Sunday 22nd September,200210951العددالأحد 15 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

فلسفة التغير والتغيير فلسفة التغير والتغيير
عبدالرحمن إبراهيم الحقيل

التغير طبيعة انسانية فدولاب الحياة يدور باستمرار رغم انف الجميع.. فالطفل يكبر والشاب تدركه الشيخوخة ونهايته الموت، كل شيء في الإنسان يتغير سلوكه قناعاته الفكرية والمعرفية، البعض يتخذ موقفاً سلبياً من التغير اعتماداً على ان الثبات هو الأصل، والقيم طبيعتها ثابتة. لذا يرفض التغير ويعتبر الماضي هو المجد التليد والحاضر أفضل من المستقبل والذي يغير سلوكه وقناعاته في رأيه يعتبر هلامي التكوين يتقلب مع عوارض الزمن وصروف الايام ولهذا لا يعتبر أهلا لثقة وتحمل مسؤولية.
نموذج آخر يرى ان التغير سنة الحياة والحياة متجددة في كل لحظة والإنسان جزء من الحياة وان الثبات على مواقف وقناعات حول شيء ما في الحياة يدل على عقل مغلق لانه يفوت مكاسب وخبرات كثيرة. وان التغير سيحصل رغم أنف الإنسان ومن الأفضل للإنسان بناء على ذلك ان يكون مشاركاً في عملية التغير في ذاته على الاقل، يراجع قناعاته واحكامه السابقة ليستفيد من المعطيات المتجددة.. واذا لم يفعل فإن هناك فاعلين منتجين لأفكار جديدة سوف تفرض نفسها على الجميع فبدلا من ان يبقى الإنسان مجرد مستهلك للجديد فالأفضل ان يشارك في عملية التغير وكل انسان يقرأ هذا الكلام سيدرك ان سالف عمره يختلف عن حاضره وكون الإنسان يصنع آلة أفضل من ان يكون مسماراً فيها.
التغير الذي نتصوره قد لا يكون تغيراً في المضمون بل في الشكل مثلاً: بناء المساجد فكل مسجد مفروش بفرش فاخر ومزخرف والسقف تجد فيه بعض الزخارف ومصابيح الإضاءة والثريات الجميلة وكذلك المحاريب لا تخلو من آية قرآنية خُطت بكتابة جميلة وفن زخرفي، وأصبحت كل هذه الأشياء شيئاً عادياً ومتعارفاً عليه لأن الحياة فرضت هذا التغير لأن الناس تتسابق على تجميل منازلهم، والمسجد للناس ويهمهم اذا ذهبوا للصلاة ان يكون المسجد متوافقاً أو مقارباً لما اعتادوا عليه في منازلهم.
مثل آخر: مدارس البنات، عندما قررت الحكومة انشاءها، وهو قرار حكيم واجه معارضة شديدة من قبل قطاعات كبيرة من المجتمع لأن المرأة لا تحتاج للتعليم فيكفيها خدمة الزوج والقيام بأعباء المنزل وإنجاب الأولاد والتعليم مفسدة لها ونزع لبرقع الحياء وقاطعوا ادخال بناتهم المدارس لكن الحكومة لم تتراجع واستمرت عملية التوسع والتغير ومع دورة الزمن تغيرت المفاهيم والقناعات ونجد كل البنات الآن يدخلن المدارس كحاجة ضرورية وأساسية والجميع يرغب في إكمال جميع مراحل التعليم والبحث عن عمل للمرأة، التغير له سند شرعي وسند تاريخي.
الأديان نسخ بعضها الآخر وكان الإسلام هو الدين الذي ختم الله به الأديان فكان الدين الناسخ لجميع الشرائع السابقة والجميع في الارض مطالبون باعتناقه لأنه الحقيقة النهائية.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألغى سهم المؤلفة قلوبهم مع ان النص القرآني يعطيهم نصيبهم من الغنيمة لكن عمر أدرك مضمون النص وقال بما معناه لما كان المسلمون ضعفاء ويحتاجون إلى الآخرين لتقوية شوكة المسلمين فإنهم يعطون لإمالة قلوبهم إلى الإسلام ولما قوي المسلمون لم يعودوا بحاجة إليهم فمنع اعطاءهم سهمهم من الغنيمة وقال لا حاجة للمسلمين بهم بعد اليوم.
لو أن أبا بكر لم يشرح الله صدره لجمع القرآن فكيف ستكون حال المسلمين اليوم أو لو ان عمر بن عبدالعزيز استجاب للذين رفضوا جمع الأحاديث فإن كثيراً من الأحكام ستفقد سندها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيخسر المسلمون الارتشاف من معين حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسمع كثيراً من عشاق الايديولوجيات اعتراضهم على تغير بعض زملائهم في النضال الايديولوجي والحركي وتحولهم إلى مسار مختلف كأن يتحول بعضهم إلى اعتناق القيم الاسلامية والانخراط في الدعوة إليها، بأنه أفلس ماركسيا وتلاشت مصالحه واعتنق الأفكار الإسلامية جرياً وراء مصالحه التي يجدها في الإسلام، وفي نظري ليس خطأ ان يتحول الإنسان اذا تكشفت له الحقائق وغير من قناعاته الأولى إلى قناعات أخرى حتى ولو كان من ضمن تحوله تحقيق مصالح في القناعات الجديدة فإن الإسلام في الأصل جاء لتحقيق مصالح الإنسان ورعايتها والإسلام جاء من اجل دعوة الجميع لأن يتحولوا إليه لأنه الخير العميم في دنيا الإنسان وآخرته.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved