أجل، جل رزءاً واستلج مصاباً
وجاس نفوساً في أساه وجابا
وجاء صريح النعي شكاً لهول ما
فجعنا به فيما ألم ونابا
بقينا به صدقاً تحيل ثبوته
ظنون المنى رغم اليقين كذاباً
أتانا على حال من الهم لم نزل
نعيش بها فقد العزيز عذابا
فأضنى وأدمى، بل وأنهك أنفساً
وجدد جرحاً غائراً وأصابا
فبالأمس، فهد حيث نودعه الثرى
وأحمد ثنّى في المصاب وآبا
أجل إنه الرزء الذي جل وصفه
فجل أبا فهد أسى وثوابا
بعام رزئت الأكرمين كليهما
وقد كملا مجداً سما وشبابا
وما كنتما يا بنيّ سلمان بيننا
سوى صيّب أسقى البيان رضابا
ففهد إذا ما قيل ما المجد؟ إنه
أخو المجد سباقاً إليه ركابا
وأحمد، كم قالوا، وذو القول عاجز
وقد أخصبت منه الحياة رحابا
هما تاج ريعان الشباب وحسنه
بفقدهما عاد الشباب يبابا
بحق لفقد الأكرمين مصيبة
أمرّت زلال الماء بالفم صابا
فيالك من يوم من الحزن كاظم
أحال شجاً ماء الوجوه خضابا
رزئنا، أبانا، لا رزيئة مثلها
ولو أنها بالطود ضج وذابا
ورغم الذي لا يستطاع تحملاً
فما طاش من وقع المصاب صوابا
بدا حيثما قد كان سلمان ثابتا
أبياً حمياً في الرجال مهابا
وما ضعضعت منه الحوادث جانباً
ولا قال، آهاً، للمصاب وهابا
يحادثنا وجهاً مضيئاً وعزمه
ينهنه آهات تجيش صعابا
نعزيه اشفاقاً فعاد معزيا
وما زاد عن حمد الكريم جوابا
عقيدة من في الله لا متلوما
على حالتيها ما أساء وطابا
ومن ذاق لوعات الأسى عرف الأسى
يجدده نبض الفؤاد حرابا
فراقك حياً من تحب مرارة
فكيف وقد أودى وراح وغابا
وأصدق دمع فاض من قلب والدٍ
وأكرمه ما جاء عنه وقابا
لذاك أتى قول النبي مبشراً
فحزت به أجراً وأبت مثابا
وفزت ببيتي حمدها، ومصيرنا
الى حيثما صارا له، وأجابا
ولو أن في هذا فداء رأيتنا
سراعاً الى بذل الفداء غضابا
ولكنه المحتوم، حقاً، ومن يعش
سيلق المنايا حيث شب وشابا
تساوى على هذا الملوك وسوقة
نهيل عليهم جندلاً وترابا
رضينا به حكماً ولله أمره
بما شاء لا سخطاً بدا وسبابا
وليس سوى الرحمن جل جلاله
يدوم فجدد ما استطعت متابا
وخذها حياة انها طيف زائر
وخذها على مر الزمان غلابا
كذاك وما الدنيا سوى متن لاحب
تراءت به قبل الرحيل سرابا
خدعنا بها يا للحياة وزيفها
تفرق أحباباً لنا وصحابا