* الرياض - محمد العيدروس:
أصبحت المخدرات خطراً يهدد أغلب دول العالم في وقتنا الراهن لما تلحقه من اضرار بالغة بصحة أجسام وعقول مواطني هذه الدول الأمر الذي يهدد أمنها وسلامتها، فضلاً عن منجزاتها الاجتماعية والصحية والاقتصادية.
وبفضل من الله لم تصل اساءة استعمال المخدرات في المملكة الى الدرجة التي تصبح فيها مشكلة يعاني منها المجتمع كما هو الحال في كثير من دول العالم وتلك حقيقة لا تأتي من فراغ، ذلك ان تمسك المملكة العربية السعودية بتطبيق الشريعة الإسلامية واتخاذ أحكامها الغراء دستوراً ينظم كافة جوانب الحياة يمثل حائط صد أول ضد هذه الهجمة الشرسة والآفة البغيضة التي تقتحم معظم دول العالم الآن.
وتشير احصائيات القضايا والمواد المخدرة المضبوطة الى تدني المضبوط من المواد المخدرة والمتهمين فيها خلال السنوات الاخيرة رغم عالمية المشكلة وتدفق العمالة الوافدة وقوة الاقتصاد الوطني، ومما يسهم في ذلك تطبيق احكام الشريعة الإسلامية وجدية الدولة - أيدها الله- في التصدي لمحاولات تهريب وترويج المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، ومن ذلك تطبيق حكم القتل بحق مهربي المخدرات ومستقبليها وكذلك مروجوها الذين يتكرر منهم ذلك، ومن المعروف ان المملكة لم تعرف على امتداد تاريخها كله زراعة او انتاج او تصنيع أي من المواد المخدرة.
وبالنسبة للمؤثرات العقلية لم يثبت قط ضبط او وجود أي من المعامل غير المشروعة التي تقوم بإنتاج تلك العقاقير المؤثرة في العقل.. وقد أدى ذلك الى تأخر وتدني ظهور اعراض اساءة استعمال المواد المخدرة داخل المملكة وبالتالي تأخر الحاجة الى إنشاء إدارة شرطية معنية لمكافحة المخدرات، فحيث تنعدم الضرورة تتلاشى حدة الحاجة الى المواجهة، ومن ثم كان اول تشكيل لجهاز مكافحة المخدرات في المملكة عبارة عن هيئة قسم في إدارة المباحث العامة يضم فقط اثنين من الضباط وذلك عام «1380هـ - 1960م».
وفي عام «1391 - 1971م» تحول القسم الى شعبة تابعة لمديرية الأمن العام بوزارة الداخلية، وفي عام «1398 - 1978م» انفصلت إدارة مكافحة المخدرات عن الأمن العام وارتبطت مباشرة بوزارة الداخلية، وفي عام «1401 - 1981م» أصبحت إدارة مكافحة المخدرات مرتبطة بمدير عام الأمن العام مباشرة.. ونظراً لاتساع رقعة البلاد تطورت الإدارة الى «إدارة عامة» وأصبح يتبعها في الوقت الحاضر «94» إدارة فرعية وشعبة وقسم ووحدة تغطي كافة مدن ومطارات وموانئ ومنافذ البلاد بخلاف مكاتب الاتصال في الخارج.
وقد جهزت هذه الإدارات الفرعية بأحدث الأجهزة المستخدمة في عمليات الكشف عن المخدرات وتبادل المعلومات والمطاردة والمداهمة والقبض، الى الكشف عن المخدرات وتبادل التدريب العملي والعلمي لمنسوبي الإدارة داخل البلاد ومشاركتهم في المؤتمرات والندوات والحلقات النقاشية والبرامج التدريبية التي تقام خارج المملكة.
وتقوم استراتيجية مكافحة المخدرات في المملكة على اربعة محاور تتمثل في التوعية الوقائية والمكافحة المحلية وعلاج مدمني المخدرات والتعاون الدولي.
التوعية الوقائية:
تباشر الإدارة العامة لمكافحة المخدرات حملات توعوية مكثفة تستهدف المواطنين والمقيمين خصوصاً الشباب منهم بأضرار المخدرات وما تسببه من تدمير لجسم وعقل الإنسان وما يترتب على ذلك من أضرار شخصية واجتماعية واقتصادية، ويتم تنفيذ تلك الحملات من خلال الفعاليات التالية:
- إلقاء المحاضرات وعقد الندوات في الجامعات والمدارس، وطباعة النشرات والمطويات وتوزيعها على الشباب في المناسبات الرياضية والثقافية.
- طبع الكتب والكتيبات والنشرات والمطويات والملصقات وتوزيعها على الشباب في المناسبات الرياضية والثقافية وغيرها.
- إقامة المسابقات الثقافية - بالتنسيق مع الجامعات - حول الأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لتعاطي المخدرات واساءة استعمال العقاقير ورصد مكافآت مالية جيدة للفائزين فيها.
- إنتاج برامج إذاعية وتلفازية تتناول الأضرار الصحية والاجتماعية لتعاطي المخدرات.
- التعاون والتنسيق في إنفاذ كافة البرامج التوعوية مع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات برئاسة صاحب السمو الملكي الرئيس العام لرعاية الشباب.
- حث الأشخاص الذين يتورطون في اساءة استعمال المخدرات على التوجه الى احد مستشفيات الأمل لتلقي العلاج اللازم من الإدمان.
ومما يؤكد نجاح خطط التوعية ظهور الدافع الذاتي للمدمنين على الحضور طواعية لمستشفيات الأمل طالباً العلاج وحرصهم على المتابعة بعد العلاج بالالتحاق بالبرامج التأهيلية التي تنفذها وتشرف عليها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات..
بل ان الأمر تعدى ذلك الى قيام بعض المعالجين بتقديم خبراتهم واستشاراتهم للمرضى للإقلاع عن الإدمان وكان من الطبيعي أمام تلك النتائج والجهود ان يقلل حجم المعروض من المواد المخدرة ويرتفع سعرها بصورة كبيرة.
مكافحة المخدرات محلياً:
تتبنى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات خطة مدروسة لإحباط محاولات تهريب المخدرات الى المملكة من الخارج والداخل وترويجها داخل البلاد، ومن التحركات التي اثبتت فعاليتها اعتبار مكافحة المخدرات واجباً وطنياً يستلزم تعاون المواطنين مع كافة الاجهزة المعنية في القضاء على تلك الآفة وواجبنا انسانياً يستنهض الهمم لإقامة تعاون دولي في مجال مكافحة المخدرات، وفي هذا الصدد هناك تعاون مثمر بناء بين الإدارة العامة لمكافحة المخدرات واجهزة الجمارك وحرس الحدود والجوازات والدوريات الأمنية والمرور وأمن الطرق والدفاع المدني ووزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني ورئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة..
أما في مجال تدريب ضباط وموظفي وأفراد الإدارة العامة وفروعها، فهناك برامج تدريبية وميدانية ونظرية تقام بصفة مستمرة سواء داخل البلاد او خارجها.. مما أدى الى رفع مستوى الأداء في عمليات مكافحة المخدرات..
وفي مجال جميع المعلومات والبحث والتحري، تهتم الإدارة العامة ورداراتها الفرعية بتجنيد المتعاونين الذين يقومون بدور فعّال في الإطاحة بمروجي المخدرات ومستقبليها داخل المملكة.
وفي مجال استخدام الأجهزة التقنية الحديثة في عمليات المراقبة والتحري والمداهمة والضبط.. فإن جميع الإدارات والأقسام التابعة للإدارة العامة مزودة بأحدث أجهزة المراقبة والتصوير، الى جانب إقامة متحف في مقر الإدارة العامة بالرياض للمواد المخدرة وطرق تهريبها.. كما يستخدم الحاسب الآلي في عمليات جمع المعلومات وتخزين بيانات ملفات المخدرات وحصر أعداد قضايا المخدرات والمواد المضبوطة والأشخاص الذين يتم القبض عليهم في تلك القضايا.
إلا ان الخطوة الحاسمة التي كان لها الأثر الكبير في تجنيب البلاد والشباب ويلات المخدرات تتمثل في موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود على فتوى هيئة كبار العلماء والتي تقضي بإنزال عقوبة القتل بحق مهرب المخدرات ومستقبلها وكذا مروجها الذي يتكرر منه ذلك، وقد تم بالفعل تنفيذ هذه العقوبة الرادعة في عدد من مهربي ومستقبلي المخدرات مما كان له أكبر الأثر في انخفاض محاولات التهريب في المملكة وتقليص كميات المواد المخدرة التي تهرب اليها.
علاج مدمني المخدرات:
ثمة قناعة تكاد تكون عامة بأن المدمن على المخدرات إنسان مريض يحتاج الى العلاج قبل العقاب.. وفي هذا الإطار فقد صدر الأمر السامي الكريم برقم 2018 وتاريخ 19/1/1403هـ، بإنشاء مستشفيات متخصصة في علاج الإدمان تحمل كل منها مسمى «مستشفى الأمل»، وبناء عليه انشأت الأمل في كل من : الرياض، الدمام، جدة، على ان يتم العلاج بها مجاناً، وهي موحدة من حيث المساحة المقامة عليها.
|