لا يستطيع أن ينكر المستعمر الغربي أن جيوش جمعيات التبشير بالمسيحية غزت البلاد الإسلامية تحت مظلة جيش المستعمر المحتل، وأن هذه الجمعيات قد بذلت كل ما أمكنها من جهد ومال في سبيل تنصير فقراء المسلمين، وأنها انشأت المدارس على أحسن مستوى من المباني والخدمات وبنت المستشفيات على أرقى ما يكون، وأن هؤلاء الفقراء انصرفوا بأبنائهم إلى مدارس في أكواخ وتركوا العلاج في مستشفيات التبشير، ولذا نجح الجيش المستعمر في قهر الناس ولكن أخفق في إخراجهم من دينهم ولذا أيضاً خرج الجيش العسكري والتبشيري وكل واحد منهما يجر أثواب الخذلان، حتى أولئك العرب الذين جذبهم بريق المستعمر فأدخلوا أولادهم إلى مدارس المستعمر وجامعاته من أجل أن يصلوا إلى المناصب لم يتنصر واحد من أبنائهم.
معروف أن جمعيات التبشير المسيحي تبحث عن سبب غير ديني من أجل وجودها في البلاد الإسلامية كتقديم خدمات إنسانية أو علاجية لتستظل بها، وكثيراً ما طالب الغربيون بالحرية من أجل أن تفتح لهم المجتمعات ليبشروا بالمسيحية، ومتى وجدوا أن المجتمع يلفظهم سرعان ما ينسلخون من المبادئ التي يدغدغون بها عواطف الناس أو بطونهم أو صحتهم.
أما المسلمون فهم يعلنون في غير خفاء أن دينهم دين دعوة وأنه يأمرهم ألا يكرهوا أحداً على الدخول فيه، وهم صرحاء يدعون في وضح النهار لا تحت ظلال المرض أو الحاجة للمدعو، وهم في تقديم الخدمة الإنسانية لا فرق عندهم بين مسلم وغير مسلم لأنهم طلاب ثواب من عندالله، فإذا أغاثوا إنساناً أو حيواناً فهم قد فازوا بالأجر، ففي كل كبد رطبة أجر، وفي إغاثة كل ملهوف أجر، ولو كان كلباً مع أنهم يغسلون الإناء الذي ولغ فيه كلب سبع مرات.
هذه الحملة ضد الجمعيات الإسلامية لا يقصد بها الجمعيات لذاتها، فهذه الجمعيات تقوم بأعمال خيرية في وضح النهار، ومن يقدمون المال يقدمونه علناً، ومن يخدمون الناس يخدمونهم علناً، ولا يشترطون لإغاثة محتاج أن يتخلى عن دينه، وإنما المقصود هو النيل من الإسلام، لخلق عدو وهمي يحل محل الاتحاد السوفيتي، ولو كان المقصود سوى ذلك لكفى الاطلاع على أعمال الجمعيات الخيرية.
ولماذا لا تكون الحملة على الجمعيات اليهودية التي تقتل البشر وتحرق الشجر في فلسطين، وتفتعل الأزمات في كل مكان من أجل صرف النظر عما تفعله في فلسطين؟ ولو جمعت أموال الجمعيات غير اليهودية لما عادلت جمعية واحدة يهودية، مع أن الجمعيات الخيرية الإسلامية تخدم كل البشر وجمعيات اليهود لا تخدم غير اليهود.ليعلم من يحاربون الجمعيات الخيرية الإسلامية أنهم لن يوقفوا عمل الخير لأن الصدقة جزء من عمل المسلم، منها الفرض ومنها السنَّة، والمسلم يُؤْثر على نفسه ولو كان به خصاصة، ولا يبيت شبعان وجاره جائع، ويؤثم لو أجاع هرة، فكيف يطلب منه أن يمتنع عن أعمال الخير وهي تَنْسَأ في الأجل وتكفر الذنب؟
الجمعيات الخيرية تختلف عن الجمعيات التبشيرية التي لا تعمل من أجل الإنسان فهل يعي ذلك من جردوا إعلامهم وسلاحهم على المسلمين وجمعياتهم الخيرية؟! ولماذا لا تعامل جمعيات التبشير كما تعامل الجمعيات الخيرية الإسلامية؟
* للتواصل: ص. ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|