الشجار بين الأطفال سلوك اجتماعي مفيد

  * مونتريال- خدمة الجزيرة الصحفية:
أوضح بحث قدم أمام مؤتمر علمي في مونتريال أن أولياء الأمور المفرطي الحذر الذين يحاولون النأي بأبنائهم عن أعمال الشجار التي يحدثها الصبية في الطرقات والساحات ربما يتسببون في إلحاق أذى أكبر بأبنائهم مقارنة بكدمات طفيفة يمكن أن تنالهم من جراء هذه الأعمال.
جاء ذلك في صحيفة ناشيونال بوست الكندية، وقال البروفسيور سيرجيو بيليس أستاذ علم النفس والأعصاب بجامعة ليثبريدج في البرتا، وهو يتحدث أمام الاجتماع الخامس عشر للجمعية الدولية للأبحاث حول العدوانية إن أحدث بحوثه وتجاربه المعملية قد أوضحت أن مثل هذه الشجارات تعتبر سلوكا اجتماعيا مفيدا يتيح للصغار اختبار علاقاتهم بالآخرين وينشىء روابط اجتماعية وثيقة بينهم.
وقال بيليس الذي أمضى 27 عاما في دراسة السلوك العدواني وتطوره لدى الحيوانات إن ما توصل اليه ليس صحيحا بالنسبة للفئران وحدها مضيفا أن حرمان الأطفال من أعمال الشجار في ساحات المدارس يؤدي إلى حرمانهم من تعلم مهارات اجتماعية شبيهة.
وقال بيليس :إن الطفل الذي لا يشارك في اللعب، ولا تتاح له اختبار أعمال الشجار لن يكون في مقدوره معرفة أو تقدير مستويات العدوانية، ومن ثم يرجح أن يكون رد فعله تجاهها غير صحيح سواء بالمبالغة فيه أو التهوين.
وتشابه النتائج التي خلص اليها البروفسيور بيليس تلك التي نشرت في أحدث أعداد مجلة «تنمية علم النفس»، ومفادها أن الأمهات اللائي يتدخلن في تفاعلات الأطفال مع بعضهم البعض يتسببن في إيذاء النمو الاجتماعي لأطفالهن.
ويقول ريتشارد ترمبلاي الاستاذ بجامعة مونتريال وعضو هيئة أبحاث تنمية الطفل الكندية إن النتائج التي توصل اليها بيليس تمثل تحولا في علم السلوك تجاه العدوانية، وهو يقول: إن البشر يستخدمون - كغيرهم من المخلوقات - العنف البدني كل يوم، ونحن لسنا في حاجة إلى تعلمه ولسنوات طويلة ظل علماء النفس مشغولين بدراسة كيف يتعلم الناس الاعتداء بينما كان مطلوبا منهم دراسة كيف ينبغي عليهم تعلم عدم الاعتداء.
ويضيف ترمبلاي أن أعمال الشجار في الساحات تمثل جانبا مهما في هذا الصدد حيث تتيح للأطفال فرصة معرفة حدود سلوكهم العدواني، وهو يقدم المثال التالي: اخترع الناس الرياضة كوسيلة للحفاظ على ما تعلمناه بلغة الدفاع عن أنفسنا وهزيمة الآخرين، ولكن بطريقة لا تؤدي إلى إتلاف النسيج الاجتماعي الذي طورناه.
وقال: نحن في حاجة إلى الإبقاء على هذا التوازن بين عدوانيتنا الطبيعية وحاجتنا إلى التفاعل مع الآخر والشجار بما يحافظ على هذا التوازن.