الحلقة الأولى
الحمد لله الذي جعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً ثم فجّر خلالهما أنهاراً وأسال أودية وبحاراً، وهدى العباد إلى أن يعمروا الأرض وينحتوا الجبال بيوتا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
* ، وقال تعالى: {قٍلً سٌيرٍوا فٌي الأّّرًضٌ ثٍمَّ انظٍرٍوا كّيًفّ كّانّ عّاقٌبّةٍ المٍكّذٌَبٌينّ}*الأنعام: 11* أي النظر في ديارهم كيف درست وحياتهم كيف انتهت وآثارهم كيف انطمست.
وقال عيسى بن مريم عليه السلام «الدنيا محل مَثُلة، ومنزل نَقلة، فكونوا بها سيّاحين، واعتبروا ببقية آثار الأولين» وقال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تَفَرُّجُ همّ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الأسفار هم وكربة
وتشتيت شمل وارتكاب شدائد
فموت الفتى خير له من حياته
بدار هوان بين واش وحاسد
ثم إن الرحلات عندي فيها من المتعة في التعليم والتفكير والراحة للنفس والبعد عن حياة المدينة وصخبها وهمومها، والتفريج عما في الخاطر من همّ وضيق، والتفكر في خلق الله بما في الكون والأرض والجبال والأنهار والشعاب والوهاد من أشكال غريبة وكتابات تدل على وجود الأمم ومناظر طبيعية، وما حولها من منازل وديار ما يسكنها من قبائل وأجناس.
وعند القيام برحلات بريّة في ربوع بلادنا الغالية تتوفر لدينا الخرائط اللازمة للمناطق التي نرتادها والأجهزة التي نستعملها في تحديد الأماكن المراد الوصول إليها، والرفاق الذين نتسامر معهم ونرتاح لهم في مجالسنا، كل ذلك يساعدنا على أن نستمتع بالرحلة ونستفيد منها، ثم نقوم بوصف الرحلة والطرق التي نسلكها والجبال والأنهار والشعاب التي نمر عليها فتتوفر لدينا حصيلة من المعلومات الوافرة عن ذلك.
سوف أصف الرحلة التي قمت بها في ربوع بلادنا «من الرس إلى جبل المحجّة وتيما» لعل القارئ يستفيد من ذلك، وأن يجد فيها المتعة وإشباع رغبته فيما لو أراد أن يسلك مثل تلك المسالك.
بدأت الرحلة من مدينة الرس بعد فجر يوم الأربعاء 4/10/1422هـ باتجاه الغرب مروراً بالنبهانية ثم البتراء، ثم سلكنا الطريق المعبد المتجه شمالاً نحو حائل ومررنا بالفوارة ثم النمرية حتى وصلنا إلى مدينة سميراء وكانت الأرض ولله الحمد قد اكتست بالخضرة من أثر الأمطار التي نزلت على تلك الناحية.
وبعد سميراء بقليل اتجهت الرحلة على الخط المعبد المتجه نحو الشمال الغربي ومررنا بعدة قرى وأودية منها: «قصير متروك» بينه وبين المفرق 12 كم، وقطعنا «شعيب قِدْر» ويستمر الربيع على جانبي الطريق، ثم نقطع «وادي الوهيبيات» وهو واد كبير واسع يمتد من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي ومليء بأشجار الطلح ويبدو عليه أثر السيول والثرى فيه قريب، وعلى جانب الوادي «جبل الصماخة» من الشرق و«جبل العويقر» من الغرب ثم يستمر الخط حتى هجرة «أورينبة» وهي هجرة صغيرة تقع أسفل جبال باسمها، وبينها وبين قصير متروك 19 كم. ثم هجرة «مغيراء» بينها وبين أورينبة 3 كم، وبعد كيلين مررنا «العوشزية» وهي هجرة صغيرة تقع أسفل جبال «الرياض» وهي جبال سمراء ممتدة مشهورة يكبر حجمها، ثم يستمر الطريق المعبد حتى يصل محافظة «الروضة» التي بينها وبين أورينبة 11 كيلا، وهي كبيرة متفرقة تابعة لمنطقة حائل ومقراً لتجارة البادية وفيها مجمع قروي ومدارس ومصالح حكومية ومبان أثرية من الطين ومجموعة مزارع يصل إنتاجها إلى مدينة حائل، ويعلوها جبال «رمّان» المشهورة وهي سلسلة سوداء تعترض الطريق الذي يخترقها متجهاً نحو الطريق المعبد المتجه من حائل إلى المدينة المنورة.
ثم يستمر الطريق وبعد 27 كم مررنا بهجرة «المعترضة» وحولها هجرة «حمراء الجبال» وبعد 7 أكيال هجرة «ريع المحمي» حتى نصل الخط المعبد عند هجرة «المهاش» التي بينها وبين الروضة 45 كم، وهي على إحداثية رقم «1» «653 50 26»، «293 19 041» ثم اتجهنا مع الخط المعبد المتجه إلى حائل التي بينها وبين المهاش 97 كم. وعلى الخط المعبد مررنا ببلدة «الدارة» بينها وبين المهاش 16 كم، ولها طريق غرب الخط يبعد 10 كم، ثم يستمر الطريق ونمر ببلدة «الهويدي» التي تبعد عن المهاش 20 كم، ثم نواجه «جبال أم ارطى» و«جبال الفلا» عن يمين الخط، ثم «جبال العميد» و«جبال العمودة» جهة اليسار حتى نصل بلدة «عقلة ابن جبرين» التي تقع على الخط المعبد عند إحداثية «2»، «481 06 27»، «661 16 041» .
ثم نستمر بالسير مع الخط المعبد متجهين نحو الشمال ونواجه «جبال السمراء» جهة الغرب وهي سمراء كبيرة ممتدة ثم يستمر الطريق ونمر «منطقة العقلة» ثم منطقة «المبيدع» وعندما وصلنا «جبال عرفاد آل غازي» جهة الشرق حيث قطعنا مسافة 44 كم، من بلدة المهاش اتجهنا جهة اليسار على إحداثية «3» «081 15 27»، «451 20 041» مع طريق ترابي باتجاه الشمال الغربي قاصدين بلدة «صحي» على الخط المعبد الموصل بين حائل والعلا وهذا الخط يقطع «جبال أجا» من جهتها الجنوبية الغربية ويستمر الطريق وسط جبال أجا المتصلة وبعد 5 كم نصل بلدة صغيرة عندها خط معبد يسير حتى بلدة صحي وهذا الخط يتصل بالخط المعبد المتجه من حائل إلى العلا على إحداثية «4» «756 17 27»، «863 14 041» بعدها نأخذ جهة الشمال مع الخط المعبد الموصل إلى العلا بالقرب من مفرق بلدة «موقق» وهي بلدة كبيرة من القرى المعروفة في منطقة حائل. ويلاحظ معي من يسير على الطريق ويتابع الخريطة التي أعدتها وزارة البترول بمقياس «1:250000» بأن هذا الطريق لم يرسم في تلك الخريطة.
ونستمر مع هذا الطريق الذي يمر بعدة قرى وهجر وجبال وشعاب منها «شعيب صفيهان» ثم «بلدة الصنينا» بينها وبين المفرق السابق 32 كم على إحداثية «5» «561 18 27»، «188 00 041» ثم «جبال الصنينا» على الطريق ممتدة من الشرق إلى الغرب، ثم «جبل وتدة» الذي يحف الطريق من الجنوب تجاورها بلدة «دليهان» بينها وبين الصنينا 6 كم بعدها مفرق جهة الشمال إلى بلدة «الفرحانية». ثم «جبل كتيفة» على الطريق جهة الجنوب وهي جبال سوداء ملمومة صغيرة الحجم، ثم «جبل ضبع» ويقع ملاصقا للخط جهة الشمال وهو أسود صغير الحجم. ثم «جبال المغرّة» وهي جنوب الخط كبيرة ممتدة من الشمال إلى الجنوب ثم يستمر الطريق على إحداثية «6»، «389 13 27»، «419 52 040» ثم نقطع بعدها «وادي أبا الحيران» نمر بعده على مفرق إلى بلدة «فيضة ابن سويلم» وتقع شمال الطريق على بعد 2 كم وبينها وبين الصنينا 43 كم.
ويستمر السير على الطريق ونمر بمحطة للوقود على الجهة الشمالية من الطريق بعدها بلدة «قليب الأطرم» على الطريق يجاورها «جبل ذُراف» وهي جبال سوداء متوسطة الحجم، ويستمر الطريق ونصل إحداثية «7»، «766 02 27»، «841 25 040» ثم نصل بعدها إلى بلدة «عمائر صنعاء» بينها وبين الصنينا 85 كم ويجاورها بلدة «اسبطر» ونستمر حتى نصل مفرق مركز «الشملي» التي بينها وبين الصنينا 90 كم، بعده بلدة «الدفاين» ثم يمر الطريق فوق «شعيب مديسيس الشرقي والغربي» اللذين يلتقيان بجوار الطريق من الجنوب ونصل إحداثية «8» «992 53 26»، «725 07 040» ثم يستمر بنا السير ونقطع «شعيب نعيمين» بعده بلدة «ذروة» ثم «شعيب ذويرة» حتى نصل إلى «قاع داغر» بعد الصنينا 135 كم، وهو قاع أبيض واسع جهة الجنوب من الخط المعبد، ونستمر حتى نصل إلى أرض بيضاء فيها أثر رُميلة تسمى «أبرق الصّبْط» ونستمر حتى نصل إلى منطقة «بياضة غزلانة» المشهورة في تلك الناحية بعد أن قطعنا من بلدة الصنينا 157 كم، عند إحداثية «9»، «194 49 26»، «751 39 039» وبتنا في تلك المنطقة في شعيب النخلة ليلة الخميس الموافق 5/10/1422هـ .
وفي الصباح الباكر بعد أداء صلاة الفجر جماعة واحتساء القهوة والحليب واصلنا المسير متكلين على رب العباد على الطريق المعبد المتجه من حائل إلى العلا وتبوك على إحداثية «10»، «065 49 26»، «137 34 039» ونحن نسير نرى جبل «عنز قمرا» يبارينا جهة الشمال يمين الخط المعبد بينهما حوالي 10 كم وبينهما «قارة حمدان» وهي عبارة عن مرتفع يشبه الجال المرتفع، ويستمر المسير ونصل إحداثية «11»، «300 48 26»، 360 27 039» وهو المفرق الذي يتجه نحو جبل المحجة الذي يشير الجهاز إلى أنه يبعد 21 كم، ونزلنا مع طريق ترابي واضح بدايته يتفرع من الخط المعبد ونرى أمامنا مجموعة من الجبال، ويستمر الطريق الترابي نحو جبال المحجّة جهة الشمال ونصل إحداثية «12»، «964 51 26»، «001 28 039» ونستمر مع الطريق ونحن نشاهد جبل المحجة أمامنا ويجاوره مجموعة من الجبال منها جبلان مرتفعان أسودان لهما رأسان هما «جبلي ذريعات» يقع جنوب المحجة، وجبل آخر أحمر مستطيل غير مرتفع يسمى «جبل عويقر» والطريق ترابي واضح المعالم تختلط فيه الحجارة البيضاء مع الرمل، ونستمر حتى نصل إحداثية «13»، «716 53 26»، «849 27 039» ونستمر في الطريق الذي يخلو من القرى والهجر والبادية والرعي وتقل فيه السيارات المارّة وهو واضح المعالم وتربته متشابهة ونشاهد مجموعة من الجبال في الجهة اليمنى من الوجهة التي نسير عليها ونصل إحداثية «14»، «473 56 26»، «674 28 039» ونواصل السير في أرض تخلو من العشب ولا يوجد فيها حياة وتتنوع فيها التربة ونواجه في طريقنا مجموعة من الحجارة الكبيرة تتفرق في عرض الطريق بين صياهد من الرمل ونصل إحداثية «15»، «570 26»، «700 28 039» ونقف حول صفاة عريضة لخفض هواء السيارات بطلب ممن يقدونها.
ثم نستمر بالسير على الطريق في صياهد من الرمل وحجارة بيضاء غير مرتفعة ونحن نرى الجبال أمامنا وبعد مسافة نصل جبل المحجّة ونأخذ في وسطه إحداثية «16»، «980 59 26»، «998 29 039» وهو عبارة عن ثلاثة جبال متقاربة مرتفعة بيضاء تشوبها حمرة بينها مسافة يأتيها الظل من كل الجهات ولا تأتيها الشمس وفي أعلى الجبال فتحتان احداهما واسعة والأخرى أقل منها تراهما من بعيد، أما لونها وطبيعة حجارتها فهي تشبه جبال مدائن صالح في منطقة العلا وترتفع عن مستوى سطح البحر «1354 مترا» وجلسنا نحتسي القهوة والشاي في جبل المحجة داخل مكان جميل وفسيح وسط الجبال الثلاثة متمتعين بالظل الوارف والمنظر الخلاّب، بعدها رأى أفراد الرحلة أن نتوجّه صوب مدينة «تيما» لنتعرف على الطريق ونشاهد الجبال والأودية والنفود التي تكثر في تلك الناحية.