Friday 23rd August,200210921العددالجمعة 14 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

غربة الوطن!! غربة الوطن!!
عبدالسلام سليمان العامر /حائل



روحي وما ملكت يداي فداه
وطني الحبيب وهل أحب سواه

حين يغترب أو يُغرب الإنسان لفترة زمنية طويلة أو قصيرة عن وطنه فهو حتماً يشتعل شوقاً وحنيناً ولهفة للأم والأب والأهل والأحباب والأصدقاء فهو شعور طبيعي وفطري في النفس البشرية ولكن في كوامن النفس يبقى حباً كبيراً وفطرياً لا يقل عن سابقه ألا وهو الوطن.. لسمائه وأرضه وجباله وهوائه حتى لشمسه الحارقة في لهيب الصيف.. كل شيء في ذات الإنسان تذكره وتصارعه شوقاً للوطن الذي شربنا حبه والانتماء له مع قطرات حليب أمهاتنا وتنفسنا هواءه بصفائه وغباره واحتضنا ولفنا برداء الأمن والاستقرار.. إنه حب فطري لهذا الوطن لن تستطيع أي قوى داخلية أو خارجية أن تؤثر سلباً على هذا الحب الكبير ولن تحيدنا قيد أنملة عن حبه وولائه بمواعيد وأوهام أو وطن بديل «هجرة» لنتنصل منه لا وألف لا حتى لو اغتربنا أزمنة طويلة يبقى الوطن في صميم القلب وهل يستطيع الإنسان أن ينزع من قلبه حب أمه وأبيه..
يقول شوقي:


وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي

ونلاحظ عند حلول الصيف وبدء الإجازة الصيفية أن كثيراً من السعوديين يبدأون التفكير بالهرب من لهيب الصيف وشدة حرارته وكل يحدث نفسه إلى ماذا يتجه وأي بلد؟ وحين يسافر ويتلذذ بالجو العليل والطبيعة الساحرة وكل شيء جميل وحتماً يتعرض لمواقف يومية تذكره ببلده فيطلق آهات على وطنه وقد ينطق فوه.. أحبك يا وطني بلهيب صيفك وقسوة شتائك.. وإن كانت إقامته دائمة للدراسة أو العمل كل يوم يمر به يمثل شوقاً وحباً متجدداً لا ينضب للوطن ولا يقبل أن يسيء أحد لوطنه ويظل المدافع عنه مبرزاً صورة بلده الجميلة المشرقة ورقيها وحضارتها ولا يعيب أن يبدي بعض مساوئه التي لا تهين بلده أو تعري مجتمعه.
ويقول شاعر:


فالمرء قد ينسى المسيء المفتري
لكنه مهما سلا هيهات يسلو موطنا

أتى مجموعة من الأدباء العراقيين إلى الكويت لزيارة زميلهم الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب وكان منفياً في الكويت وفي أواخر حياته كان يرقد على فراش المرض سأله أحدهم كيف حالك؟ ولم يجبه عن صحته وهو على فراش الموت قال: لا تسألني عن حالي وسلني عن العراق وفيه أنشد قصيدة في وطنه قبل أن يلفظ أنفاسه إنه الحب الفطري للوطن حتى وأنت تصارع الموت، وفي بلدنا نعتز أن لدينا علماء كثرين وكماً كبيراً من المبدعين في الأدب والثقافة والتربية والطب والعلوم المختلفة.. نفتخر ونفاخر بهم بين الأمم ولكن يجب ألا تطغى الأنا العليا «بضم العين وفتح اليا» في نفوسنا بأننا فوق الكل وأننا وصلنا مرحلة الكمال بل نستقي العلم والمعرفة من كل ينبوع معرفة في العالم حتى نفيد بلدنا وبالتالي نضع مكانة مرموقة للوطن فيبقى حبه ما بقيت الروح.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved