هل سمعتم بهذا الاسم؟
وهل عند أي منكم تصور عن هذه التسمية أو المسمى؟
وهل يوجد هذا فعلاً؟
ألقاب الموظفين تتعدد بتعدد صفاتهم العملية، فهناك الموظف المثالي، وهناك القدير، وهناك الكفء، وهناك الجيد، وهناك الضعيف، وهناك المتلاعب.. إلى غير ذلك من الأوصاف، فمن يكون الموظف الاستعراضي؟
وما صفاته؟
إن تحديد هذا النوع من الموظفين لا يخضع لمعايير ثابتة، فكما يحمله من لديه الحد الأدنى من الخبرة العلمية أوالعملية، فقد يتصف به من يحمل أعلى الشهادات، وقد تكون هذه الشهادة في الدكتوراه ومتخصصة!!
الموظف الاستعراضي هو ذاك الشخص «الساخر» فاقد الثقة بالطبيعة البشرية ودوافعها، يشك بكل من حوله، ويتشاءم من كل موقف.
الموظف الاستعراضي هو الذي يتحدى أي شيء عزيز على الآخرين، حتى لو كانوا زملاءه أو اصدقاءه!!
الموظف الاستعراضي هو الذي يجيد فن «التنظير» فقط، وانتقاد الآخرين من خلال الادعاء بأنه الوحيد الذي يعرف.
الموظف الاستعراضي لا يمكن أن تكون أفعاله صادقة وفعالة، فهو يشك في كل شيء، وإذا كان من المفيد أن يبحث الانسان عن حقائق الأشياء، لأن البسطاء والسذج هم من يصدقون كل ما يسمعون، فإن الموظف الاستعراضي ينظر لكل الأشياء بعين الشك، فبماذا يؤمن إذن؟ وأي الأشياء يصدق؟
إن من نراهم من الموظفين الاستعراضيين، الذين يجيدون فن التمثيل، والقفز على الحقائق، قد تبدو عليهم امارات البراعة والذكاء، فعندما تلتقي بهم أول مرة في لقاء جماعي يحتاج إلى اتخاذ موقف، وربما يكون هذا الاجتماع لأمور مهمة، يحتاج فيه الموظف إلى نوع من القدرة على التفكير وطرح الآراء، تجد هؤلاء الاستعراضيين يبدون سخريتهم من توجهات المجموعة، وربما لا يتورع أحدهم بالقول: إن هذا الاجتماع ساذج أو لا قيمة له!!
إنهم يتكلفون الابتسامة حين يرون الآخرين يجتهدون في عملهم! أما حين يرون زملاءهم يحققون نجاحاً للجهاز أو لأنفسهم، فإنك ستسمع منهم أن هؤلاء لم يفعلوا شيئاً! أو أن عملهم هذا لا قيمة له، والغريب في ذلك أنهم هم الذين لم يعملوا شيئاً، وتبقى مواقفهم مقتصرة على التنظير والنقد فقط!
إن من ينظر إلى ما يقوله الاستعراضيون سيفقد حماسه في العمل، وقدرته على الاستفادة من الوقت، وربما يفقد الثقة في نفسه، ويشك في اخلاصه.
يعتقد البعض أن العمل مع مثل هذا النوع من الموظفين سيفقد الحافز تماماً، مما يجعل الآخرين، غير قادرين على تحقيق أي تقدم، لأن وجود مثل هذا النوع في مقر العمل سيطغى تدريجياً على الحماس والثقة والحقيقة تبدو غير ذلك.
إنه من السهل أن تصبح استعراضياً في العمل، ومن السهل أيضاً أن تنتقد الآخرين، وتنقد عملهم، وتتلمس نقاط الضعف في أدائهم، لكن من الصعب أن تعمل مثلهم، لأن النقد والاستعراض مجرد كلام، لا يحتاج إلا إلى لسان «سليط»، وشخصية غير قادرة على ضبط تصرفاتها، بينما العمل يحتاج إلى قدرة واثبات وجود، وهذا يصعب على كل انسان.
أخي الموظف: عليك أن تتحكم في مواقفك، وألا تدع الموظف الاستعراضي يؤثر عليك، أو يحد من تقدمك، أو يقلل من روحك المعنوية، وأعلم أن حمايتك لنفسك تبدأ من عدم الالتفات إلى هذا النوع، حتى وإن بدا لك أنهم يحملون مؤهلات عالية، أو يشغلون وظائف عليا، أو لهم علاقات متميزة مع بعض النخب، فالشخصية الاستعراضية ثابتة لا يغيرها شيء، لأنها مرتبطة بالقيمة الأخلاقية التي تأخذ وقتاً طويلاً من البناء، وترتبط بالطبع الخاص بالإنسان، وعادة لا يكشفها إلا العمل، ولهذا يبقى توازن الموظف الاستعراضي مرهوناً باستمرار استعراضه، ومتى فقد ذلك انكشف حاله.
ثم يجب أن تدرك - أخي الموظف - أنه لا سبيل لك مع الناس إلا المحبة لهم، فانظر إلى فضائلهم بالمدح، وإلى تقصيرهم بالاشفاق والرفق، وإلى اذاهم بالصفح، واجعل حياتك صادقة مستقيمة واياك والعجب والحقد، فمن جعل التواضع شأنه صار له الناس خلاناً.
أما الموظف الاستعراضي فأقول له: إن اسلوبك عقيم، ومكشوف ولا يعني عدم رد الآخرين عليك انهم عاجزون، وانما ذلك لاحترامهم أنفسهم ولمن حولهم، لأنهم يدركون حقائق الأشياء.
ثم اعلم أخي الموظف «الاستعراضي» أن العلم والشهادات ليست سريراً تستلقي عليه فقط، أو مكاناً تتبختر فيه، أو برجاً تنظر منه إلى الآخرين بعين الازدراء، وانما هو كنز يؤدي إلى الشرف والكرامة واحترام الغير، فالتهذيب أجمل شيء في الانسان.
والله المستعان.
(*) هيئة التحقيق والادعاء العام |