يصيب الصداف 1-3% من مجموع الناس وهو مرض قديم قدم التاريخ إلا أنه مُساء الفهم من قبل بعض المرض إضافة لعامة الشعب، فالمجتمع ينظر بنظرة مختلفة للأشخاص الذين يبدون مختلفين عن المعتاد، وبسبب كون الصداف وبرغم وجود الملابس المغطية له مرضا ظاهرا فإنه قد يعالج من قبل هؤلاء المرضى بشتى الوسائل، وهناك العديد من الدراسات تظهر بأن معظم المرضى يشعرون بعزلة اجتماعية مع شعور بالانزعاج وأحيانا الغضب، وعلى الرغم من أن معظم المصابين يتقبلون مرضهم فإن المرض يضع ثقله الاجتماعي والنفسي على حياتهم فعلى سبيل المثال تعرض العديد من المرضى للطرد من برك السباحة العامة وصالونات الحلاقة ومن هنا تأتي أهمية توجيه التثقيف الصحي للمجتمع لأنه لا يوجد في الصداف ما يخيف.
ومن المفيد في هذه العجالة تزويد المرضى والمجتمع ببعض المعلومات عن المرض والتي تساهم في تعميق فهم المرض والعلاجات المتاحة مع التركيز على النواحي النفسية والاجتماعية التي تؤثر في حياتهم اليومية، إضافة لبعض الأسئلة التي يمكن أن تطرح على بساط البحث بين المريض وطبيبه والارشادات العامة التي تفيد في التخفيف من وطأة المرض والعبء الثقيل الناجم عنه.
ما هو الصداف؟
هو مرض جلدي مزمن غير معد، يتجلى سريريا على شكل بقع أو لويحات حمراء سميكة مغطاة بقشور بيضاء فضية اللون وأكثر ما يظهر على المناطق المعرضة للضغط كالمرفقين والركبتين وأسفل الظهر والأرداف، كما تشيع اصابة الفروة والأظافر.
قد يبدأ الصداف على شكل بقعة أو لويحة صغيرة او على شكل قشرة في فروة الرأس، وقد يكون محصوراً في بقع محددة من الجسم او منتشراً على مساحة واسعة/. الصداف المنتشر - الأحمرية الصدافية/ وغالبا لا يترافق المرض مع أية أعراض ولكن أحيانا يترافق مع الحكة.
وهو يصيب الرجال والنساء بالتساوي وليس له اي انحياز عرقي أو عمري حيث يمكن أن يظهر في أي عمر منذ الرضاعة وحتى الشيخوخة ولكن غالبا بين 15 - 35 سنة وقد يكون موروثا في بعض الأحيان.
ومن أصعب مظاهر الصداف هو الشعور غير المريح والعبء الاجتماعي الذي يسببه نظراً لمفهوم الناس الخاطئ عنه.
معظم المصابين يتعلمون كيف يتأقلمون مع المرض ولكن البعض الآخر يسيرون مشواراً طويلاً بحثا عن الحل دون جدوى.
فهناك من يحاول معالجة المرض بالموجودات المنزلية كحمامات الزيت والفازلين وخلاصات الصبار وعلى الرغم من أن هذه المعالجات قد لا تؤذي إلا أنه يفضل استشارة طبيب الجلدية قبل استخدامها.
* هل هناك أنواع مختلفة للصداف؟
وعلى الرغم من المشوار الطويل للمرض وصفة الازمان التي يتمتع بها وعدم وجود العلاج الشافي له حتى الآن فإن بعض الناس قد يظهرون فترات من زوال الأعراض دون وجود بقع أو علامات ملحوظة سريرياً.
* ماذا يحدث للجلد لدى مرضى الصداف؟
- يبدل جلدنا نفسه وبشكل طبيعي كل أربعة أسابيع (28 يوما) ويتم ذلك بتقشر الخلايا السطحية الميتة بشكل يومي وهذه العملية غير مرئية عادة إلا أنه في بعض الحالات وكما هو الحال في الصداف تتسارع عملية تجدد الجلد حيث يزداد انقسام وتكاثر خلايا الجلد اضعاف الحالة الطبيعية وتتراكم طبقات من الخلايا فوق بعضها مشكلة اللويحات السميكة المميزة للمرض وذلك لأن الجلد القديم لا ينحسر بنفس السرعة التي يتشكل فيها جلد جديد.
* ما الذي يسبب الصداف؟
حتى الآن لا أحد يعرف السبب الذي يؤدي الى زيادة تكاثر خلايا الجلد وحدوث الصداف! إلا ان هناك العديد من العوامل المتهمة في تحريض ظهور الصداف عند الأشخاص المستعدين له ومنها:
- الشدة النفسية والقلق: فالعديد من الناس يصرحون بأن مرضهم ظهر بعد رفض ما أو أثناء تعرضهم لشدة نفسية، وعلى الرغم من أن الشدة لا يمكنها ان تسبب الصداف مباشرة إلا أنها تحرضه وتزيد من شدته.
- أذية الجلد وتخريشه: حك الجلد، حروق الشمس (حيث يمكن للمرض أن يظهر للمرة الأولى في أماكن الأذيات والحروق).
- الوراثة: وهي تشكل نسبة 30% من الحالات.
- الجراحة: الأذيات الرياضية، الكحول، التدخين، البدانة.. لكنها متهمة في تحريض الصداف.
- الأخماج: التهابات البلعوم والمجاري التنفسية العلوية وخاصة (الصداف النقطي واللويحي المزمن).
- بعض الأدوية المستخدمة في خفض ضغط الدم وأمراض القلب مثل حاصرات بيتا B وكربونات الليثيوم المستخدمة في معالجة الاكتئاب الهوسي.
* هل يوجد علاقة للحمية الغذائية مع الصداف؟
- لم يظهر للآن علاقة للمرض مع الحمية ومع ذلك فبعض التوجيهات هامة ومفيدة:
- الحمية المعتدلة والمتوازنة مهمة للحصول على صحة جيدة.
- انقاص الوزن قد يساعد في السيطرة على المرض لدى بعض المرضى.
- الكحول (المشروبات الكحولية) قد تؤدي الى اندفاع وانتشار المرض.
- هناك الكثير من الأشكال السريرية للصداف منها:
1- الصداف الشائع (اللويحي): وهو النموذج الأشيع، حيث تظهر اللويحات على أعلى الجذع والاطراف والمرفقين والركبتين وفروة الرأس وتكون هذه اللويحات حمراء سمكية ومتقشرة دائرية أو غير منتظمة الشكل وقد تغطي مساحات كبيرة من الجسم أحياناً.
2- الصداف النقطي.
شائع عند الاطفال وصغار الشباب ويتألف من لويحات صغيرة بحجم حبات المطر وتتطور بسرعة على مساحات واسعة من الجسم، وقد تحدث عند الاطفال بشكل تالي لالتهابات البلعوم، كما أنها قد تختفي لوحدها.
3- الصداف البثري:
يظهر على شكل بثرات صغيرة على الراحتين والأخمصين كما انه يمكن ان ينتشر على كامل الجسم (الصداف البثري المعمم)، تحتوي هذه البثرات على سائل غير انتاني وغير معد وعادة تصاب فروة الرأس والأظافر بهذا الشكل من المرض حيث تظهر الاصابة على شكل تنقرات أو فجوات صغيرة بالاظافر، أو يحدث انفصال للظفر عن سريره، أما إصابة الفروة فقد تكون واسعة أوعلى شكل مساحات صغيرة على طول خط الشعر.
4- الصداف المقلوب:
يصيب الثنيات الجلدية كالابطين والمنطقة بين الفخذين وتحت الثدين. هذا الشكل تزداد شدته بالتعرق ويكون مظهره رطبا.
5- الصداف الراحي الأخمصي:
يصيب الراحتين والأحمضين ويتجلى بلويحات حمراء مع قشور سميكة وأحيانا يترافق مع تشوهات في الاظافر.
6- الصداف المفصلي:
وهو عبارة عن انتفاخ يصيب المفاصل لدى مرضى الصداف وقد يكون مؤلماً جداً وتكون الغاية من معالجته بالدرجة الأولى هي ضبط الألم المرافق.
7- صداف الفروة:
يكون على شكل قشرة بالفروة وأحيانا يكون شديداً ويترافق مع حكة وقشور سميكة وقد يبقى الصداف محصوراً في الفروة فقط دون أن ينتشر لأماكن أخرى من الجسم وليس من غير الشائع أن يتواجد خليط من النماذج المختلفة للصداف عند مريض واحد.
* هل الصداف مرض معد وهل يمكن أن ينتقل للأبناء؟
- الصداف ليس مرضا معديا على الاطلاق أي لا ينتقل من شخص لآخر بالعدوى كما ان اصابة الأبناء والأحفاد بالصداف ليست حتمية وإنما هناك احتمالية لاصابة أفراد من العائلة وليس الجميع.
هل يمكن أن يشفى الصداف وما هي العلاجات المتوفرة:
كما ذكر سابقاً الصداف مرض مزمن وعلى الرغم من جميع الدراسات والأبحاث التي جرت في الماضي وتجري حالياً لم يتمكن العلماء من إيجاد علاج شاف للصداف نظرا لعدم معرفة السبب الأساسي الذي يحرص على تكاثر خلايا الجلد بشكل أكثر من المعتاد أو يرتكز الهدف الأساسي للمعالجات المتوفرة على إبطاء هذا النمو السريع لخلايا الجلد، ويتم تحديد العلاج بناء على موقع وشدة الصداف، وحالة كل شخص على حدة، حيث لا توجد طريقة واحدة للعلاج وكل مريض تختلف استجابته عن المريض الآخر، ومن المهم أن نتذكر أن هذه الأدوية والعلاجات تأخذ وقتاً طويلاً كي تؤثر، فالنتائج لن تظهر خلال يوم واحد وقد يستغرق ذلك عدة أشهر.
المرضى ذوو الإصابات الخفيفة تنحصر معالجتهم في العلاج الموصف المطبق على الجلد.
أما المرضى ذوو الإصابات المتوسطة وواسعة الانتشار فغالبا ما يتم اشراك المعالجات الوصفية والجهازية معا أو باستخدام العلاجات الضوئية باستخدام الأشعة فوق البنفسجية الطبيعية أو الصناعية.
وفي حال لم تجد المعالجة الضوئية والموضعية نفعاً، يمكن استخدام المعالجات الجهازية أو عن طريق الفم، وهذه قد تشرك مع المعالجة الضوئية «المعالجة الكيميائيّة الضوئية البوفا PUVA».
أما في الحالات الشديدة والمعندة فيمكن استخدام أدوية فموية توقف التكاثر الخلوي لخلايات الجلد «مثبطات انقسام» وقد تبدي فائدة جيدة.
وعلى الرغم من ذلك فهذه الأدوية لا تشفي الصداف ولكنها تساعد في السيطرة على المرض فقط إضافة إلى أنها لا تخلو من الآثار الجانبية الضارة.
نذكر من العلاجات الموضعية:
المطريات «فازلين».
الستيروتيدات الموضعية: وهي مواد فعالة وجيدة ولكنها يحب أن توصف من قبل الطبيب نظرا للآثار الجانبية التي قد تنجم عن الاستخدام العشوائي لها.
مركبات القطران: وهي فعالة ومفيدة، تستخدم على شكل مراهم أو سائل للتحمم.
الأنتدالين : من العلاجات القديمة والفعالة ولكن من سيئاته أنه يصبغ الجلد والملابس.
التازوراك: من المركبات الحديثة نسبياً وهو مفيد باستخدامه لوحده أو مع أدوية موضعية أخرى.
«Daivonex» : فعال ومفيد وصف من قبل أطباء الجلدية على انه أحد أهم التطورات في معالجة الصداف الخفيف والمتوسط منذ أكثر من 30 عاماً . يستخدم مرتين يومياً وقد يسبب بعض التخريش ويمنع استخدامه على الوجه والثنيات.
وغالبا ما تشرك عدة علاجات موضعية عند عدم استجابة المرض لدواء واحد.
الأدوية الفموية:
وهي أدوية فعالة وجيدة وتفيد في السيطرة على المرض لفترات لا بأس بها من الزمن، ومن الهام أن تؤخذ باستشارة الطبيب وتحت مراقبة طبية جيدة منها: الميتوتريكسات، السيكلوسبورين، الايترتينات.
في الحلقة المقبلة : المعالجة الضوئية وعلاج اليوم الواحد للصدفية |