أثناء انعقاد مجلس الوزراء الموقر يوم الاثنين الماضي وخلال مناقشة المجلس لظاهرة ازدياد أعداد سيارات الأجرة العامة بقيادة أشخاص غير سعوديين وحيث إن هناك أعداداً كبيرة من الشباب السعودي الراغب في العمل ولأهمية معالجة هذا الموضوع، فقد أمر صاحب السمو الملكي ولي العهد- يحفظه الله- بحظر قيادة سيارات الأجرة العامة على الأجانب على أن يتم العمل بذلك خلال ستة أشهر، وتأكيداً على أهمية هذا التوجيه وجه سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي وزير الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات والعقوبات المناسبة لضمان تنفيذ ذلك بالتنسيق مع وزارة المواصلات وإزاء هذا التوجيه لسمو ولي العهد - يحفظه الله- أود أن أطرح عدداًً من الجوانب:
1 - من السهل جداً أن نتحدث عن السعودة وعن أهمية إحلال العمالة الوطنية بدلاً من الأجنبية على اقتصادنا الوطني، ومن السهل جداً أن نجري مختلف الدراسات والأبحاث حول السعودة وأن تتوصل تلك الدراسات إلى توصيات فاعلة، إلا أن المشكلة التي نعانيها هي أننا عادة ما نكتفي بالتوصل إلى تلك التوصيات دون أن نتخذ قراراً فاعلاً لتنفيذ تلك التوصيات، وانطلاقاً من ذلك جاء توجيه سمو ولي العهد متضمناً بين طياته الكثير من الأمل في تحقيق السعودة الكاملة في نشاط الأجرة العامة والذي يعمل به أكثر من واحد وعشرين ألف سائق أجنبي.
2 - تقضي المادة «48» من اللائحة المنظمة لممارسة نشاط الأجرة العامة على أن: «تلتزم المنشأة بحصر التوظيف في أعمال النشاط على السعوديين» وفي حقيقة الأمر إن وزارة المواصلات حرصت على عد الإثقال على شركات الأجرة العامة حيث قصرت السعودة الكاملة في ذلك الوقت «1417هـ» على التراخيص الجديدة في حين ألزمت شركات الأجرة العامة القائمة بسعودة «5%» من أعداد السائقين بها كل عام، إلا أنه يتضح بأن تلك النسبة الضئيلة لم يتم الالتزام بها أيضاً من قبل عدد كبير من شركات الأجرة العامة ومن ثم فإن توجيه سمو ولي العهد بسعودة جميع وظائف سائقي الأجرة العامة قد جاء واضعاً حداً لتجاوز تلك الشركات غير الراغبة في توظيف أبناء الوطن في وظائف لا تتطلب سوى الحدود الدنيا من التأهيل.
3 - من الأهمية أن يتم البدء فوراً في تشكيل لجنة من كل من وزارات: الداخلية، والمواصلات، والعمل والشؤون الإجتماعية، لوضع الضوابط اللازمة حتى يتم تنفيذ توجيه سمو ولي العهد في الوقت المحدد لذلك وهو ستة أشهر مع تمنياتي بألاّ تتكرر تجربة سعودة محلات الذهب مرة أخرى.
إن من الأمور التي يجب أن تأخذ بها تلك اللجنة في الحسبان تنظيم العلاقة التعاقدية بين السائق السعودي وصاحب المنشأة، مع أهمية حفظ حقوق كلا الطرفين ووضع حد أدنى للمقابل المادي الذي يتقاضاه السائق السعودي.
4 - قد يتساءل البعض عما إذا كان الشباب السعودي سيقبل على العمل كسائقي سيارات أجرة، إجابتي عن ذلك أن هناك عشرات الألوف بل مئات الألوف من الشباب السعودي ممن لا يحمل شهادة عليا ويبحث عن فرص عمل شريفة، ويجب ألا ننسى أن هناك أكثر من واحد وعشرين ألف سائق أجنبي يعمل في شركات الأجرة العامة، كما يجب ألا ننسى بأن جميع سائقي الأجرة العامة في المملكة قبل عشرين عاماً كانوا جميعهم من السعوديين.
5 - أهمية البدء ومن الآن بإعداد الدورات القصيرة اللازمة التي يفترض أن يلتحق بها الشباب السعودي الراغب في العمل لدى شركات الأجرة العامة ويتطلب ذلك التنسيق بين كل من وزارة المواصلات ولجان النقل بالغرف التجارية والمؤسسات التعليمية التي يمكن أن تقدم مثل هذه الدورات.
هذه بعض الجوانب التي وددت تسليط بعض الضوء عليها حتى نتمكن من تفعيل توجيه سمو ولي العهد بسعودة كامل وظائف سائقي الأجرة العامة في الفترة المحددة التي تضمنها التوجيه الكريم.
|