* لونارد - لندن:
تعتبر فيلا الشلال التي بنيت بين الاعوام 1934- 37 ببنسلفانيا من قبل المعماري الشهير فرانك لويد رايت من اشهر الفلل التي بنيت عالميا في القرن العشرين،وعلى الرغم من الازمة الاقتصادية التي مرت بها الولاية في تلك الفترة والتي شكلت تحديا للمعماري فرانك لويد رايت والذي كان مهندسا انشائيا ايضا لم يكمن التحدي في ذلك فحسب، انما كانت معطيات الموقع الجغرافي تحديا كبيرا للمعماري ايضا، وهو ما ابرز قدراته وادى الى شهرة هذه الفيلا ومنها اشتقت اسمها واليكم القصة.
فيلا الشلال صممت وبنيت لاحد كبار التجار بالولايات المتحدة، والذي كان ابنه احد تلاميذ فرانك لويد رايت، وذلك كمنتجع لقضاء عطلة نهاية الاسبوع، وبالنظر الى معطيات الموقع والتي يوجد بها شلال مائي، فقد توقع المالك ان يحصل على تصميم معماري يتيح له الاطلالة على هذا الشلال، وللدهشة الشديدة، فقد حصل المالك بدلا من ذلك على فيلا مبنية فوق الشلال نفسه، وهذا القرارالتصميمي الجريء كان ينبع من ادراك المعماري فرانك لويد رايت لطبيعة المواقع الطبيعية بامريكا والعلاقة بين المبنى والطبيعة، حيث تجسدت الفكرة التصميمية بان المبنى يجب ألا يظهر كدخيل على الموقع الطبيعي انما يبرز كمكمل له ومتفاعل معه، بل وتظهر وكأنها نابعة من الموقع نفسه، وقد ادى بناء الفيلا الى شهرة المعماري رايت شهرة واسعة مما ادى الى حصوله على العديد من المشاريع الاخرى في تلك الفترة. وقد عارض المهندسون الانشائيون الفكرة في البداية حينما اخذ ابن المالك المخططات المعمارية لعرضها على فريق الانشائيين لبحث امكانية تنفيذ التصميم، ونصحوا بأن الفكرة مستحيلة التنفيذ، اذ كيف يمكن تنفيذ الفيلا بالاشكال الممتدة افقيا وذات الاحمال العالية فوق الارضية الصخرية التي ينساب حولها الشلال؟
وكان رد المعماري فرانك لويد رايت على آرائهم ومقترحاتهم التي ارسلوها من خلال مجموعة من الرسائل بأن وضعها في صندوق معدني واغلقه، وبعد بناء الفيلا فتح الصندوق ثم اخرج الرسائل وعلقها على احد الجدران في الفيلا المبنية التي اشار المهندسون الانشائيون الى استحالة بنائها.
اما تصميم البيت فقد كان عبارة عن مصاطب متدرجة تمتد على ثلاثة طوابق، وتشترك هذه المصاطب جميعها في وحدة مركزية وسطية تعمل على تركيز الاحمال فوق الارض الصخرية التي يقوم عليها المبنى، وهذه الفكرة رائعة من حيث ان هذا المركز الوسطي كان عبارة عن صالة ضخمة للمعيشة تفتح على منظر طبيعي غاية في الجمال، وفي نفس الوقت يمكن النزول منها بضعة درجات لاحد التراسات المحيطة التي تغمرها مياه الشلال.
اما جماليات الفراغات الداخلية فهي فوق الوصف اذ تظهر بها اللمسات الطبيعية بادخال الحجر الطبيعي وفي نفس الوقت التعامل مع المواد الحديثة والالوان الدافئة، كذلك الارضية الصلبة المبلطة التي تتطلبها فيلا من هذاالنوع والمقامة فوق موقع طبيعي متميز، وتجمع الفيلا بالتالي بين اناقة البيت الحديث وخشونة المأوى البدائي، اذ تذكر بعض اللمسات المعمارية التي تظهر بالصور المرفقة بالعفوية والخشونة التي تتواجد بالمساكن الطبيعية التي طورها الإنسان في تاريخه ولكنها مشذبة هندسيا في الوقت ذاته، وكون البيت منتجعاً لقضاء عطلة نهاية الاسبوع والهروب من نمط الحياة الروتينية، فقد نجح المعماري في تحقيق هذه الفكرة. اضافة الى نجاحه في اثبات الفكرة الانشائية وامكانية التعامل مع الموقع الطبيعي بنجاح وفاعلية مما يجعل هذا البيت واحدا من اشهر البيوت العالمية التي ابدعها معماري معاصر.
|