استطلاع : ماجد التويجري
يطل علينا هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك إطلالة يسعد بها كل مسلم. حيث ان هذا الشهر هو شهر الصوم وشهر العبادة والتقرب إلى الله وهذا لا يعني انحصار العبادة في هذا الشهر دون غيره، وإنما تكثر الأعمال الخيّرة فيه وتزداد.
فمعظم التشريعات الإسلامية كانت في رمضان وكذلك الانتصارات.. كما أنه فرصة لاستشعار المسلمين لأدوارهم.. فما هو الواجب لتحريك مشاعر المسلمين في هذا الشهر الكريم الذي ترق فيه القلوب؟!!
وما الدور المطلوب من كل مسلم لخدمة الإسلام في هذا الشهر الفضيل؟!
عن هذه التساؤلات، طرحت «الجزيرة» هذا الموضوع حيث تحدث إليها عدد من المشايخ وطلاب العلم، الذين أدلوا بدلوهم حول أهمية وعظمة هذا الشهر.
في البداية تحدث الشيخ الفاضل محمد بن سليمان الواصل وقال: مما لاشك فيه ان الصوم توازن بين الروح والجسد فليس الإنسان سوى جسم وروح ولكي يحقق المسلم السعادة ينبغي ألا يطغى أحدهما على الآخر فهو المخلوق الوسط بين عالم الأرواح المجردة. وعالم الحيوان وهو خليفة الله في الأرض.
فإذا طغت جوانب روحه فقد حرم من نعمة الخلافة في الأرض وتعميرها. ولما كانت الدنيا بزخارفها تستغل الطبيعة الإنسانية في افتتانها في المادة وميلها لإشباع رغائب الجسد والأنانية اقتضت حكمة الله في جعل الصوم قوة للروح ولتفسر حدة الجسد وقمع شهواته وسيطرتها على ملذاته.
ففي رمضان تصفو النفوس وتشرق بأنوار علوية تضيء حياة الصائم وتقود سلوكه إلى الخير والفلاح فما أشد حاجة المسلم إلى إرادة قوية حازمة لانتشاله من زخارف الحياة التي تفتنه.
وما أشد حاجة مجتمعنا الراهن فيما يواجه من تحديات وما يقابله من صعاب وإذا زعم الزاعمون أن الصوم عبادة سلبية توهن الجسم وتثبط الهمم وتقتل العزائم وتقعد بالمرء عن العمل وتدعوه الى النوم والكسل والفتور فقد وهموا وهماً كبيراً.
فها هي الزكاة رباط اجتماعي وثيق يؤكد اسباب المودة بين اعضاء الأسرة بالتواصل والتعاطف وبين أفراد الأمة بالتكافل وسد الحاجة فمن الشكر للنعم اللطف والبر، ولكي تحيي أفراد الأمة الإسلامية شعائر الله تعالى أجد من المناسب كثافة الدروس العلمية والمحاضرات والمواعظ التي تبعث في النفس الهمة والعمل بل تجعل المسلم في صيامه لهذا الشهر يكون متوهج الحماس ومشتاقا للعبادة.
وفي غار حراء ظهر أول نور أضاء في آفاق مكة وأرسل شعاعه الخالد إلى كل أنحاء العالم فيستشعر عظم هذا القرآن وعظم الأجر لقارئه.
وها هي موقعة بدر كان الزمان الذي دبرته العناية الآلهية لهذه المعركة، هو شهر رمضان والتي لم يحدد المسلمون زمانها ولا مكانها ولكن الله هو الذي حدد هذا الميعاد فقال لنبيه: (وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً )(لأنفال: 42).
فالمسلم لابد من أن يستشعر بأن رايات النصر ترفرف عالية.
وأن المجد الذي حققه شهر الصوم لم يتيسر أبداً لشهر سواه فحين سبحت الأرواح الصائمة مع الآمال الهائمة يحدوها الأمل والنصر الكبير.
وفي الختام نسأل الله ان يجعلنا من صوّام هذا الشهر وقوّامه وأن يغفر لنا خطايانا.
الشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد قاسم رحيم الأستاذ المساعد في قسم الفقه بفرع جامعة الامام بالقصيم أدلى بدلوه حول هذا الموضوع وقال: يطل علينا وافد كريم، وموسم عظيم، ونفحة إلهية، ومنحة ربانية وفرصة من فرص العمر، وميدان من ميادين مضاعفة العمل، يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق إليه الصالحون، كان سيد البشر ضلوات الله وسلامه عليه يستبشر بقدومه ويبشر أصحابه بذلك ، ويسأل الله جل وعلا أن يبلغه هذا الشهر، شهر كتب الله صيامه، وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه، وأخبر الله جل وعلا عن شيء من حكمه وأسراره فقال جل شأنه: {)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)}.
فأبرز الحكم والأسرار التي شرع الصوم من أجلها حصول التقوى بمعناها الشامل، الذي لا يقتصر على جزئية أو مفهوم محدد، بل إنه الشعور بعظمة الله، ووحدانية الله ومحبة الله، والخوف من الله، ورجاء ما عندالله، فيدفعه ذلك الشعور الى التوقي من سخط الله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، حتى تصبح عبودية حقة شعارها تعظيم الله ومحبته، وآثارها الخوف من سخطه وعقوبته، وثمارها العمل على ما يرضيه. واستعمال الجوارح في طاعته، فليس المقصود من الصيام مجرد امتناع عن الأكل والشرب والملذات والشهوات المباحة، وإنما المقصود التعبد لله بذلك، والتآسي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو امام المتقين، وقدوة العاملين، واحتساب الأجر من الله، وتلك معان تغيب عن كثير من الصائمين، ثم انه اذا كانت هذه الأمور مباحة في الأصل ويمتنع عنها الصائم استشعاراً لأمر الله فإن الواجب عليه أن يتخذ ذلك شأنه في كل ما أمر الله به، وما نهى عنه، فالذي أمره بالإمساك عن المفطرات أمره بسائر أركان الإسلام، وبالبر والصلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والذي نهاه عن تناول المفطر نهاه عن الكبائر كالزنا والسرقة وشرب المسكر وسائر المحرمات فالذي يدفع المسلم الى الامتناع عن المباح ليكون دافعه الى العبودية الدائمة لله سبحانه في كل الشهور. وهذا جزء من معنى التقوى التي جعلها الله أبرز حكم الصيام، ويشير إلى هذا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» وبناء على هذا التصور فليس الصوم بمفهومه الواسع مقتصراً على صوم الفم والفرج، وإنما لكل جارحة من الجوارح صوم، فللعين صوم، وللأذن صوم، ولليد صوم، وللرجل صوم وصوم كل جارحة استعمالها فيما رضي الله ومنعها من تناول ما حرم الله قولاً أو فعلاً، أو سماعاً، فهذا سر من الأسرار، وحكمة من أجل الحكم، وثمة حكم أخرى شرع الصيام لأجلها فمنها: الشعور المشترك بين ابناء المسلمين،
فحينما يمنع المسلم من هذه النعم التي يتقلب فيها لمدة وجيزة يتذكر من تعوزهم هذه النعم أو كثير منها طيلة العام، فيدفعه ذلك إلى البذل والعطاء، والشعور بحاجة إخوانه، وتفقد أحوالهم، والمشاركة ولو بالدعاء وما أعظمه لكشف الضر والبلوى عنهم، وإلى هذا المعنى يشير حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق عليه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.. وجوده صلى الله عليه وسلم لايقتصر على المال، بل هو جود بالمال وبالنفس وبالجاه وبكل معاني الجود، وإنما يتضاعف جوده في هذا الشهر الكريم لما أشرت إليه من قبل، ولأن القرآن يحث على البذل والإنفاق وهذا من سرعة امتثاله صلوات الله وسلامه عليه لأوامر الله.
كما ان وقوع الفطر والصوم في شهر واحد، واتفاق المسلمين على وقت هذه العبادة فيه تنبيه على مقصد شرعي، ومطلب ضروري حاجة المسلمين اليه في كل آن ووقت ألا وهو الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية التي رابطها العقيدة الصحيحة وأساسها الدين القويم، تلك الرابطة التي سمت فوق كل الروابط، وتجاوزت في قيمتها ومدلولها كل القيم الإنسانية، أمر الله بها، وأمتن بها على نبيه محمد صلى الله وسلم فقال سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانا)(آل عمران: من الآية103).
والحديث يطول عن سرد الحكم والأسرار من وراء هذا التشريع الالهي ولكن السؤال الذي يجب علي كل منا أن يطرحه وهو بانتظار هلال هذا الشهر الكريم: ماهو دور المسلم لكي يحقق الهدف الذي من أجله شرعت هذه الشعيرة العظيمة؟ ان المطلوب منا الاستعداد لهذا الشهر لا بالموائد الفاخرة، والأطعمة المتكاثرة، التي ربما يدخل بعضها في حد السرف، وإنما بالتوبة والاستغفار، والرجوع إلى الواحد القهار. وأن يستغل كل لحظة من هذا الشهر فيما يقرب إلى الله عز وجل، ويحيى المعاني العظيمة التي من أجلها شرعت هذه العبادة.
المربّي الفاضل الأستاذ محمد بن سليمان الضالع أكد أنه عندما يحل شهر رمضان المبارك فإن الناس تختلف مشاربهم وهممهم وطموحاتهم وغاياتهم، فمنهم من استعد له بالمأكل والمشرب ومنهم من جهّز الاستراحة أو حجر مكاناً له في الرصيف وأعدّ ملعباً لكرة القدم أو الطائرة، ومنهم من قابله بالفرش الوثيرة واللحاف الدافىء، هكذا بعض الناس خلال الشهر الفضيل.. فلا طاعة ولا عبادة ولا إعطاء لهذا الشهر حقه من الروحانية والتقرب الى الله، فقد حوّلوا ليله نهاراً،،، ونهاره ليلاً. ولو دخلت على أحدهم في مكان عمله لرأيته وقد تلثم ولم يبد منه إلا عيناه بحجة أنه صائم وزيادة على ذلك فقد توترت أعصابه وخنقت نفسه فلا يكلم الناس الا من طرف أنفه ولعله لم يدرك أن بعض معارك المسلمين وفتوحاتهم الكبيرة تمت خلال شهر رمضان، وأضاف قائلاً: ولو سألنا من هذا شأنه عن برنامجه في أيام الشهر لأجابك من دون تردد «نوم» حتى أذان المغرب وسهر حتى أذان الفجر وفقط.
أما الصنف الآخر من الناس فهو من يدعو طوال شهر شعبان: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلِّغنا رمضان».
فإذا تبلّغ الشهر الكريم فإذا هو صوّام قوّام مجتهد فيه بأنواع الطاعات والعبادات كما هي حال السلف يدعون ستة أشهر بأن يبلغهم الله رمضان وستة أشهر بأن يتقبله منهم.
فرمضان شهر فضيل وفرصة ثمينة للمجتهد أن يزيد.. وللمقصر ان يتدارك نفسه ويلحق بالركب من خلال فضائل رمضان ومزاياه، ففيه أكبر فرصة لمراجعة كتاب الله وتدارسه وفيه باب من الخير كبير للصدقة والإحسان وفيه غنيمة متمثلة بإفطار صائم وفيه زيادة بالطاعات والقربات بأداء التراويح وزيارة الأقارب والمرضى وحضور الدروس المهمة والمحاضرات المفيدة. وكل أولئك مسار خطّه ورسمه لان سيد البشر فهو صلى الله عليه وسلم جواد كريم ويزيد ذلك في رمضان إذ كان كما وصفه أصحابه رضوان الله عليهم أجود بالخير من الريح المرسلة، وهو الذي حث على الصدقة بقوله: «ما نقص مال من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده» وهو القائل: «من فطّر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شي». وهوالذي حصر الخيرية في تعلم القرآن الكريم وتدارسه وحث على حضور مجالس الذكر. فالله الله بالاجتهاد في هذا الشهر وأروا الله من أنفسكم خيراً.
قال تعالى {( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ)(البقرة: من الآية110)}.
الشيخ سليمان الربعي المحاضر بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، تحدث عن هذا الشهر الكريم وقال:
لاشك ان لشهر رمضان في الوعي الإسلامي حيزاً يتمدد قرباًِ وبعداً، بحسب الحالة التي تعيشها الأمة ايجابا وسلبا. وإذ اعتدنا أن نكرر في استقباله محفوظنا من أنه شهر التشريع والانتصار، فإن الأهم ان نحاول التجرد لقراءة ظروف بلوغ الأول، وشروط تحقق الثاني. وبتعبير أخر، فليس التنويه بفضيلة رمضان بمعزل عن أهمية تمثل الحالة المثالية التي كان عليها عامروه بالعبادة والاعتبار والذكرى .. فالقرآن الكريم مرجعية التشريع ومصدره، يتنزل فيه لمن توافرت فيهم مقومات الاستمساك به وبلاغه؛ فهم يستشعرون بركة الزمن: {إنَّا أّنزّلًنّاهٍ فٌي لّيًلّةُ مٍَبّارّكّةُ} [الدخان: 3] {إنَّا أّنزّلًنّاهٍ فٌي لّيًلّةٌ الًقّدًرٌ، وّمّا أّدًرّاكّ مّا لّيًلّةٍ الًقّدًرٌ، لّيًلّةٍ الًقّدًرٌ خّيًرِ مٌَنً أّلًفٌ شّهًرُ ، وبركة قرب الملائكة الحافظين: {تّنّزَّلٍ الًمّلائٌكّةٍ وّالرٍَوحٍ فٌيهّا بٌإذًنٌ رّبٌَهٌم مٌَن كٍلٌَ أّمًرُ} وبركة أمنها وسكينتها {سّلامِ هٌيّ حّتَّى" مّطًلّعٌ پًفّجًرٌ} [القدر: 1 - 5]. وهذه الاستشعارات الإيجابية مجتمعة، دافع مؤثر في اتجاه الاعتصام الصادق بحبل الله، والتنمية المثمرة لرقي الأمة، والتفاعل المثمر في عمارة الكون. كما أن ملاحم النصر كما تمثله أول معارك الإسلام ـ معركة بدر ـ لا يؤتاه إلا من انتصر على أهوائه بالاستسلام التام لخالقه، وعلا على حظوظ نفسه بالتجرد لأمره، فيقوى الضعيف، ويعزّ الذليل {وّلّقّدً نّصّرّكٍمٍ اللَّهٍ بٌبّدًرُ وّأّنتٍمً أّذٌلَّةِ} [آل عمران: 123] بل ويمد محدود الإمكانات بصبره وتقواه بأمداد لا تحد من النصر والحسم: {إذً تّقٍولٍ لٌلًمٍؤًمٌنٌينّ أّلّن يّكًفٌيّكٍمً أّن يٍمٌدَّكٍمً رّبٍَكٍم بٌثّلاثّةٌ آلافُ مٌَنّ الًمّلائٌكّةٌ مٍنزّلٌينّ ، بّلّى" إن تّصًبٌرٍوا وّتّتَّقٍوا وّيّأًتٍوكٍم مٌَن فّوًرٌهٌمً هّذّا يٍمًدٌدًكٍمً رّبٍَكٍم بٌخّمًسّةٌ آلافُ مٌَنّ الًمّلائٌكّةٌ مٍسّوٌَمٌينّ} [آل عمران: 124 ـ 125] . وهذا المطلب وذاك من غايات الفريضة. فعلة مشروعيتها: التقوى {يّا أّّيٍَهّا الَّذٌينّ آمّنٍوا كٍتٌبّ عّلّيًكٍمٍ الصٌَيّامٍ كّمّا كٍتٌبّ عّلّى الَّذٌينّ مٌن قّبًلٌكٍمً لّعّلَّكٍمً تّتَّقٍونّ} [البقرة: 183] ، وغايتها: السلامة من الآثام؛ فالصيام ـ كما عرفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جُنّة، بحيث إذا صام المرء سلم منه الناس حتى المعتدي، لأن المفترض في الصائم أنه يعيش تفاعلا حقيقياً بالعبادة إخلاصاً ومتابعة: «فان سابه أحد فليقل: إني صائم».
وعلى هذا المستوى من الوعي، والإدراك يبرز تساؤل كبير، وهو: متى يكون استشعار أحوال الرمضانيين الأوائل بقدر التذكير بأهمية رمضان ليكون التشريع متمثلاً حق التمثل، والانتصارات فاعلة على الصعد المعنوية والحسية على حد سواء؟!!
وأخيرا أشار احد طلاب العلم محمد بن عبدالرحمن الرميح إلى أهمية استشعار المسلمين لهذا الشهر الفضيل وقال: يطل علينا هذا الشهر الكريم الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. شهر كله خير.. شهر كله بركات ونفحات.. صيام وصلوات.. ذكر ودعاء.. قراءة للقرآن.. جلوس في المساجد.. روحانية يعيشها الجميع في أيام هذا الشهر الفضيل.
تصفد فيه الشياطين وينتشر الخير ويعم على جميع طبقات المجتمع.. ولكن هذا الشهر ما اسرع تصرم ايامه وسرعة فواتها فلكأنه أسبوع أو اقل.. بدايته حمد على بلوغه.. وأوسطه فرح بقرب عشره الفاضلات.. ونهايته حسره ولوعة على قرب فراقه.. شهر طرح الله فيه البركات حتى عمت.. شهر انتصارات الإسلام وعز المسلمين ففيه معركة الإسلام الأولى بدر الكبرى وكثير من معارك الإسلام، إن في عصر النبوة أو ما بعده حتى قبيل زماننا هذا.. شهر يتنزل فيه القرآن حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتدارس القرآن على جبريل في كل رمضان مرة سوى العام الذي قبض فيه صلوات ربي وسلامه عليه فقد دارسه مرتين.. هو شهر القرآن وكفى..
في هذا الشهر الفضيل كانت معظم شعائر الدين ففيه يتحقق الركن الرابع من أركان الإسلام «صوم رمضان» والذي يصومه المسلمون من كل أصقاع الأرض ويشكلون وحدة زمانية وانسجاما اجتماعيا مع فوارق الارض واللغة والعادات.. هو شهر وحدة للمسلمين واتحاد.
ولكن هناك تساؤلات يجب ان نتعرف فيها على أحوالنا في هذا الشهر الفضيل.. فهل رمضان امتناع عن الأكل والشرب فقط؟.. وهل رمضان شهر سهر في الليل ونوم في النهار..؟ وهل رمضان موطن للضعف والكسل وحب الراحة والدعة..؟ وهل رمضان كغيره من الشهور عند بعض الناس..؟
والإجابة.. إن من الناس لم يكن له من رمضان سوى الجوع والعطش كما ورد في الأثر فلا هو استغل هذا الشهر فيما ينفعه ويعود عليه وبعضهم جعل رمضان موطن لعب وسهر ليلاً ونوم وكسل نهارا حتى اصبح شعارهم، نوم حتى الافطار وصحوة حتى الإسحار يقضيها في لعب ولهو وغفلة عن ذكر الله وبعض من الناس جعل هذا الشهر استجماماً فلا يعمل ولا يشغل نفسه بطاعة فالله المستعان وإليه المشتكى.
وليعلم أن هذا الشهر أيام معدودات سرعان ما تنقضي ولحظات ما أسرعها أن تمضي فالسعيد من استغلها في طاعة مولاه وعبادته فهي مواسم تضاعف فيها الحسنات أضعافاً مضاعفة.
برقية أخيرة:
«يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب حتى عصى الله في شهر شعبان لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تصيره ايضا شهر عصيان |
|