أشرف هو أحد المعلمين العرب في إحدى مدارسنا. الأستاذ أشرف كان له في أحد الأيام القليلة الماضية قصة مع ابني عمر الذي أنهى الصف الأول الابتدائي بتفوق كما تقول بذلك وثائق مدرسته.
بدأت القصة عندما عاد عمر ذات يوم من مدرسته وعلامات الابتهاج تكسو قسمات وجهه. اتجه عمر مسرعاً نحو والدته ووالده ليزف إليهما خبر اختياره من قِبل المدرسة ليلقي نشيداً في الإذاعة المدرسية. ولم يكتف بذلك، بل طيَّر الخبر هاتفياً إلى أعمامه وأخواله.كان أمامنا أسبوعٌ على الحدث المنتظر. بدأ عمر التدريب على تأدية النشيد بمساعدة مستمرة من والدته وبتدخل مني أحياناً. طوال فترة التدريب أبدى عمر حرصاً شديداً على حفظ النشيد، لقد كنت أحياناً أسمع صوته الصغير يجلجل في الغرفة المجاورة وهو يؤدي تدريبه اليومي على حفظ النشيد.وذات يوم تبدلت الأمور على عمر، فقد عاد إلينا عمر من مدرسته وهو متثاقل الخطى شاحب الوجه تبدو عليه علامات التوتر والإحباط. لقد نقل له الأستاذ أشرف في ذلك اليوم خبر عدول المدرسة عن قرارها اختياره لتأدية النشيد، وليت الأمر انتهى عند هذا الحد، بل لقد قال له الأستاذ أشرف ما معناه: أخشى أن «تفشِّلنا» يا عمر «حسب فهم عمر وتعبيره». حاولت أنا ووالدته أن نهوِّن عليه صعوبة الموقف، حاولنا أن نصحح خطأ الأستاذ أشرف تجاه عمر بالرفع من معنوياته وتذكيره بإنجازاته المتميزة السابقة وأن الدور سيأتي إليه قريباً ليُلقي النشيد.
أخي الأستاذ/ أشرف.. لنفترض جدلاً أن عمر لم يكن مستعداً لإلقاء النشيد، أعطوه الفرصة ليلقي ويخطئ، إنك لن تجد منطقاً يقبل بحجب الفرصة عن طالب بحجة أنه قد يخطىء أو لا يؤديها كما نريد بالضبط. أعطوا الطلاب الفرصة ليخطئوا، لا تثبطوهم، لا تكبلوهم، أعطوهم هامشاً كافياً للتجريب والخطأ. إن مثل هذا التصرف مع عمر أو غيره قد يحد مستقبلاً من قدرته على التعبير عن ذاته ومن قدرته على التواصل مع الغير. أخي أشرف.. قد يقول المعلم بحق الطفل كلمة لا يُلقي لها بالاً فتحدث في أعماقه جرحاً غائراً يبقى مفتوحاً بقية حياته.
(*) كلية المعلمين بالرياض
|