Thursday 8th August,200210906العددالخميس 29 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مربي الشباب في ذمة الله مربي الشباب في ذمة الله

بعد حياة حافلة بالجد والنَصَب في خدمة قضايا الشباب المسلم، وبعد عمر محدود من الكفاح والسهر في توجيه الشباب وتربيته ومناصرة قضاياه حيثما وُجد شباب مسلم فوق أي أرض وتحت أي سماء من قارات العالم الخمس، قضت إرادة المولى جلت قدرته بحلول الأجل المحتوم الذي لا يسلم منه إنسان. لقد حلت المنية بمن كان ينأى بنفسه وبشباب الأمة عن الدّنية، وعظم الخطب وليس لنا إلا الرضا بما قضاه الربّ. إنه فارس الدعوة والنجدة والإغاثة الدكتور مانع بن حماد الجهني أمين عام الندوة العالمية للشباب الإسلامي وعضو مجلس الشورى الذي كان يشارك شباب العالم الإسلامي همومه ويسعى لحل مشاكله وما يتعرض له من محن وبلوى. لقد كان دائم القلق لما يتعرض إليه الشباب المسلم في فلسطين والشيشان والبوسنة والهرسك وبورما وكشمير والهند وأفغانستان ولبنان وبقية دول العالم الإسلامي المنكوبة التي تعاني إرهاب ثالوث الشر والعدوان من صليبية ويهودية وهندوسية.
لقد وافاه الأجل المحتوم وهو على رأس عمله متنقلاً بين مكاتب الندوة المنتشرة داخل وخارج المملكة يتابع أمورها ويتفقد أحوالها ويجتمع بمديريها ويلتقي بالمسؤولين ليضبط الأمور وينسق لنجاح أنشطة الندوة بالاعتماد على الله تعالى ثم بالدراسة والمشورة، وكان من عادته أن سائقه يقوم بقيادة سيارته إلى المطار إلا في هذا المشوار الذي أبى فيه الدكتور إلا أن يقود سيارته من غير مرافقين ليكون وحده أثناء حادث الاصطدام المؤلم ويكون المتوفى هو وحده دون الآخرين، وبهذا الحادث الذي آلمنا وآلم شباب الإسلام فدى الدكتور بفراسته إخوانه بنفسه لينضم هذا الفارس العلم إلى سلسلة إخوانه من رجالات الأمة الأعلام المعاصرين الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى بعد أن أفنوا شبابهم وصرفوا شيبتهم في خدمة الإسلام والمسلمين.
لقد مات الدكتور مانع ولم تمت أعماله وستبقى شاهدة له ودالة على خيريته وصدق إيمانه، فهو الذي عمق مبادئ الوحدة الفكرية بين شريحة كبيرة من شباب العالم الإسلامي على أساس من التوحيد الخالص وسخّر إمكانياتهم لتعريف العالم بهذه الرسالة السماوية الخاتمة، مسلحين بالحجة والإقناع الكامل بسمو النظام الإسلامي في مواجهة كافة النظم الأخرى، ومؤدين دورهم في بناء المجتمعات الإسلامية ومؤسسات الأمة الاجتماعية والاقتصادية والفنية على مختلف الأصعدة والمستويات.
كان -رحمه الله- لا يفتأ يوجّه الشباب المسلم لتكوين المؤسسات المهنية والإسهام القيادي فيما هو قائم منها أداء لدورهم الإسلامي في بناء الأمة ومواجهة تحديات العصر. ساهم - رحمه الله تعالى- في دعم الجمعيات الخيرية الخاصة بالشباب المسلم وسهل سبل المنح الدراسية للكثيرين من الطلبة المسلمين وأقام المئات من الدورات التعليمية والمخيمات التربوية وأنشأ آلاف المساجد والمدارس وحِلَق تحفيظ القرآن الكريم في عدد من دول العالم بما يجود به أهل الخير والمحسنون من أبناء هذه البلاد المباركة، كما تولى - رحمه الله تعالى- من خلال تبرعات أهل البر والإحسان تأليف وترجمة وطباعة وتوزيع ملايين الكتب والأشرطة والنشرات الدعوية باللغات العالمية المختلفة، كما كان يسهر على رعاية المؤلفة قلوبهم من شباب المسلمين الجدد، ويساهم في تخفيف حدة المعاناة عن شباب المسلمين في الدول الإسلامية الفقيرة والمنكوبة ببناء ما يتعب العد في حصره من المستوصفات وحفر الآبار وكفالة الدعاة والمعلمين والأيتام وتقديم كسوة العيد وكسوة الشتاء ووجبات إفطار الصائمين إلى غير ذلك من أفعال الخير وأعمال البِر التي كان يقصد بها وجه الله تعالى والدار الآخرة.
والأمل معقود في الله ثم في رجل من رجالات هذه البلاد المباركة يحمل الراية ويخلف الدكتور مانع الجهني في حمل مسؤولية الندوة العالمية للشباب الإسلامي لكي يكمل جهاز الندوة رسالته ويواصل دربه في تدعيم قطاع الشباب بأواصر التضامن الإسلامي الذي جدده الملك عبدالعزيز - رحمه الله- وكرّسه الملك فيصل -رحمه الله- من خلال تأسيس كل من منظمة المؤتمر الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، ومن ثم تتابع تأسيس المؤسسات الإسلامية الأخرى في عهد الملك خالد - رحمه الله- وعهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله- تعالى وأمده بدوام الصحة والعافية.
غفر الله تعالى للدكتور مانع بن حماد الجهني وأسكنه فسيح جنته وتقبل منه ما قدم للأمة الإسلامية من خدمات جليلة وجعلها في سجل حسناته وحسنات من ساهم معه.
{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}

د. عيد بن محمد عبدالحميد
مدير مركز توعية الجاليات بالمدينة المنورة

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved