حلقات أعدها: فهد عبدالعزيز الكليب
تتميز حلقة اليوم بتناول إحدى الوثائق التي تحمل في طياتها الشيء الكثير من المعاني النقية التي كانت ولاتزال سمة أبناء هذا الوطن.. إنها وصية عبدالرزاق الجويعي التي تطالعون اليوم نبذة عنها. كما نتناول في هذه الحلقة الطبيعة التي تكتنزها أرض الزلفي وما تنتجه من خيراتها.
وصية عبدالرزاق الجويعي والحب المتأصل للدولة والقيادة
كتبت هذه الوصية في غرة شوال سنة 1299ه «1881م» وتنبع اهميتها من كونها اخذت منحنى تاريخياً وطنياً يمثل رمزية مدى الحب الصادق الذي يكنه المواطن لولاة الامر، اذ ان الموصي اوصى بأضحيتين للامامين المصلحين محمد بن سعود وذريته والشيخ محمد بن عبدالوهاب وذريته قبل اكثر من قرن ونصف القرن ولقد سبق لي ان استعرضت هذه الوصية وعرضتها وعلقت عليها بهذه الصحيفة التي اخذت السبق في نشرها في عددها رقم 7666 وتاريخ 8 ربيع الآخر 1414ه. ولكل مواطن من مواطني هذه المملكة طريقته الخاصة في التعبير عن حبه وولائه لهذه الارض المعطاءة ولقيادته الراشدة، وهذا التعبير ليس وليد اليوم ولكنه منذ القدم ومنذ بدايات قيام هذه الدولة المباركة عندما التقى الامامان محمد بن سعود، صاحب السلطة والامام محمد بن عبدالوهاب صاحب الدعوة الاصلاحية، حيث التقى هذان المصلحان على كل مافيه عز وخير هذه الدولة ومواطنيها فكان الاتفاق التاريخي الذي يعد النواة الاولى في بناء صرح هذه المملكة وعلو شأنها. وتلك الوصية التي أعرضها، عمرها الزمني اكثر من قرن حيث كتبت بتجرد ومصداقية صفاء النية باعثها الحب المتأصل في نفوس المواطنين لقيادتهم ودولتهم واخلاصهم لدينهم بنقاوة وطهارة، حيث اوصى احد ابناء هذه المملكة واحد مواطني الزلفي وهو عبدالرزاق بن محمد الجويعي بثماني اضاحي تذبح في كل سنة واحدة منها للامام محمد بن سعود وما تسلسل من ذريته، وواحدة للامام المصلح وصاحب الدعوة السلفية المباركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وما تسلسل من ذريته، ماكانوا متمسكين على هذا الدين القويم. والمتمعن في قراءة الوصية يجد مدى الحب المتأصل في نفوس ابناء هذه المملكة منذ القدم لهذا الوطن المعطاء ومدى الحب لائمة وملوك هذه الدولة فالمواطن عبدالرزاق الجويعي عبر في وقته عن وطنيته الصادقة عندما كتبت هذه الوصية التي تعد بحق وثيقة تاريخية نادرة، فهو عندما قرر بأن تكون هناك اضحيتان لهذين العلمين البارزين لم يكن ينتظر ثناء او مقابلاً من احد بل كان محتسباً الاجر والمثوبة من الله عز وجل، اذ ادرك بثاقب نظرته الواعية آنذاك مدى الدور العظيم والجهاد الكبير الذي قام به هذان الامامان المصلحان في سبيل قيام هذا الكيان الشامخ الذي لا نزال - ولله الحمد والمنة - ننعم في خيره وامنه، وسار على النهج قادة هذه البلاد فواصلوا المسيرة الخيرة والرائدة التي قوامها الايمان بالله والتلاحم والوفاء وهذا ما عبر عنه هذا المواطن المخلص.. وهذا هو التعبير الذي رمزت اليه الوصية وصاحبها فتمسك هذه القيادة كان ولايزال قائماً على هذا النهج القويم الذي لن تحيد عنه قيد انملة فلله الحمد من قبل ومن بعد. والقارئ المتفحص لهذه الوصية لابد ان يخرج بالنقاط التالية:
1- الشمولية والدقة المتناهية والوضوح التام في املاء الوصية وكتابتها.
2- ان صاحب هذه الوصية كان تقياً ورعاً محباً للخير هكذا نحسبه والله حسيبه.
3- عمق الولاء المتأصل في نفس مواطن تلك الحقبة للدولة وللقيادة.
4- ان صاحب الوصية لديه شيء من العلم والفقه في الدين.
5- حبه الشديد للدعوة والدولة، ممثلة من صاحب الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وامام الدولة محمد بن سعود.
6- ندرة هذه الوثيقة وما تحمله من مضامين اصيلة.
معالم في الزلفي تستحق الزيارة:
1- روضة السبلة: تعد روضة السبلة من اكبر رياض اليمامة في طرفها الشمالي، وتقع شرق منطقة الزلفي وهذه الروضة بحكم قربها من بلد الزلفي فلها خصوصية إذ يزرعونها بعلياً، ويعضدون عشبها، ويرعون ماشيتهم بها، وهي افضل متنزه لهم ولغيرهم زمن فصل الربيع الطلعة حيث تتحول الى واحة خضراء ذات مناظر بديعة وخلابة تتمايز سحراً وحسناً وجمالاً آخاذاً يسلب الفؤاد ويرد الراحة والروح الى عالم من الامتاع وتجديد النشاط وهي تدعوك في كل حين للاستمتاع بمفاتنها وازاهيرها من نقاوة الجو ، وصفو السماء وسكرة الصحراء وانتعاشة الافق الازرق ساعة ميعاده مع التربة الخصبة والخضرة المضيافة. ان التجول عبر رياضها المزهرة لهو من الامتاع لكل من ينشد الطبيعة البكر التي ابدعها الخالق جل وعلا.
2- السبلة.. مجرد ذكر اسمها لهو ايحاء وشحنه احلام وآمال وترقب انها «الحبيبة» بل قل ا نها احضان حبيبة تحن بلهف لضم الزائر اليها بما تحويه من انواع مختلفة من النباتات البرية والازاهير والشجيرات العشبية الفواحة ذات الروائح الزكية التي لم تخالطها مواد كيماوية اضافية مؤثرة!! بل هي عطورات طبيعية يتعطر بها كل من لامس ارضها وتوسد بساطها الاخضر وهي متوسدة بكبريائها التي تستمده من شموخ اهلها وناسها الذين احبوها واغلوها وتغزلوا بمفاتنها الآسرة. وهي تدعوك للتمتع بها والانس بما تجود به فهي بذلك تستضيفك فينم بك شعور عارم بالسعادة فهي بحق الشاطىء الصحراوي والخضرة والجمال في احسن صورة لم تستطع بعد ريشة اي فنان ان تتقمص ابعادها الجمالية بعد.. هي السبلة حيث الخزامى والنفل والاقحوان والربلة والذعلوق، والبسباس.. وغيرها. الى جانب ماعلا وورف من مختلف الاشجار والازاهير حتى انه لينطبق عليها وصف.. رؤبة بن الحجاج عندما قال: شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر ترعى، وشهر استوى» وذلك ان المطر اذا وقع الاول منه على الارض تمكث الارض تراباً رطباً فهو قوله «ثرى» ثم تنبت فيرى النبات فهو قوله «ترى» ثم يكون في الشهر الثالث «مرعى»» ثم يستوي النبت في الربيع فيكتهل.. وتعد هذه الروضة من اهم المناطق الرعوية في الزلفي وقد جرت قرب هذه الروضة موقعة السبلة في 19 شوال سنة 1347هـ بين جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - والاخوان من البادية وهي من المواقع الفاصلة والحاسمة في تاريخ الدولة السعودية.
النباتات البرية الموسمية في روضة السبلة
يتكون الغطاء النباتي في الزلفي من عدة عشائر نباتية متحيزة، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنوع الموطن «المسكن» الذي تعيش فيه، وتحوز كل عشيرة على نوع واحد اساسياً. وهذا النبات المعمر السائد هو اكثر النباتات وفرة، ويعطي نموه الشكل المميز به وتسمى باسمه وتتنوع تلك النباتات فمنها ما ينمو في المناطق الرملية، ومنها ما ينبت عند ابتداء هطل المطر فتملأ المنخفضات الواقعة بين الكثبان وتغطى المناطق المنبسطة الرملية الواقعة بالقرب من كثبان الرمال، وينمو معظمها منبطحاً على الارض وله ازهار وهناك ما ينمو في الصخور الشديدة الانحدار والممرات الضيقة والمنحدرات الصخرية لسلسلة جبال طويق، وكثير منها يمتد داخل الاودية ثم يخرج الى السهول ويمكن لنا العثور عليه في اي مكان تقريباً. ومنطقة الزلفي تحوي الكثير من النباتات البرية، نظراً لخصوبة ارضها ووفرة الكثير من الانواع البيئية. ويكون العامل المحدد لنمو النباتات هو المطر فعند نزوله في موسم الشتاء وبكميات كافية نجد المنطقة غنية بأنواع النباتات التي يصعب حصرها، وتصبح روضة غناء في فصل الربيع، مثل روضة السبلة التي تزخر بالكثير من انواع النباتات البرية سواء كانت نباتات عشبية أم شجرية في فصل الربيع ومن تلك النباتات: الخزامى، النفل، الذعلوق، الربلة، البسباس، الخبيزاء، العرفج، العشار، العوسج، السدر، البسباس، البابونج، الشيح، القرقاص، الخافور، الرخام، الصمعاء، العهينة، الحنوة، المليانة، الحدج، العاذر، العذب، القطين،الرمرام، الداتورة، الغريرا، الحزا، الجثحيات، الكمأة «الفقع» العرجون، وغيرها من النباتات الاخرى.
3- المراعي: تنتشر المراعي والغابات في منطقة الزلفي، حيث تعد المنطقة الواقعة شرق محافظة الزلفي جميعها مخصصة للمراعي، وتنحصر الغابات في الوديان الواقعة شرق المحافظة، ومن هذه الوديان وادي مرخ، ووادي الحسكي، ووادي ابو حريقة، وشعيب قرى الشيوخ، والاشجار التي تنتشر هي الطلح والسدر، كما يكثر في روضة السبلة وما حولها: العرفج والشيح والبسط والارطاء والعاذر اضافة الى النفود الغربية حيث تعد منطقة مراع، وتعد روضة السبلة من اهم المناطق الرعوية بالزلفي حيث يصعب منها وادي مرخ، ومساحتها تقدر بحوالي 20 كم2، ثم يأتي النفود الذي تكثر فيه الاشجار والشجيرات التي تتغذى على الماشية، ولعدم صلاحية اغلبيته للزراعة لوجود الكثبان الرملية، فقد استغل كمراعٍ دائمة.
3- رمال النفود وحمامات الشمس الساطعة: ينعم الزائر للزلفي بالهدوء والطبيعة الجميلة، وتأخذه جولة حرة بين اسنة الرمال النقية وكأنك تنعم بحمامات الشمس الساطعة الصافية النظيفة وما تضفيه اليك من حيوية ونشاط دائم فرمال النفود هي الايحاء وخاصة في القرى الشمالية فالرمال تكتسح كل شيء والحياة تنبض مع كل ذرة رمل من ذرات هذه الرمال المتسلسلة الدافئة ويتيه في فضاءاتها النظر بين نحوتات متحركة ومتمائلة، والوان متغيرة، لاحد لها، تبدأ معها في رحلة من التأمل لتجدد من حياتك كما تتجدد الرمال بالرمال، شريط يمر بك ببطء وانت تتأمل جمالية المنظر وكأنك في بحر أمواجه تتلاطم حتى هذه الرمال لا تخلو من «سمك الرمل» السقنة الآليف.. وهذا ارنب بري يخرج اذنيه بكبرياء الجمال وبلغة التحدي الذي يختال به بين هذه الرمال.. وذاك قط بري «تفه» ينشب مخالبه في تلك الرمال حيث يقلب فريسته، وما ان يملأ جوفه شبعا حتى يأخذ في التمرغ بحبيبات الرمل وكأني به يسبح ويعوم. ان الرمال في الزلفي نزهة خاصة تعج بالحياة والحيوية لكن القليل من يعرف اسرارها.
4- بحيرة الكسر: تلك البحيرة هي واقع لا خيال فيه وهي من صنع الله الذي احسن كل شيء، تتلألأ مياهها وتقف تسرباتها الجوفية لتكون بحيرة غاية في الحسن والجمال وكأنها قطعة مقطوعة بضربة السيف في خضم هذه الصحراء الوعرة الصلبة تنعش الامطار التي تهطل بغزارة على روضة السبلة تلك البحيرة التي تعد معلماً بارزاً اليوم من معالم الزلفي، هنا في متنزه الكسر لاحد للمتعة الحقيقية الحسية والجمالية، انزلوا بمحاذاة الكسر ثم اصعدوا النفود التي تقع شماله فأنتم على موعد في لقاء مع طبيعة مذهلة قل ان تراها حتى ولو حذقتها رسماً ريشة فنان موهوب. «الكسر» يدعوك بهدوئه وهوائه العليل ليمنحك وقتاً لن تنساه فلتجرب زيارة هذا المتنزه والحكم هنا يكون لك انت.
5- المطل الغربي «متنزه السحاب»: ان اصدق عبارة للدلالة على الشعور الذي يتملك المرء وهو يتأمل للمرة الأولى جمالية منطقة الزلفي شعور العشق والوله ولن يكون الا عبر اعتلاء هذا المرتفع عندما ترتقبه وتصل الى قمته فتطل عبر فضاء النظر على لوحة رائعة الجمال فتنطلق عبر خيالات تأملية مشحونة بالذكريات الجميلة حيث تلتقي الفروع بالجذور في ماضي الزلفي وحاضره وتذكر الاباء والاجداد والترحم عليهم عندما حطوا رحالهم في هذا الموقع الجميل. ان مكتشف ذلك المتنزه الرملي لهو بحق «مهندس» بارع وفنان يشكر على بلورة الفكرة حتى غدت واقعاً ماثلاً للعيان ويقع هذا المطل غرب الزلفي وقام على جهود الاهالي مجتمعة كما هي العادة جنباً الى جنب مع البلدية.
6- المطل الشرقي.. بوابة مشرقة على زمن جديد انه بوابة الزلفي الشرقية..تناسق واتقان وجمال، ودعوة ترحيب «يا هلا والف هلا» للزائر والحبيب وهو يتأهب للنزول عبر هذه البوابة التي روعي في تصميمها وتنفيذها اضفاء لمسات من الجمال المستوحاة من بيئته وهي تضفي نمطاً فريداً يمتزج بين الكرم «والاقتبال» اللذين عرفت بهما الزلفي من قديم الزمان، الى روعة المكان بالطبيعة المشجرة، والشلالات المنسابة على مدارج جبل طويق الاشم، فعلى مدخل البوابة، تتوالى بين ناظريك مناظر خلابة جميلة وبديعة. وتبين لك الزلفي كدرة فاتنة. وعلى أعلى صفحة الجبل السامق.. جبل طويق تستضيفيك «دكات» متنزه المطل الشرقي الجاثمة على جلاميد الصخر المائلة الى الحمرة.. هنا يكون الاستمتاع بقضاء اجمل الاوقات مع الاصدقاء والاهل والاحباب ويكون الترفيه البريء على هذا العلو الذي ترى من خلاله المنطقة بأسرها فترى بيوتاتها ورمالها ومزارعها وحقولها وواحات النخيل ومعالمها ومنائر مساجدها العامرة.
7- النقر: انه موقع استثنائي غريب وجميل وخاصة عند الغروب حينما تسطع الشمس وتحمر قبل ان تتخذ لوناً قزاحياً، بينما تتوهج الرمال الأخاذة الرائعة التي لا تنسى تحت سماء صافية مزرقة هنا نختم جمالية الصورة بأحد اجمل مسالك النقر بالزلفي التي اذا افترشت باطن النفود وانت في يوم بارد في الشتاء حيث الدفء وكأنك في حجرة مكشوفة السقف محاطة بسياج رملي جانبي.. هنا يمكن لك استنشاق هواء الطبيعة على قمم رمال تمتد عشرات الكيلو مترات، وفي هذا «النقر» استمتاع بدفء الشمس واشعتها بعيداً عن ازيز الرياح. والنقر لمن لا يعرفها هي: مفردها نقرة وهي المطمن من الارض يحيط به الرمل من جميع جهاته.
8- القرى الشمالية: حيث الدفء والنقاء، والتراث، والبساطة، والخضرة الدائمة.. هكذا هو دائماً ريف الزلفي المتمثل في قراءة الشمالية، حيث تتوخى الرمال اكتساح كل شيء، فالحياة هناك تنبض بتحد لا يعرف التوقف.. رمال ذهبية وقمم مكسوة بالخضرة وخوابي تنفتح على قرى حصينة عتيدة في القدم اخذت لون الرمال حيث توحي لك جنبات البساتين والحقول وعيدان النخيل الطويلة ومزارع القمح صفحة ناصعة البياض من عطاء ابن هذه الارض الطيبة الذي ماهو الا امتداد لصفحة نفشتها أنامل اجدادنا وآبائنا حباً وعطاء وكرماً وجوداً ورجولة.. ان التجول عبر هذا الريف الرملي نزهة لا تنسى لاكتشاف مواقع جذابة ومناظر خلابة، لا نكاد نغادرها حتى نحلم يوماً بالعودة اليها انه نداء البساطة الذي لا يقاوم.
9- البطين الجنوبي: عند بزوغ الشمس بالبطين الجنوبي تضيء اشعتها دوائر مزارع القمح، وتتراقص على الجنبات احراج النخيل الباسقة في منظر مجرد، ان التنزه عبر البطين وواحاته الزراعية متعة للحواس، وتتضاعف تلك المتعة عندما تتذوق شيئاً مما تجود به مزارعها من حلو مذاق ثمارها وانت تتظلل بأغصان النخيل المترادفة إذ يعرض طول هذا البطين الذي يسري فيه خرير السواقي كما تسري الحياة بالجسم.
10- القرى الغربية: ينبهر الزائر للزلفي اليوم وهو يرى «النوازي» وقد اصبحت قصوراً قائمة وعائمة على قمة الرمال عندما يأخذ نفسه في جولة على الطريق عبر بوابة الزلفي الغربية متجهاً الى القرى والمزارع التي تقع غرب الزلفي اذ تمتد هذه القصور يمنة ويسرة كأنها قطع منبثقة من الرمال في تحدٍ جديد يذكرنا بملحمة طريق «زليغيف» الذي كان محط انبهار كل من شاهده او سمع به.. ثم تأتي القرى الغربية بمزارعها وكأنها جزيرة رملية منبسطة ومستقلة بذاتها فتنتشي النفس التواقة الى الحسن والجمال بهذا المنظر الذي قل ان تجده الا في هذا المكان الرائع وتكاد تحسب رمالها تبرا ومياهها تمرا.
11- ميدان الفروسية: ورد في الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيامة» وقد سأل ابن ابي الجعد الازدي البارقي، قال يا رسول الله وماذلك الخير؟ قال: الاجر والغنيمة. فالفروسية مأثرة من المآثر الخالدة لانها تمثل تراثاً عربياً عريقاً واصيلاً وتمثل قيمة كبرى من القيم التراثية التي ندب الاسلام الى تعلمها وتعليمها وهي رياضة الاباء والاجداد ذات الاصالة والعراقة. وما نادي الفروسية في الزلفي الا احد المعالم البارزة بالمنطقة وقد تأسس في 14/4/1418هـ ومنذ ذلك التاريخ بدأ بإقامة السباقات على مضماره وفي عام 1418هـ تم تخصيص ارض للنادي بمساحة 4 ملايين متر مربع وتم انشاء مضمار لسباق الخيل تم افتتاحه رسمياً في 29/10/1418هـ حينما اقيمت عليه مسابقة كأس عز الخيل، ويشهد المضمار سباقاً اسبوعياً في كل يوم اربعاء حيث الاثارة والمنافسة والمتعة مع هذه الرياضة الاصيلة والعريقة.
الزراعة قديماً وحديثاً في الزلفي
منطقة الزلفي من المناطق الزراعية المهمة في المملكة لما حباها الله من ارض خصبة ومياه وفيرة، وسكانها يعملون جلهم في الزراعة منذ زمن بعيد ولذلك تكونت لديهم خبرة متقدمة بالزراعة وسبق كبير بها، وقد اشتهرت الزلفي بكثرة نخيلها وتنوع ثمرته ووفرة مياهها وكثرة خضراواتها، وتقع معظم الاراضي الزراعية في السهل الواقع بين جبال طويق في الشرق الاوسط ونفود الثويرات في الغرب، مع وجود مزارع كثيرة متناثرة في النفود الغربية والشمالية وتختلف طبيعة السهل من مكان لآخر فمعظمها اراض طينية وبها مساحات طمية والارض المتاخمة للنفود القريبة رملية خفيفة، وتجود زراعة القمح والبرسيم في معظم الاراضي وتعطي انتاجاً عالياً كما تجود بها اشجار النخيل وبعض الفواكه وزراعات الخضر المختلفة. وتختلف مياه الآبار في منطقة الزلفي من مكان لآخر فبعض الآبار الواقعة في النفود والى الغرب منه نوعيتها افضل واجود اذ يصل مجموع الاملاح الكلي في بعض الآبار الى حوالي 600 جزء من المليون وتصلح للاستعمال الآدمي وبعض الآبار وهي الغالبية يصل مجموع الاملاح فيها الى 400 ،2 جزء من المليون، ويوجد في المنطقة حوالي اكثر من 6000 مزرعة تنتج مختلف المنتجات الزراعية واهمها: القمح والتمور والخضروات والفواكه ويلقي القمح اهتماماً خاصاً من المزارعين ولذلك تتحول معظم المزارع في موسم القمح الى بساط اخضر على مدى النظر، وتشرف على مزارع الزلفي مديرية الشئون الزراعية التي كانت في بداية عهدها تضم مكتباً زراعياً تم افتتاحه سنة 1382ه، ثم فرع لوزارة الزراعة والمياه ثم رفع مستواه الى مديرية عامة. وقد وصلت الزراعة في منطقة الزلفي الى حد الاكتفاء الذاتي من المزروعات والخضراوات وتصدير الفائض منه الى المناطق والمحافظات المجاورة وذلك بفضل من الله ثم نتيجة للدعم غير المحدود الذي يجده قطاع الزراعة في الزلفي من قبل الدولة. وعدد الآبار الارتوازية تصل الى 000 ،10 بئر، ويصل اعداد النخيل المثمرة الي اكثر من مليوني نخلة يقدر انتاجها من التمور ب 15 الف طن، وتقدر المساحة المزروعة لمحصول المنطقة من القمح حوالي 800 الف دونم ويقدر الانتاج بحوالي 370 الف طن واهم المحاصيل الزراعية بمنطقة الزلفي: القمح والشعير والاعلاف والخضار والتمور وهناك عدد من المشاريع القائمة بالمنطقة كمشاريع الالبان والدواجن والاغنام والمناحل والبيوت المحمية اما عن الزراعة قديماً في الزلفي فكانت - مع رغبة النفوس اليها - قليلة وذلك لان العوامل المنشطة لقيام عملية الزراعة كانت ضعيفة، فالزراعة يحركها توافر المياه ووجود الايدي العاملة، ولو كانت الثانية فانه يتم الاستفادة منها ولو كانت قليلة الايراد بقدر الجهد والطاقة. و«الحاجة تفتقد الحيلة» كما يقول المثل العامي ولو استعرضنا مخطوطة تحفة المشتاق في اخبار نجد والحجاز لعبدالله البسام المتوفى سنة 1346ه لوجدنا بعضاً من مظاهر الزراعة والعوامل المؤثرة فيها، وضعف امكانات السكان في نجد في القدرة الزراعية - والزلفي - كما نعرف - تعد جزءاً من منطقة نجد. يقول ابن بسام: سنة 878ه كثرت الامطار ومنها الوسمي، ثم انه لما كان الصيف وحصد الناس زرعهم ووضعوها في البيادر، تتابعت عليها الامطار نحو عشرين يوماً، وذلك في اكثر بلدان نجد، فانعطنت الزروع ونبت اكثرها في البيادر من كثرة المطر». ويقول في موضع آخر: «وفي عام 1099ه كثرت الامطار والسيول ورخصت الاسعار حتى بيع التمر من عشرين الوزنة بمحمدية، والحنطة خمسة اصواع بمحمدية، وبيع التمر في العارض الف وزنة بأحمر». ولما كانت المنطقة ليست بها انهار، وامطارها متذبذبة فإن الله لم يقطعها من المياه الجوفية التي تؤدي الغرض نفسه، والمياه الجوفية تستخرج من الآبار العميقة، وكان اهل الزلفي يواجهون مشقة في كشف مكامن المياه ولا يُدرى ما يصادف اثناء عملية الحفر في طبقات الارض الصلبة والصخرية، والماء قد لا يكون حلواً، وليس غزيراً، وكان الحفر قديماً يتم بالطريقة اليدوية التقليدية وبطريقة تعاونية بين الاهالي والجيران اذ يقوم على «الفزعة» وبوسائل وادوات بدائية تتكون من «الفاروع» و «المسحاة» و «العتلة» ومجموعة من الزنابيل المصنوعة من خوص النخل، وكان الرجل والمرأة يعملان جنباً الى جنب في الفلاحة الا ان لكل منهما طبيعة عمله، فالرجال يقومون بالاعمال الشاقة كحفر الآبار وحرث الارض وزراعتها وفتل الحبال وتلقيح النخل وصرامه كذلك سياق السواني والرياسة وجلب ما تحتاجه الارض من ادوات، بينما المرأة تقوم باطعام الدبش وجلب المياه من البئر والحلب وتساعد زوجها في عملية الحصاد في موسمه «وذري» الزرع بعد دوسه وتصفيته وتطييبه، وهنالك مواسم واوقات متعارف عليها في الزراعة ومن بين تلك المواسم: موسم غرس فسائل النخيل، موسم حرث الزرع ومنه ما يزرع على المطر ويسمى البعل ومنها ما يزرع على السقي من الآبار الجوفية وهو المهم، موسم سقي الزرع»، «موسم الفلاة وهو لجمع الاعشاب والحشائش من البر، موسم درس الزرع وتصفيته، موسم الجذاذ «الصرام» للنخل وتسبق عملية الجذاذ عمليتان في فترات متباعدة الاولى هي تلقيح النخل والثانية تجريده من الشوك وذلك اتقاء وخزه.. تلك ماهي الا إلمامة بسيطة عن الزراعة قديماً من الزلفي وما صاحبها من صعوبات ومشاق كثيرة.
أنواع التمور المنتجة في الزلفي
عرفت النخيل في الزلفي منذ القدم وذلك نظراً لاهميتها كغذاء رئيسي يمكن تخزينه ونقله من مكان لآخر دون حدوث تلف له، واشتهرت منطقة الزلفي منذ القدم بزراعة النخيل ومما يدل على قدم النخلة في الزلفي ما اورده ابو حاتم السجستاني المتوفى سنة 250هـ في كتابه «النخل» حيث ذكره وجوده في «سمنان» وعريعرة» وهما معلمان بارزان من معالم منطقة الزلفي ومن بين هذه التمور:
1- خضري «خضرية» حمراء متوسطة الحجم وهي نخلة الزلفي الاولى.
2- برحي «برحية» صفراء مستديرة تشبه الروثانة، وهي افضل منها مذاقاً تؤكل يسراً وتكنز وهي حديثة الوجود في الزلفي ومنشأها العراق.
3- سكري «سكرية» صفراء مستديرة وتؤكل رطباً وتكنز وهي من افضل الانواع وحديثة الوجود في الزلفي ومنشأها من القصيم.
4- الشقراء: وهي بين الصفراء والحمراء، تؤكل رطباً وتكنز وقليلة العدد ومنشأها القصيم.
5- ام الخشب: حمراء مستطيلة تشبه الحلوة، تؤكل تمراً وتكنز وحديثة الوجود في الزلفي ومنشأها القصيم.
6- «حلوة وجمعها حلا»:حمراء كبيرة الحجم تؤكل يسراً ورطباً وتكنز.
7- بنت القطار «قطارة»: حمراء صغيرة الحجم، تؤكل رطباً وتكنز.
8- خلاص: حديث الوجود في الزلفي ومنشأها الاحساء وهي تؤكل في كل الحالات وقد حلت الآن لها مكانة وقبول وحلت محل الخضرية سابقاً.
9- رزيز «الرزيزة»: حديثة الوجود في الزلفي ومنشأها الاحساء.
10- ونانة: حمراء مستطيلة حلوة وهي حديثة الوجود في الزلفي.
11- مكتومي «مكتومية» صفراء مدورة، تؤكل في كل الحالات.
12- خنيزي: حديثة الوجود في الزلفي.
13- هشيشي: حديثة الوجود في الزلفي ومنشأها الاحساء. كما توجد انواع اخرى مثل: خصاب، صعقي، نبتة سيف، مقفزية وغيرها.
|