Tuesday 17th September,200210946العددالثلاثاء 10 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إشارة بوش للأمم المتحدة والاختبار الصعب إشارة بوش للأمم المتحدة والاختبار الصعب

* واشنطن - هيوارد لافرانشي:
يمكن القول بأن رسالة الرئيس الأمريكي جورج بوش للأمم المتحدة بالنسبة للعراق هي: إما تضغط الأمم المتحدة لتطبيق قرارات ضد صدام حسين أو سأقوم أنا بذلك.
ففي خطابه التاريخي في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي لم يحاول الرئيس بوش كثيرا تقديم الكثير من الأدلة على خطورة العراق ولكنه تحدى الجمعية العمومية بأنه سيتحرك كما تحركوا هم في الماضي.
وقال بوش إنه يستطيع أن يتحرك ضد العراق بالتعاون مع عدد قليل من الأصدقاء إذا دعت الحاجة لذلك. والحقيقة أن بوش أعطى المجتمع الدولي دورا ضئيلا عندما قال إنه كان هناك وقتا للأمم المتحدة لكي تحمي شرعيتها من خلال فرض تنفيذ الكثير من القرارات التي أصدرتها خلال عقد من الزمن لتدمير برامج العراق لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
يقول توم نيقولاس رئيس قسم الاستراتيجية والسياسة في الكلية البحرية الأمريكية إنه من الواضح تماما أن بوش يعطي الأمم المتحدة إشارة فقط، ومن خلال مقارنة الأزمة الحالية مع التحديات التي واجهتها الأمم المتحدة عشية إنشائها بعد الحرب العالمية الثانية فإنه أشار إلى رؤيته أن العراق يهدد النظام العالمي بنفس القدر الذي يمثله الإرهاب الدولي من تهديد.
يقول بوش «العالم كله يواجه اختبارا ... والأمم المتحدة تمر بلحظات صعبة ومحددة». وأضاف «هل يجب احترام جميع قرارات مجلس الأمن وتنفيذها أم يمكن تجاهلها بدون أي عواقب؟ وهل ستقوم الأمم المتحدة بالدور الذي أنشئت من أجله أم ستتخلى عنه؟».
جاء حديث بوش الأخير بعد أقل من عام من خطابه الماضي أمام الجمعية العامة الماضية للأمم المتحدة أيضا والذي طلب فيه التزاما شاملا من المجتمع الدولي بالمشاركة في المعركة ضد الإرهاب وحصل على هذا الالتزام بصورة واسعة.
وفي ذلك الخطاب قال بوش «على كل أمة أن تشارك في هذه القضية» وقد شارك العالم بالفعل فيها، ولكن حشد دول العالم لتأييد سياسة تغيير نظام الحكم في دولة كما يأمل بوش وجعل هذه السياسة هي المبرر الأساسي للعدوان أكثر من وجود تهديدات حقيقية تبرر هذا العدوان على دولة ما مسألة أكثر صعوبة، فالدول التي انضمت إلى التحالف الدولي في أعقاب الحادي عشر من سبتبمر الماضي كانت تفهم أن الحرب ضد الإرهاب ليست معركة الولايات المتحدة فقط، ولكن هذه الدول غير مقتنعة بأن المعركة ضد صدام حسين كذلك بالنسبة لهم.
وأحد مؤشرات الصعوبة التي واجهت الرئيس بوش في ترويج وجهة نظره تجاه العراق ظهرت في خطاب أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان أمام الجمعية العمومية الذي سبق حديث الرئيس بوش. لقد أكد عنان على أهمية التحرك الجماعي، وقال «حتى عندما يكون استخدام القوة ضروريا فإنه يجب أن يكون هناك دور للأمم المتحدة».وقال عنان «عندما تقرر أي دولة استخدام القوة للتعامل مع تهديدات كبيرة للسلام والأمن الدوليين فإنه لا يمكن التخلي عن الشرعية الدولية التي توفرها الأمم المتحدة.
وتناول عنان عمليات التفتيش التي تقوم بها الأمم المتحدة مشيرا إلى انها هي أول خطوة لازمة للتأكد من تدمير الأسلحة العراقية، ولكنه ترك الباب مفتوحا أمام القوة عندما قال «إذا استمر رفض العراق للتفتيش فيتعين على مجلس الأمن تحمل مسئوليته».
فهذه الكلمات التي قالها عنان تقترب كثيرا مع خطاب بوش وتشير إلى الكيفية التي يمكن من خلالها للولايات المتحدة والمجتمع الدولي تقريب الخلافات في وجهات النظر بينهما حول العراق.
تحذر الكثير من الدول من أن تحويل الاهتمام إلى الأخطار التي يمثلها صدام حسين يمكن ان تشتت الاهتمام عن الحرب العالمية ضد الإرهاب، وأنه لا يجب أن يحدث هذا وذلك على حد قول إدريس الجزائري سفير الجزائر لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى البعض أن محاولة بوش منح الأمم المتحدة دورا أكبر يمثل تراجعا عن سياسة الكثير من الجمهوريين منذ حكم ريجان عندما كان يتم تجاهل الأمم المتحدة كساحة للتحرك.
إن قائمة قرارات الأمم المتحدة التي لم تنفذ والتي يتحرك بوش على أساسها عديدة ولكن توسيع مهمة المجتمع الدولي ضد صدام حسين بحيث تشمل المهمة إجراء انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان يمكن أن يكون قبولها من جانب عدد كبير من أعضاء الأمم المتحدة أكثر صعوبة.
يقول بعض المراقبين إن بوش لن يجد صعوبة في الحصول على التأييد في الداخل والخارج من أجل تحرك سريع لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ولكن هذا التأييد سيتراجع عندما تبدأ الدعوة إلى التحرك على أسس أخرى.
يقول زبيجنو برجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق في عهد الرئيس جيمي كارتر «أعتقد أنه إذا أقام بوش قضيته على أساس أن صدام حسين ينتهك قرارات الأمم المتحدة فإنه سيحصل على التأييد اللازم لتنفيذ هذه القرارات، ولكنني أشك في إمكانية حصوله على التأييد لهذه القائمة الطويلة من الأهداف الإضافية التي وضعها لحملته المنتظرة والتي لا تعد جزءاً من قرارات الأمم المتحدة مثل إجراء انتخابات تحت إشراف دولي أو تحرير شعب العراق».
ويضيف برجنسكي: «ان بوش لم يجعل القضية أن النظام الحاكم في العراق يمثِّل تهديدا خطيرا ولذلك فإن السؤال يظل مطروحا حول ما إذا كانت كلمات بوش تعني أنه سيتوقف عند مجرد تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أم أنه يمضي بمفرده لتغيير نظام الحكم في العراق».
وفي حين كان بوش يلقي كلمته أمام الجمعية العام للأمم المتحدة كانت هناك جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي.
يقول بوش إنه سيتشاور مع الكونجرس قبل اتخاذ أي تحرك ضد العراق وأكد أن كبار مسؤولي إدارته سيشاركون في جلسات استماع بالكونجرس مقرر عقدها في نهاية الشهر الحالي.
وفي حين امتدح القادة الجمهوريون والديموقراطيون كلمات بوش فإن بعض الديموقراطيين أشاروا إلى أن هذه الكلمات لم تبدد كل مخاوفهم بشأن المضي قدما نحو الحرب.
من ناحيتهم يريد القادة الجمهوريون التصويت على قرار بدعم الرئيس.
وفي لقاء مشترك قال الزعيمان الجمهوريان جون ماكين و ترنت لوت عضوا مجلس الشيوخ إنه يجب أن نرسل رسالة إلى الأمم المتحدة وحلفاء أمريكا بأن أمريكا كلها تقف خلف الرئيس.
ولكن الديموقراطيين يريدون المزيد من الوقت لتحديد موقفهم.
يقول زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل إن هناك عدة أسئلة تحتاج إلى مزيد من التوضيح، ما هي درجة التأييد الدولي للتحرك الأمريكي؟، هل يدمر الهجوم على العراق المعركة ضد الإرهاب؟، ما هي خطط العراق بعد صدام حسين؟
وفي النهاية يمكن القول إنه وعلى الرغم من وجود الكرة في ملعب صدام حسين والأمم المتحدة لتجنب الحرب فإن بوش أمامه الكثير الذي يمكن أن يفعله.
يقول جيمس تروبر خبير الشؤون البرلمانية في الجامعة الأمريكية بواشنطن إنه ليس متأكدا من أن بوش استطاع تبديد مخاوف مستمعيه في الأمم المتحدة ولا في الشعب الأمريكي ولا حتى في الكونجرس حول هذه القضية.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» - خاص بـ «الجزيرة» .

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved