Thursday 7th November,200210997العددالخميس 2 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رسالة إلى الدكتور سلطان القحطاني رسالة إلى الدكتور سلطان القحطاني

كتب الدكتور سلطان القحطاني في هذه الجريدة، يوم الخميس الماضي، عن موسوعة الأدب العربي السعودي مقالة انفعالية أثارت الكثير من مشاعر الاستغراب والاستهجان لدى القراء ولدى اللجنة العلمية للموسوعة، بل ولدى بعض المسؤولين في «الجزيرة» ذاتها! فالمقالة جاءت مليئة بالعبارات الطائشة التي تتعمد تشويه الحقائق والنيل الشخصي من أعضاءاللجنة، وبخاصة رئيسها الأستاذ الدكتور منصور الحازمي، وهكذا ابتعدت تماماً عن النقد البناء الذي نحرص عليه كل الحرص لأنه وحده ما يمكن أن يساعد على تلافي أي قصور في الطبعات القادمة من هذا العمل التأسيسي الرائد. فالكاتب اتخذ الكتابة مناسبة للتنفيس عن انفعالات ذاتية حادة مما لا يخدم الحوار الخلاق بين أهل العلم وحملة القلم بأي معنى ولأي مبرر.
هنا تحديداً لابد أن نؤكد بدءاً أننا لا نريد أن ننحدر بأنفسنا إلى مستوى اللغة التي يستعملها الدكتور القحطاني وأمثاله لأنها مما لا يليق بأحد منا. نريد فقط التنبيه إلى أنه أصدر بعض الأحكام الخاطئة التي لا تنهض على أساس علمي بقدر ما تجعل مصداقيته هو موضوعاً للتشكيك أمام القارئ الجاد وقد كان في غنى عن ذلك كله. فهو يعرف أعضاء اللجنة واحداً واحداً، وربما جمعته ببعضهم علاقات صداقة شخصية، إلا أنه بدا في مقاله وكأنه جاهل بهم وبانجازاتهم في الأدب والثقافة في المملكة وهو أمر يصعب تصديقه وينطبق عليه قول الشاعر:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
أو كنت تدري فالمصيبة أعظم
إنه يقول ان اعضاء اللجنة العلمية بأنهم «أسماء لم تثمر من قبل، فكيف بها اليوم تتصدى لموسوعة».. «ولم يكن لأعضاء التحرير دور يذكر على الساحة الأدبية والعلمية من قبل».. «وأما بقية العاملين فلا حساب لهم في الساحة الثقافية».
بل إن الدكتور القحطاني ذهب إلى ما هو أبعد وأخطر إذ شكك في أهلية الدكتور الحازمي لجائزة الملك فيصل العلمية مما يعد طعناً غبياً في مصداقية الجائزة ولجان تحكيمها وفي سمعتها العالمية وهنا تنطرح الأسئلة.
ما علاقة هذا كله بالموسوعة؟ ما هي الدوافع الحقيقية وراء هذا الهجوم غير المسؤول؟ ولا اجابة لدينا عن السؤالين إلا بأمرين: الأول منهما انه الشعور الحاد بالاحباط اذ لم يجد الكاتب اسمه ضمن النقاد أو الأدباء الذين اختيرت لهم نصوص في الموسوعة، وهذا أمر كان من تمام حقه الاستياء منه والاعتراض عليه، ولكن بلغة تثبت أنه أهل لنيل هذا الحق أسوة بغيره من أمثاله.
الأمر الثاني: وهنا مربط الفرس أن الكاتب أراد تصفية حسابات قديمة لا دخل لأعضاء اللجنة العلمية بالموسوعة فيها، فعندما عاد القحطاني بشهادة الدكتوراه قبيل سنوات تقدم بطلب للالتحاق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب فأحيل طلبه وبحثه إلى لجنة تحكيم كما هي عادة القسم مع أي مرشح فرفض طلبه بعد عرضه على الأساتذة المحكمين هكذا ظل الكاتب يحمل الضغينة على القسم ومنسوبيه وهكذا جاء حديثه عن الموسوعة ليوقظ ذلك الشعور المدمر خاصة وأن أغلبية اللجنة العلمية للموسوعة من القسم ذاته كما يلاحظ!.
إن في مقالة الدكتور القحطاني مغالطات واتهامات غير مقبولة ومنها ما يمكن مساءلته عليه أمام الجهات الرسمية لو استدعى الأمر «مثل تأكيده أن العمل قام به غيرنا وأن دورنا فقط هو وضع أسمائنا على الغلاف».. ولو صعدت القضية إلى هذا المستوى القانوني لعرف جيداً، هو وغيره أن كل عضو من أعضاء اللجنة العلمية أنفق الكثير من الجهد والوقت في عمليات متابعة واختيار جادة كل الجد لكي يظهر الجزء المكلف به في أحسن صورة ممكنة، ومن دون أن يعني هذا ادعاء الكمال للعمل فردياً كان أو جماعياً، ولعل من أكبر الأدلة على حسن النيات ونبل الغايات أن الموسوعة جاءت في عشرة مجلدات، عوضاً عن ستة، وأن الدعم الكريم الذي تلقته «دار المفردات» من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله وقدره «ثلاثة ملايين ريال» غطى بالكاد تكاليف عمل مكثف متصل على مدى ثلاث سنوات، وهذا ما ينبغي أن يدركه أصحاب الظنون السيئة ممن يجهلون أن ميزانية الطباعة وحدها قد تتجاوز نصف المبلغ المذكور.
أما عن قضية استشارة الأدباء أنفسهم عند اختيار نصوصهم فهذا مما لم يكن وارداً أصلاً في الخطة لأن اللجنة كانت تمارس عملاً معرفياً تضبطه معايير فنية صارمة اتفق عليها الأعضاء بعد جهد جهيد، وبعيداً عن مبدأ الشمولية الذي لا مجال له في أي عمل كهذا. ولو قرأ القحطاني وغيره التصدير الذي كتب للموسوعة لوجدوا الأسس ولادركوا من الوهلة الأولى أننا أكدنا على مسألة (النصوص المختارة) لأن العمل لم يقصد به أن يكون معجماً أو كشافاً بأسماء كل الكتاب والكاتبات وإنما كان هناك حرص شديد على تمثيل كل التيارات الأدبية في كل المراحل التي وضعتها اللجنة لعملية الاختيار بنصوص رأى المسؤول عن كل مجلد أنها أفضل من غيرها من هذا المنطلق التمثيلي ذاته، ولعلنا لا نأسف كثيراً لاسقاط النصوص الأكثر رداءة لأنها لا تمثل إلا أصحابها، ولو قرأ وقرأوا المقدمات النقدية لوجدوا ما يستحق النقاش في متن معرفي متنوع ومتكامل ينجز لأول مرة بهذه الرؤية الموسوعية، لكن كيف نخاطب من لا يقرأ وكيف نحاور أصواتاً تصرخ وكأنها لا تفرق بين الثرثرة الانفعالية والكتابة الجادة معرفياً؟!
لا شك لدينا في أن الأمر يتعلق بعمل تأسيسي عرفته وتعترف به المؤسسات الأكاديمية الراقية في المجتمعات المتحضرة، وهو يعطي صورة اجمالية دقيقة ومشرقة عن أدبنا الوطني خلال قرن كامل، ولدينا أمل في أن يؤدي وظائف ايجابية كثيرة على المستويين الداخلي والخارجي في ظروف نحن جميعاً في أمس الحاجة إلى ما يعزز وحدة الصف ويكشف عن غنى ثقافتنا وأدبنا. فالذين جدوا واجتهدوا لانجاز الموسوعة هم أهل للمسؤولية وإلا لما بادروا وباشروا، وبعضهم كتب عن الفنون الأدبية في المملكة، ومنهم من يدرس المواد المتعلقة بها ويشرف على رسائل علمية في هذا المجال، ولأغلبهم دراسات معمقة عن أدبنا نشرت في مجلات متخصصة، والجهل بكل هذه الحقائق يرتد على الجاهل وحده.
وفي كل الأحوال لقد أخذت اللجنة في جمع وتوثيق كل ما ينشر عن الموسوعة للإفادة منه في الطبعات القادمة وقد نوقشت بعض الملاحظات النقدية البناءة والملتزمة بآداب الحوار وأخلاقيات العمل المعرفي الرصين. أما زبد الكلام فمن المؤكد أنها ستسقطه من اعتبارها إلا ان تطلب الأمر النظر فيه من زاوية قانونية تردع من لا يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الآخرون.

اللجنة العلمية للموسوعة
عنهم د. عبد الله المعيقل

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved