Saturday 17th August,200210915العددالسبت 8 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شيء من شيء من
براقش القطرية؟!
محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

ان أكون أبداً ضد الشفافية، ولا أكون ضد أن يعبر الآخر عن أفكاره، طالما أننا نتحدث ونتناقش ونختلف من منطلق أن الحرية الاعلامية هي مسؤولية أولاً وأخيراً، وأمانة في الممارسة، واضافة للمضمون لا انتقاصاً له وتشويهاً لمقتضياته. ومتى ما اختلت هذه المعايير، أو تبدلت، أو انتهكت، تتحول هذه الحرية إلى تضليل، والنقاش إلى شقاق، والاختلاف المحمود إلى تشتت وتشرذم، لتصبح هذه الحرية، أو مطلب الشفافية، في النهاية، كما كان قميص عثمان أو أصابع نائلة ذات يوم.ولعل من يتابع قناة «الجزيرة»، منذ أن أنشئت وحتى الآن، يلحظ أول ما يلحظ أن ثمة «تهجم» واضح على المملكة، وتعمد للإساءة إليها، وانتهازية في انتقاء الخبر واصرار على نشره، بغض النظر عن دقته، وصدقية مصادره أو نزاهتها، ناهيك عن برامجها الحوارية التي يجري من خلالها دس السم في العسل، واعطاء الفرصة لكل الأفاقين في الأرض، وأصحاب الصحف الصفراء، لممارسة كل ما من شأنه النيل منها، ومن رموزها التاريخية، دون أدنى قدر من الحياء والأمانة واحترام حق الجوار، والعلاقات التاريخية التي تربط البلدين، والتداخلات الأسرية والقبلية التي تمتد من المملكة لتتفرع في قطر، مما يجعلنا نتساءل بحرقة: لماذا كل هذا، ولمصلحة من، وماذا تريد قطر تحديداً؟!.
والمؤسسة الإعلامية التي تحترم نفسها، تضع المصداقية والدقة في نقل الخبر والتعليق عليه نصب عينيها دائماً، وفي رأس سلم أولياتها. حتى وإن كان على حساب السبق الصحفي الذي تتنافس عليه كل وسائل الإعلام في العالم. فهيئة الإذاعة البريطانية، مثلاً، أحجمت عن بث خبر اجتياح القوات السوفيتية لأفغانستان في الثمانينيات، رغم أن مراسلها هناك قد زفه إلى لندن، وأكد أنه يرى بأم عينيه جحافل القوات السوفيتية وهي تمخر شوارع كابل، وعندما سأله مرجعه في لندن: هل معك شاهد آخر يمكن أن يؤكد النبأ، ويرى ما تراه، أجاب بالنفي، الأمر الذي جعل ادارة ال«بي بي سي» تحجم عن نشر الخبر امعاناً في الحذر، وخوفاً من أن يكون مختلقاً، مما يهز مصداقيتها ورصانتها وقيمتها الإعلامية، هذا رغم ما ينطوي عليه خبر بهذا الحجم من اغراء لكل اعلامي، وسبق وتميز، غير أن للرصانة والدقة والتحقق محاذيرها التي لا يمكن التفريط بها في صناعة الإعلام المتفوقة هناك بغض النظر عن المغريات.
وقطر، مهما حاول المسؤول عنها أن يقول ويتفذلك، هي في النهاية مالكة هذه القناة، وممولتها، وموجهتها، وهي في التحليل الأخير، تعبر عن آراء حكومتها، والموقف الرسمي الحقيقي لهذه الحكومة، الأمر الذي لا يمكن البتة قبول أنها لا تعبر عن الرأي الرسمي القطري، فهي ببساطة احدى الدوائر التابعة لوزارة الخارجية هناك، وليست كما يعرف الجميع مستقلة، كأي مؤسسة اعلامية مستقلة أخرى.
وعندما ترفع هذه القناة شعار: «الرأي والرأي الآخر»، ثم تعمد إلى انتقاء كلا الرأيين المتضادين انطلاقاً من غايات هي أبعد ما تكون عن الحيادية والموضوعية الإعلامية، فضلاً عن الأمانة، فإنها في الواقع تضع الكثير من الحروف على اللوح والنقاط على الحروف، واضعة نفسها في موضع المتهم. وهذه الانتقائية لا تقف عند طرفي الحوار، ولكنها تمتد لتشمل اختيار المواضيع، ومن ثم تفاصيل هذه المواضيع، بالشكل والمضمون الذي يجعل هذا «الرأي والرأي الآخر» المزعوم هو في النهاية بمثابة مخلب قط، أو طريق ذي اتجاه واحد، مؤداه أن وراء الأكمة ما وراءها كما يقولون، أما الذي وراء الأكمة فليس إلا مصالح ذاتية، وطموحات شخصية، على حساب مصالح الدولة. واذا كانت «الحرية» معروفاً وقيمة واضافة كما يدعون، فلماذا لا تشمل قطر وأهل قطر وقضايا قطر إذن، ولماذا لا تتطرق جرأة هذه القناة الى قضايا قطر الداخلية، كقضية تولي الأمير الابن مقاليد الحكم بديلاً لأبيه الأمير السابق، ولماذا لا يذهب أحمد منصور، مثلاً، إلى الشيخ خليفة، ويستضيفه في برنامج «شاهد على العصر»، أفليس الأقربون أولى بالمعروف؟ أم أن أهل قطر «أقل» في رأي قناة الجزيرة من أن يهتم أحد بشؤونهم، وتاريخهم؟ والتساؤل، أيضاً، يمتد في هذا السياق إلى أبعد من ذلك، فلماذا لا تحفل هذه القناة بتذمر الفعاليات الاجتماعية والتجارية والثقافية القطرية من ممارسات هذه القناة والتي انعكست سلبياً على قيمة وعلاقات ومصالح قطر والقطريين بدول الجوار.وأخيراً، ولا أظنه آخراً، فإني أكاد أجزم أن ذلك الإنسان الذي يقف وراء هذه القناة، ويوجه دفتها، ويرسم سياساتها، سيكون بلا شك كسيئة الذكر «براقش» ذات يوم، والزمن كفيل باثبات ما أقول، وسترون.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved