انطلقت بمشيئة الله وبرعاية سامية كريمة فعاليات الملتقى الأول للجمعيات الخيرية الذي تنظمه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
و يتضمن هذا الملتقى عدداً من الطروحات العلمية والأفكار والتصورات والمقترحات التي أرجو من الله تعالى أن تكون فاتحة خير على أعمال البر والخير والاحسان في هذا البلد الكريم.
لقد ازدادت اعداد الجمعيات الخيرية في العشرين سنة الماضية أكثر من ثلاثة أضعاف أعدادها في عام 1402هـ، حيث بلغ اجمالي الجمعيات الخيرية «241» جمعية منها «23» جمعية نسائية، وتتلقى هذه الجمعيات الاعانات والمساعدات والدعم المعنوي من الدولة وفقها الله ومن أهل الخير في هذا البلد المعطاء ومن خلال الاستثمارات والموارد الخاصة بها.
إن العمل الاجتماعي التطوعي يعدّ رديفا للجهود الرعائية التي تقدمها الدولة بمختلف المجالات الاجتماعية والتنموية ولاشك في ان جهود المواطن السعودي في أعمال البر والخير قد حققت ثمارها ولله الحمد من خلال ما يبذل من جهود ومساعدات مالية وعينية لجميع الفئات المحتاجة داخل المملكة وخارجها، الا ان باب الأعمال التطوعية واسع والحاجة الى التوسع فيه مطلب وطني وانساني، واذا ما عرفنا بأن الدين الاسلامي الحنيف يحثنا على مثل هذه الأعمال الطيبة من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة يقول تعالى: {لّن تّنّالٍوا البٌرَّ حّتَّى" تٍنفٌقٍوا مٌمَّا تٍحٌبٍَونّ } ويقول عليه السلام: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» ويقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه: «إن الله عز وجل خلق خلقاً من خلقه لخلقة فجعلهم للناس وجهاً وللمعروف أهلاً يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون يوم القيامة».
ومع ما تقدم فاننا نجد أن الاعمال التطوعية في الغرب أكثر تنظيما وفاعلية وديمومة من مجتمعاتنا العربية والمسلمة وقد ذكر الدكتور أحمد بن عبد الله العجلان في بحث له بعنوان: «العمل الاجتماعي التطوعي في المجتمع السعودي ودوره في التنمية» ان الولايات المتحدة الأمريكية انشأت ادارة للمتطوعين تعنى بكل ما يتعلق بالمتطوعين، وفي امريكا عام 1994م تطوع اكثر من 2 ،94 مليون شخص، وكان معدل ما تطوع به الفرد الواحد 2 ،4 ساعة اسبوعيا، ومجموع عدد الساعات التي قدمها المتطوعون 5 ،20 بليون ساعة، علاوة على ذلك كان معدل ساعات التطوع موازيا لعمل 9 ملايين موظف، وفي امريكا أيضاً بلغ مجموع ما تطوع به من وقت قيمة 176 بليون دولار امريكي «العلي: 1416هـ - 1996م».
أما في المملكة المتحدة على سبيل المثال في عام 2001م منظمتان اثنتان من المؤسسات التطوعية انفقتا 000 ،910 جنيه استرليني لصالح وخدمة الافراد الذين يعانون صعوبات في التعلم ولعائلاتهم ايضا، وبلغ عدد ساعات التطوع ما يقارب 16 مليون ساعة عمل تطوعي كل اسبوع، وفي عام 1986م بلغ عدد المتطوعين 18 مليون شخص. وفي دراسة ميدانية عام 1988م في بريطانيا أيضا اشارت إلى ان 27% من المبحوثين قالوا انهم يقومون بعمل تطوعي مرة كل شهر على اقل تقدير. وفي عام 1986م بلغ التبرع بالمال من قبل واحدة من المؤسسات المالية في بريطانيا 3 ملايين جنيه استرليني، ايضا شركة BP بلغ انفاقها في سبيل العمل الاجتماعي التطوعي 5 ،2 مليون جنيه استرليني ويوجد عند VSO وهي مؤسسة تطوعية في المملكة المتحدة 2000 متطوع مستعدون للعمل التطوعي في أي وقت وفي اي مكان حول العالم «Stark:2001».
ان هذه البيانات والمعلومات حول واقع العمل التطوعي في امريكا والدول الغربية تشعرنا نحن المسلمين بتقصيرنا في هذا الجانب الانساني واتوقع اذا ما اتيح لاهل الخير في بلادنا وكذلك للقائمين على التربية والتعليم في مدارسنا وجامعاتنا معرفة مثل هذه الحقائق فانهم يستطيعون بعون الله ان يغرسوا في نفوس الناشئة من الابناء والبنات حب الخير والولوج الى مجالاته المختلفة مثل: رعاية الايتام والمعوقين والمسنين وفي مجالات التنمية والخدمة الاجتماعية والدفاع المدني والمشاركة في المحاضرات والندوات التثقيفية والتوعوية التي لها صلة بالمساعدات الانسانية والخدمات البيئية ونسأل الله تعالى ان يدلنا دائما على الخير والسداد.
|