Friday 6th September,200210935العددالجمعة 28 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

« الجزيرة » تفتح ملف أحداث 11 سبتمبر (1 - 6) « الجزيرة » تفتح ملف أحداث 11 سبتمبر (1 - 6)
اختلال العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر
د. مصطفى الفقي: إهمال دور الأمم المتحدة أحدث خللاً في العلاقات الدولية مع أمريكا
د. جمال عبدالجواد:تغليب القوة على الحوار أصاب العالم بالتوتر والخوف من أمريكا

* القاهرة - مكتب «الجزيرة»- إنصاف زكي- علي البلهاسي- طارق محيي:
أمريكا التي عرفناها قبل الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م ليست هي أمريكا الآن عام 2002م، سنة واحدة فقط مرت على احداث سبتمبر شهدت خلالها العديد من التحولات والمتغيرات والتوجهات السياسية سواء الداخلية أو الخارجية فالولايات المتحدة الأمريكية التي كثيراً ما وصفت بأنها الدولة الكبيرة والعظمى والقطب الأوحد في العالم أصبحت بعد مرور سنة واحدة دولة بوليسية وأصبحت لغة التهديدات هي اللغة الوحيدة التي يجيدها قادتها بعد تقسيم العالم إلى محور شر ومحور خير وبعد حربها في افغانستان ومطاردة فلول القاعدة، كما تحولت الولايات المتحدة الأمريكية التي كثيراً ما وصفت بأنها أرض الأحلام إلى أرض يشع منها الخوف وتصدر القرارات المصيرية في لحظات انفعالية قد تجر عواقب سيئة.
سنة واحدة فقط مرت على احداث سبتمبر اهتزت خلالها علاقات أمريكا مع الكثير من دول العالم..
«الجزيرة» التقت بنخبة من خبراء العلاقات الدولية والمفكرين السياسيين حول أمريكا بعد مرور عام على أحداث سبتمبر.
الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشعب يؤكد في البداية انه لا نستطيع القول ان السياسة الأمريكية تحولت إلى النقيض تماماً عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر ولكن يمكن القول انها تمادت في استخدام هيمنتها وسلطاتها وطغت رؤية الانتقام عليها واصبحت هي الدافع وراء خطواتها فزادت من القاء المسؤولية على السلطة الفلسطينية مثلاً تجاه ما يحدث في الأراضي المحتلة، وزادت في القاء عبء كبير على كاهل الدول العربية والتي اتهمتها بتمويل الارهاب ووضعت كما اسمته بمحور الخير ومحور الشر، وهذه الطريقة من التفكير اهملت معها النظر إلى ادوار مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن واصبحت تتصرف وحدها بوصفها الدولة الأولى في العالم ولا شيء يقف ضدها أو يعارضها، كما تم حصر كل المشكلات التي تواجهها في مشكلة واحدة وهي محاربة الإرهاب حتى وان تدخلت في الشؤون الداخلية لأي دولة دون مراعاة ان ذلك خطأ في مبادئ السياسة الأمريكية التي قامت عليها من الأساس وتجلى ذلك في محاولات ضرب العراق وإذا كان ما تفعله أمريكا حالياً ينطوي تحت ردود الفعل ازاء ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر إلا أن ردود الفعل هذه اصبحت جزءاً من السياسة الأمريكية وتمثل خطاً متصاعداً سواء تجاه منطقة الشرق الأوسط أو غيرها من مناطق العالم، وتعتمد أمريكا في تنفيذ سياستها هذه على تحالف دولي وقف معها وساندها في محاربة الإرهاب غير ان استمرار هذه السياسة وتجاوزها في الكثير من الأحيان جعلا هذا التحالف يتفكك لان سياسة التعميم وحصر كل المشكلات في سلة واحدة لا تفيد بقية دول العالم.
وعن انعكاس هذه الأوضاع طوال عام مضى على العالم العربي والإسلامي قال الفقي: ان الرؤية الأمريكية باتهام بعض الدول العربية بإيواء الارهابيين وتمويل القاعدة سارية، والعرب هم الضحايا فأمريكا لا تسمع ولا ترى أي وجهات نظر مخالفة لوجهة نظرها في الفترة الأخيرة وما تراه هو الصحيح غير ان هذه الرؤية قاصرة وهناك من داخل أمريكا من ينتقدها بشدة وأرى أن امريكا ستتراجع عن التصرف وفقاً لردود الافعال حفاظاً على مصالحها مع العالم العربي والإسلامي.
الأمن فوق كل شيء:
ويرى الدكتور جمال عبدالجواد خبير العلاقات الدولية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان احداث 11 سبتمبر جعلت أمريكا تشعر بتهديد أمني لم يشعر به قبل ذلك حيث كانت تعيش وهم انها أكثر دول العالم التي تتمتع بالأمن ولذلك كانت الاحداث صدمة بالنسبة إليها ومن ثم عليها ردود أفعال أمريكية غير محمودة تميزت بتركيز شديد على قضية الأمن بمعناها العسكري وقال ان الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع احداث 11 سبتمبر تغلبت عليها بشدة عوامل استخدام القوة المسلحة على العوامل الأخرى المرتبطة باستخدام الأساليب والحلول السلمية والسياسية للمشكلات والتهديدات التي ترتبت على أحداث 11 سبتمبر.
واكد الدكتور جمال انه لا يمكن اعطاء أي شرعية للهجوم الإرهابي الذي حدث على أمريكا يوم 11 سبتمبر الماضي ولكن هناك اسباب بررت هذا العمل غير المشروع ضد أمريكا في اطار وجود إدارة أمريكية يمينية متشددة تعتنق سياسة متشددة يسيطر عليها شكل استخدام القوة المسلحة الدولية وكذلك تجاهل الترتيبات السياسية المستقرة بين دول العالم واعتبار المصلحة الأمريكية ورؤية هذه الإدارة لها هي التي يجب ان تسود على سياستها الخارجية مع العالم كله.
واضاف: اذن نحن أمام نوع جديد من السياسة الأمريكية بعد 11 سبتمبر تكرسه إدارة أمريكية اكثر محافظة واكثر ميلاً لاستخدام القوة وهي كذلك أكثر تجاهلاً لنصائح الحلفاء والمنظمات الدولية واقل تركيزاً على الحلول السلمية والسياسية وتركز كل اهتمامها على الابعاد الأمنية وهذا بالضبط ملخص التحولات في السياسة الأمريكية بعد احداث 11 سبتمبر وهي السياسة التي خلقت مواقف ضدها في معظم دول العالم سواء كانوا اصدقاء أو خصوماً للولايات المتحدة الأمريكية.
وفيما يتعلق بتداعيات احداث 11 سبتمبر على المنطقة العربية خلال العام الماضي اشار الدكتور جمال عبدالجواد إلى أن الاحداث تركت تأثيرات وتداعيات على منطقتنا العربية على أكثر من مستوى وقال: لقد ساهمت الاحداث بالتأكيد في تسميم العلاقة بين العرب والغرب عموماً وأمريكا بصفة خاصة وهذه العلاقات كان فيها قدر من التوتر قبل احداث 11 سبتمبر بسبب السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية وبعد الاحداث تزايدت هذا التوتر سواء على مستوى الشارع أو الحكومات ولا شك ان توتر العلاقات بين العرب والولايات المتحدة فيه خسارة كبيرة للطرفين.
واوضح ان الاحداث لفتت الأنظار لبعض الأشياء في عالمنا العربي لم ينتبه إليها العالم ولا نحن من قبل أولها معظم من قاموا بأحداث 11 سبتمبر من منطقتنا العربية وهذا ما فتح الباب لاجتهادات وتساؤلات كثيرة حول لماذا المسلمون العرب بالذات فالعالم مملوء بالمسلمين في اندونيسيا وافريقيا ومناطق أخرى فلماذا المسلمون العرب بالذات؟!
واضاف ظهرت اجتهادات كثيرة في هذا السياق بعضها يرى أن هذه الظاهرة مرتبطة بالاساس بطبيعة النظم الاجتماعية والسياسية والدعاية السياسية والنشاط الإعلامي السائد في منطقتنا العربية وكذلك محتويات مناهج التعليم وانظمته وفي هذا الاطار برزت دعوات غربية لتغيير مثل هذه الاشياء في مجتمعاتنا والتي تؤدي من وجهة نظرهم لظهور الارهاب وبهدف الحد من ظهور الجماعات الارهابية ولا شك ان هناك قدرا من الصحة في هذه الاجتهادات ولكن ليست هذه العوامل الوحيدة في ظهور الارهاب فإلى جانب العوامل الداخلية هناك عوامل خارجية ترتبط بالاساس بسياسة العالم الغربي تجاه هذه الجماعات قبل ذلك وهناك سياسات دولية تجاه المنطقة وضعت أمريكا كعدو بالنسبة الى هذه الجماعات خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
واشار الدكتور جمال إلى أن هذه التفسيرات الغربية عرضت عددا من البلاد العربية لضغوط بشأن احداث تغييرات داخلية فيها بعضها مرغوب ومطلوب بالفعل ولكن لكونها قادمة من تدخل اجنبي جعلها تثير حساسية ضدها لرفض الكثيرين لفكرة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية وهذا التدخل من شأنه أن يعطل عملية الاصلاح التي كان يمكن القيام بها دون هذا التدخل.
على الجانب الآخر هناك عدد من الدول العربية اعادت ترتيب سياستها التي كانت تقوم على اساس التحالف الوثيق مع أمريكا وخاصة مصر والسعودية والاردن وهي الدول التي تعرضت للكثير من الضغوط من جانب أمريكا مما اساء علاقاتها معها ووضع على عاتقها مهام لم تكن موجودة من قبل واولاها كيف تصنع سياستها الخارجية وتحمي مصالحها في ضوء هذا التوتر الجديد الذي لم تعد فيه أمريكا هي الحليف الوثيق مثلما كانت من قبل.
واكد الدكتور جمال ان احداث 11 سبتمبر كانت خسارة للفلسطينيين ونجاحا لشارون خاصة بعد اتجاه الغرب لتصنيف الكفاح المسلح والمقاومة التي كان معترفاً بها من اطراف كثيرة في العالم على انها ارهاب ولا شك ان الفلسطينيين لم يتكيفوا كثيراً مع هذه الاوضاع التي استجدت بعد احداث 11 سبتمبر وساعدوا شارون كثيراً على استغلال الاحداث لصالحه وتحقيق اهداف بمباركة من امريكا وعلى هذا فالفلسطينيون مطالبون باعادة النظر في اساليب الكفاح والمقاومة الفلسطينية وقد يثير هذا الشقاق والنزاع بين الاطراف المختلفة المشاركة في المقاومة ولكن لابد من توحدها على سياسة جديدة تدعم شرعية المقاومة ولا تثير عداء العالم لها.
تحولات في السياسة:
ويرى عمرو الشوبكي خبير العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام ان هناك زاويتين يمكن من خلالهما قراءة احداث 11 سبتمبر بعد مرور عام كامل عليها زاوية المفعول بهم «الأمريكان» وزاوية الفاعلين «الحركات الأصولية والقاعدة» وقال: انه فيما يتعلق بالطرف الأول الولايات المتحدة نجد ان ابرز التحولات التي حدثت في الموقف الأمريكي هو تصاعد ما نسميه بالاصولية الأمريكية التي حكمت الكثير من ردود الافعال الأمريكية منذ 11 سبتمبر وابرزها تقسيم أمريكا للعالم على اساس محورين.. محور الخير ومحور الشر.. وانتهاج السياسة الأمريكية لمبدأ «من ليس معنا فهو ضدنا» وغيرها من طرق التفكير الأمريكية بعد الأحداث مثل شيطنة الخصوم وملائكية الخلفاء والتعامل مع كل شيء على اساس انه اما ابيض وإما اسود وليس هناك وسط وهو ما حكم السياسة الأمريكية حتى الآن.
واضاف لقد تجلى هذا في اختزال كل هموم ومشكلات العالم في مشكلة واحدة وهي مشكلة الحرب على الارهاب ومكافحته وهو ما كان من تداعياته الموقف الغربي للولايات المتحدة من القضية الفلسطينية والانحياز الكامل لإسرائيل وتعالى الأصوات المنادية لضرب العراق والتدخلات الأمريكية في شؤون الكثير من دول العالم وهذا كله تأثر برد الفعل الأول بعد احداث 11 سبتمبر واذا كان العالم قد تحالف مع أمريكا بعد الاحداث في حرب افغانستان كرد فعل أولي الا ان ردود الافعال الأمريكية بعد ذلك اكدت ان هذه السياسة اصبحت فعلا مستقرا لدى الإدارة الأمريكية وهو ما تؤكده المواقف الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط وغيرها من مناطق ومشكلات العالم.
واشار الشوبكي إلى أن أمريكا برعت بعد الأحداث في اطلاق مفردات ومصطلحات غريبة تبدو عصرية من حيث الشكل وبدائية من حيث المضمون مثل محور الخير ومحور الشر والمشكلة ان هناك نظرة متطرفة مختزلة للامور حكمت الادارة الأمريكية بعد 11 سبتمبر وهو ما جعلها تتعامل مع كثير من الدول الحليفة على أنها مصدر خطر وتكريس مفهوم ان العالم العربي والإسلامي هو المسؤول عن وجود هذه القوى المتطرفة وعلينا الا ننسى ان امريكا كانت من اكثر الداعمين لتنظيم القاعدة والمتطرفين في الثمانينيات.
واكد الشوبكي ان العلاقات التي اصبحت متوترة بين أمريكا والكثير من دول العالم بسبب سياستها بعد 11 سبتمبر معرضة للتفاقم في التوتر ما لم تراجع الولايات المتحدة تقسيماتها للعالم وموقفها من التعميم والاختزال وليس معقولاً ان تتهم أمريكا دولة مثل السعودية بالإرهاب لوجود عناصر سعودية شاركت في احداث 11 سبتمبر وليس من المفروض ان تعاقب شعوب وحكومات على اخطاء عناصر كانت على الهامش وجزء كبير منهم سحبت عنه الجنسية ولابد ان تتحرر الإدارة الأمريكية من هذا الفهم المبسط والسطحي للعالم وتراجع شكل علاقاتها مع العالم العربي.
كذلك فإن العالم العربي في حاجة إلى جهود أكبر في التعامل مع العقل الغربي والأمريكي بشكل مختلف عما كان قبل وهذا يتطلب أولاً معالجة السلبيات الموجودة في مجتمعاتنا ومواجهتها بشجاعة حتى لا تظل ورقة ضغط في يد الإدارة الأمريكية تجاهنا.
توتر:
ومن ناحية أخرى يرى هاني رسلان الباحث بمركز الأهرام للدراسات .. ان احداث 11 سبتمبر على مدى عام كامل ادت إلى بروز ميول تدخلي اكثر لدى الإدارة الأمريكية في شؤون باقي دول العالم كما أدت الاحداث إلى إضعاف التنظيم الدولي ممثلاً الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقال: انه بعد احداث 11 سبتمبر اصبحت أمريكا لا تأخذ في الحسبان موافقات المجتمع الدولي في أي شيء تريد فعله واصبحت تتصرف بإدارة منفردة منعزلة عن بقية دول العالم لا يهمها في ذلك سوى تحقيق مصالحها الخاصة حتى لو كانت على حساب مصالح الآخرين واعطت احداث 11 سبتمبر الفرصة لأمريكا لأن تعدّ كل ما تقوم به من سياسات وانتهاكات حقا مشروعا للدفاع عن النفس ولم تكف أمريكا بتكريس هذا المفهوم على الساحة القانونية والشرعية فقط ولكن دفعت به الى المستوى السياسي لتفعل ما تشاء دون مبالاة دون موافقة الحلفاء الاساسيين في أوروبا وحلفائها الاقليميين في منطقة الشرق الأوسط.
واشار رسلان إلى أن مجمل التأثيرات والتداعيات لاحداث 11 سبتمبر ظهر بصورة أكبر في منطقتنا العربية في عدة جوانب أولها فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي والذي حظي بعد 11 سبتمبر بتوافق السياسة الأمريكية مع السياسة الإسرائيلية التي يقودها شارون دون مواربة أو غطاء سياسي دبلوماسي في ظل انحياز كامل لإسرائيل دون مبالاة ردود الأفعال الاقليمية.
واضاف ان الامر الثاني الذي تأثر كثيراً بأحداث 11 سبتمبر هو قضية العراق حيث استغلت امريكا الاحداث لتصور للعالم ان صدام هو بن لادن الثاني وانه خطر كامن في منطقة الشرق الأوسط على العالم كله ولابد من الاطاحة به واستخدمت ذلك في ممارسة سياسة اكثر تدخلية في شؤون العراق لتنتهج سياسة جديدة تقابل بالرفض من جميع دول العالم وهي سياسة تغيير الأنظمة بالقوة بداية بأفغانستان مروراً بفلسطين ودعوات عزل عرفات وتغيير النظام العراقي والمشكلة ان امريكا اصبحت تفعل كل شيء لحماية مصالحها دون مراعاة للمصالح الاخرى مما سيترتب عليه آثار بعيدة المدى وردود افعال غير محسوبة خاصة واننا اصبحنا نعيش فترة هيمنة وغطرسة القوة الأمريكية التي اصبحت تميل اكثر لتكريس ارادة منفردة دون حساب للآخر.
واشار رسلان إلى أن الأمر الثالث الذي كان من نتائج تداعيات 11 سبتمبر والتدخلات الأمريكية في منطقتنا العربية هو السودان بعد ان اخذت أمريكا على عاتقها رعاية حق تقرير المصير للجنوب السوداني فيما يندرج تحت محاولات أمريكا المكشوفة لتغيير الخريطة في المنطقة واعادة تشكيل منطقة وادي النيل وشمال افريقيا بما يمثل حصاراً وضغطاً على مصر والمد العربي والإسلامي مع الحلفاء في افريقيا بأن تكون هناك دولة حاجز في جنوب السودان غير قابلة للحياة مع الآخرين وتحتاج دائماً الى سند وراع خارجي هو بالتأكيد أمريكا وهو ما يشبه محاولة زرع إسرائيل جديدة في قلب أفريقيا.
واوضح رسلان ان الولايات المتحدة ما زالت أسيرة تأثيرات 11 سبتمبر وهو ما ادخلها في مشكلات كثيرة مع حلفائها الذين توترت علاقاتها معهم وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي تشن عليها أمريكا حملة من حين إلى آخر بأنها ترعى وتدعم الإرهاب وذلك على الرغم من ان المملكة بذلت جهوداً كثيرة لخدمة الاستقرار في المنطقة ومحاولة الحفاظ على الحد الأدنى للحقوق العربية في الصراع العربي الإسرائيلي إلا ان الاتجاه اليميني المتشدد للإدارة الأمريكية لا ينظر إلى وجود ثقافات مختلفة إلى جانبه مثل الثقافة الإسلامية والفرق بينها وبين ما تعدّه تهديدا لها ولابد ان هذه السياسة الأمريكية في حاجة بالفعل إلى مراجعة حتى لا تأتي بردود فعل عكسية على الإدارة الأمريكية.
صيغة جديدة:
ويرى د. أحمد الصاوي الاستاذ بجامعة القاهرة ان احداث سبتمبر جاءت سندا أمريكيا للتدخل في الشؤون الدولية بصورة اكثر جدية فبغض النظر عن تلك الاحداث وتداعياتها فلن تتخلى أمريكا عن سيطرتنا على المناطق الاستراتيجية في العالم.. مؤكداً أن احداث سبتمبر جاءت دافعا لقيام أمريكا باحتواء حلفائها من الدول الأوروبية الأمر الذي ادى الى تطلع تلك الدول لدور سياسي أكثر أهمية على المستوى الدولي، وهو ما قد يولد صدامات مع الجانب الأمريكي الحليف، لكن سرعان ما ينتهي لصالح واشنطن خاصة اذا كان امراً يتصل بحدث خارج القارة الأوروبية كالحرب على الإرهاب أو ضرب العراق أو اتفاقية ماشاكوس.
أما فيما يتعلق بتداعيات تلك الاحداث على دول العالم الثالث فيقول د. الصاوي ان تلك الدول تتطلع في الوقت الحالي لعدم تقسيمها وفقاً لخريطة سياسية تفرضها واشنطن وتعارض أي دور لأمريكا في اثارة النزاعات الاثنية والطائفية وخلق دول اصغر حجماً واقل مورداً تماماً كما يحدث في منطقة البحيرات وبنود اتفاقية ماشاكوس وتلويحات أمريكا بتقسيم العراق والتهديد بتقسيم السعودية ومصر لجيوب صغيرة.
أما اثر تلك الاحداث على القضية الفلسطينية فيؤكد د.الصاوي ان امريكا دعمت من قوة الموقف الإسرائيلي واصبحت لسان حال الحكومة الإسرائيلية وهو ما ينتهي إلى عملية ابادة كاملة للعب الفلسطيني وتهجير العرب نهائياً من الأراضي الفلسطينية ومن مظاهر ذلك تخلي الولايات المتحدة نهائياً عن اي دور في عملية السلام وتحولت من طرف محايد أو شريك إلى طرف إسرائيلي بل اكثر من إسرائيل.
وحول علاقة السياسة الخارجية الأمريكية بالقوى العظمى يقول الصاوي ان الصين تحاول الان القيام بدور مستقل في سياستها الخارجية خروجا عن السيطرة الأمريكية وبالفعل استطاعت إلى حد ما النجاح في هذا الأمر بما لديها من امكانيات مادية وعسكرية وهو ما قد يخلق تقارباً بين الصين ودول العالم الثالث خاصة الدول العربية اما روسيا فقد اصبحت بطبيعة ضعفها السياسي والاقتصادي اكثر حاجة الى أمريكا وأوروبا مما همش من دورها السياسي العالمي واصبحت ليست ذات أهمية بالنسبة الى السياسة الخارجية الأمريكية فلا ننتظر قيامها بأي دور على الصعيد العالمي، وأكد الصاوي ان السياسة الخارجية الأمريكية بعد احداث سبتمبر حاولت افراز صيغة جديدة للتدخل الدولي فكان اعلانها الحرب ضد الارهاب والتي من المنتظر ان تتصاعد اكثر واكثر كلما رأت أمريكا حاجة الى التدخل الاستراتيجي وخلق حلفاء جدد يكنون الولاء والطاعة لسياسة واشنطن.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved