* تحقيق - سعيد الدحية:
ربما تبسمت أو أرسلت ضحكة مزجت فيما بين الاستغراب أو التعجب من جهة وبين السخرية والاستهزاء من جهة أخرى وأنت تقرأ المانشت الرئيسي لهذا التحقيق وهو «مبادرة لحل قضية الموسوعة» وذلك جراء اقتباس المصطلح السياسي في القضية الأدبية وهذه المبادرة تأتي بعد ان وصل الأمر لدرجة التراشق بالألفاظ والهمس في الآذان والقدح في الشخصيات وما إلى ذلك.
ومازلنا نأمل من الأساتذة الأفاضل والوجوه الثقافية المستنيرة والمنيرة ان تظل كما عهدناها من رقي وسمو يتناسب والسياق الثقافي الفكري وهذا ما نحن بصدده الآن. هذا الشيء الذي يجمعنا ونلتقي فيه دائماً (الثقافة والأدب).
في هذه الحلقة نطالعكم بهذه المبادرة الصادقة، من خلال الأديب الرائد الاستاذ ابراهيم الناصر الحميدان، ومن خلال شقيق ثقافتنا المحلية الصادق والعقلاني دائماً الدكتور حسين المناصرة.
كما شاركنا القاص الاستاذ محمد المنصور الشقحاء.
ونحن هنا في «الجزيرة الثقافية» نطرح هذه المبادرات وكلنا أمل في ان تجد القبول الحسن في نفوسكم.
الاستاذ الناصر شاركنا قائلاً:
الاعتذار الرسمي
بدايةً الموسوعة عمل ضخم وجهد يُقدر للقائمين عليه ومما قال بعض الزملاء عن بعض العيوب في العمل ككل. ونسيان بعض الاسماء في الوسط الثقافي فإن هذا يحدث في أي عمل كبير ولا أتصور ان هناك مقاصد لمن غُيبت اسماؤهم إنما بعض الزملاء وخصوصا القريبين من الوسط الأكاديمي من حقهم ان يحتجوا على تجاهلهم لأن نسيان الاشخاص البعيدين محتمل جدا أما القريبين فتجاهلهم مثير للشك والالتباس ومع ذلك فأنا أقول ان من حق من غيبوا ان يثيروا هذه الزوبعة دفاعاً عن ما قدموه للساحة الأدبية.
وأرجو ان تتدارك الطبعات القادمة الاسماء التي وقع عليها هذا التجاهل.
وعندما سألنا الاستاذ الناصر عن ما يدور بين قاماتنا الأكاديمية أجابنا قائلاً: استغرب من الزملاء من فئة الأكاديميين المستنيرين ان تكون بينهم مثل هذه الحزازات لأن المثقفين بحاجة إلى لم صفوفهم حتى يعطوا انطباعاً جيدا عن الوسط الثقافي في الوسط الاجتماعي، لأننا نطالب بضم الصفوف وان تأخذ هذه الفئة المستنيرة حقها الشرعي من المجتمع الذي هي طليعته.
واقترح ان ينشر «إيضاح» من القائمين على الموسوعة بانّ هذا التجاهل لم يكن متعمداً إنما ضخامة العمل أدّت إلى مثل هذه التجاوزات وعلى الاخوة المنسيين ان يقبلوا مثل هذا الاعتذار وان تعود الأيدي تتصافح وتعود أسماء صافية خالية من هذه الغيوم.
وهذه مبادرة صادقة أبثها إلى الاخوة وأتمنى ان تجد القبول الحسن.
أما مشاركة د.المناصرة فقد جاءت كما يلي:
اقتراح لإصدار المجلد
الحادي عشر!!
لا أعتقد أن هناك مثقفا ما يؤمن بالاختلاف المنهجي، أو بالعمل الثقافي الناقص بالضرورة، يقف ضد مفهوم النقد البناء.. على هذا الأساس يمكن وصف موسوعة الأدب العربي السعودي -الصادرة مؤخرا عن دار مفردات، وبجهود مجموعة من وجوه الثقافة المحلية برئاسة أستاذنا القدير الاستاذ الدكتور منصور الحازمي- بأنها تحمل سياقي الفاعلية الثقافية من جهة، وإلى حد ما النقص الطبيعي في إتمام هذه الفاعلية من جهة أخرى، وبالتالي فلابد ان يضع ناقد هذا العمل في حسبانه الايجابيات والسلبيات معا، لا أن يوجه عينه إلى زاوية السلبيات فحسب، كما يفترض بنقاد هذا العمل ان يركزوا على العمل نفسه، لا أن يتحول النقد إلى خلافات شخصية، ربما تكشف عن شللية ثقافية بطريقة أو بأخرى، أو عن «إحساسات يفترض ألا تكون في مجال الثقافة العربية على وجه العموم، وبالتالي من الضروري ان يترفع عن هذه «الإحساسات الشللية» المشرفون على الموسوعة قبل المتلقين لها!!
لا شك أن ما يقال عن جوهر العمل بوصفه ناقصاً، أو إيجابيا، هو نهج يخدم الموسوعة مستقبلا، لذلك من الضروري ان يهتم المشرفون على هذا العمل بمثل هذه الآراء الثقافية البناءة، خاصة في مجال إضافة أسماء جديدة، وحذف أسماء أخرى، وأن يراعى موقف الرؤية الثقافية الصادرة عن المعنيين تجاه هذا العمل الجاد، وأن أي نقد بناء هو في المحصلة النهائية رافد فاعل من روافد التحسين والوصول بالموسوعة أو المختارات إلى الوضع الأفضل..
في ضوء ما سبق، لابد من النهج الإصلاحي بين المثقفين أنفسهم، لابد بداية من إعادة الاعتبار للذين استثنوا من الموسوعة، ومن وجهة نظري هناك أسماء تستحق ان تمثل في هذا العمل المهم، بحيث تصبح الموسوعة ذات بعد اعتباري.
لا أظن ان هناك جدوى -الآن- من وراء تحويل صدور الطبعة الأولى إلى تراشق بالشتائم والفضائح، فهذا بكل تأكيد عمل غير ثقافي، مع إيماننا بضرورة الاختلاف غير التشنجي بين الطرفين، أي ضرورة الاختلاف البناء في سياق النقد البناء.. لذلك يمكن تقديم اقتراح تصالحي، نسميه مجلد الاستدراكات، بمعنى ان المشكلة الجوهرية- كما بدت من النقود الموجهة إلى الموسوعة - تكمن في نسيان أو تناسي بعض الأسماء التي غابت عن الموسوعة، وكان من المفروض ألا تغيب.. فما المانع أن تصدر هيئة الإشراف مجلدا جديدا عنوانه «استدراكات» تقدم فيه مختارات لمن غيبوا عن المجلدات الصادرة، وأنا أعتقد أن هناك مجالا ما لمثل هذا العمل التصالحي، وقد عرف عن أستاذنا الدكتور منصور الحازمي أنه رائد في مجال التوازن الثقافي والحيادية، بمعنى أنه مؤثر وديموقراطي في الوقت نفسه، رغم ان عبء مجلد الرواية يعد من أكثر الأعباء إشكالية من بين مجلدات الرواية كلها!!
أعتقد ان نقد الصديق عبدالله السمطي كان من النقود المتوازنة، وأنه ركز على الجوانب التي تستحق ان ينظر إليها بعين الفاعلية، كما ان الصديق الدكتور معجب الزهراني لم يأل جهدا في إيصال مجلد القصة إلى أفضل حالاته، وكذلك فعل الصديق الدكتور عبدالله المعيقل في مجلد الشعر.. وقد كانت الدراسات في المجلدات كلها على العموم مهمة في التحقيب للأدب العربي السعودي خلال القرن العشرين، وبذلك لابد من النظر إلى هذا العمل بوصفه عملا موسوعيا -أو انطلوجيا أو ببليوغرافيا أو مختارات.. مهما تكن تسميته -يستحق ان ننظر إليه بعين الأبوة الصادقة، بجانب البحث عن الوسائل التي تجعله مستقبلاً أكثر اكتمالاً وجمالا!!
أما القاص الشقحاء فلم تأت مشاركته بجديد وقد كانت كما يلي:
الموسوعة عمل وطني متميز
الحديث عن موسوعة الأدب السعودي أخذ مسار اتهام اللجنة التي أشرفت على هذا المشروع الوطني بأنها غير أمينة ولم تقم بما يجب نحو ساحتنا الأدبية بما يتفق مع الزخم الذي واكب العقود التي حاولت الموسوعة ان تغطيها بشكل لافت.
وإذا كانت بعض الآراء حادة كما جاء في تعليق الاستاذة رقية الشبيب والكاتبة قماشة العليان أو في المقال الصحفي للاستاذ السمطي فأنا أجد هذا العمل جاء من خلال وعي أسرة التحرير بالمنجز الذي هدفت الموسوعة من توثيقه.
ولا أدري لماذا هذه الحملة رغم الاشارات التي جاءت في المجلد الأول من الموسوعة فقد أضاء هذا المجلد خطوات العمل والهدف من إصدار هذا العمل الضخم من خلال دار نشر وطنية.
وإذا جاء إسقاط بعض الأسماء عن قائمة التراجم أو النصوص فإن ذلك لايقلل من أهمية العمل وحرص القائمين عليها على تقديم كتاب وثائقي.
صحيح نجد أسماء في مجلد المقالات نعرفهم كشعراء كما نجد أسماء لهم أعمال متفرقة هنا وهناك ولكن لم يصدر لهم عمل يحدد تجربتهم وهذا في نظري مخل بالموسوعة.
كما ان ارتهان القائمين عليها وهنا أتحدث من خلال مجلد القصة القصيرة فالمقدمة التي جاءت كمدخل لهذا المجلد كانت ثرثرة وتحصيل حاصل ابتعد كاتبها عن العلمية والهدف الوطني. فرمى بما يحمل من قراءة في سرد باهت جداً لا يوثق لتجربتنا في الابداع القصصي بشكل عام مع وجود المراجع القيمة التي رصدت تجربتنا المتقدمة.
والخلط بين القصة الطويلة والرواية التي لاحظها البعض فرضها السياق التاريخي لهذه الأعمال.
الموسوعة إجمالا نتاج بارز يوثق الأدب العربي السعودي والاستاذ الدكتور منصور الحازمي بما يحمل من أبعاد فكرية وأدبية نجد روحه مبثوثة داخل مجلدات الموسوعة ومؤثر في بناء كل مجلد.
وإذا كان لابد من كلمة فهي تأتي على المجلد الأخير الذي حمل التراجم وكشاف الأعلام والمصادر والمراجع الذي حمل الكثير من الأخطاء العلمية في الكشاف وفي المساحة الممنوحة للاسماء متجاوزين في الاعداد الحقيقية.
ان هذا العمل مهما جاءت حوله من ملاحظات يكفي القائمين عليه انه أثار هذه الضجة وأعاد لساحتنا الأدبية وهجها الذي عرفت به في العقد الماضي.
وهال نحن مع مطلع العقد الجديد نجد شيئاً نتحاور حوله.
|