لقاء:خالد الدوس
طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والأجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة واسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل أسماؤهم محفورة في الذاكرة!!ومن هذا المنطلق حرصت «الجزيرة» على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والأسماء على صفحات كل جمعة:ضيفنا هذا الأسبوع: مهاجم فريق أهلي الرياض «الرياض حالياً» في الثمانينيات اللاعب سعد أبو هاشل الملقب «بالحصان» نظراً لسرعته الخاطفة وقوته الجسمانية.. حيث مثل المدرسة «شبلاً» وساهم في حصولها على بطولة المنطقة الوسطى للناشئين لموسم عام 1383هـ.
وفي الموسم الذي تلاه استدعاه مدرب الفريق آنذاك السوداني« حسب الله » لينضم للفريق الأول وهو ابن «16» عاماً ورغم صغر سنه وحداثة تجربته استطاع أن يشق طريق النجاح والبروز وسط كوكبة من النجوم والأسماء اللامعة التي كانت تزخر بها الخارطة الحمراء أمثال مبارك الناصر وزيد بن مطرف وناصر بن سيف وعبدالعزيز بن حمد وطارق التميمي وعلي حمزة.. نظراً لامكانياته الفنية الرائعة وتكوينه الجسماني القوي فضلاً عن سرعته وقدرته على التخلص من الرقابة الدفاعية..
استمر «أبو هاشل» في الملاعب حتى عام 91 -1392هـ حيث ودع الملاعب وهجر الكرة بعد تسعة أعوام تقريباً وسجل سلوكي نظيف استضفناه ليروي لنا تجربته الكروية وأيامه الرياضية المنقضية..
فتعالوا نتناول سطور ضيفنا الكريم..
البداية بحي الباطن
مشواري الرياضي انطلق في «أوائل عقد الثمانينيات الهجرية» ومع فريق سمي بالباطن وفي ملعب الباطن الذي كان يعد من أقدم الملاعب بالمنطقة الوسطى ولاسيما أنه شهد احتضان نجومية الرعيل الأول من المدرسة وهم زيد بن مطرف وراشد وعبدالرحمن الموزان وعبدالرحمن السلوم «دحمان» وغيرهم من اللاعبين في النصف الثاني من الحقبة السبعينية!!
حيث كنا مجموعة من الناشئين أذكر منهم سعد بن سعيد وعلي بن مطرف وعبدالرحمن الوثلان وعبدالعزيز أبو رشيد وفهد بن جليل ثم انضم إلينا المهاجم الشهير مبارك الناصر.. وكان يدعم هذه الأسماء الواعدة الشيخ عبدالله الزير «مؤسس فريق أهلي الرياض»!! الذي احتوانا ومدنا بالكور والملابس أحياناً وفي عام 1383هـ انضممنا لمجموعة لمدرسة الوسطى بدعم مباشر من الشيخ عبدالله الزيد والشيخ الراحل محمد الصايغ «رحمه الله» وأتذكر جيداً أننا مثلنا الفريق في أول دورة تقام بالمنطقة الوسطى على مستوى الناشئين وحققنا كأس بطولته بعد فوزنا على فريق الهلال بهدف حتى أنني أذكر من اللاعبين الذين مثلوا الهلال آنذاك حميد الجمعان وسمارا وعزيز جمعان.
صفوة النجوم!
بلا شك فريقنا في تلك الأيام كان يضم صفوة النجوم والأسماء الرنانة على مستوى المنطقة الوسطى كعلي حمزة وابناء المطرف «راشد وزيد» وعبود الرويجح وإبراهيم الشايب وجوهر السعيد وغيرهم من الأسماء طبعاً بروزي وتفوقي في نهائي دوري المنطقة الوسطى للناشئين الذي حققناه كما أشرت آنفاً منحني الفرصة مبكراً بأن أكون ضمن هذه الأسماء اللامعة وقتها كان عمري «16» عاماً حيث استدعاني مدرب الفريق آنذاك السوداني «حسب الله» الذي أعجب بي وبتكويني الجسماني الجيد وأشركني احتياطياً فترة قصيرة ثم حجزت مركزي أساسياً بصورة مبكرة من عمري الرياضي.
الانتقال لخط الهجوم
في البداية مثلت المدرسة في خط الدفاع غير أن المدرب السوداني حسب الله نقلني من الدفاع إلى خط الهجوم «رأس حربة» نظراً لتكويني الجسماني الجيد وطولي الفارع وقدرتي الفنية التي أهلتني بأن أتحول لخط المقدمة رغم وجود المهاجمين مبارك الناصر وزيد بن مطرف.
الجوهر وأبو غنيم الأصعب
لعبت ضد العديد من المدافعين المتميزين ولكن يبقى مدافع النصر ناصر الجوهر أصعبهم نظراً لقدراته الدفاعية البارعة وهدوئه التام الذي ساعده على اجادة قراءة تحركات المهاجمين بكل براعة وتخليص الكرة من أقدامهم بثقة متناهية كما لا أنسى مدافع الاتحاد الكبير مبارك أبو غنيم الذي كان يتميز بالبنية الجسمانية القوية ومهاراته الفائقة في خط الدفاع.
أبو عبدالله الصايغ
أبو عبدالله الصايغ «رحمه الله» بالتأكيد لا أحد ينسى دوره وأفضاله على الرياضة بالمنطقة الوسطى فهو أحد رجال الحركة التأسيسية ل«رياضة الوسطى» الأوفياء الذين قدموا جهدهم وضحوا بمالهم ووقتهم في سبيل دعم هذه المسيرة.. وهي في مهدها وأنا شخصياً أدين ل«أبو عبدالله» بالشيء الكثير وأتذكر جيداً من المواقف التي تنم عن طيبته المتناهية وحبه للرياضة كان إذا سافر لمصر لمشاهدة بعض المباريات هناك يعود وحقائبه مليئة بالأحذية الرياضية والملابس ويقوم بتوزيعها على لاعبي المدرسة وبعض الأندية الصغيرة كنجمة الرياض والمريخ «قبل حله» وغيرهم من الأندية..!!،
يوم كسبنا الهلال بالأربعة!!
من المباريات التي لا تزال في ذهني لعبنا ضد فريق الهلال في النصف الثاني من عقد الثمانينيات ضمن لقاءات الدوري حيث كسبناه ب«4/0» كانت بالفعل مؤلمة وكبيرة بحق الهلاليين ولجماهيرهم التي خرجت من ملعب الصايغ وهي تجر أذيال الخسارة بكل مرارة، وأتذكر جيداً كان مهاجمنا اللامع مبارك الناصر مصاباً بأنفلونزا حادة فمكث في دكة الاحتياط كناحية نفسية لزملائه اللاعبين وبعد تقدمنا ب«3» أهداف نزل في آخر «10 دقائق» ولعب متحاملاً على نفسه لاصراره على ذلك وسجل هدفاً رابعاً في أول كرة يتسلمها.طبعاً برز في تلك المباراة مهاجمنا الشاب «عبيد الحساوي» الذي لعب لأول مرة وخطف هدفين كانا عربون تفوقه وبروزه في هذه المباراة التاريخية حيث صرف أبو عبدالله لكل لاعب «400» ريال مقابل هذا الفوز الكبير.
النصر الأصعب!
لكن المباراة الأصعب كانت ضد فريق النصر عام 86 - 1387هـ حيث كنا مطالبين بالفوز لنعزز حظوظنا بالمنافسة غير أن قوة النصر المتمثلة في وجود خط هجوم قوي بأحمد الدنيني وميزر أمان وناصر كرداش «رحمه الله» حيث كنا خاسرين بهدفين نظيفين ثم أدركنا التعادل في الشوط الثاني وأهدر زميلي المهاجم مبارك الناصر أهدافاً لا تضيع من لاعب كبير مثله كانت كفيلة بترجيح كفتنا بالفوز بهذه المباراة وأتذكر أنني تعرضت لرقابة لصيفة من مدافعي النصر سعود العفتان وعثمان بخيت غير أنني نجحت كثيراً في الخروج من هذه المصيدة معتمداً على سرعتي وقوتي الجسمانية.
الشايب والغراب!!
من المواقف التي لا أنساها أتذكر لعبنا ضد فريق الاتحاد في ملعب الصبان لقاء ضمن لقاءات الدوري عام 89 - 1390هـ وقتها كان العميد يضم في صفوفه المهاجم الفذ سعيد غراب المهم خطط مدافعناً إبراهيم الشايب وقبل المواجهة بضربه واخراجه من الملعب مصاباً نظراً لخطورته وصعوبة مراقبته لكن الغراب كان ذكياً جداً ففي إحدى الكرات راوغ «سعيد» ابن حمد فاندفع «الشايب» وبكل جسمه على أقدامه فقفز الغراب ليعانق الشايب سياج الملعب الحديدي «بجوار جماهير الاتحاد» فضحك الجمهور عليه وسط صيحات وتعليقات ساخرة سقط الشايب ضحية لها.وأتذكر بعد نهاية المباراة جاء الغراب وقدم اعتذاره بلطف في صورة تكشف أخلاقيات وطيبة هذا المهاجم العملاق..!!
اعتزال الكرة!
نهاية مشواري مع الكرة كان في عام 91 -1392هـ حيث أعلنت اعتزالي وحقيقة تملكني شعور مفعم بالفخر والاعتزاز كوني غادرت الملاعب بلا بطاقات ملونة أو صدر بحقي قرار ايقاف أو نلت عقوبة.
ومن أقوى الأسباب التي أدت لتوديعي الكرة وهجراني الملاعب.. هو الملل ؟؟ فضلاً عن انعدام العوامل والحوافز المشجعة على الاستمرار.. لذا اتخذت هذا القرار من صلب القناعة..
مدرسة الوسطى!
فريقنا كان يستحق الكثير من البطولات إلا أن سوء الطالع حرمنا من كذا بطولة رغم وفرة النجوم والأسماء اللامعة التي كانت تزخر بهم الخارطة الحمراء ففي مركز الحراسة هناك حامد نقادي وجوهر السعيد وطارق التميمي والدفاع ناصر بن سيف وعبدالعزيز بن حمد والأسطورة علي حمزة «الذي انتقل لأهلي جدة «....!!» وفي الهجوم زيد بن مطرف وراشد ومبارك الناصر وعبدالمحسن الفوزان وعبود الرويجح وهذه الأسماء التي أطلق عليها لقب مدرسة الوسطى للأسف لم يبتسم لها الحظ ولو مرة واحدة في عالم الذهب.
كأس الشهداء!
في نهائي كأس الشهداء «فلسطين» عام 1388ه والذي خسرناه أمام فريق شباب الرياض «الشباب حالياً» ب«9/5» بعدد الضربات الركنية عقب انتهاء الوقتين الأصلي والاضافي «1/1» أتذكر جيداً أننا دخلنا هذه المباراة بنفسيات سيئة حين سمعنا وقرأنا عبر الصحف وقبل هذه المواجهة بأيام أنه سيتم دمج فريقي أهلي الرياض وشباب الرياض مما أثار حفيظة زملائي اللاعبين وبالتالي انعكس ذلك على ادائهم سلبياً حيث كان هاجسنا داخل الملعب التفكير بمصير الفريق بعد دمجه فخسرنا هذه الكأس بسبب فكرة الدمج.ونظراً لاختلاف الفريقين حول الاسم والشعار وعدم الاتفاق حيال ذلك تم دمج الشباب مع نجمة الرياض في الموسم ذاته.
الأهلاويون سلبوا الاسم من المدرسة!
أصدر مكتب رعاية الشباب آنذاك عدة قرارات إدارية أبرزها دمج فريقي النجمة مع الشباب تحت مسمى فريق الشباب، كما أصدر قراراً يتضمن استبدال اسم أهلى الرياض ليحمل اسم فريق اليمامة حيث شمل القرار الغاء اسم الأهلي من فريقي أهلي الرياض وأهلي جدة لكن أهلي جدة ظل يحمل الاسم «....» رغم أحقيتنا منه بذلك.
الأمير خالد الفيصل
من الأشياء الجميلة في حياتي الرياضية زيارة الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب لمقر «المدرسة» بعد وفاة الشيخ محمد الصايغ - رحمه الله - أواخر الثمانينيات اثر حادث مروري أليم فعشنا حالة نفسية صعبة برحيله حيث كان لهذه الزيارة «المعنوية» الأثر الايجابي على نفوسنا كلاعبين حيث تفقد حفظه الله أحوال النادي وساهم في تذليل الصعوبات والعراقيل التي تركها رحيل أبو عبدالله.. قبل أن يتولى الشيخ ناصر بن عمير «أطال الله عمره» رئاسة المدرسة.
الأسطوة علي حمزة
يظل مدافعنا الكبير علي حمزة «أسطورة دفاعية» لن تتكرر في الملاعب السعودية نظراً لامتلاكه ترسانة فنية هائلة من المواهب فقد كان ينطلق بالكرة من منطقة الدفاع ويسير بها وبحرافة حتى يصل خط المقدمة وبصورة مدهشة .. علي حمزة لاعب من الطراز النادر جداً يحمل كل مقومات النجاح في ذاته ولا شك بأن انتقاله لأهلي جدة «....!!» أفقدنا نصف قوتنا وأنا أقولها بكل صراحة.
شخصيات رياضية
هناك شخصيات رياضية من الرواد التي عاصرت المدرسة في حقبة السبعينيات مثل الشيخ ناصر بن عمير الذي ترأسها بعد رحيل الصايغ واستمر في سدة الرئاسة «3» أعوام.والشيخ ناصر بن عمير يعتبر من الشخصيات الاجتماعية والرياضية المعروفة فقد ترأس النادي الرياضي بالحرس الوطني باعتبار انه كان يشكل منصب مدير عام الشؤون المالية والإدارية بهذا القطاع.
أيضاً من الشخصيات الأستاذ عبدالعزيز بن عسكر الذي عمل سنوات طويلة بل عقود في المدرسة وقدم الشيء الكثير لهذا النادي العريق ولا أنسى الأستاذ صالح بن كنعان «رحمه الله» وهؤلاء وجدت منهم الدعم والتشجيع في حياتي الرياضية.
جيل الأمس
تسألني عن جيل الأمس.. فأجيبك لاعب الأمس كان يتميز بالمهارة والموهبة والاخلاص والانضباطيةفقد كنا نحضر للتمارين في عز الظهر لأننا نبحث عن اشباع رغباتنا الرياضية أينما كانت.. صحيح إن الامكانات كانت محدودة للغاية والملاعب ترابية فضلا عن انعدام العوامل المشجعة.. غير أن الرغبة والطموح دفعتنا في مزاولة رياضتنا المفضلة رغم الظروف ولاسيما الاجتماعية باعتبار أن الرياضة لم تكن مقبولة اجتماعياً عند المجتمع النجدي في تلك الحقبة الفارطة.
***
السيرة الذاتية للضيف
الاسم: سعد بن محمد أبو هاشل
تاريخ الميلاد: من مواليد الرياض في الستينيات
الحالة الاجتماعية: متزوج وأب ل محمد 22 سنة وفيصل 11 سنة.
المهنة: موظف في أمانة مدينة الرياض.
الشيخ عبد الله الزير والشيخ محمد الصايغ رحمه الله
سعد أبو هاشل مع ابن دحم وسعد بن سعيد عام 87 -1388هـ
علي حمزة مدافع أهلي الرياض العملاق يصافح خليل الزياني « بشعار أهلي جدة»
|