بخصائص ونقاط قوة عديدة اشرنا اليها قبل قليل، الا ان ذلك لا يعني انه يخلو من جوانب القصور، ولا ان تجربته واعماله خلال الفترة الماضية كانت خالية من المشاكل والصعوبات.
ان مجلس الشورى يعد مؤسسة جديدة من حيث الشكل والتنظيم، واسلوب العمل، ويعد انشاؤه نوعا من التطوير والتحديث المؤسسي الذي حرص خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على دعمه وتطويره تلبية لمتطلبات الاصالة والمعاصرة في نظام الحكم السعودي.
ومن المعروف ان اي مؤسسة جديدة تظهر في المجتمع اي مجتمع ستواجه في بداية عملها بعض المعوقات، ولذلك كان من المتوقع ان يواجه مجلس الشورى بعض المشكلات والصعوبات، وان تقع بعض الاخطاء اثناء العمل في السنوات الاولى من بدء نشاطاته، ومن المتوقع كذلك ان تستمر هذه المشاكل والاخطاء الى ان تختفي بالتدريج، وتجد طريقها للحل بعد ان تنضج التجربة وتتقوى وتتعمق مع الايام، ويصبح للشورى المؤسسية المتمثلة في المجلس أسس واضحة وتقاليد راسخة في العمل والممارسة.
وفي نهاية هذا الجهد الواضح المتميز من مؤلف هذا الكتاب يقدم حلولاً واقتراحات لتطوير مجلس الشورى، ويختتم كتابه بقوله: وهكذا، والحمد لله اولا واخيرا، استطعنا بفضل الله انهاء هذا الكتاب، وهذا العمل الذي يعتمد في اساسه على بحث علمي موسع لم يكن باللغة العربية، وفي نفس الوقت لم يكن مهيئا ومعدا للنشر، الا ان توفيق الله سبحانه وتعالى لعبده، والحرص على استفادة الباحثين والقراء من هذا الجانب المهم في مراحل التطور السياسي للمملكة العربية السعودية جعلتني ابذل قصارى جهدي «رغم صعوبة التفرغ لمثل هذا العمل» لكي يخرج بهذه الصورة، علما ان رصد ذلك الجانب الحيوي المهم وتتبعه ليس بالامر الهين بحثا عن الدقة والموضوعية وتفاديا للخطأ الذي ربما لا يخلو عمل منه، راجيا من الله ان يوفقنا للصواب في جميع اعمالنا. وبعد فان هذه القراءة لهذا الكتاب لا تغني عن اقتنائه لكل طالب علم سياسي او تنظيمي باحثا كان او مثقفا وان من حسنات المؤلف صاحب السمو الملكي الامير الدكتور فيصل بن مشعل طبع مؤلفه هذا باللغتين العربية والانجليزية في آن واحد. وتقديم صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبد العزيز له يمنحه اهمية ويزيد من قوته وكذا تقديم فخامة الرئيس نيلسون مانديلا للنسخة الانجليزية يضفي عليه من الاهمية.. الكثير..
هذا والحمد لله رب العالمين..

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved