Thursday 29th August,200210927العددالخميس 20 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وضع الاقتصاد الأمريكي «1-3» وضع الاقتصاد الأمريكي «1-3»
الفساد يهيمن على اقتصاد أغنى دولة في العالم

* القاهرة - مكتب «الجزيرة» - محمد العجمي:
أعلنت الكثير من الشركات افلاسها، ودخل الاقتصاد الأمريكي في مرحلة التباطؤ والركود آخرها افلاس أكبر الشركات الأمريكية نتيجة للتلاعب في ارباحها واصولها بهدف تربح مديري هذه الشركات دون النظر إلى المستثمرين، وهذه الأزمات التي تصيب الاقتصاد الأمريكي لن تبقي على الرئيس بوش اذا لم يعيد النظر في محاولة لاخراج الاقتصاد من هذه الأزمات .
فما هي قصة هذه الشركات؟ وكيف انهارت بهذه السرعة رغم ضخامة استثماراتها في أمريكا والعالم، ربما لتكون دروسا نستفيد منها في مواجهة شبح الانهيار الذي قد ينتشر خارج أمريكا في الأيام المقبلة خاصة وقد ثارت تساؤلات عن مدى صدق وجودة المعايير المحاسبية للشركات البريطانية، وبصفة خاصة شركة «بوتس» لاكشاك الهاتف وشركة كابل اند وايرلس برغم عدم ثبوت تورط أي منهما في تزوير تقارير مالية.. وإلى جانب ان الشركات الأوروبية التي تطبق معايير المحاسبة الأمريكية بدأت تتراجع عن تطبيق هذه المعايير وبدأ المساهمون في هذه الشركات يتشككون في مدى صدق بياناتها المالية.
انرون في مجالات الطاقة:
بدأت سلسلة فضائح الشركات منذ الخريف الماضي فقد تم الإعلان عن افلاس شركة «انرون» العملاقة في مجالات الطاقة ، وادين مكتب المحاسبة والمراجعة الأمريكي العالمي «ارثر اندرسون» بتدمير الوثائق والمستندات الخاصة بالشركة ويقول حازم حسن رئيس جمعية المحاسبين والمراجعين الماليين ان في حالة شركة «انرون» جرى اعداد القوائم المالية لتعظيم الارباح الظاهرة على غير الحقيقة وذلك من خلال خرق مبدأ محاسبي يقضي بعدم زيادة قيمة اصول الشركات عن طريق تدوين القيمة السوقية في القوائم المالية بدلاً من القيمة الدفترية بارتكاب سلسلة من الحيل المعقدة وهذه الحيل تسمح باستفاء الشكل المحاسبي ولكنها في الواقع مظهر من مظاهر الربح الذي يوفر الفرصة لزيادة التوزيعات النقدية للأسهم وهو ما حدث بالفعل.. ويضيف حازم حسن ان الشركة قامت بإنشاء سلسلة مشروعات مشتركة مع أطراف أخرى وحصلت هذه المشروعات على قروض ضخمة من البنوك بضمان الشركة الأم مع اخفاء ذلك عن البنوك التي تقدم التسهيلات الائتمانية لشركة «انرون» ومع تحقيق بعض هذه المشروعات لخسائر ضخمة التزمت الشركة الأم بتغطية المديونيات والبالغة مليارات الدولارات وانكشف موقفها أمام البنوك الدائنة والتي اضطرت إلى وقف تسهيلاتها الائتمانية للشركة، وانكشف ذلك على المستثمرين فانخفض سهمها في البورصة وسارت في طريق الافلاس.
وورلد كوم للاتصالات:
أما الفضيحة الثانية فكانت لشركة «وورلد كوم» ثاني أكبر شركة للاتصالات وخدمة الإنترنت في العالم والتي تفجرت في الاسبوع الأخير من شهر يونيو الماضي عندما اعترفت الشركة باخفاء نفقات تشغيل بقيمة 85 ،3 مليارات دولار وتدوينها في الدفاتر باعتبارها استثمارات طويلة الأجل مما اتاح للشركة تضخيم عائداتها المالية واظهار ارباح غير حقيقية في واحدة من أكبر الفضائح المحاسبية في التاريخ وقد اثارت مشكلة وورلد كوم ومقرها كلينتون بولاية مسيسيبي ازمة في اسواق المال التي انخفضت بدرجة كبيرة في الاشهر القليلة الماضية.. وقد ادت موجة الفضائح المحاسبية التي بدأت بسقوط شركة «انرون» ثم شركات مثل جلوبال كروسينج وتيكوانترناشيونال وادلفيا كوميداني كيشنز إلى موجة اعتقالات بين قيادات هذه الشركات من بينهم اثنان من ووردلدكوم هما سكوت سوليفان المدير المالي السابق والتي اضطرت الشركة إلى فصله، وديفيد مايرز المراقب السابق والذي استقال بعد شهرين من طرد رئيس مجلس الإدارة «بيرني ايبرز» والذي يمثل رمزاً من رموز امبراطورية الفساد الأمريكية ولعل قصته التي نشرتها جريدة «الاندبندنت» البريطانية توضح ملامح الفساد في ظل النظام السياسي- الاقتصادي الأمريكي، فقد بدأ حياته بائع لبن وانتقل إلى عمل حارساً والتحق بمدرسة ثانوية لدراسة التربية البدنية وعمل بها عقب تخرجه مدرباً لكرة السلة، وفي عام 1983م تركها وامتلك سلسلة من فنادق الطرق وبدأ يجمع الأموال بشتى الطرق فكان يقوم بإعادة بيع فائض المكالمات التليفونية الدولية، واسس مع مجموعة من المستثمرين الصغار شركة صغيرة لخدمة الانترنت والاتصالات سرعان ما تضخمت عن طريق شراء 70 شركة مماثلة بالتدريج، وفي كل صفقة لم يكن يدفع دولارا واحداً وانما اسهم من شركته التي اصبحت تحمل اسم «وورلد كوم» ثم يعمد إلى تقليص النفقات الإدارية إلى أقصى حد ممكن حتى تمكن في 1973م بشراء صفقة العمر وهي شركة «ام.سي.أي» التي كانت ثاني أكبر الشركات الأمريكية في الاتصالات وخدمات المعلومات، وفي اقل من خمس سنوات تحول «بيرني ايبرز» إلى ملياردير واصبحت شركته تضم في مكاتبها 80 ألف موظفاً فهو يمثل النموذج الأمريكي الذي حلم بالصعود بسرعة الصاروخ إلى قمة الثروة والمجد بلا مؤهلات حقيقية أو ارتكاز على أسس قوية، ومن ثم يكون السقوط مدويا وبسرعة الصاروخ ايضا فخرج مطرودا من الشركة بعد أن وصلت ديونها 30 مليار دولار، وان كان قد اقنع مجلس الإدارة قبل طرده على اقراضه مبلغ 400 مليون دولار بفائدة بسيطة لا تتعدى 5 ،2% لتعويض خسارته من المضاربة في البورصة واصبح هذا المبلغ موضع تحقيق جنائي واقامت لجنة عمليات البورصة دعوى قضائية ضد الشركة «وورلد كوم» وطلبت استصدار أمر قضائي بمنع الشركة من التصرف في اصولها أو تدمير مستنداتها أو دفع مكافآت لكبار موظفيها.
وكانت الفضائح المحاسبية التي اعلنت الشركة عنها من قبل قد ادت إلى رفع دعوى عليها من قبل اللجنة الأمريكية للأوراق المالية والصرف في يونيو الماضي، ودفعت «وورلد كوم» لاشهار افلاسها في يوليو الشهر الماضي في أكبر عملية افلاس في تاريخ الولايات المتحدة حيث شملت ديونا قدرها 41 مليار دولار، واصولاً قيمتها 107 مليارات، واتهمت الشركة بالاحتيال لاخفائها مبلغ 22 ،1 مليار دولار من الخسائر على مدى 15 شهراً منذ بداية عام 2001م والغريب أن صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت عن ان مجموعة «وورلد كوم» ستدفع لرئيسها السابق «بيرني ايبرز» تعويضات بقيمة 5 ،1 مليار دولار سنوياً حتى وفاته، و750 مليون دولار لزوجته اذا توفي قبلها.
زيروكس والسقوط:
ونشرت نفس الصحيفة ان شركة «زيروكس» لآلات النسخ التي تعاني من صعوبات مالية تعمدت تضخيم عائداتها بما يوازي ستة مليارات دولار خلال الفترة من 1997م إلى 2001م وكشفت عن مخالفات عديدة ارتكبت بغرض تضخيم العائدات من خلال التلاعب في الحسابات على مدى الأعوام الخمسة الماضية لتبلغ 4 ،92 مليار دولار، بمجرد نشر التقرير انخفض سهم زيروكس بنسبة 28% في البورصة، واضطرت الشركة إلى القول بأنها تعتزم اصدار بيان جديد عن نتائج أعمالها يتضمن تعديلات بنحو ملياري دولار من عائداتها عن السنوات الخمسة، ولم تعلق على الستة مليارات.
امتراك والإنقاذ:
تتمثل شركة «امتراك» في ان ديونها تقترب من اربعة مليارات دولار مما جعل دائنيها يمتنعون عن تقديم قروض جديدة قد تعجز عن تسديدها، ولا سيما ان التدقيق المحاسبي لاعمالها عن العام الحالي لم يستكمل بعد.. مما دفع الشركة بمطالبة الحكومة بضمانات قروض تزيد قليلاً على 200 مليون دولار، وقد اسرعت إدارة الرئيس جورج بوش إلى وضع خطة لانقاذها من الافلاس تتضمن الخطة تقديم ضمانات قروض لا تقل عن 100 مليون دولار، والقى وزير النقل نورمان مينيتا كلمة امام اعضاء الكونجرس حول الازمة المالية التي تعاني منها الشركة الوحيدة للسكك الحديدية التي تنقل الركاب بين المدن الأمريكية.
هذا بخلاف الشائعات التي امسكت بشركة «جنرال موتورز للسيارات وشركة ميراك» العملاقة في مجال صناعة الدواء.. وهذه الهزات والتي يتوقع الخبراء المزيد منها في الايام المقبلة وتساقط الشركات الواحدة تلو الأخرى تؤدي إلى ازمة ثقة في اسواق المال إلى جانب الانخفاض في سعر الدولار وهما اكبر خطرين على ازدهار الاقتصاد الأمريكي والدولي.. وقد تدفع هذه الحالة الكثير من المستثمرين إلى الهروب من السوق الأمريكي مما يزعزع الاستقرار في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وان حملة اسهم الاتصالات شهدوا تدهوراً في قيمته بلغ في السنوات القليلة الماضية اكثر من الفي مليار دولار، واصبح نصف مليون موظف عاطلين عن العمل وقفز حجم ديون الشركات الأمريكية التي لا تعمل في الاستثمارات المالية إلى 4870 مليار دولار في نهاية مارس الماضي أي حوالي نصف قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved