حلقات أعدها: عدنان حسون علي العُمري
في حلقة اليوم التي نلتقط أنفاسها من محافظة ثول نتناول مظاهر اقتصادية وحرفية تشتهر بها المحافظة فالصيد والزراعة والحرف اليدوية تكاد تكون العمود الفقري الذي يقوم عليه اقتصاد المحافظة.
التنسيق الأيكلوجي والاقتصادي
الأيكلوجيا: علم يعني بدراسة العلاقة بين الانسان والبيئة ولا يقتصر هذه العلاقة على عملية التأثير المتبادل بينهما في مجالات محدودة.. لذلك فلابد لنا من تتبع العلاقة بين الانسان والبيئة وأثر العوامل البيئية في كل من الانسان والنظم الاجتماعية باختلاف أنواعها.
وقرية ثول تضم مجتمعاً كبيراً حيث تشغل هذه القرية مساحة كبيرة من الأرض تحيط بها ظروف جغرافية مختلفة تؤثر بطريقة مباشرة وغيرمباشرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية «وتعطي لها طابعا مميزاً. وقد لا نستطيع القول بحتمية الظروف الأيكلوجية وتوجيهها لنشاط الانسان هنا ولا يمكن في نفس الوقت القول بصفة قاطعة بحرية الانسان في قرية ثول وقدرته على التحكم في هذه الظروف ولكننا نستطيع القول ان الانسان يسعى جاهدا بقدر ما أعطي له وما منح له من طاقة للاستفادة من ظروف بيئته إما بمحاولة تعديل هذه الظروف أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال فالانسان يسعى الى محاولة التكيف مع الظروف البيئية المختلفة.
والنشاط الاقتصادي في قرية ثول متعدد الأنواع ويتم توزيع النشاط على الرجال بطريقة منظمة والجميع يتعاونون بطريقة آلية لتحقيق المنفعة الاقتصادية.. كما ان النساء لهن دور كبير في هذا الشأن غالبا ما يكون بطريق غير مباشر وتأتي الموارد الاقتصادية والمعيشية على النحو التالي:
1- الصيد، رحلات الغوص وصيد السمك في البحر. 2- الزراعة. 3- التجارة. 4- الرعي. 5- الصناعة.
هذه أهم الحرف التي يزاولها السكان في ثول وسنأخذ تلك الحرف بالتفصيل ونلقي نظرة فاحصة شاملة على كل واحدة منها لنبين ظروفها ومدتها وأهم العوامل المؤثرة فيها وكيفية انجازها..
1- البحر والبحارة ورحلات الصيد:
نظراً لموقع قرية «ثول» على ساحل البحر الأحمر فإن أهم موارد المعيشة لهذه القرية وأهاليها ان لم تكن هي الأهم على الاطلاق هي حرفة الصيد.والتي تنقسم الى قسمين رئيسيين وهما:
أ - رحلات الصدف والنهيد.
ب- رحلات صيد السمك.
أ - رحلات الصدف والنهيد:
وهذه الرحلات من أخطر الرحلات على الاطلاق فهي تستغرق ما يقارب تسعة أشهر كاملة.. والبحارة فيها يعانون الكثير لأنها محفوفة بالمخاطر فهم يعيشون في سفينة يأكلون ويشربون وينامون ويصلون ويصطادون فيها.. وهذا غير مجاهيل البحر وأمواجه وتقلبه مع الأمواج والرياح.. والسفر في تلك الرحلات يكون في سفن كبيرة تسمى الواحدة منها «قطيره أو ساعيه» تحمل على ظهرها من 28 الى 30 بحاراً الى شواطىء أفريقيا الى جزائر وهلك ومصوع وشواطىء السودان والصومال والحبشة والى باب المندب.. كل ذلك وسط أصعب الظروف حتى قرب المثل «ما رجال إلا رجال البحر».
ب- رحلات صيد السمك:
وهذه الرحلات تتم في مراكب صغيرة نسبياً حيث تتسع في اقصاها الى خمسة عشر بحاراً.. وهي أقل خطورة من الأولى وتنقسم الى قسمين:
1- رحلات أسبوعية أو نصف شهرية.
ويقوم الناخوذة فيها باختيار البحارة ويؤمن لهم احتياجاتهم والرحلات فيها لا تتعدى بحار المملكة الغربية حيث مصائد السمك.
2- الرحلات:
وهي رحلات إما نهارية أو ليلية.. والنهارية تتم بعد صلاة الفجر والمراكب فيها صغيرة.. وتوجد رحلات ليلية وتبدأ بعد العصر وتستغرق الليل كله.. وتختلف تلك الرحلة عن رحلة النهار في أنواع السمك.
2- المزارع والزراعة:
تشكل المزارع في قرية ثول ما يقارب 80% من مساحة الأرض وتقع هذه المزارع في الجهة الجنوبية الشرقية والشرقية وكذلك جزء من الناحية الشمالية الشرقية ويسمى الوادي بوادي ثول وهو وادي كبير ذو مساحة شاسعة تجري فيه السيول المنحدرة من الجبال الشرقية حيث يجتمع سيل وادي خليص مع وادي غراف فيكونان سيلا واحداً عظيماً هادراً كما حصل في سيل عام 1975م حيث غطت مياه السيول مسافة 45 كيلومترا من ثول حتى ذهبان مما سبب خراباً كبيراً وغمر أماكن السكن في الحارات الجنوبية. والسيول القادمة من وادي خليص تمر عبر وادي ثول باتجاه البحر وكذلك السيول التي تسيل من وادي سايه عبر وادي قديد حيث تبحر عبر ميسل عوام ولسيل ابن عارف الى البحر. ولو استغلت هذه المياه استغلالاً جيداً كاقامة السدود مثلا لكان للقرية شأن يذكر في مجال الزراعة.. وقرية ثول تعتمد على هذه الكميات الهائلة من السيول والأمطار لمشاريع زراعية موسمية لأن أرضها وزراعتها تعتمد على الزراعة العنزية «التي تزرع بمواسم الأمطار». وأهالي ثول شغوفون بالخضرة والزراعة ولذلك فهم يحسبون الأنواء ويعرفون مواعيد هطول الأمطار بطريقة عجيبة لحساب الفلك وعادة ما تكون هطول الأمطار في فصل الشتاء وكذلك في الاعتدالين الربيعي والخريفي.. والأراضي الزراعية في ثول مقسمة الى مناطق زراعية كل منطقة تحتوي على عدد من المزارع مثل أم سدرة والطين وأم ميه والجامديات وأم الغبار والوسامي وغيرها.. وهذه المزارع قسمت على الأفراد والساسة أما بطريقة الجدية وراثة أو بالشراء والجدية تعود ملكيتها الى الأجداد بوثائق قديمة وأكثر هذه الجديات يطلق عليها السبل وهي كالوقف فلا تباع ولا تشترى وتتم زراعتها من قبل أهلها الأصليين أو بالتلقية مقابل الخبر بأن يقوم شخص بزراعتها واعطاء أهلها نصف المحاصيل فلا يمنع عابر سبيل من الأخذ من هذه المزارع.
طريقة الحرث
عملية الحرث هي تقليب الأرض وعزقها وتتم بطريقتين:
1- طريقة المحاريث البدائية من الخشب تجرها الدواب من بقر وبغال وجمال وذلك بعد تعشير الأرض وهو جفاف القشرة العلوية والطبقة العلوية من الأرض وتشققها بفعل الحرارة والشمس.. وتساق الدواب في خطوط طولية أو عرضية ذهابا وإيابا حتى يتم تقليب جميع الأرض ثم تبدأ عملية بذر البذور.
2- الطريقة البدائية وهي ان يقوم صاحب المزرعة وأسرته بعزق الأرض وتقليبها بواسطة المساحي.. وقد لا تحرث الأرض لما تتطلبه العملية من الجهد فتزرع الأرض بدون حرث ولكنها عملية صعبة فبعد أن تخضر الأرض تحتاج لما يسمى بالغريبة وهي تنظيف المزرعة من الحشائش والأعشاب التي تؤثر على المحصول. تلك طرق قديمة أما الآن فعملية الحرث تتم بواسطة الآلات الزراعية الحديثة مثل الجرارات والحراثات وغيرها والتي تنتشر بكثرة في القرية بعد هطول الأمطار حيث يتم حرث الأرض في وقت أقصر بعد أن كان يستمر لأيام وأسابيع ويتم حرث الأرض بهذه الآلات مقابل 40 الى 60 ريالا في الساعة.
التذرية
التذرية مأخوذة من كلمة الذرى وهي الحبوب التي يراد زراعتها.. وتتم التذرية على مرحلتين
المرحلة الأولى:
يحمل المزارع المسحاة ويمشي خلف الجرار وبعد سبع خطوات ينقب في الأرض يحفر حفره صغيرة توضع فيها الحبوب أو البذور ثم تطمر بالتراب ثانية ويساعد جميع أفراد الأسرة في هذه العملية.
المرحلة الثانية:
إذا كانت الأرض لم تجف بعد ينتظر المزارع حتى تعشر.
التغريب
التغريب نسبة الى قطعة من الحديد على شكل قوس تثبت فيه قطعة من الخشب طويلة ومرنة وهذه الخشبة عادة ما تؤخذ من أشجار السلم وتكون قطعة الحديد حادة من الطرف الذي يكون منحنيا أو على شكل قوس وتسمى بالمغراب ويستخدم في قطع الحشائش بعد عملية التذرية ولذلك يقوم الفلاح بتنظيف المزرعة من هذه النباتات الصغيرة من القرمل والعشب والنجم والعضنفل والسطيع والأقحوان وغيرها وذلك حتى لا يتأثر المحصول.. وكذلك فإن جميع الأسرة تساعد في هذه العملية.
التوسيف
هي عملية يحافظ بها المزارع على محصوله من الرياح وزحف الرمال فيقوم بتقطيع الأشجار الكبيرة مثل المرخ والسمر والعوسج والتناضب والسلم وغيرها من الأشجار الصحراوية التي تنتشر بكثرة في وادي ثول.. وبعد تقطيع هذه الأشجار ترص فوق بعضها بطريقة طويلة متوازية على بعد متر أو مترين من النبتة لتمنع الكثبان الرملية من الزحف على المزروعات فهي تحجز الأتربة والغبار بعيداً عن المزارع وقد تقام مثل هذه الحواجز خلف العقوم لتزيد من قوتها.
التنشير
وهو خاص بنبات الحبحب لأنه من ذوات السيقان اللينة حيث يتمدد على الأرض فيقوم المزارع بتنشير هذه النباتات بوضع كل ناحية بعيدة عن الأخرى وباتجاه معين ويقوم بقطع النوامي الذابلة والنباتات الزائدة فإذا كان هناك ثلاث مثلا من نبات الحبحب في الحفرة الواحدة يقوم بتقطيع بعض منها ليترك واحدة فقط في المكان الواحد. وتسمى هذه العملية بالتفليج والنباتان. أما في نبات الدخن فلا يحتاج لمثل هذه العملية لأنه ينمو في مجموعات حيث تكون في الحفرة الواحدة أكثر من نبات وتسمى كل مجموعة رزوة.
وبعد طلوع الازهار في نبات الحبحب «الشري» وسنابل الدخن «العذوق» فإن المزارعين يستعدون لعملية التوبير «التلقيح» ويتم ذلك خطوة بخطوة وغالبا ما يكون التلقيح طبيعيا كما في نبات الدخن بواسطة الرياح أو الطيور ولا يتدخل الانسان في ذلك حيث تنقل الرياح العصفر وهي مادة صفراء صغيرة الحجم تتطاير بفعل الرياح أو تعلق في أرجل الطيور التي تتحرك من رزوة الى رزوة مكونة عملية التلقيح هذه.
حماية المحصول
في الأسبوع الأول من ظهور الثمار وخصوصاً في الشري نبات الحبحب يقوم المزارع بتفقد النبات ومعاينة الثمار حيث يكتفي في نبات الحبحب بواحدة أو اثنتين من الثمار في النبتة الواحدة لتكون أكثر نضجاً ونمواً سليماً فهذا لتحسين المحصول ومن خبرة المزارع وتجربته يقوم بحفر حفرة في الأرض ودفن الثمرة فيها وهي ما تزال في أمها لكي يحميها من الآفات والحشرات والحيوانات كالثعالب والأرانب وقد يضع عليها بعضاً من الحشائش كعملية تمويهية ولتظليلها عن الشمس حتى تكبر وتخرج خارج الحفرة. أما نبات الدخن فيقوم باخفاء الثمار في أكياس من القماش أو بعمل رايات في أعلى الرزوة لتمنع الطيور من ان تقع عليها وتلحق الضرر بها.
الآفات الزراعية وكيفية علاجها
هناك الكثير من الآفات الزراعية التي تصيب النبات في بداياته وبعضها لا يوجد لها علاج كالصفار وهو مرض يصيب النبتة فتبدو مصفرة ذابلة وهو معد وقد يقوم المزارع بقطع النبتة المريضة ولكنه في الحقيقة ليس علاجا ولكنها محاولة للحد من المرض والكبر دون جدوى وهناك آفات أخرى كالحشرات ومنها الجراد والقراريص وبعض الحيوانات كالقوارض وغيرها ويقوم المزارع بمكافحتها بعدة طرق منها:
1- قامت الدولة حفظها الله ممثلة في وزارة الزراعة والمياه بمكافحة هذه الآفات بالمبيدات الحشرية حيث تقوم الطائرات المروحية بذلك.
2- اشعال الحرائق في الأشجار حيث يتجمع الجراد.
3- البحث عن البيوض وتدميرها.
4- حفر أنفاق تحيط بالمزرعة من جميع الاتجاهات واشعال النار بها حيث من عادة الدبى الزحف في جماعات كبيرة فيقع في هذه الحفرة.
5- يقوم المزارعون باصدار أصوات البرق أو الضرب على الصفائح والتنك وغيرها لمنع الجراد أو الدبى من الوصول الى المزرعة أو اجلاء الجراد عنها.
6- عمل رايات واعلام يحملها الأطفال أو النساء والهش بها على أسراب الجراد.
وهنا لابد ان نشير الى ان كميات الجراد القادمة من جنوب أفريقيا تجتاح المنطقة بأعداد هائلة حيث تضع بيوضها في الأماكن الرطبة والخطر الذي يواجه المزارع هو في هذه الكميات الكبيرة من الدبى حيث تسير في جماعات مفزعة ولديها شراهة في الأكل فهي لا تمر على أرض خضراء حتى تأتي عليها كلها وتتركها جرداء إلا من الأغصان.
وهناك أيضا القوارض التي تسبب أضراراً جسيمة بالمحاصيل الزراعية حيث ان بعضا منها إذا قرص الثمرة فإنه يشوه منظرها وتلفها من الداخل ويصيبها بالشلل التام في محل القرص وتسمى الثمرة في هذه الحالة مقرصة وخصوصاً في نبات الحبحب والقثاء والشمام وغيرها وهنا يجب على المزارع قطعها واتلافها حيث لا فائدة منها. أما الطيور فإنها تؤثر سلبيا على نبات الدخن حيث تتكاثر في فصل الربيع وتقع على سنابل الدخن فتجردها من الحبوب وترك العذوق خالية إلا من الزبن وهنا يقوم الفلاح بوضع رايات وأعلام بالقرب من النباتات وأيضا يغطي العذوق بأكياس من القماش أو الورق لمنع وصول الطيور اليه.
ويحين قطاف نبات الحبحب بيباس العرق الموصل بين الثمرة والنامية فيقوم المزارع وأسرته بقطع الثمار ووضعها في مجموعات تسمى الأكوام جمع كوم حيث توضع أكوام الحبحب مقابل كل خط طولي أو عرضي وضعه المحراث أثناء عملية الحرث فيكون بذلك جاهزاً لتحميله في السيارات المخصصة لذلك وكانوا في القديم يستخدمون الدواب لهذا الغرض بوضع خرج على ظهر الدابة وهو عبارة عن جيبين كبيرين من الصوف متصلين ببعضهما فيوضع الحبحب بالتساوي في الجيبين ثم يرسل الى اماكن البيع التي كانت في الماضي لا تتجاوز طريق المدينة جدة ويجمع على جانبي الطريق أما الآن وقد توفرت المواصلات فإن المزارعين يقومون بتصدير هذا الكم الهائل من المحاصيل الى مدينة جدة ورابغ وغيرهما.
3- الرعي:
تبرز حرفة الرعي وتربية الماشية ظاهرة التكامل والاكتفاء الذاتي ولكن الرعي في ثول لا يعد حرفة بل هو من الأشياء التي تقتل الفراغ وتشغله ومع هذا فقد كان هناك من أهالي ثول في الماضي يملكون الكثير من الماشية كالأغنام والإبل البيض الغالية الثمن وقد كانوا يتنقلون بها من مكان لآخر بحثاً عن الماء والعشب وقد كانت همهم الوحيد رغم معرفتهم بالبحر وطرق الصيد المختلفة فقد فضلوا مشقة الرعي واتعابه على مظنة البحر وأهواله أما بعد الاستقرار فباتت حرفة الرعي كهواية تشغل أوقات الفراغ وفضلا عن ذلك فقد اهتموا بتربية الماشية والاحتفاظ بها كمبدأ للكرم المتأصل في حياة البدوي فاحتفظ أهالي ثول ببعض الماشية لهذا الغرض.
وقد اعتمدوا في رعيهم على الأشجار والنباتات الصحراوية فقرية ثول ليست من المناطق الرعوية حيث لا تنبت فيها المراعي إلا في مواسم الأمطار فهم يحتفظون بكثير من الأعشاب والحشائش التي تنمو في فصل الربيع بعد عملية التغريب.
ويعملون منها ما يسمى بالصلايب والصليبة وهي عبارة عن سبعة الى عشرة حبال والحبل عبارة عن مجموعة من الحشائش والأعشاب تلف مع بعضها بطريقة بسيطة تتم بين اثنين من أفراد الأسرة احدهم يمسك بقطعة من الخشب لا يتجاوز طولها المتر الواحد تلف بطريقة دائرية في اتجاه واحد والآخر يلف حولها الحشائش فتلتصق مع بعضها البعض مكونة حبلاً طويلاً وعندما يصل الى طول معين يمسكه الذي يدخل الحشائش من منتصفه ولا يزال ممسكاً بالعصا يلف حتى إذا رد أوله الى آخره التف حول بعضه مشكلا حبلا واحداً. وفي أيام الربيع تشاهد الكثير من الصلايب وأكوام من الحشائش مرصوصة فوق بعضها للاستفادة منها في اطعام المواشي في أيام الجفاف والجذب وباقي فصول السنة. وأيضا فهم يعتمدون على الحبوب كالشعير والذرة وغيرها.وعادة ما يسرح بالغنم الصبيان والفتيات ما بين العاشرة والخامسة عشر وما فوق بملابسهم التقليدية. فتسرح الأغنام من المراح «الحظيرة» بعد ان تقوم الزوجة بحلبها وارضاع صغارها البهم ويأخذ الراعي أوالراعية في زوادته زمزمية ماء أو قربة «بدره» وقطعة من الخبز «كسره» وقد يستمر في الرعي من الصباح حتى قبيل الغروب أما في الآونة الأخيرة فيقسم العمل على الرعاة بالتناوب وقد استخدم الرعاة المأجورين لهذه المهمة. وبعد انتهاء الرعيان والرعي فقد اعتمد الأهالي على الحبوب وغيرها في اطعام مواشيهم ويعرف علف الماشية في ثول بالضرمة وما زال الأهالي في ثول الى اليوم يعتنون بتربية الأغنام والدواجن وغيرها وخصوصاً كبارالسن.
4- التجارة:
بالرغم من صعوبة الحياة في «ثول» إلا أن الطابع المميز للسكان هو الاستقرار بوجه عام. لذلك فمن الطبيعي ان تكون التجارة في مقدمة اهتماماتهم للمساهمة في توفير الاحتياجات الضرورية للأسرة ومتطلبات الحياة. وقد كان يتم في الجزء الجنوبي منها لقاءات تتم في المواسم في أيام الجمع حيث يؤدي أهالي القرى صلاة الجمعة هناك في الجامع وبعد ذلك تقام بعض الدكاكين من الخشب وأشجار الأثل. وكانت تعتبر في المواسم من أكبر التجمعات القروية حيث البيع والشراء الذي يتم في أغلب الأحيان بطريقة المقايضة وكانت هذه الدكاكين توفر للسكان بعض المواد الضرورية كالدخن والسمن والدقيق والعسل والبن والهيل وغيرها.
ثم ما لبث ان تطور السوق حتى أصبحت الدكاكين عبارة عن غرف من الطين ملاصقة لبعضها البعض وقد زادت أهمية في ذلك الوقت نظراً لبناء المسجد القديم والذي كان أيضا مبنيا من الطين ويقع أمام السوق وقد كان يوم الجمعة بمثابة السوق الكبير حيث القادمين من شتى القرى حيث التجمع الشعبي لقبائل مختلفة حيث يؤدون صلاة الجمعة ويبدأ هذا السوق من صلاة الفجر حتى صلاة المغرب حيث تعرض فيه صنوف من الأغذية كالتمر والسمن والأشياء الكمالية كالحقن السيات والحلي والملبوسات وغيرها حيث تنتعش حركة البيع والشراء. ويعكس هذا التجمع ما تتمتع به القرية من أهمية بالغة كحركة تجارية هامة لها ما يبرزها من تجمع الناس ووجود كميات من السمك المجفف حيث تتم عملية البيع إما بطريقة المقايضة كشراء سلعة بسلعة فمثلا يقايضون سمناً أو تمراً أو عسلاً بسمك ناشف أو أصداف وبعض الحبوب مثل الدخن وغيره أو بواسطة العملة وغالبا ما تكون الريال الفرانسة والربية الريال المجيدي أيام الدولة المجيدية على ما يبدو من التسمية وهناك العملات العثمانية الأخرى مثل صك الريال السعودي.
ويجتمع في المواسم الكثير من أبناء القرى المجاورة كخليص وقديد وحجر وكليه علاوة لبعض القبائل كالسلمان من أعالي وادي ستارة والمطران وغيرهم يحملون معهم الكثير من السلع وهناك البدو الرحل «الحويل» الذين يأتون الى القرية بمواشيهم ومنتجاتها وأن منهم من يقوم برب الدلال وجليها وتنظيفها وصيانتها وكانوا ينصبون خيامهم بالقرب من السوق القديم ويطلق عليهم اسم الخلوة ربما لبعدهم عن الناس حيث ينزلون بعيداً عنهم أو لأنهم قادمون من الخلاء وليس لهم مكان معلوم وعندما يأتي موسم الربيع فإن السوق ينتقل الى الوادي أما في أيام الحج فينتقل الى القضيمة حيث استراحة الحجاج.
وهناك سوق آخر يحضره التجار الميسورين من جدة وغيرها لشراء الأصداف والنهيد حيث تصنيعه بعد ذلك. ويقام هذا السوق قرب البحر الأحمر وعلى الساحل حيث المراكب والقادمين من ملاك الصدف والنهيد.
ولقد تأسس سوق آخر في الجزء الشمالي ويسمى سوق الحويزي الذي يعرف الآن بالسوق الشامي أو القهاوي مفردها قهوة وهي المكان المعد للاستراحة ويقع دائما بالقرب من الطريق وقد زادت شهرة هذا السوق من وقوع المدرسة الى جانبه وكذلك الامارة وجميع المرافق الحكومية كالبريد والمستوصف وغيرها كما ان المسجد الكبير القديم قد زاد من أهميته وجعل الناس تتجه اليه في أيام الجمع. أما الآن وقد تطورت القرية بشكل كبير فقد انعكس ذلك على التجارة واقيمت الكثير من الأسواق والمراكز النموذجية والبقالات التي تؤمن السلع الضرورية.. وهناك المخابز الآلية والسوبرماركات والبقالات ومحلات لبيع الأدوات الكهربائية والسباكة ومحطة للمحروقات ومحل لبيع الغاز وبعض المطاعم والبوفيات والاستراحات الكبيرة والمصممة على طراز حديث. كما توجد صيدلية ومكتبة ومحلات النجارة والورش التي تقوم بصيانة السيارات واصلاحها والبناشر وورش أخرى لصيانة مواتير البحر والمراكب ومحلات بيع أدوات الصيد كما توجد مصانع البلك والطوب ومصانع الأخشاب والألمنيوم ومحلات التنجيد وصناعة المفروشات والكنب وغيره وكذلك محلات الجزارة وبيع الخضروات ومحلات الأزياء والخياطة والحلاقين وكثير من الأماكن التجارية الهامة مما يبشر بنهضة تجارية اقتصادية كبيرة في القريب العاجل بإذن الله.
5- الصناعة:
تقوم في قرية «ثول» بعض الصناعات الخفيفة والبسيطة والغرض منه هو سد الاحتياج الضروري من الأشياء اللازمة للانسان وكلها صناعات بدائية تقليدية كانت موجودة في الماضي تتمثل في عمل الأزياء النسائية والرجالية وصناعة الجلود والدباغة كصناعة القرب والمحامل والطيران وعكاك السمن. وهناك صناعة الخوص والسعف لعمل السيات وهو نوع من الفرش، وكذلك الزنابيل والغرارات وبيوت الشعر البيت المشبح كما يسميه أهالي «ثول» وهناك صناعة أدوات الصيد كالشباك والمخادج والشكاوي وغيرها.
وأهم صناعة كانت مزدهرة في ثول هي صناعة السفن الخشبية بكافة أنواعها الصغيرة والكبيرة ومن أمهرهم الشيخ عبدالمطلب حامد الجحدلي والمرحوم حميدان بن بركات الجحدلي والمرحوم محمد فرج خميس.
|