* الجزيرة خاص:
أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن صالح القصير الداعية المعروف أن الدعوة إلى الله تعالى وظيفة شريفة وعمل صالح جليل لا يوفق للقيام بها والتصدي لها ـ عن إخلاص لله تعالى وأهلية وحسن أداء ـ إلا كمل الرجال وخواص الخلق، وقال: ويكفي في شرفها وفضل القائم بها أن الله تعالى أضافها إليه فجعلها من أفعالها وإحسانه إلى خلقه فقال تعالى عن نفسه: {وّاللَّهٍ يّدًعٍو إلّى" دّارٌ السَّلامٌ وّيّهًدٌي مّن يّشّاءٍ إلّى" صٌرّاطُ مٍَسًتّقٌيمُ (25)} وقال تعالى: {يّدًعٍوكٍمً لٌيّغًفٌرّ لّكٍم مٌَن ذٍنٍوبٌكٍمً }، وأن الله تعالى إنتدب لها أشرف خلقه من رسله وأنبيائه، حيث بعثهم إلى أممهم يدعونهم إلى التوحيد والتقوى وينذرونهم من الشرك واتباع الهوى ويبشرون المستجيبين لهم بالمغفرة والجنة ويحذرون المعرضين عنهم والمعارضين لهم بغضب الجبار والخلود في النار، كما أنها دعوة لإيصال أعظم حق وهو توحيد الله بإخلاص أنواع العبادة للمستحق وهو الله ـ عز وجل ـ
وأبان فضيلته في حديث ل«الجزيرة» أن للدعوة إلى الله، عز وجل غايات عظيمة ومقاصد جليلة هي الحكمة من مشروعيتها، وعظم الجزاء عليها منها:
أ تعريف الناس بربهم جل وعلا.
ب دعوة للمكلفين لأداء أعظم حق وهو التوحيد بإخلاص العبادة لأعظم مستحق وهو الله جل وعلا.
ج أمر الناس أن يستقيموا على ما شرع الله لهم من الهدي ودين الحق.
د دعوة الناس إلي توقي عذاب الجحيم وسلوك الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة.
ه تحقيق الإيمان بما أخبر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم .
و اليقين بأن لا حاكم على الحقيقة على العباد ولا بينهم إلا الله وحده سبحانه.
واستعرض فضيلة الشيخ عبدالله القصير الواجب على العلماء وطلبة العلم نحو الدعوة، وأنه البيان بالقول والعمل وإنكار ما خالف شرع الله عز وجل على هدي النبي المرسل، والواجب على ذوي السلطان والولاية في الدعوة، وأنه تأييد الدعوة إلى الله والدعاة إليه بقوة السلطان فإن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وما هو الواجب على أهل الغنى واليسار نحو الدعوة، وأنه إعانة الدعوة وأهلها بفضل ما آتاهم الله من فضله، وما يجب على عامة المسلمين نحوها، وأنه الإعانة على الدعوة بقول الحق ونشره وإعانة الدعاة إلى الله تعالى بحسب الحال والحذر من الإعراض عن الدعوة أو أذية الدعاة أو تكثير سواد المعرضين عن الدعوة والمعارضين لها، متناولاً الصفات والسلوك التي ينبغي أن يكون عليها الداعية إلى الله تعالى وقال: إن من الواجب على المسلم عامة والداعية إلى الله تعالى خاصة أن يتحرى على الدوام محاسن الأخلاق وفضائل الأعمال، وأن يحذر سيئها ورذائلها ظاهراً وباطناً، فإن ذلك من أعظم أسباب توفيق الله تعالى له وأن يهبه الله الحكمة في دعوته وأمره ونهيه وأموره كلها، قال تعالى عن أنبيائه ورسله أنهم قالوا لأممهم {أّنّا أّوَّلٍ المٍسًلٌمٌينّ} وقال تعالى عن شعيب عليه السلام أنه قال: {مّا أٍرٌيدٍ أّنً أٍخّالٌفّكٍمً إلّى" مّا أّنًهّاكٍمً عّنًهٍ} وقال تعالى: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لٌمّ تّقٍولٍونّ مّا لا تّفًعّلٍونّ}.
وحث الشيخ عبدالله القصير الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا متأسين بالنبي صلى الله عليه وسلم ومقتدين به في جميع صفاتهم الخلقية ومظاهرهم السلوكية، فإنه صلى الله عليه وسلم هو قدوة الدعاة إلى الله، وإمامهم إلى آخر الدهر.
واستطرد فضيلته قائلاً: إن الداعية إلى الله سيكون ناجحاً في دعوته عندما يكون سالكاً للطريقة المحمدية متخلقاً بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة الزكية، وذلك بأمور أهمها وأجلها: البصيرة في الدعوة، التحصيل العلمي من خلال التركيز على العقيدة، والاهتمام بمعرفة الأحكام، موافقة العمل للقول، الإخلاص لله في القول والعمل، بالإضافة إلى الصدق وتحري الحكمة في الدعوة، والصبر على المكاره والأذى.
وقال في هذا السياق: إن الدين والخير والصلاح والنصر وسعادة الدنيا والآخرة والنجاة من الفتن والمكارة في العاجل والآجل كل ذلك مقرون بالصبر على الإيمان ودعوة الخلق إلى الحق والصبر على أذاهم ابتغاء وجه الحق، ولذا نزل القرآن بتأكيد الصبر فيما أمر به وندب إليه، وفيما نهى عنه وكرهه وجعله من عزائم التقوى ومن خصال أولي النهى الفائزين بخير الحظوظ وأوفرها في الدنيا والآخرة فكم في القرآن من الأمر به والثناء عليه وبيان فوائده والثناء على أهله والتنبيه على جميل عواقبه وجليل منافعه وأكثر الله تعالى من ذكره حتى ذكره في أكثر من ثمانين موضعاً ينبه المخاطبين واللاحقين على عظيم منافع الصبر وكريم آثاره على صاحبه في الدنيا والآخرة فقد علق الله محبته بالصبر وجعلها للصابرين : {وّاللَّهٍ يٍحٌبٍَ الصَّابٌرٌينّ} وأخبر الله سبحانه أنه معهم بهدايته ونصره وفتحه، {وّاصًبٌرٍوا إنَّ اللّهّ مّعّ الصَّابٌرٌينّ }وجعل سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، {وّجّعّلًنّا مٌنًهٍمً أّئٌمَّةْ يّهًدٍونّ بٌأّمًرٌنّا لّمَّا صّبّرٍوا وّكّانٍوا بٌآيّاتٌنّا يٍوقٌنٍونّ }. وأوصى سبحانه عباده أن يستعينوا به على نوائب الدنيا والدين، فقال: {وّاسًتّعٌينٍوا بٌالصَّبًرٌ وّالصَّلاةٌ} .
|