* تحقيق - سلطانة الشمري:
صحيح أن انخفاض أسعار الحاجيات المعيشية من العوامل التي تعود على المستهلك بفوائد كبيرة، إذ تبقى معادلة (الدخل والانفاق) هي المعضلة التي تؤرق الكثيرين.. وإذا كان انخفاض الأسعار يشمل تلك المواد التي ترتفع الحاجة إليها فإن الفوائد التي تعود على المستهلك تغدو أكبر.
لكن يبدو أن هناك استثناءات في القاعدة أعلاه، فقد تصاحب التخفيضات - أحياناً - أضرار تعود على فئات ما كان يجب أن تتضرر، وهذا ما يجعل تعميم القاعدة أمراً صعباً.
يقول (أبو إبراهيم) تاجر الخضار السعودي ان التخفيضات التي يعلنها كبار تجار الخضراوات والفاكهة تضر به وبمن هم في فئة صغار التجار، فالتجار ذوو الامكانات الكبيرة يشترون بالجملة ويخزنون بالثلاجات الى أن يأتي شهر رمضان مثلاً، فيرفعوا السعر لعلمهم أن الناس في هذا الشهر لا يميلون للمفاصلة، ويضرب أبو إبراهيم مثلا بالطماطم حيث يشير إلى أن التجار ذوي الامكانات الكبيرة يقومون بشراء الطماطم بـ5 ريالات ثم يقومون بتخزينها، فإذا جاء رمضان باعوها بـ12 ريالا، ليصبح ربحهم أكثر من 100% أما المحلات الصغيرة، فليس لها القدرة على تخزين أكثر من 100 كرتون، ولذلك تنكمش قدراتها في مجاراة الكبار فيقع عليها الضرر رغم أن التخفيض من أساسه ظاهري فقط لأن الربحية العالية متحققة لأولئك التجار تحت جميع الظروف.
ويختم أبو إبراهيم حديثه بالقول ان المنافسة غير عادلة بين كبار وصغار تجار الخضراوات والفاكهة، لذلك يضيع صغار التجار السعوديين أمام الكبار.
تلويح ب«الصرف»!!
ويتطرق أبو إبراهيم إلى أمر (الورقيات) كالخس والبقدونس والكزبرة التي تدخل في عمل السنبوسة قائلا: يكون الطلب على هذه الورقيات كثيراً جدا في رمضان وفيها مكاسب كبيرة أيضا للتجار أكثر من مكاسبهم في أشياء أخرى إلا أن بائعيها يواجهون السمعة السيئة لهذه الورقيات فمهما كانت جيدة إلا أن الزبون يتهمه بأنها من منتجات مناطق تسقي مزروعاتها بمياه الصرف الصحي، وليس هدفه من سؤاله عن هذه الورقيات الاطمئنان على انها صحية لكن ليفرض السعر الذي يريد على البائع، وهناك صعوبة في الحكم على المنتجات التي تأتي للسوق عن طريق الشاحنات هل هي آتية من مناطق تسقى بمياه الصرف الصحي أم لا؟ لذلك لابد للبلدية ان تكثف من نشاطها للتحكم بالمنتوج الذي يأتي لحراج الجملة لمراقبة المزارع وعمل زيارات مفاجئة لها والتفتيش، فكثير من القرى التي حول الرياض يمولها بالخضار أجانب (عينك عينك) بالرغم من قرار منعهم، ولا يُعلم عن جودة ما يأتون به.
وأكد تاجر آخر أن من العوائق التي تقف في وجه تاجر الخضار السعودي قال: إنهم الأجانب، وكذلك المصدر لهذه البضائع التي تأتي من الشام وافريقيا، تأتي (تريلات) وتقف بالسوق ويستقبلها (أجنبي)؟ فكيف يستقبل الاجنبي بضاعة ويحدد السعر بنفسه ويأمر وينهي؟؟ فهل يمشي اقتصادنا في هذه الحالة؟؟.
وواصل التاجر قوله ان هؤلاء الأجانب ضربوا تجار الخضار السعوديين عندما رفعوا الاسعار في بدء تطبيق السعودة التي بدأت بشكل جيد لتطبيق مندوبي التفتيش للنظام بحذافيره ليثبت هؤلاء الأجانب للشعب السعودي ان هؤلاء السعوديين فاشلون في السعودة وانهم لم يستطيعوا ان يتقنوا عملهم لينفر الناس منهم فالسعوديون ملعوب عليهم هنا.
وللتحايل على القانون انتهج تجار الخضار الأجانب طرقا أضرت بشكل كبير بالتجار السعوديين، إذ عندما مُنع الأجانب من العمل في بيع الخضار في بدء تطبيق السعودية وبما أن هذا العمل يعتبر المورد الأساسي لهم لجأوا للحيلة مستغلين حاجة السعوديين العاطلين عن العمل للمادة فيعرضون عليهم راتبا شهريا بحد أعلى ألفي ريال مقابل ان يكون هذا الأجنبي على كفالة السعودي كسائق خاص للتمويه عند التفتيش أو نقل البضاعة ما بين القرى فيعامل هذا الأجنبي على أنه سائق للسعودي الذي يركب بجانبه لكن الحقيقة انه هو التاجر الفعلي وعند انتهاء المهمة يقول للسعودي (توكل على الله).
إن قضية السائق الخاص هذه هي المنفذ لهذا التحايل، أنا لا أعفي السعوديين من المسؤولية لتعاونهم مع هؤلاء، لكن نغض بعض الطرف عنهم لأن بداية موضوع سعودة الخضار خطأ، ولو كان هناك حزم وجدية وضرب بيد من حديد واستمرار للجنة وتطبيق للنظام بحذافيره لكنا بخير، لكن الوضع استمر جيداً لمدة شهرين وتدريجيا وبعد الشهر الرابع تلاشت الرقابة وبدأ الأجانب يثبتون أقدامهم من جديد.
يحاربوننا !
ويواصل التاجر: إن هؤلاء يحاربوننا لأننا أتينا وأخذنا منهم عملهم الذي أمضوا فيه ما يقارب 20 عاماً في يوم وليلة، فيكفي ما أخذوا فلماذا لا تحسن البلدية من هذه الأوضاع ويغلقوا الأبواب أمام هؤلاء الأجانب الذين تحصل البلدية من ورائهم مبالغ هائلة لقاء تأجيرها لهم عربات تحميل البضائع بمبالغ تتراوح ما بين 90 - 100 ريال لكل عامل يوميا.. 90 ريالاً x 50 عاملاً = 4500 ريال يوميا، ولماذا لايهتموا بهذا التاجر السعودي فهو أيضا يدفع رسوماً كتجديد الرخصة بـ350 ريال وغيرها.
ويناشد التاجر البلدية بقوله ليتكم أصلحتم بهذه الأموال نصف العمل، ويا ليتكم قمتم بتنظيف الشوارع من الذين اتخذوا الأرصفة لعرض بضائعهم من الخضار والفاكهة، ليتكم أشعرتمونا انكم مهتمون بنا نحن أبناء جلدتكم.. سيطروا على السوق، أرونا (شطارتكم) قفوا بالمرصاد لمن يعبئ (الوانيتات) ويسرح بها بشوارع الرياض يوزع بضاعته على المطاعم تحت اسم سعودي!!
أين وزارة التجارة من انتشار فئة (أ)؟
أبو عبدالرحمن قال لا يلام البائع أو الزبون أو الموزع في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في رمضان، فكبار التجار هم الذين يؤثرون على أسعار السوق والدليل ان الاسعار في العام الماضي 1422هـ ارتفعت بنسبة 60% والاسواق الكبيرة مهما عملت من تخفيضات فهي لا تخلو من أمرين: الأمر الأول اما أن التاجر أنزل الى السوق كميات كبيرة معها عروض، والأمر الثاني ان هذا التاجر يرفع في أسعار مواد استهلاكية لا يستغني عنها الناس ويخفض في مواد أخرى ثانوية.
وقال ان التجار لدينا فئات أ - ب - ج ولابد لوزارة التجارة ممثلة في الغرفة التجارية الصناعية من التنظيم في هذه الناحية، فلا يجب ان تتكرر الفئة أكثر من مرة في نفس المنطقة كما هو الوضع الآن فنرى فرعين لا يبعدان عن بعضهما إلا 400 متر، لابد من تطبيق النظام كما طبق على مقاهي الانترنت وعلى محطات الوقود على الطرق السريعة حيث اشترط ان تكون متباعدة عن بعضها البعض.
الخضار ليست من مستوى السعوديين
السيد محمد أكد ان استمرار هذا الوضع الفوضوي المعاش الآن سيؤدي الى ارجاع سوق الخضار إلى ما قبل السعودة، أي سيكون في قبضة الأجانب مجدداً، خصوصا ان هناك مجالات أخرى يرى البعض انها أفضل من مجال بيع الخضار التي لازال المجتمع ينظر لها نظرة دونية، بالاضافة الى ان مردودها المادي ضعيف جدا ولاسيما مع الوضع الراهن؟ فالعمل في مجالات أخرى أفضل بشكل كبير من بيع الخضار كمحلات الذهب، والعمل في الزراعة والصناعة ومحلات الاتصالات والحدادة، وفي الورش لأن لدينا عجزاً في مهندسي السيارات، لذلك لابد من اعادة النظر في سعودة الخضار بشكل جيد.
وأكد ان المشكلة الأساسية التي تقف في وجه تجار الخضار هم الموردون الأجانب (أصحاب البرادات الكبيرة - الثلاجات).
من اللقاءات:
- أحد التجار الشباب أصيب بحالة اكتئاب جراء هذه الأوضاع السيئة، وقد كان لديه طموح لأن يفتتح العديد من محلات الخضار والفاكهة لكن بعد أن واجه كثيراً من الضغوط وعمل مخالفات ضده ليس لها ما يبررها من قبل البلدية قدم التهاني لهم قائلا: ألف مبروك لفرضكم لنظامكم.
- طالب بعض التجار البلديات بمنع البيع على الطرق وعند المساجد من قبل الأجانب «الممنوعين من ممارسة هذا النشاط أصلا» بدلا من التطبيق على السعوديين لأدنى مخالفة مما جعلهم يلجأون للبيع عند مخارج الطرق.
- هل نتدارك الوضع قبل سعودة محلات المواد الغذائية بدراسة جيدة وكافية، متخذين الوضع السيئ لسعودة محلات الخضار عظة وعبرة.
|