Saturday 2nd November,200210992العددالسبت 27 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حقا إنه قرار غريب! حقا إنه قرار غريب!
طيف بنت أحمد / الوشم ثرمداء

إن مملكتنا الحبيبة اصبحت من طليعة الدول التي يشار لها بالبنان في مجال التعليم فبين اليوم والامس قفزات كبيرة تحمل فيضا متدفقا من العلوم والمعارف وهذا هو ديدنها بل اصبحت الوظائف التعليمية لدى الدولة حفظها الله (مسعودة) وهذا ما يفرح ويبهج أكثر.
وإن كانت العملية التعليمية معقدة والتدريس مسؤولية كان حمل الأمانة ثقيلا في هذا المجال بالذات لأن المعلم ينشأ ويربي ويعلم ويزود بالخبرات في آن واحد وهذه مسؤولية كبيرة وأمانة عظيمة عجزت عن حملها السماوات والأرض وحملها هذا الإنسان الضعيف والذي قد يكون أحيانا ليس أهلا لها.
ولابد أن نعلم ان العلم ليس شهادات عليا وحبرا على ورق إنما هو عقل مستنير قادر على تحريك النفس البشرية للخير ومحارب للافكار الشاذة والخارجة عن نطاق ديننا وعقيدتنا ومجتمعنا.
وإن كنت اتحدث هنا عن المعلم وعن هذه العملية التعليمية فلن انسى الطلبة حملة العلم للأجيال المقبلة فهم من صنيعك أيها المعلم يقتدون بأفعالك وأقوالك ويسيرون على نهجك لأنك القدوة لهم، والمعلم لابد أن يؤثر في طلبته سلبا أو ايجابا، فالطالب والمعلم اسمان متلازمان وملتاحقان فهما وجهان لعملة واحدة وهي (عملية التعليم).
ولكن المؤلم أحيانا والمؤسف كثير ان نجد من اغتال لهذه الأمانة العلمية واصبح هدفه الأول والأخير (المادة) وتناسى هدفه السامي الذي جاء من أجله فخان الأمانة وهدم قلعة الإخلاص وهذا ما قرأته عبر الصحيفة، حيث أصدرت وزارة المعارف قرارا بحق بعض المعلمين الذي خانوا الأمانة بالتلاعب في درجات الطلاب والغش وغير ذلك.. وليس ذلك غريبا لأن المجتمع لا يخلو من أمثال هؤلاء وإن كانوا ولله الحمد قلة ولكن الغريب هو:
العقاب الذي أصدر بحقهم وإن كان قد استغرب من ذلك بعض من سبقوني للكتابة عن هذا الموضوع فأنا ايضا أؤيد ما قالوه، فالعقاب الذي أصدر بحقهم هو تحويلهم إلى المرحلة الابتدائية بدلا من المرحلة الثانوية فقط وأنا أتساءل الآن هل هذا التحويل هو في حد ذاته عقاب أم ثواب؟ ولاسيما ان الكثير يسعى للحصول على المرحلة الابتدائية ولو كانت بالواسطة، أنا في نظري انه ثواب وليس عقابا فالكل يسعى جاهدا للبحث عن هذه الفرصة.. فرصة التحويل من مرحلة مكثفة بالمناهج مثقلة بالمعلومات وحتى مشاكلها لا تقارن بمشاكل المراحل الدنيا إلى مرحلة تكون أقل علما ومنهجاً وتفكيرا، وجهدا ووقتا وغير ذلك، وأضف إلى ذلك ان هناك اجازات مكثفة لمعلمي المراحل الدنيا فهل بعد ذلك اكرام غير هذا..؟
اذا كان العقاب في مثل هذه الحالات هو هذا العقاب فلنتأكد أن الكل سيتهاون في أداء المسؤولية لأن هذا العقاب ليس صارما ولا حازما ولا مخيفا لذوي الضمائر النائمة والهمم المتردية.
لقد فات على المسؤولين ان الطالب في هذه المرحلة يحتاج الى من يؤسسه ويبنيه لأنه في مرحلة أحوج ما يكون فيها إلى استاذه لأنه يعتبره الملجأ له بعد الوالدين فيرى فيه انه قدوة لا يمكن أن يُخطئ، فكل افعاله مقلدة ومحاكاة من لدن التلميذ الصغير ولو قلت له ان المعلم مخطئ لكال لك سيلا من الشتائم فكيف تهين معلمه وتجعله مخطئاً؟ وهو في نظره ملاك لا يُخطئ.
إن الطفل بحاجة ماسة الى معلم خلوق ومرب فاضل يسير على نهجه يقتبس منه الخصال الحسنة قبل المادة العلمية فالتربية قبل التعليم.
لننظر الى الدول المتقدمة فالمرحلة الابتدائية لديهم أساس التعليم فلا تعطى إلا لمن لديه الخبرة للاستفادة منه ونحن هنا نعطي لمن أقل علما وحزما وجدا فهل هذا هو الصحيح؟.
إننا بحاجة ماسة إلى اعادة النظر في هذا القرار ليتحقق الهدف المنشود من التعليم ولنبتعد عن غياهب الدنس المتعفن ومأذق الفساد لنجسد معاني الوفاء والاخلاص لخالقنا أولاً ولوطننا ثانيا وهذا ما نصبو إليه جميعاً.
وأخيرا:
اللهم اجعل لنا ضميراً يعرف أمانة الكلمة ومسؤوليتها ويتحرك فوق الورق لا يخاف في الحق لومة لائم ولا حقد حاقد، ولا قول مرجف.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved