Monday 11th November,200211001العددالأثنين 6 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
وقفة مع تركيا
عبد الرحمن صالح العشماوي

بالرغم من مظاهر المكر والكيد ضد «دين الإسلام» في هذا العصر، وبالرغم من محاولات مستمرة يبذلها أعداء الإسلام من الكفار والملاحدة ومن أصبح تابعاً لهم يردد ما يرددون من أبناء المسلمين الذين باعوا عقولهم وضمائرهم، بالرغم من ذلك فإن دين الإسلام باقٍ بقاء الحياة في هذا الكون، لأنه دين الله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولأن رسولنا صلى الله عليه وسلم يحلف لنا وهو الصادق المصدق «والله ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر»، يمين حق من رسول صدق لا ينطق عن الهوى.
كان يجب على أعداء الإسلام ان يكونوا أكثر وعياً بهذه الحقيقة، وأكثر دراية بمعنى دين الإسلام، وأكثر موضوعية في مواقفهم منه، حتى يوفروا على انفسهم وعلى البشرية في عصرنا هذا، ما نراه من اهدار للمال والوقت والأمن والاستقرار بسبب عداوتهم العمياء للإسلام والمسلمين.
{بّلً مّكًرٍ اللّيًلٌ وّالنَّهّارٌ} جملة صادقة من آية كريمة تؤكد لنا المكر الكبير والكيد العظيم الذي يواجه به أعداء ديننا مبادئه وقيمه ومنهجه الكامل الشامل.
هذه حقيقة كبرى ظاهرة للعيان لابد من التنبه إليها دائماً، مع الحذر من الوقوع في شرك «فكرة المؤامرة» على اطلاقها.
لا شك في ان أعداء الإسلام وأعداء الاستقرار والحق في العالم يمكرون ويكيدون، ولكن ذلك لا يعني اننا نحن المسلمين بعيدون عن موقع المسؤولية في هذا الأمر، كلا، بل ان تفريطنا في كثير من تعاليم ديننا، جعلنا لقمة سائغة للمتربصين بنا من أعداء الإسلام في هذا العصر.
«تركيا» دولة الخلافة الإسلامية التي شرَّقت في أنحاء العالم وغرَّبَتْ، ونشرت في مراحل من وجودها معاني الإسلام العامة في أنحاء الأرض، صارت بعد سقوط الخلافة هدفاً «غربياً واضحاً»، حيث توجهت إليها عناية العالم الغربي العلماني لأسباب كثيرة، من أهمها، انها كانت عاصمة الخلافة العثمانية، ومركز الحكم فيها، وكانت مصدر القوانين الحربية والعسكرية في كل الفتوحات العثمانية التي شملت العالم كله تقريباً، ودولة بهذا الحجم، وبهذا البعد التاريخي والسياسي والعسكري جديرة بالتركيز الغربي في تنفيذ المشروع «العلماني» الذي يسعى أصحابه إلى تطبيقه في «العالم الإسلامي» تحت مُسمى الديمقراطية والحرية، ومصطلح القرية الكونية الواحدة.لذلك رأينا الأسلوب العلماني في «تركيا» عنيفاً قاسياً لم يراع مشاعر ملايين المسلمين في دولة الخلافة وفي غيرها، ولم يعتمد على الطرح العقلي الموضوعي وإنما استخدم اسلوب المصادرة، والهجوم العنيف على الدين ومؤسساته ومساجده، وعلمائه ودعاته، وكانت الرغبة الغربية العلمانية واضحة لا مجال للشك في أهدافها العدوانية على الإسلام والمسلمين.ولكن أولئك جميعاً كانوا في سكرة مخططاتهم بعيدين عن قوله تعالى {وّيّمًكٍرٍونّ وّيّمًكٍرٍ اللّهٍ وّاللَّهٍ خّيًرٍ المّاكٌرٌينّ}، وقوله {إنَّهٍمً يّكٌيدٍونّ كّيًدْا وّأّكٌيدٍ كّيًدْا فّمّهٌَلٌ الكّافٌرٌينّ أّمًهٌلًهٍمً رٍوّيًدْا}، ويؤسفنا ويؤسف عقلاء البشرية كلهم ان معاني هذه الآيات الكريمة ماتزال بعيدة عن دوائر تفكير ساسة الغرب وغيرهم من المعادين للدين، المجانبين لأحكامه، المعارضين لتشريعه الحكيم.تركيا أرض امتزج ثراها، ومياه محيطاتها وانهارها بمبادئ الإسلام ومعانيه، ومعالمه الواضحة، فهي لا يمكن ان تنسى هذا الدين الذي خالط روحها، وعانق بشاشة نفسها، المسلمون هناك يرددون بأصوات عالية نحن مع الإسلام وبالإسلام، ولا نريد إلا الإسلام، وها هو ذا حزب «العدالة والتنمية» يفوز فوزا مشهودا في هذا الوقت العصيب من تاريخ الإسلام في هذا العصر، وسواء أكان الأمر متعلقاً بحزب «العدالة» أم غيره، وسواء أكان هذا الحزب محققاً لما يريده المسلمون بصورة متكاملة أم غير متكاملة، فإن تركيا ماتزال تقول بلسان حال صريح: أنا لا أريد غير الإسلام.
إشارة:


نبتةُ اليأس في فؤادي، ولكنْ
غمرتْها من الرَّجاءِ حقولُ
والدعايات تجعل الشرَّ خيراً
وتريك القبيح وهو جميلُ

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved