كثيراً ما يصادف المرء على المستوى الشخصي أو فيما يتعلق بعمله أو ما يصادف المؤسسات والشركات فكرة امتلاك أو استئجار العقار أو المعدات أو وسائل المواصلات أو حتى الآلات المستخدمة في المكاتب كأجهزة الحاسب الآلي.
وفكرة الشراء أو الاسئتجار ليست فكرة جديدة نطرحها اليوم للنقاش فحتماً كان المرء في الماضي يمارس نفس التفكير ونفس السلوك فيما يتعلق بسكنه أو مقر عمله «الدكان» وأحياناً ما يتعلق ببعض أدوات عمله «لأصحاب المهن قديماً».
إلا انه مع تطور ظروف الحياة وتشعب الأعمار وظهور عامل التقنية الحديثة والتطور السريع الذي يلاحقها مما يجعل العديد من المعدات والأجهزة في حكم القديم أو عديم الفائدة في الظروف المحيطة بالعملية التصنيعية وغيرها من الأعمال ناهيك عن العنصر المادي بالنسبة للعديد من المؤسسات والشركات فقد وضحت أهمية عملية المقارنة بين شراء الشيء أو استئجاره كأحد القرارات الهامة والجوهرية في نطاق الأعمال للعديد من المؤسسات والشركات في وقتنا الحالي.
ويحكم مثل هذا القرار «الشراء أم الاستئجار» عوامل عدة لابد من أخذها في الاعتبار للتوصل إلى القرار السليم بشأن هذا الموضوع سواء كان ذلك على المستوى الشخصي أو على المستوى التجاري «فرداً كان أو شركة».
وامتلاك الشيء أو شرائه قد يكون عن طريق دفع قيمته نقداً أو بواسطة ترتيبات ائتمانية كالاقتراض وإعادة المبلغ بعد فترة أو عن طريق تسديده على فترات شهرية أو سنوية وذلك حسب نوعية الشيء المراد شراؤه وقيمته إلا ان هذا موضوع آخر «الدفع عن طريق الاقتراض» لا يدخل في نقاشنا في موضوعنا هذا.
ولأجل التوصل إلى قرار بشأن الشراء أو الاستئجار فلابد من النظر إلى بعض المزايا والعيوب لكل منهما.
فعندما يقرر الشخص استئجار الشيء المراد الاستنفاع به أو استخدامه فإن ذلك محكوم بعدة عوامل يأتي في مقدمتها طول الفترة أو قصرها لعملية الاستنفاع من الشيء فلو كانت الفترة قصيرة جداً فحتماً سيكون قرار الشخص أو المؤسسة التجارية استئجار الشيء لتلك الفترة لقصرها وعدم جدوى الشراء في مثل هذه الظروف وما يحكمها من عوامل مثل بيع الشيء بعد الانتهاء من فترة الاستنفاع به والخسارة التي ستلحق بقيمته. ومن مزايا الاستئجار انه يعطي المرء المرونة في استبدال المعدات أو الأجهزة في حالة ظهور معدات أو أجهزة حديثة قد تجعل ما لديه في حكم المتقادم OBSOLETE وهذا ما يطلق عليه بالعمر الفني.
كما تلجأ العديد من الشركات في بعض الأحيان إلى عملية الاستئجار للمعدات والأجهزة خاصة المرتفعة الثمن منها كوسيلة لتجربتها ولمعرفة مزاياها وعيوبها ومدى مناسبتها لعملها أو اختيار الأفضل منها من ناحية الحجم أو القدرة الإنتاجية أو كونها من إنتاج شركة معينة أو من بلد معين وذلك بدلاً من القيام بعملية الشراء قبل التجربة مما يجعل عملية استبدال أو التخلص من مثل هذه المعدات أو الأجهزة عملية مكلفة مادياً.
وعملية الشراء بدلاً من الاستئجار تعني امتلاك الشخص للشيء وانتقال ملكية ذلك الشيء إلى ملكيته وقد يتطلب الأمر توثيق ذلك في جهة رسمية مثل عملية شراء العقار والسيارات وبعضها لا يتطلب توثيق ملكيتها في جهة رسمية مثل عملية شراء الأجهزة والمعدات على سبيل المثال أيضاً، ومهما كان الوضع فإن عملية الشراء تعني ملكية الشخص لذلك الشيء ومسؤوليته تجاهه بالنسبة لصيانته والتأمين على سلامته أو عطله وتوفير البديل في حالة فقدانه أو في حالة عطله كشراء سيارة أخرى في حالة سرقة السيارة لا سمح الله أو اعطالها، وقرار الشراء أو الاستئجار يكون أكثر تعقيداً للتوصل لقرار بشأنه على المستوى التجاري للمؤسسات أو الشركات إضافة للعوامل السابق ذكرها.
فمن العوامل التي تؤخذ في الاعتبار حالة الشراء فإن الشيء الذي تم شراؤه يعتبر في حكم الأصول من الناحية المحاسبية والذي لابد من دفع نوع من الضرائب عليه مثل ضرائب العقار في بعض الدول أما في حالة الاستئجار فإن القيمة التي تدفع شهرياً أو سنوياً تصبح في حكم المصاريف التجارية أو الشخصية وهذه طبعاً يتم خصم قيمتها من أصول المؤسسة من جملة المصاريف التي تخصم من الدخل السنوي أو من دخل الفرد الأمر الذي من شأنه ان يقلل قيمة الضريبة على الأرباح التي تجنيها المؤسسة في نهاية السنة المالية أو على دخل الفرد.
ويقال انه في حالة الاستئجار فإن القيمة الكلية والنهائية للاستئجار تكون أقل من القيمة التي تدفع لقسط الشراء «في حالة الشراء بالتقسيط» حيث إن فترة الاستئجار تكون لفترة العمر الزمني للشيء المستأجر الذي يصبح الشيء بعد ذلك عديم الفائدة أما قسط الشراء «في حالة الشراء بالتقسيط» فإنه يدفع لامتلاك الشيء والذي قد يستمر المرء أو المؤسسة في دفع الأقساط حتى في حالة انتهاء العمر الزمني أو الافتراضي للشيء الذي تم شراؤه مثل المعدات التي تصبح عديمة النفع أو الإنتاجية التي يتم شراؤها بأقساط طويلة والتي لابد من الاستمرار في دفع أقساط شرائها حتى وإن كانت عديمة النفع أو الفائدة.
إلا ان عملية الشراء لها فوائدها أيضاً حيث ينصح أحد خبراء المعدات انه ان كان سيتم الاستخدام أو الاستنفاع بواقع 60% من الوقت أو أكثر على الأقل من الشيء المراد الاستفادة منه أو استخدامه فإنه ينصح بشرائه لما لذلك من فائدة بدلاً من استئجارها كما يراه الخبير.
كما ان عنصر الاهلاك أو الاستهلاك للأصول Depreciation في حالة الشراء تعتبر من المصاريف التي يمكن خصمها من الدخل كمصاريف وبالتالي فإن هذا يقلل من الضريبة على الدخل وذلك مقارنة بنقطة سبق وان ذكرتها بأن قيمة الاستئجار تعتبر من المصاريف والتي يمكن خصمها من الدخل مما يقلل ضريبة الدخل وهذا طبعاً ينطبق على المؤسسات والشركات في معظم الأحيان إلا انه يمكن الاستفادة من ذلك في الدول التي تفرض ضرائب على الدخل حيث تطبق نفس الفكرة على بيان الضرائب للفرد المطلوب دفعها على دخله كالرواتب والأجور.
ومن فوائد امتلاك الشيء مثل المعدات أو السيارات إمكانية بيعها لو كانت صالحة أو تقبيلها على بعض البائعين لأمثالها من الأشياء وخصم قيمتها من قيمة الشراء للمثيل الجديد TRADEIN كما يقال أيضاً انه في حالة الشراء فإن الزبون يكون في قوة تفاوضية أفضل من الزبون الذي يقوم بعملية الاستئجار حيث يمكنه ان يحصل على عرض فوري للشيء المراد شراؤه «السعر النقدي»، حتى لو قام المشتري بعملية تمويل قيمة الشيء المراد شراؤه بقرض من إحدى الجهات التمويلية كالبنوك على سبيل المثال وليس بواسطة البائع ففي هذه الحالة لا يمكن الاستفادة من مثل هذه العروض لو تم تمويلها بقرض بواسطة البائع إلا انه يمكنه تمويله قيمة الشراء من قبل البائع ولكنه لن يستفيد من أي عروض لأسعار خاصة «مثل شراء السيارات بالتقسيط من البائع والذي يبيع له السيارة بالسعر العادي بدون اعطائه سعرا خاصا إضافة إلى زيادة السعر عليه لأنه يشتري السيارة على أجل». وفي مجال العقار فقد تكون هناك فوائد من عملية امتلاك المباني والأراضي بدلا من شرائها حيث قد ترتفع قيمتها مستقبلاً وقد يكون هذا حماية للشركات أو الأفراد من تقلبات الأسعار وما يصادفها من الارتفاع في قيمة الايجار، أو الاستفادة من فرق السعر في حالة بيع العقار فيما بعد عند ارتفاع سعره وهي ميزة تحدث في مجال العقار ولا تحدث في السلع الأخرى حيث إن قيمتها تنخفض بمرور الوقت الطويل إلا إذا اعتبرت أثرية مثل السيارات أو الساعات أو لوحات الرسامين أو قطع السجاد القديمة وهذا موضوع آخر.
ص.ب 99772- الرياض 11625 |