Saturday 17th August,200210915العددالسبت 8 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وعلامات وعلامات
عبدالفتاح أبو مدين
حذيفة بن اليمان(9)

وفي أحد، دخل حذيفة مع أبيه معمعة الحرب، وأبلى فيها حذيفة بلاء عظيماً وسلم من القتل، أما أبوه اليمان فقد استشهد، إلا ان استشهاده كان «خطأ»، بسيوف المسلمين، وقد اختار الرسول صلى الله عليه وسلم اليمان وثابت بن وقْش في الحصون مع النساء والصبيان، لأنهما كانا مسنين كبيرين، ولما اشتدت المعركة، قال اليمان لثابت: لا أبالك، ما ننتظر! فو الله ما بقي لواحد منا من عمره إلا بمقدار ما يظمأ الحمار.. يعني قصر المدة، إنما نحن هامة اليوم أو غد، كناية عن انهما يموتان قريباً، أفلا نأخذ سيفينا ونلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله يرزقنا الشهادة مع نبيه!..
* وأخذ الرجلان سيفيهما ودخلا في الزحام، وسط المعركة، واستشهد ثابت بن وقْش على أيدي المشركين، وأما اليمان والد حذيفة فتناوشته سيوف المسلمين، وهم لا يعرفونه.. وأخذ حذيفة ينادي: أبي.. أبي، ولكن لم يسمعه أحد، فخر الرجل ميتاً بسيوف أصحابه، فما ان زاد حذيفة إلا ان قال لهم: يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين.
* وأراد الرسول القائد اعطاء حذيفة دية أبية، فقال حذيفة: إنما هو طالب شهادة وقد نالها، اللهم اشهد اني تصدقت بديته على المسلمين، فازدادت منزلته عند الرسول صلى الله عليه وسلم.
* لقد تجلى للرسول القائد صفات مميزة في الصحابي حذيفة بن اليمان، ذكاء يعينه في الشدائد، وبديهة مهيأة تستجيب له متى أرادها، وكتمان للسر، لا يصل إليه أحد.. والقائد الذي يتلقى وحيه من السماء، يكتشف بقوة النبوة مزايا الأصحاب، فيوظف تلك الطاقات حيث تتطلب الحياة وظروف السياسة والحرب.
* كان حول الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين صنفان من البشر مقلقان يعيقان العمل والبناء في انتشار الرسالة: اليهود، والمنافقون، وهما يبثان الفتن والإحن والدسائس.. وأسر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حذيفة بأسماء المنافقين، وهو سر لم يعلمه أحد من الأصحاب، ووكل إلى ابن اليمان تتبع حركاتهم ودفع خطرهم.. ومنذ يومها، دعي حذيفة بن اليمان ب«صاحب سر رسول الله عليه الصلاة والسلام»!.
* واستعان الرسول عليه الصلاة والسلام بقدرات حذيفة، في مواقف خطيرة، تحتاج إلى ذكاء خارق وذهنية وفطنة وذلك في غزوة «الأحزاب»، حيث أحاط العدو بالمسلمين.. قال تعالى: {إذً جّاءٍوكٍم مٌَن فّوًقٌكٍمً ومٌنً أّسًفّلّ مٌنكٍمً وإذً زّاغّتٌ الأّبًصّارٍ وبّلّغّتٌ القٍلٍوبٍ الحّنّاجٌرّ وتّظٍنٍَونّ بٌاللَّهٌ الظٍَنٍونّا هٍنّالٌكّ إبًتٍلٌيّ المٍؤًمٌنٍونّ وزٍلًزٌلٍوا زٌلًزّالاْ شّدٌيدْا}، والله سبحانه أنزل بالأحزاب الويلات: {فّأّرًسّلًنّا عّلّيًهٌمً رٌيحْا وجٍنٍودْا لَّمً تّرّوًهّا}.
* وظف الرسول القائد عليه الصلاة والسلام، طاقات حذيفة بن اليمان وخبراته، وفي مواقف الكرب والشدة يختبر الرجل، إذ يحتاج إلى الأبطال الشجعان، وكان حذيفة رضي الله عنه أحد أولئك الأبطال، الذين يعتد بهم ويعول عليهم!.
* دفع الرسول بحذيفة إلى قلب جيش العدو في جنح الظلام ليبلو اخبارهم، قبل ان يتخذ القائد قراره، ودخل الشجاع البطل في غمار الفداء والموت، ويحدثنا قائلاً: كنا في تلك الليلة صافِّين قعوداً، وأبو سفيان ومن معه من اليهود أسفل منا، نخافهم على نسائنا وذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط ظلمة ولا أقوى ريحاً منها، فأصوات ريحها مثل الصواعق، وشدة ظلامها تجعل أحدنا ما يرى إصبعه.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved