سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله.. تحية طيبة
في البداية لايفوتني أن أشيد بشخصكم الكريم وبجريدتكم الغراء على هذه النقلات التطويرية التي عودتمونا نحن محبي هذه الجريدة عليها والتي تعكس الاهتمام الدائم من شخصكم الكريم على الرقي بالمستوى الصحفي في هذه البلاد الغالية.
لقد استوقفني مقال الاستاذ راشد بن محمد الفوزان المنشور في صفحة الاقتصاد يوم الثلاثاء الموافق 20جمادى الأولى لعام 1423هـ تحت عنوان «وزارة المعارف والمعلمون والمعلمات.. والهدر الاقتصادي» ورأيت الملاحظات التالية:
1- ان الأخ الكاتب لايتعامل مع المعلمين والمعلمات على أن كلا منهم إنسان له قدرات وطاقات محدودة ولهم حقوق كباقي موظفي الدولة وإنما يتعامل معهم على أنهم معدات صماء يجب ان تعمل وتنتج طوال فترة السنة كماهو الحال في المصانع ومكائن الانتاج وهذا واضح من خلال عنوان الموضوع.
2- ذكر الأخ الكريم الإجازات السنوية للمعلم وهي نفس الإجازات السنوية للموظف (إجازة الخميس والجمعة، إجازة عيد الفطر، إجازة عيد الأضحى) أما إجازة منتصف السنة فانتهت ولم يعد لها وجود فكأنه من ظاهر قوله لا أحد يأخذ إجازة في هذه الفترة إلا المعلمون والمعلمات وغيرهم يعمل فأين المصداقية في الطرح.
3- من خلال طرحه للدورات التدريبية التي اقترحها الأخ الكريم فهو لا يعلم ان هناك كماً هائلاً من الدورات التدريبية التي تقيمها وزارة المعارف على طوال العام الدراسي من خلال إدارات التعليم وكليات المعلمين والزيارات الميدانية التي يقوم بها المشرفون التربويون للمدارس بالإضافة إلى الاجتماعات الدورية التي تتم في حقل التعليم والتي لها دور كبير في تطوير المعلم وتدريبه على أحدث الوسائل والطرق التدريسية التي تعينه على إتمام مهمته التعليمية والتربوية على أكمل وجه.
4- من خلال قراءتي لمقال الأخ يظهر لي أنه لايعرف شيئاً عن مهنة التعليم ويعتبرها «أكثر إجازات وأكثر راتباً وأكثر راحة» ولا تحتاج لتطوير وتنمية أكثر من الشهادة وان ساق هذا الكلام على حال كثير من الشباب المتوجه نحو مهنة التعليم فهي أشق المهن وأعظمها وأكثرها جهداً ومشقة وأكثر المهن عملاً فالمعلم دائماً في عمل (شرح، تحضير، تصحيح، وسائل، وغير ذلك) وهي من المهن الخطيرة التي يتعامل الإنسان فيها مع العقول والمدارك والأنفس والاتجاهات والميول فإذا علمنا ان المعلم يعمل في الحصة الدراسية 45 دقيقة متواصلة من الشرح ورفع الصوت والحركة واستخدام الوسائل وامام طلاب مختلفين في الفهم والإدراك والنفسيات والاتجاهات والميول كل هذا الوقت يكرس المعلم كل طاقاته لفهم التلاميذ الدرس بالإضافة إلى دراسة السلوكيات والتوجيه وحل المشكلات النفسية وغيرها كل هذا يواجهه المعلم يومياً وخلال خمس حصص يومياً تقريباً ونستكثر عليه هذا الراتب وهذه الإجازة ان المنصفين يقولون انها قليلة بحقه وبقدر جهده فلو كان عند أحدنا درس يشرحه لطفله لارتفع الضغط تارة وانخفض الضغط تارة أخرى فما بالنا بمن عنده في الفصل أكثر من 30 طفلاً يعلمهم.
5- الأخ الكريم ذكر ان المعلمين وضعوا الوزارة في قفص الاتهام من خلال عودة المعلمين وهو يضعها في القفص نفسه بتهمة عدم الاستفادة من الدورات التدريبية في شغل وقت المعلم وكأن المسألة لماذا يأخذ المعلم هذه الإجازة ويأخذ مقابلها راتباً واعتبر ذلك هدراً اقتصادياً ولكن المسؤولون في هذه الدولة وعلى رأسهم مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أول وزير للمعارف على دراية تامة بجهد المعلم ودوره الفعال في المجتمع وأهمية السعي لراحته وتيسير السبل أمامه للقيام بعمله على الوجه الأكمل ومنحه المكافآت المالية التي تدفعه لتربية الجيل للخروج بمجتمع فعال يخدم بلاده.
6- من خلال المقال ذكر الأخ اقتراحاً بأن تكون المدارس مفتوحة أمام الطلاب في العطل وفي الصيف ولم يعلم الأخ الكاتب ان وزارة المعارف قد قامت بالتعميم لجميع إدارات التعليم بإبقاء المدارس في الاحياء مفتوحة يستفيد الطلاب وأولياء الأمور منها تحت إشراف مدير المدرسة وبقية المعلمين هذا بالإضافة إلى المراكز الصيفية التي تقيمها وزارة المعارف في جميع مناطق المملكة ويقوم بالاشراف عليها معلمون حرموا أنفسهم من الإجازة من أجل أبنائنا وتربيتهم وتوجيههم «فهذا جزاء سنمار منا لهم».
7- الإجازة الصيفية للمعلم أصبحت في رأي الكاتب وغيره من الكتاب منة على المعلم وسبيل راحة لا يستحقها وان عمل المعلم في السنة قليل وغير ذلك من الادعاءات فلو نظرنا في حال الدول الأخرى لرأينا العجب في احترام المعلم وتيسير السبل أمامه ومنحه فترات للراحة والاستجمام تزيد في بعض الدول عن أربعة أشهر وما ذلك إلا لفهمهم ان العائد من ذلك ينعكس على أبنائهم وعلى مستواهم الدراسي والتربوي فلماذا نستكثر على فلذات أكبادنا انعكاس راحة المعلم على مستوياتهم وتربيتهم.
8- وأخيراً لا يجب ان ننظر إلى المعلم بالنظرة التي يراها رجال الاقتصاد مالية بحتة تهضم الحقوق وتقلل من القدر فمن لاينتمي إلى مهنة التعليم لايعلم أسرارها فآمل ممن يرون ان المعلم مرتاح ان يزوروا المعلمين في فصولهم ليروا في عين الواقع ورأي الحقيقة ماهي مهنة التعليم التي أخرجتنا رجالاً نخدم ديننا ثم مليكنا ووطننا خرجنا نتاج تربية مشتركة ما بين والدينا ومعلمينا ولايحق لنا أن نتحدث عن عمل ونقلل من قدر القائمين عليه حتى نمارس هذا العمل ونعرفه حقيقة المعرفة.
عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحاج المحاضر بقسم المناهج وطرق التدريس / كلية المعلمين بمحافظة الرس. |