يتولى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حقيبة وزارة الداخلية في المملكة منذ ما يربو على ثلاثة عقود، وخلال هذه الحقبة شهدت منطقة الشرق الأوسط أحداثاً جساماً، بلغت أوجها في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة، والتي كان لها من التداعيات والتطورات مالم يخطر على بال أحد. لقد كان لهذه الأزمات انعكاسات كبرى على الأمن الوطني للمملكة، وفي كل مرة يكون الحكيم السعودي نايف بن عبدالعزيز حاضراً في قلب الحدث يبرز للعالم موقف المملكة بتأن وهدوء وحكمة وواقعية متناهية.
إن منهج الدول في تعاملها مع الأحداث والأزمات يستخلص عادة من الوثائق الرسمية المنشورة والرسائل الدبلوماسية المتبادلة بين الحكومات والتقارير الصحفية، وبيانات المتحدثين الرسميين للحكومات وبيانات مندوبي الدول الى المؤتمرات الدولية وآراء مستشاريها القانونيين وتقاريرها الدورية القانونية وأنظمتها وقضائها، وفي المملكة العربية السعودية يمكن للباحث عن الموقف السعودي تجاه أية مسألة أمنية اختصار كل ذلك والاكتفاء بمتابعة المؤتمرات واللقاءات الصحفية التي درج الأمير نايف على عقدها واجرائها.
سمو الأمير نايف مسؤول أمني بارز على المستوى العربي، فعدا عن كونه وزيراً للداخلية بما يحمله هذا المنصب من مهام جسام، فإنه الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، كما أنه يترأس مجلس ادارة أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية - الجهاز العلمي للمجلس. والأمير نايف يعد رجل الاعلام الأول في المملكة، فهو يرأس المجلس الأعلى للاعلام. والأمير نايف هو من تولى رئاسة اللجان التي وضعت الأنظمة الرئيسية للحكم والشورى والادارة في المملكة التي تعد نقلة نوعية كبرى في الاطار القانوني السعودي الداخلي، والأمير نايف يرأس مجلس القوى العاملة ويمسك حاليا بملف توطين الوظائف في المملكة، كما يتولى الاشراف على أعمال الهيئة السعودية للاغاثة في الخارج واللجنة السعودية المعنية بدعم انتفاضة القدس. ولا غرابة في تولي سموه كل هذه المهام الجسام؛ إذ يجتمع في شخصه رجل الأمن والقانون العادل النزيه، ورجل الحكم والادارة المتواضع الحازم ورجل الدبلوماسية والحوار الصبور البارع ورجل الخير الحاني الودود، لذلك فعندما يتحدث الامير نايف عن أمر من الامور فإنه يخصصه لتشخيص دقيق، ديدنه في ذلك الشفافية والصراحة والوضوح.
في العام الذي تلا أحداث 11 سبتمبر، تصدى الأمير نايف بن عبدالعزيز لابراز موقف المملكة على حقيقة من تلك الأحداث وتداعياتها من خلال مؤتمراته الصحفية التي عقدها والمقابلات التي أجرتها معه كبريات وسائل الاعلام العالمية. وفيما يلي ملخص للعناصر الأساسية لهذا الموقف، كما أوضحه الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله.
ثوابت لا تتبدل
يستهل الأمير نايف أحاديثه - حتى قبل الأحداث المذكورة - بالتأكيد على الموقف المبدئي والراسخ للمملكة قيادة وشعباً، والمتمثل في التمسك بالاسلام عقيدة ومنهاجاً في شؤون الحياة المختلفة، باعتباره صالحاً لكل زمان ومكان، والتفاعل مع متطلبات العصر بمالا يخالف تعاليم الشرع الحنيف، ويرفض أي ضغوط تستهدف تغيير المملكة لثوابتها الاسلامية. وفي مجال الارهاب درج الأمير نايف حفظه الله على التأكيد على مكافحة الارهاب وادانة كل الأعمال التي تستهدف قتل الأبرياء وتهديم الممتلكات والعبث بحقوق ومقدرات الشعوب، انطلاقا من عقيدتها الاسلامية المناقضة للارهاب بكل صوره وأشكاله، ويؤكد الأمير نايف الحقيقة الخالدة المتمثلة في أن الاسلام يدعو للحوار وينبذ العنف، وأنه دين العقل والانفتاح والتحضر الذي يعظم حياة الانسان ويجلها؛ بينما الارهاب يسترخصها ويبيحها، والاسلام هو الدين الذي يؤسس أمن المجتمعات وطمأنينتها، بينما الارهاب يقوض ركائز الأمن وطمأنينة النفوس. والأمة الاسلامية أمة رحمة وداعية محبة ورائدة عدل توجب عليها رسالتها عدم ترويع الآمنين وارهاب العزل الغافلين. جاء تأكيد الأمير نايف على هذه الثوابت في المؤتمر الصحفي الذي عقده في اليوم الأخير من شهر الأحداث، وفي كل اللقاءات والمؤتمرات التي تلت، وقد ضرب سموه أمثلة حية على جهود المملكة في هذا السياق من خلال توصلها وبقية دول مجلس التعاون الخليجي الى استراتيجية مكافحة الارهاب منذ ما يزيد على عشر سنوات، وعضويتها مع الدول العربية في اتفاقية مكافحة الارهاب العربية لعام 1998، وابرامها مؤخراً اتفاقية أمنية مع ايران، كما ذكر الأمير نايف ويذكر دائما بالنداءات التي صدرت عن وزراء الداخلية العرب، والعدل العرب للعالم أجمع ولهيئة الأمم المتحدة بضرورة التوصل الى اتفاقية يعرَّف من خلالها الارهاب، وتحدد أساليب مكافحته من خلال مؤتمر دولي تشارك فيه كافة دول العالم. ولم يفت على الأمير نايف تذكير العالم بأن المملكة تعرضت للارهاب في مناسبات عدة سبقت وتلت حادثة الاعتداء على الحرم الشريف الشهيرة، لذلك لا يمكن ان تكون المملكة مصدراً للارهاب أو مستقبلة له، ومن يقل خلاف ذلك، فإنه يهدف ضد تيار المنطقة والواقع.
رأس الإرهاب
عندما يثار الحديث عن الارهاب فإن الأمير نايف بن عبدالعزيز يبادر دائما الى تذكير العالم برأس الارهاب الحقيقي وموطنه في الشرق الأوسط «اسرائيل» وضحيته الكبرى «الشعب الفلسطيني». ولا ينسى سموه الكريم الاشارة الى دور الغرب عموماً والولايات المتحدة على وجه الخصوص في اطالة أمد ارهاب الدولة المنظم الذي تمارسه «اسرائيل»، الذي يعد أشد وأفظع أنواع الارهاب، والتأكيد على ان ما يقوم به أبناء الشعب الفلسطيني لا يمت للارهاب بصلة، بل هو مقاومة مشروعة لدحر العدوان واسترداد الحقوق المسلوبة. لقد أبرز الأمير نايف موقف المملكة المتطلع الى تعاون الأسرة الدولية، ليس فقط في مكافحة الارهاب، ولكن في بحث أسبابه ودوافعه. ويشير الأمير نايف الى ان مشاركة أبناء العرب والمسلمين في أعمال العنف - إن هي حدثت - هي نتيجة قضايا وأحداث حية تعانيها الأمة العربية والاسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين والظلم الذي يعيشه الإخوة الفلسطينيون من تقتيل وتجويع وتشريد وتدمير للانسان الفلسطيني بأمر من شارون.هذه الأعمال - يقول الأمير نايف - تقوم بها «اسرائيل» في وضح النهار بطائراتها ودباباتها وضد أناس لا يحاربون إلا بالحجارة، لهذا يجب أن تؤخذ هذه القضية مأخذ الجد، وأن يتحقق العدل من المجتمع الدولي والوقوف مع الحق، وان تعود فلسطين لأبنائها، هذا إذا أردنا أن تنتهي أي دوافع تنشأ من الوطن العربي، وأما ما تقوله بعض الجهات، وفي مقدمتها «اسرائيل» عن الانتفاضة الفلسطينية بأنه ارهاب، فنقول - والكلام لسموه الكريم -: لا، لأن هؤلاء يدافعون لاسترداد حقهم الوطني والشرعي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل بوصف أي عمل للفلسطينيين على الأرض بأنه ارهاب. وعن علاقة الأوروبيين والأمريكيين بالارهاب الاسرائيلي، يكرر الأمير نايف موقف المملكة الذي يرى ان موقف الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا غير عادل، حيث يقومون بتقديم الأسلحة لإسرائيل وبمساعدتها في أمور أخرى كثيرة، وان من شأن الإمعان في هذا التوجه وعدم اتخاذ موقف محايد بدلا من الدعم المطلق لاسرائيل وعدم وضع حد لعنجهيتها - استمرار المشاكل، واستمرار الشعور غير الودي والمعادي من الانسان العربي ضد تلك الدول، فإشارات الخطر واضحة، ويجب على هذه الدول مواجهة هذا الواقع، كما يجب عليها - كدول لها مثلها وقيمها - أن تفعل هذه المثل والقيم في كل مكان، أما أسلوب التعامل الحالي فإنه سيقود العالم الى أمر لا يعلم إلا الله منتهاه، فإسرائيل لا تزال تضرب بكل الجهود والمبادرات عرض الحائط طالما ان الغرب لم يغير أسلوب تعامله معها.
المواطن السعودي
أدت الاتهامات الأمريكية بمشاركة خمسة عشر شخصاً من المواطنين السعوديين في الهجمات على أمريكا وما تلا ذلك من تعرض المواطن السعودي في أمريكا وأوروبا لمعاملة سيئة - الى ان يحظى المواطن السعودي بنصيب الأسد من أحاديث الأمير نايف. لقد عبر سموه الكريم عن ألمه لما حدث ويحدث لمواطني المملكة من تجن ومعاملة لا تليق، مؤكدا ان المملكة لا تقبل بهكذا معاملة لأبنائها.
وما فتىء الأمير نايف يحذر من الزج بالسعوديين نتيجة معلومات غيرمؤكدة، ومن الدور الذي تلعبه بعض الجهات التي تريد الاساءة للمملكة ومواطنيها في عقيدتهم ومواطنتهم مهيباً بالجهات الأمريكية الرسمية بتصحيح بعض التصرفات والسلوكيات تجاه السعوديين، ومؤكداً اهتمام السلطات السعودية البالغ من خلال سفاراتها بالخارج - وبالذات سفارة المملكة في واشنطن - بأوضاع السعوديين والاتصال بالجهات الرسمية لمتابعة قضاياهم وتأمين المحامين لهم، وتسهيل عودة من يريد العودة منهم، بل وطلب عودة من يتعرض للاساءة منهم لأرض الوطن.
وبحس رجل الأمن الحصيف كان الأمير نايف - خصوصاً في بداية الأحداث - ينادي بضرورة التيقن وعدم توجيه التهم جزافاً حول هوية المتورطين في الأحداث، ويردد موضحاً بأن المملكة لا تؤكد ولا تنفي تورط بعض السعوديين وتنتظر الحقيقة، ووجود السعوديين على متن طائرة لا يعني تورطهم في الهجمات، إذ لابد من وجود أدلة دامغة تؤكد صحة الاتهام. وبحس رجل القانون المفعم بروح المواطنة كان الأمير نايف «حتى من قبل أحداث سبتمبر» ولا يزال يصر على عدم تسليم أي مواطن سعودي لأية دولة في ظل عدم وجود اتفاقية ملزمة بذلك، وقد ظهر هذاالموقف جلياً في أعقاب تفجير الخبر عام 1996، حيث أبان سموه بأن أمريكا لم تطلب من المملكة تسليم أي من رعاياها، ولو طلبت ذلك فإن المملكة لن تسلم أي مواطن لا لأمريكا ولا غيرها.
وقدكشف الأمير نايف عن اهتمام السلطات السعودية بمتابعة أحوال السجناء السعوديين الـ127 الموجودين بقاعدة غوانتانامو وأسرهم، حيث ان هناك فريقاً سعودياً مكلفاً بمتابعة هذا الملف بعيداً عن وسائل الاعلام، ويؤكد الأمير نايف حرص المملكة على عودة أبنائها المعتقلين سالكة في ذلك طرقاً ودية وموضوعية، ويعبر سموه عن اعتقاده بأن السلطات الأمريكية ستتجاوب في الوقت المناسب في هذا الخصوص، وعن مشاركة الشباب السعودي فيما يعتبرونه جهاداً يرفض الأمير نايف هذا الأمر معتبراً ان هناك أموراً تخفى على الشباب، ولو كانوا على بينة منها لفكروا ألف مرة في هذا الموضوع. ولاشك أن المتابع لتطورات الأحداث يدرك تماما مغزى رأي الأمير نايف هذا.. ألم نصل الى حد اعتبار الطفل الفلسطيني الذي يقذف الحجر صوب دبابة أعتى احتلال عرفه العالم - ارهابيا.. بينما يحكم على شارون - جزار الشرق الأوسط - بأنه رجل سلام ووئام؟!
لا تزر وازرة وزر أخرى
تصدى، وزير الداخلية حفظه الله للحملات التي كانت وما زالت تصدر عن بعض الجهات الغربية التي تحاول إلصاق تهمة تصدير الارهاب للمملكة وللعرب والمسلمين. وفي كل مرة يؤكد الأمير نايف موقف المملكة من ان من وراء هجمات سبتمبر يتحمل نتيجة فعله بغض النظر عما إذا كان سعودياً أو خلافه، وان تحميل الدول والشعوب مسؤولية أعمال قلة من الأفراد - إن ثبت تورطهم - أمر مخالف للتعاليم الاسلامية، وللموروثات الحضارية الانسانية المختلفة، وعليه فإن من الظلم الحديث عن أية مسؤولية للمملكة وشعبها عما حدث، ومن الظلم أيضا رفع دعاوى تعويض ضد أشخاص ومؤسسات سعودية، ليس لها علاقة بالخاطفين المزعومين. وقد أبدى سمو الأمير نايف غير مرة استغرابه من التركيز الشديد على العرب والمسلمين، وتساءل عما إذا كان من العدل وضع أمة بكاملها على مشجب الاتهام بسبب تصرف قلة من الأفراد، إذا أثبتت صحة ما أسند اليهم من اتهام؟ إن ذلك الأمر مرفوض - يقول سموه الكريم - فلا تزر وزارة وزر أخرى، والمملكة - في الأعمال الارهابية الأخيرة المرتكبة على أراضيها - لم تتهم أمة من الأمم بالارهاب، وحُصر الاتهام في الفاعلين فقط، بينما نجد دولاً متقدمة تحترم حرية الرأي ومنها إعلام حر يشيرون بأصابع الاتهام للعرب والمسلمين كافة ويخصون المملكة بالذات بأشياء غير مقبولة، وقد دحض الأمير نايف، ما صدر عن بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي من ان المملكة تقوم بدور مزدوج في هذا الصدد، مؤكداً ان هناك فرقاً بين ان يتهم أو يدان مواطن سعودي، وأن تدان أمة بأكملها، نافياً وجود دليل يؤكد مساهمة المملكة في الهجوم على أمريكا، ومطالباً بتقديم الدليل - إن وجد -. وتساءل الأمير نايف: هل يعقل ان يعمم الذنب الذي يقترفه أمريكي في المملكة على كافة الشعب الأمريكي؟ وقد ضرب سموه الكريم مثلاً حياً على اتباع المملكة لمنهج «لا تزروا وازرة وزر أخرى» بالكيفية التي تتعامل بها السلطات السعودية مع عائلة ابن لادن داخل المملكة وخارجها كمواطنين لهم كامل الحقوق وعليهم كافة الواجبات؛ التي تقع على كاهل المواطنين السعوديين.وقد شخص الأمير نايف موقف المملكة تجاه الحملة الاعلامية الغربية الظالمة معتبراً ان الصهيونية العالمية تقف خلف هذه الحملة، وان للصهاينة دوافعهم الخاصة التي لا تتفق ومواقف المملكة وتوجهاتها. ويطالب الأمير نايف اعلاميي الغرب بتحري الدقة والموضوعية فيما يكتبون ويقولون عن المملكة، وتقديم الحقائق والمعلومات على صحة ما يدعون دون الاكتفاء بتوزيع الاتهامات وترويج المغالطات، ومنح الفرصة لابراز وجهة النظر الأخرى حيال الأحداث. وقد عبر الأمير نايف - وما زال - عن دهشة المملكة مما كشفته أحداث 11 سبتمبر من وجود لعدد غير قليل من متربصي الاعلام الغربي الذين دمغوا الدول العربية والاسلامية - بالغلو والشطط والتعنت، واتهموها باستخدام الأساليب الارهابية المناهضة لحركة التقدم ومقاومة التطور، وغشت أعينهم غشاوة، ليشهروا أسلحتهم المدخرة لحلبة «صراع الحضارات» فكان حكمهم الجائر بوضع العرب والمسلمين في قفص الاتهام، فأصبحوا «المتهم والضحية» بنفس الوقت. ولم يخف الأميرنايف استغرابه والسلطات بالمملكة من غالبية وسائل الاعلام الأمريكية، من حيث عدم فهمها للسعودية وعدم إبداء رغبة من جانبها في تطوير هذا الفهم، وبدلاً عن ذلك قامت بسل سيفها ضد الاسلام مستهدفة المملكة في تشريعاتها الاسلامية، علماً - كما يقول سموه - إن أملهم في احداث أي تغيير في هذه التشريعات لن يتحقق، فهذا أمر لا يطلبه عاقل أو انسان يدرك، ويعلم من هم العرب ومن هم المسلمون ومن هو شعب المملكة!.
أعمال الإغاثة السعودية
تعرضت أعمال الاغاثة في العالمين الاسلامي والعربي «وبالذات في المملكة» لنقد خارج من جهات عدة في الغرب برغم مساهمتها في تمويل الارهاب. وقد حدد الأمير نايف موقف المملكة من هذه المسألة بقوله: ان الجمعيات الخيرية السعودية لا صلة لها بالارهاب، ونحن متأكدون مما نقوله ونعلن عنه، وجهودنا في خدمة العمل الاسلامي متواصلة وظاهرة للعيان ولا نخفي خلاف ما نعلن، ونضع في الحسبان تحري الدقة والتثبت من وصول هذه المساعدات الى مستحقيها مباشرة، مشيراً الى وجود هيئة سعودية عليا خاصة بالإغاثة والأعمال الخيرية تعمل وفق مبادىء وضوابط معينة، والى ان العمل قائم على تطوير الأنظمة والأساليب وفقا للمتغيرات لضمان المتابعة المستمرة لهذه الأعمال الخيرية.
ويؤكد الأمير نايف على ان مجال الاغاثة السعودية بالخارج لن يتغير بأي حال من الأحوال، فذلك واجب إسلامي وانساني، وسيستمر التعاون مع الجهات العاملة من أجل الاغاثة ومساعدة الانسان في أي مكان وخصوصاً المسلمين الذي يتعرضون لأضرار هنا وهناك. وحتى لو استغل شخص موقعه بطريقة غير مسؤولة فإن هذه الأعمال ستتواصل، مع التأكيد على ضرورة ايصالها لمستحقيها وعدم السماح باستغلالها في أغراض أخرى. ويرفض سمو وزير الداخلية رعاه الله اتهام المملكة بأنها لا تعمل بما يكفي لمنع تدفق الأموال الى بعض الجماعات، ويطالب بتقديم الدليل على صحة هذا الاتهام، مذكراً العالم الغربي - الذي يعرف قبل غيره - انه ليس بمقدور أحد ان يوقف عمليات الاستغلال بالكامل، فمليارات الدولارات تصرف في تجارة الأسلحة وتجارة المخدرات وغيرها من الأعمال القذرة، ولا أحد في الغرب يأخذ هذا الأمر بشكل جدي.. يقول الأمير نايف..، بينما عندما تقوم منظمة اسلامية بصرف أموالها بشكل سيىء، فإن الغرب يعيش حالة من الهيجان!!
المملكة عنصر فاعل في الجماعة الدولية
يحرص سمو وزير الداخلية حفظه الله على ابراز دور المملكة على الساحة الدولية، كقوة سلام تسعى لتسخير جهودها لتعزيز رسالة التضامن والسلام والعلاقات الودية فيما بين شعوب الأرض. فالمملكة - كمركز للحضارة الاسلامية - لا نسيء لأي طرف.. وفي هذا السياق يقول الأمير نايف: ان غاية المملكة شريفة ووسيلتها لبلوغ تلك الغاية أشرف، وليست المملكة من تبرر غايتها ووسيلتها، وهي تتصرف في علاقاتها بالآخرين بما ينسجم ومكانتها ورسالتها السامية، وبما يخدم المصالح العليا لمواطنيها، وكثيراً ما أبان سموه الكريم على ان احترام كل بلد لسيادة البلد الآخر، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، واحترام ثقافته وعقيدته هي ركائز أساسية في استقرار العلاقات الدولية والمحافظة على السلم والأمن الدوليين. وعندما قلل رئيس الوزراء الايطالي من شأن الحضارة الاسلامية واتهمها بالتخلف مقارنة بالحضارة الغربية، أكد الأمير نايف على استياء المملكة من ذلك قائلاً: ان الطرح بهذا الأسلوب والتعرض للدين ووصف المسلمين بالتخلف لهو خطأ، ونقول ذلك بملء أفواهنا، وأن على الدول الغربية وعلى الإعلام الغربي أن يفقه هذا الأمر، فمن غير اللائق اتهام دين أو أمة بالتخلف، فالمسلمون كانوا متقدمين في أمور كثيرة، وهم دعاة للتطوير والعلم من المهد الى اللحد، والقرآن الكريم والسنة الشريفة يؤكدان هذا، وأن على الغرب ان يخاطبنا بلغة العقل والمنطق والحق والاحترام، فليس من مصلحة أحد ان يتجذر الكره والحقد في نفسية الانسان العربي والمسلم، ونحن أمة نحترم أديان الآخرين وعقائدهم، ولا نقبل أن يمس أحد عقيدتنا الاسلامية التي هي دين الله في أرضه، وليست من اختراع آبائنا وأجدادنا.
وفي خضم الأحداث والتطورات المتلاحقة، لم يفت على سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز التأكيد على ان المملكة تنظر لعلاقاتها بأمريكا والدول الأوروبية بأنها علاقات متينة ومبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ولها من العمق التاريخي ما يؤكد رسوخها وثباتها، وان عدم تعرض هذه العلاقات لما يشوبها راجع في المقام الأول لإدراك حكومات هذه الدول الحقيقية وسلامة مواقف المملكة وتوجهاتها وجهودها المتواصلة على الساحة الدولية لخدمة السلم والأمن الدوليين ومساهمتها الفاعلة في استقرار المجتمع الانساني.
|