الأطفال وكذلك المراهقون غداً لهم شأن في هذا المجتمع الغالي، فهم عماده ومستقبله.
من هنا يجب الاهتمام كل الاهتمام بتربية اطفالنا تربية سليمة بعيدا عن العنف بأنواعه سواء أكان بالضرب او العض او الرفس او الشتم وغيره.
وهنا تبرز جوانب ثقافية تجعل تعريف العنف ضد الأطفال متنوعا ومتعددا حسب ظروف المجتمع من فقر او غنى وعادات وتراث وكذلك حسب المسموح به والممنوع من ممارسات التربية.
وفي تعريف العنف يجب ان نلاحظ ان التعمد ليس شرطا فيه اذ ان العنف غير المقصود يؤدي الى نفس النتيجة ونلاحظ ان السماح بالعنف هو العنف بحد ذاته اذ من وظائف الاسرة حماية الأطفال من ايذاء الغير فالسماح به هو ايذاء ايضا.
وهنا أتوقف لمحاولة تعريف العنف ضد الاطفال فأقول إنه عمل من اعمال العنف، فيه اذى بدني او نفسي او جنسي او معاناة بما في ذلك التهديد بالقيام بأعمال من هذا القبيل او الاكراه او الحرمان التعسفي من الحرية.
وشريعتنا السمحة تحثنا على الحرص على حسن معاملة افراد الاسرة فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي» صدق الرسول الكريم.
وقد يمارس الشخص العنف مع الاطفال بدون قصد بل يكون على اعتقاد بأن ذلك العنف يكون ضروريا لتربية ذلك الطفل.
ولا يوجد في المملكة احصائيات حول هذا الموضوع على حد علمي ولكن من الواضح ان هذه الظاهرة موجودة لاسباب متعددة قد يكون منها ان العنف من شخص مسؤول عن العناية بالطفل مثل الوالدين، المربية أو الاخوة الكبار والاقارب والجيران والمدرسين والعاملين في الحضانة ونحوها.
ومن الامثلة اورد التالي:
طفل توفيت امه وعاش في كنف زوجة أبيه فآذته بالضرب والاهانات المتكررة حتى حطمت شخصيته، وطفل دائما تحطمه امه بقولها «غبي.. مسكين» او والده بقوله «انت ما تفهم» وهذا يحدث بصفة مستمرة وذلك بقصد زرع الحرص والثقة بذلك الطفل دون معرفة ان ذلك سيكون وبالاً عليه.. وهناك فتاة توقفت عن الذهاب للمدرسة بسبب شدة ايذاء بعض المدرسات معنويا لها وذلك لانها من ذوي الاحتياجات الخاصة دون علم من المعلمة باحتياجات تلك الفتاة هذه من الحوادث في المجتمع السعودي، وهناك حوادث في المجتمع العربي نشاهدها في كل ساعة اخبار وهي العنف على الاطفال الفلسطينيين من قِبل العدو الصهيوني فنحن نشاهد الطفل يقضي اوقاته بين الدبابات والطلقات النارية والضرب والرفس وجميع انواع العنف.. فماذا بقي من العنف لكي يتجرعه هؤلاء الاطفال العزل؟
هذا في المجتمع العربي ولكن تظل المقارنة بين واقعنا وواقع المجتمع الغربي صعبة اذ في ذلك المجتمع الظروف مختلفة والطباع مختلفة.
اما الاحصائيات في المجتمع الامريكي فتوجد هناك احصائيات ودراسات منها:
ان بين 19 و36 طفلاً من عمر 3 - 17 سنة من كل الف طفل يتعرضون لنوع من العنف وسبب تفاوت الرقم هو الاختلاف في تعريف العنف وطريقة الابحاث وحالات الاهمال تتجاوز 60% من هذا الرقم.
أسباب العنف ضد الأطفال:
الأطفال الرضع يؤذون اكثر من قبل الامهات ونسبة وفياتهم عالية وهكذا يكثر في العائلات الفقيرة.
المراهقون كذلك هم من الفئات الاكثر تعرضا للايذاء من قبل الآباء.
ومن هنا يمكن القول إن اسباب العنف كثيرة ومن الصعب تحديدها ولكن هناك عوامل مرتبطة بالطفل فالطفل صعب المزاج وبالتالي يصعب على الوالدين التأقلم معه والتفاهم معه ومن ثم يصبح عرضة اكثر للايذاء.
وهناك اخرى متعلقة بالوالدين وتشمل وجود صعوبات نفسية مثل شدة الغضب عند الاب او الام وكذلك معاناة الوالدين من امراض نفسية مثل الكآبة واضطرابات الشخصية والادمان والتدخين، فكل هذه المتغيرات تجعل الصحة النفسية للوالدين ليست في حالتها المثلى ومن ثم يقعان في ايذاء الطفل من حيث لا يشعران والادمان من الاسباب الرئيسية في هذا الشأن، فالمدمن عند التعاطي يفقد قدرته على السيطرة على نفسه ويكون حكمه على الامور غير دقيق وغير صحيح وبالتالي فقد يرتكب اخطاء ومنها الايذاء بالكلام وكذلك الضرب لجميع افراد اسرته بما فيهم الام والابناء.
وثالثة متعلقة بالوضع الاجتماعي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
* ازدياد الضغط النفسي مما يجعل الفرد غير قادر على التأقلم مع حاجات الاطفال المستمرة والمتزايدة، الفقر كذلك من الاسباب التي تؤدي الى العنف، العائلة ذات العائل الواحد او احادية الوالد اي الاولاد الذين يعيشون مع امهم فقط او مع ابيهم فقط فكثيرا ما يلجأ هذا الاب او الام الى الايذاء بسبب عدم وجود الدعم وشدة الضغط النفسي وكذلك يزداد الاهمال لنفس الاسباب.
ورابعة متعلقة بالسياسات الدولية كما في أطفال الحجارة.
نتائج العنف ضد الأطفال:
وجد الباحثون والراصدون ان هؤلاء الاطفال يصاب بعضهم باضطرابات نفسية حادة ومزمنة شديدة او بسيطة بحسب العنف وشدته.
* القلق والاكتئاب: حيث وجد في الدراسات الاحصائية ان الاكتئاب المرضي موجود عند 18% من الاطفال الذين تعرضوا للعنف او حتى شاهدوا العنف في البيئة المحيطة.
* المخاوف وقلق الانفصال التي هي جزء من القلق لكنها توجد عند من عانوا من العنف.
* الشعور العام بعدم الامن.
* اضطرابات السلوك: حيث يكثر نسبة من تعرضوا للعنف بين نزلاء دور الاحداث من المراهقين بل حتى اخوان من تعرضوا للعنف، حيث ان هؤلاء الاطفال والمراهقين يشعرون بعدم الامن فينفعلون بالعنف قبل ان يؤذيهم الآخرون.
وأخرى بالاضافة الى شعورهم بأن العنف امر طبيعي من كثرة ما تعرضوا له في بيئتهم المنزلية.
خالد بن عبدالله الشهراني رئيس قسم الخدمة النفسية لأقسام الإدمان |