* القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح:
أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية مؤتمرها العام السادس بالقاهرة بمشاركة عدد كبير من الوفود العربية والإسلامية وأعضاء الرابطة.
ناقش المؤتمر على مدار يومين عدداً من القضايا الإدارية والفنية الخاصة بأنشطة الرابطة وما تقوم به المكاتب الاقليمية من جهود، وقد عقدت ست جلسات ضمن محور «مداولات الهيئة العامة» التي أدارها رئيس الرابطة د. عبدالقدوس أبو صالح وتحدث الأعضاء عن أهمية طبع كتيب يضم أسماء أعضاء الرابطة وسير ذاتية مختصرة لهم، خاصة أن عددهم يتجاوز الألف من الأدباء والنقاد وأساتذة الجامعات المهتمين بقضايا الأدب الإسلامي، واقترح البعض أن تقوم الرابطة بتطوير معجم الأدباء المسلمين وتنقيحه بدلاً من طبع كتيب جديد، كما كان هناك اقتراح آخر بالاستفادة من شبكة الإنترنت وتطوير موقع الرابطة ووضع أسماء وعناوين أعضائها على الموقع توفيراً للجهد والنفقات.
وتناول الأعضاء في مداولاتهم القصور الإعلامي وغياب صوت الرابطة عن الجمهور العام رغم ما يصدر عنها من مجلات «7 مجلات» وملاحق أدبية، ورغم تنظيم الرابطة لأربع مسابقات أدبية وطبع العديد من المؤلفات والأبحاث المختلفة، وأشاد د. مأمون جرار رئيس مكتب الأردن إلى تجربة المكتب الفريدة ونجاحه في عقد ندوة اسبوعية متميزة وإلى تحقيق حضور إعلامي وأدبي على الساحة الأردنية نتيجة حسن التنظيم والجهد التطوعي للأعضاء.
بالنسبة لاعتراف الجامعات والأقسام الأدبية بوجود أدب إسلامي، خاصة بعد ربع قرن على ظهور الرابطة، أبدى الدكتور عبدالقدوس دهشته واستغرابه من عدم وجود قسم للأدب الإسلامي في الجامعات العربية باستثناء جامعات المملكة، وهنا أشاد د. علي صبح عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر إلى أن الجامعة قررت تدريس مادة الأدب الإسلامي منذ عام 1996م.
كما تداول الأعضاء الأحوال المالية للرابطة وأهمية الاعتماد على الجهل الذاتي والتطوعي، وكذلك شروط العضوية وانتخاب الرؤساء، وطالب البعض ألا تتجاوز مدة الرئاسة ثماني سنوات لإتاحة الفرصة أمام آخرين.
خلال المداولات وسماع الاقتراحات كانت هناك فرصة ليعرض رؤساء الوفود وممثلوها لحاضر الأدب الإسلامي في بلدانهم، فتحدث وفد السودان عن تأسيس مكتب رسمي للرابطة مؤخراً هناك، وتحدث ممثل كردستان العراق عن الأدب الكردي الإسلامي وسماته وعن معاناة الشعب الكردي التي وسمت الإبداع بالقوة والفوران والرهافة وما يشهده الأدب الإسلامي حالياً من صحوة كبيرة تتجاوز أفق إصدار المجلات وإقامة الندوات إلى بث قنوات فضائية إسلامية.
تقريب المفاهيم
في اليوم الثالث والرابع انتقل جدول الأعمال إلى المحور الثاني ويتعلق بتقريب المفاهيم عن الأدب الإسلامي، عقدت ست جلسات لمناقشة المفهوم والمصطلح وعرض المتحدثون في وجازة شديدة أكثر من عشرين بحثاً.
كان الطابع الغالب على الأبحاث الانشغال بسؤال الهوية، فعلى سبيل المثال تحدث د. عدنان النحوي عن التعريفات المتعددة للأدب الإسلامي وتقسيم الأنواع الأدبية ما بين أدب إسلامي ملتزم وأدب حيادي وأدب كافرين، وأشار إلى صعوبة تحديد تعريف حاسم يحدد هوية الأدب الإسلامي مؤكداً على تنوع لغات هذا الأدب الذي لا يقتصر على اللغة العربية فحسب.
وفي بحث الأستاذ كمال مقابلة « مصطلح الأدب الإسلامي» اتجه الباحث وجهة وصفية عرض فيها لظهور المصطلح في الخمسينات من القرن الماضي وما تثيره من إشكاليات ودلالات.. ورغم جدية الطرح إلا أنه اكتفى بالتوصيف دون التقييم والتفسير.. أما الدكتور عبدالباقي شعيب «نيجيريا» فقد تحدث عن الأدب الإسلامي كفكرة وعلاقته بالواقع مشيرا إلى أهمية تجاوز المصطلح والتأصيل له إلى المتابعة النقدية للنصوص الأدبية نفسها.
أغلب المتحدثين اتفق على اختيار «الأدب الإسلامي» كمصطلح بدلاً من «أدب الدعوة الإسلامية» لأن الأول أشمل وكذلك بدلا من مصطلح «الأدب الملتزم بالإسلام».. كما اتفق الحضور على تعريف عام بأن هذا الأدب هو: تعبير فني هادف عن الحياة والكون وفق تصور إسلامي.
من ناحية أخرى اعترض البعض ومنهم الدكتور حلمي القاعود على الإنشغال بالتقسيمات ورفض أن يغالي الباحثون بالقول بأن هذا أدب إسلامي وذلك أدب كافرين، فيكفي أن يركز النقاد على تبيان الجوانب الفلسفية والجمالية للأدب الإسلامي.
ولعل بحث الدكتور عبدالقدوس أبو صالح رئيس الرابطة يعبر عن هوية هذا الأدب أصدق تعبير فيما يتعلق بالمصطلح وتعريفه ومصادر هذا الأدب وإيضاح حدوده وسط إشكال وأنواع أدبية أخرى، كما أشار إلى معارض المصطلح إما اكتفاء بما هو قائم مثل مصطلح الأدب العربي وإما رفضا لإدخال الإسلام في كل شيء حتى الأدب لشعورهم بأن هذا الأدب يعد خطراً على الآداب الدخيلة كالوجودية والبعثية.. وناقش د. أبو صالح بدائل المصطلح المقترحة وفندها وتقسيم النتاج الأدبي إلى ثلاثة دوائر، أولها الأدب الملتزم بالتصور الإسلامي «وبالطبع يفترض ضمناً أنه صادر عن أديب مسلم» والأدب الحيادي الذي لا يخالف التصور الإسلامي وإن لم يلتزم به «ربما تصلح أعمال طاغور كمثال» والأدب المضاد لهذا التصور. وأكد د. أبو صالح أن اللغة العربية هي لغة هذا الأدب الأولى ونفى أن يكون اطلاق لقب أديب إسلامي يسيء إلى أديب آخر أو يخرجه من دائرة الإسلام وإنما المقصود من المصطلح أن هذا الأديب متخصص في أدب بعينه تماماً مثلما نقول مفكر إسلامي أو كاتب إسلامي.
كذلك نفى د. أبو صالح أن يكون الأدب الإسلامي أدباً وعظياً تقليدياً كما يدعي البعض، فهو أدب له جمالياته ويتوفر فيه صدق التجربة والشعور وجمال الأسلوب وروعة الأداء، لأنه لو تخلى المبدع عن هذه القيم الجمالية فلن ينتج أدباً أو فناً.
ملاحظات
كان السؤال الذي دار على ألسنة الكثيرين ممن تابعوا أنشطة المؤتمر السادس للرابطة: هل ما زالت الرابطة تناقش المصطلح وتسعى إلى تقريب المفاهيم، خاصة أن هذا تكرر في مؤتمرات كثيرة سابقة بما يعني أن الأدب الإسلامي ما زال يبحث عن هويته ولم يجدها بعد ربع قرن من تأسيس الرابطة!
الملاحظة الأخرى تتعلق بقيمة الأبحاث التي ناقشت المفاهيم المطروحة والتي من أجلها قطع الأعضاء آلاف الكيلو مترات من أقصى الهند إلى أقصى السودان.. عدد لا بأس به من هذه الأبحاث غير محكم ولا يرقى إلى مستوى مؤتمر عالمي أو محلي والطريف أن عدداً آخر من هذه الأبحاث لا علاقة له على الإطلاق بموضوع المؤتمر من قريب أو بعيد.
وأبدى الكثيرون دهشتهم من أن الأبحاث لم تطبع في ملف واحد محكم بما يتيح الفرصة أن تستبعد الأبحاث غير ذات الصلة وتختزل عدد المشاركين في الجلسات «خمسة مشاركين في بعض الجلسات» بدلا من أن يضطر المتحدث إلى إلقاء بحثه لاهثاً تحت ضغط الوقت.
ومن الصعب فصل الملاحظات العلمية عن الملاحظات الإدارية والفنية، فرغم الجهد الدؤوب للدكتور عبدالقدوس الذي كان الدينامو الحقيقي للمؤتمر ولولا ذكائه وأريحيته لأخفق المؤتمر في تحقيق المرجو منه، فالحق يقال كان هناك تخبط واضح في النواحي التنظيمية وافتقاد للحس الإعلامي وعدم تحديد للمسؤوليات، مما أدى لبعض الفوضى والمشاحنات أحياناً بين المشاركين، ويمكن إلقاء اللوم في ذلك على أن المؤتمر كان أكبر بكثير من امكانات مكتب القاهرة ومن الفندق الذي أقيم به!!
أمسية شعرية
في اليوم الرابع - آخر أيام المؤتمر احتشد عدد كبير من الشعراء العرب والمسلمين لإلقاء قصائدهم الشعرية في أمسية رائعة أذابت جفاف النقاش الأكاديمي، فتبارى الشعراء د. جابر قميحة وعلية الجعار وسمير فرج والنبوي شعلان «مصر» وحسن الأمراني «المغرب» وحفيظ الدوسري وخالد الحريبي «السعودية»، والطريف أن معظم الشعراء أنشدوا للقدس والشهداء وأبطال المقاومة دون اتفاق مسبق، وبصراحة شديدة حفل عدد من القصائد بقيم جمالية متميزة بينما جاء عدد آخر دون المستوى وشديد الخطابية! وتساءل أحد الحضور عن سر العناية بالشعر وحده نقداً وإبداعاً وكأنه مؤتمر للشعر الإسلامي فقط!
توصيات
اختتم المؤتمر فعالياته بعدد من التوصيات منها:
إنشاء مكتبات متخصصة في الأدب الإسلامي.
تنمية العضوية في الرابطة بزيادة عدد الأعضاء.
تعزيز النشاط الإعلامي.
إقامة علاقات مفيدة مع اتحادات الكتاب والجمعيات الأدبية المختلفة.
توسيع نشاطات المكاتب الاقليمية داخل بلدانها.
تبادل الزيارات بين أعضاء المكاتب لإثراء الأنشطة.
إصدار نشرة دورية وإقامة مسابقة سنوية والتعريف بإصدارات الأدباء المسلمين.
الاهتمام بفنون المسرح وأدب الأطفال والنشر الإلكتروني.
|