Thursday 12th September,200210941العددالخميس 5 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الدور الأمريكي في العالم الدور الأمريكي في العالم
شيستر كروكر - ريتشارد سولومن

حققت الحرب الأمريكية ضد الإرهاب بعض النجاحات
الملحوظة. فقد تمكنت هذه الحرب من تغيير موازين القوى في منطقة وسط وجنوب آسيا وتمكنت من وضع الشبكات الإرهابية في موقف دفاعي كما أن الولايات المتحدة لم تتعرض لأي هجمات إرهابية منذ الحادي عشر من سبتمبر الماضي.
ولكن عمر هذه النجاحات سيكون قصيرا إذا لم يتبعها التزام بنشاط دبلوماسي أمريكي ومساهمة في حفظ السلام وإعادة بناء الدول التي دمرتها الحروب ودعم حقوق الإنسان والديموقراطية في العالم ووقف انتشار الأسلحة مع حملة لتحسين تأثير التدخل الأمريكي وتعميق هذا التأثير في العالم الإسلامي.
هل هذه مهمة صعبة؟ بالطبع هي مهمة صعبة لأنه لا يمكن إقامة عالم سلام من خلال عملية عسكرية قصيرة المدى فقط.
إن القوة القاهرة مجرد وسيلة غبية لأنها تستطيع هزيمة الأعداء وربما تغيير نظام الحكم وتستولي على الأراضي وتزيل التهديدات المؤقتة ولكن كجنود محترفين يجب أن ندرك أن العمليات العسكرية الناجحة لا تفعل أكثر من مجرد إتاحة فرصة لتحقيق نتائج سياسية دائمة. ولكي تكون لأمريكا استراتيجية مؤثرة فإنه يجب اعتبار الحملات العسكرية الناجحة مجرد محاولة لشراء الوقت اللازم لتوفير الرد السياسي على المخاطر والتحديات وبهذه الطريقة تمكنت أمريكا من الانتصار في الحرب الباردة.
إذن المطلوب هو استخدام متكامل لجميع الأدوات المتعلقة بالأمن الأمريكي مثل التحالفات وبرامج المساعدات العسكرية ودعم الأصدقاء والمساعدة في تدريب القوات المحلية وممارسة دور أكثر فاعلية في حلف الناتو والأمم المتحدة وغيرهما من المنظمات الدولية والإقليمية من أجل إقامة نظام فعال لمنع انتشار التسلح والمشاركة الواسعة في عمليات حفظ السلام وإدارة الصراعات الدولية واستغلال القدرات التفاوضية للولايات المتحدة وأدوات الدبلوماسية الشعبية لها ووسائل إعلامها وإمكانياتها التعليمية.
فالاستقرار طويل المدى يتطلب تحطيم العزلة التي تحيط ببعض الدول وربط القادة المحليين في هذه الدول بالشبكة العالمية الملتزمة بالتنمية الاقتصادية ودعم الديموقراطية وسيادة القانون والصحافة الحرة والتسامح الديني.
وهذه المهمة لن تستطيع الولايات المتحدة انجازها بمفردها ولكنها ستحتاج بالطبع إلى قيادتها مع مشاركة من كل دول العالم في تطوير الاستراتيجية اللازمة لها وتنفيذها. وهذه الاستراتيجية تستهدف عددا من دول العالم أكثر مما يدرك أغلب الأمريكيين.
ولكي تكون هذه الاستراتيجية فعالة فإنه على الولايات المتحدة وشركائها المقربين مواجهة التحديات الأمنية في قطاع ضخم من العالم يمتد من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، وهي المناطق التي تجري فيها معارضة القيم الغربية والنظام العالمي ككل، فأفغانستان ليست الدولة الوحيدة في العالم التي استضافت الإرهابيين، والعراق ليست الدولة المعادية التي تمتلك أسلحة دمار شامل وتهدد الاستقرارالعالمي، فعلى امتداد هذه المنطقة من العالم يوجد العديد من الخارجين على القانون الذين يحكمون بالإرهاب وقد لايمكن الوصول إليهم إلا من خلال شرطي العالم وهو الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن للتدخل العسكري أن يعطي الفرصة للقادة الإصلاحيين المعتدلين في هذه الدول لتولي الحكم وتشجيع الديموقراطية والتنمية. ولكن هذا يحتاج إلى أكثر من مجرد معركة حربية قصيرة.
إن التحديات التي تواجه أمريكا وحلفاءها كثيرة وكبيرة.
ما هو أفضل سبيل لإشراك الباكستانيين والإيرانيين والإندونيسيين والنيجيريين في معالجة مشكلات العالم في الوقت الذي تعاني فيه هذه الشعوب من مشكلات رهيبة؟
كيف يمكن حشد الأوروبيين واليابانيين والروس والصينيين ومنظمات المجتمع المدني في هذه الجهود؟
ما المواقف التي يجب على الولايات المتحدة لعب دور قيادي في تحقيق السلام فيها بعيدا طبعا عن مشكلة الشرق الأوسط؟
في السودان التي استضافت في فترة من الفترات أسامة بن لادن هناك بوادر تحقيق سلام بين الحكومة والمتمردين. و في كشمير يمكن أن ينجح احتمال وقوع مواجهة نووية بين الهند وباكستان في جذب اهتمام الغرب. وفي نيجيريا وإندونيسيا يهدد ضعف المؤسسات والقادة هناك بانهيار الدولة. الخلاصة أنه لا يوجد حل عسكري سريع للقضاء على الإرهاب في العالم .
منذ نصف قرن تقريبا عندما تعرضت الأراضي الأمريكية لهجوم كبير وهو الهجوم الياباني على بيرل هاربور الذي دفع الولايات المتحدة إلى دخول الحرب العالمية الثانية ردت الولايات المتحدة على هذا الهجوم باستراتيجية طويلة المدى بهدف إضعاف الأعداء ودعم الأصدقاء والحلفاء لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي لهم. كما نظمت المؤسسات والتحالفات لتطبيق هذه الاستراتيجية بعد الحرب العالمية الثانية.
واليوم ورغم أن العالم مختلف تماما عن الأمس فإن أمام الأمريكيين فرصة مماثلة لتلك التي ظهرت أمامهم منذ خمسين عاما تقريبا للاستفادة مما تحقق لهم من نجاح في العملية العسكرية ضد الإرهاب من خلال وضع استراتيجية شاملة وطويلة المدى لحشد الإمكانيات المحلية والدولية لدعم إقامة نظام عالمي اكثر استقرارا.

* كريستيان ساينس مونيتور

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved