Tuesday 15th October,200210974العددالثلاثاء 9 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (39 /48) خالد الفيصل: كيف؟ (39 /48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

عداوات المفكرين في تحاسدهم فيما بينهم
من الدكاترة الكبار الذين حاضروا في «منتدى خالد» الدكتور فوزي البشبيشي، له كتابات ذات معجم لغوي وبلاغي خاص، وبين يديه في مكة تلاميذ نجباء وصداقات واسعة، وهو من تلاميذ الدكتور طه حسين وأثره فيه واضح.
كان وصوله من مكة إلى الرياض من أجل مشكلة حصلت بينه وبين زميله الدكتور محمود الصواف، فصار مجيئه مناسبة للمشاركة في محاضرة يحضرها من لم يحظ بلقائه قبل، وبالفعل، كانت تحت عنوان «الحب العذري عند العرب» وحضرها الدكتور عبدالرحمن الأنصاري والدكتور أحمد الضبيب، تميزت أفكاره بالغرائب التي نجدها عند طه حسين، ولكنها لم تك متماسكة ولو في الظاهر.
كنت في مدة مراجعاته في الرياض أطوف به على أصدقائه الكبار مثل وزير المعارف الشيخ حسن آل الشيخ وغيره من الكبار أو الذين هم مهتمون بأمر المشكلة الحاصلة بين الطرفين.
الدكتور البشبيشي رغم أدبه وعلمه الواسع مصري متعصب لعروبته ولكنه ليس قومياً بالمعنى السياسي، وخصمه الدكتور الصواف عراقي من أصل كردي ومنافح عن جوزة الإسلام في عدد غير قليل من المؤتمرات الدولية، وهو عضو فاعل ومؤثر في دائرة «مكافحة الشيوعية» وقد أوغر صدره الدكتور البشبيشي حيث يفخر بأنه من تميم، وأن خطأ العربي صواب في النحو واللغة والبلاغة، أما غير العربي فصوابه من التلقين ولا يصلح حجة إلا للاستئناس، وكلاهما في مكانة مرموقة في كلية الشريعة بمكة، وفي عمر متقارب، ولم يستطع أحد من أركان البلد، من الجامعة ومن خارجها أن يقلل من شراسة الخصومة بينهما حتى وصل الأمر إلى المقام السامي، وعلى حين مالم نتوقعه انتصر الدكتور الصواف وكان من الحكمة أن ينهى عقد الدكتور البشبيشي ويعود إلى بلده.
طبيعي أن الحكاية إلى هذا الحد وليس فيها غريب، فالحسد بين العلماء المتعاصرين معروف ولا علاج له إلا بهلاك أحدهما قبل الآخر، والشرر المتطاير من نيران العداوة لا يقتصر على الواحد دون الآخر بل يطال جميع أو معظم من لهم صلة قريبة أو بعيدة بأحد الطرفين، وبالرغم من كون الدكتور المهزوم قد عاد إلى بلده إلا أن بعض أعضاء المنتدى قد تضرر من حيث لا يعلم المتضرر كيف علقت به النار.
يعلم الله أني لا أعرف الدكتور الصواف إلا من الإعلام، ولا أعرف البشبيشي إلا من المنتدى، وعلاقتي به انقطعت بعد رحيله ولم تكن أصلاً تزيد عن علاقة المجاملة العابرة لضيف عزيز عابر.
كيف تدير المؤسسة الناجحة أصحاب المزاج المعقد؟
المؤسسات الناجحة تستبعد أهل الأمزجة المعقدة تماماً، وإذا كانت الظروف تستدعي بقاء أحدهم فهناك وسائل معروفة لتفادي الاحتكاك به، أما إذا كانت المؤسسة تعج بغير واحد وهم خبراء أكفاء فإنهم يتصالحون بقانون الأفاعي المتحاربة إذا داهمها الشتاء القارس، يجتمع الخصوم في أي جحر ويتصالحون إلى وقت الخريف ثم يتقاتلون.
من سوء حظي أنني من المحسودين ولحسن حظي أنني قادر على التعايش مع أهل الحسد على نوع ما من الرضا والقبول.
ولقد عاصرت أناساً متحاسدين على شتى المستويات في أمكنة شتى، وفي أزمنة مختلفة، غير أني شديد الإعجاب بأسلوب الأمير في معالجته لبوادر التحاسد بين موظفيه، إنه شديد الذكاء، شديد الشفافية والرهافة ولا يدع لحظة واحدة تمر ويشعر أنها ستوقد شرارة بين طرفين إلا ويكون قد سحقها في مكانها بأسرع من طرفة عين.
ألا ما أكثر ما أسمع من الحاسدين في رحاب الجامعات ولكني لم أسمع بشيء أمر وأنكى من الحاسد الناعم المقنَّع الذي له في اليوم والليلة ألف وجه مستعار، ليس أشد في العداوة من الحاسد الذي يحسد الآخر وهو لا يدري على أي شيء هاج حسده، والمحسود في جحيم من الشيء الذي يحسده عليه من هو في غنى عنه ولا يبتغيه ولا يرتضيه لنفسه.
يحرسك الله يا أمير العروبة!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved