في الثامن من يونيو عام 1967 فقد 34 بحارا أمريكيا كانوا على متن البارجة يو إس إس ليبرتي حياتهم وهم يخدمون بلدهم، هؤلاء البحارة الأمريكيون لقوا حتفهم عند ما شنت إسرائيل حليف امريكا هجوما على سفينة التخابر الأمريكية غير المسلحة من الناحية الفعلية، وحتى اليوم قد لا يكون الكثير من الأمريكيين على علم بأن هذا الهجوم قد حدث، ولكن مؤخرا سنحت الفرصة لصحيفة «البرافدا» لأن تجري مقابلة مع السيد هرانكوسكي أحد أفراد طاقم البحارة بالسفينة وأحد من كتبت لهم النجاة، وفيما يلي نص الحوار:
* نحن في البرافدا ممتنون لهذه المقابلة التي ننفرد بها،إننا نشعر أنك تشغل كأحد الناجين من يو إس إس ليبرتي موقعا فريدا يمكنك من خلاله إلقاء الضوء
على ما حدث بالفعل وسبب حدوثه، لقد كانت مأساة كبرى أن يلقى 34 بحارا أمريكيا شابا حتفهم وهم يخدمون بلدهم والمأساة الأكبر أن الرأي العام لا يعلم شيئا بعد ذلك حول هذا الحدث، ما الموقع الذي كنت تشغله على السفينة يو إس إس ليبرتي؟
كان موقعي على يو إس إس ليبرتي داخل القسم الهندسي فقد كنت مسؤول الغلاية، كذلك فقد كنت أعمل في مكتب رئيس المهندسين.
هجوم متعمد
* أحد التساؤلات الرئيسية المتعلقة بهذا الهجوم هو ما إذا كان المهاجمون الإسرائيليون كانوا يعلمون أنهم يهاجمون سفينة أمريكية أم لا، لقد ادعى الإسرائيليون أنهم قد أخطأوا في تحديد هوية السفينة وظنوها سفينة مصرية محملة بالخيول كانت تسمى «القصير»، ولكن التقارير ذكرت أن يو إس إس ليبرتي كانت ترفع العلم الأمريكي وكانت تحمل علامات أمريكية بارزة، كذلك فقد عرف أن خططا خفية كانت تحاك ببطء حول يو إس إس ليبرتي لمرات عديدة، فهل يدور بخلدك شك بأن الجيش الإسرائيلي كان على علم بأنه يهاجم سفينة أمريكية؟
نعم يدور بخلدى شك بأن الهجوم الإسرائيلي على السفينة يو إس إس ليبرتي كان عملا متعمدا، لقد ادعت إسرائيل أن الهجوم جاء نتيجة خطأ وأنهم كانوا يطلقون النار على ناقلة خيول عربية.
وكان «القصير» هو اسم السفينة العربية وهي سفينة عطبت وأصبحت غير صالحة للإبحار خلال حرب الأيام الستة عام 1967 وإسرائيل كانت تعلم ذلك، فيما يخص العلم الذي كنا نرفعه، فإن كل السفن الأمريكية ترفع العلم الأمريكي، وفيما يتعلق بسفينتنا فقد كان العلم الأمريكي مرفوعا فوقها حتى أطلقت إسرائيل النار عليه فأوقعته، وخلال ثوان كنا قد وضعنا علما آخر، لقد كان هذا اليوم هو عطلة الضباط البحريين وكانت سرعتنا تقدر بما بين 9 إلى 13 قدما.
وفيما يخص الطلعات بطيئة الحركة للطائرات فإن الطائرات كانت قد بدأت تحلق فوقنا وتتفحصنا في الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر وفعلت ذلك ما بين 9 مرات إلى 13 مرة حتى حدوث الهجوم في الساعة الثانية ليلا، إننى لا يخالجني شك أن الإسرائيليين كانوا يعلمون بمن يهاجمونه.
إحراج إسرائيل
* ذكرت التقارير أن حاملة الطائرات يو إس إ س ساراتاجو التي تلقت نداء استغاثة من ليبرتي قد أطلقت طائرات لمساعدة ليبرتي وذلك بعد 15 دقيقة تقريبا من حدوث الهجوم الإسرائيلي.. لماذا أعيد استدعاء النفاثات؟ وهل يمكن القول ان هذا التصرف ترك البحارة الأمريكيين يقتلون بواسطة قوة معادية؟
لقد وصلت رسالة إلى يو إس إ س ساراتاجو من يو إس إس ليبرتي بعد 9 دقائق من بدء الهجوم، فقامت يو إس إ س ساراتاجو فورا بإطلاق رحلة جوية تحمل مقاتلتين ثم قاموا باستدعائها للعودة، حدث هذا الأمر ثلاث مرات مختلفة على مدار الهجوم، لقد أعادهم روبرت ماكنمارا مرتين وأعادهم الرئيس جونسون مرة واحدة، قائلا إن فكره لم يتطرق إلى السفينة يو إس إس ليبرتي، إنه لم يكن يريد أن يحرج حليفته إسرائيل، إن هذا التصرف تركنا نموت، وهو ما يعد تخل عنا.
إغراق قوارب النجاة
* بمجرد أن أدرك قائد البارجة وليام لورين ماك جوناجل أن ليبرتي معرضة لخطرالغرق أمر طاقم البارجة بتركها، في هذه اللحظة لم يكن هناك سوى ثلاثة قوارب للنجاة لم تتعرض للتدمير، فقام طاقم البارجة بوضع ما أمكنهم وضعه من الجرحى في قوارب النجاة وأنزلوهم إلى جانب السفينة ليبرتي، من فضلك قص علينا ما حدث بعد ذلك؟.
لقد أعطى كابتن البارجة أمرا بتركها، لأنه اعتقد بأننا نوشك على الغرق، وفي هذا الوقت كان على سطح الماء ثلاثة قوارب للنجاة إلا أن زوارق الطوربيد الإسرائيلية اقتربت منها وأطلقت النار على اثنين منها وإنتزعت الثالث إلى زوارقها، وهو ما يتعارض مع إتفاقية جنيف.
* وما الذي دعا الإسرائيليين إلى إنهاء اعتدائهم؟
لست متأكدا ما الذي دعاهم إلى إنهاء الهجوم، ولكن بعد ساعتين من الهجوم لم يتمكنوا من إغراقنا، اعتقد أن وقتهم قد انتهى.
* ما المدة التي استغرقها وصول المساعدة الأمريكية؟
لقد مرت 16 ساعة حتى وصل الاسطول السادس الأمريكي إلينا وبينما كنا في الانتظار للاسطول السادس عرضت علينا سفينة سوفيتية مساعدتنا وقالوا انهم سوف يقفون في الأفق بالقرب منا وأنه إذا أشرفت سفينتنا على الغرق، فإنهم سوف يساعدوننا.
التزام الصمت
* في خطاب أرسل مؤخرا إلى الرئيس بوش ادعى فيليب إف تورني وهو أحد الناجين، ان طاقم يو إس إس ليبرتي «تلقى أمرا بأن يلتزم الصمت تحت تهديد التعرض للمحاكمة العسكرية أو للسجن أو لما هو أسوأ، وكلنا نعلم ما تعنيه كلمة ما هو أسوأ» فهل مررت بمثل هذه التهديدات؟
كان الأدميرال كيد هو أول من أمرنا بإلتزام الصمت، وكان ذلك أمرا مباشرا لكل طاقم السفينة، لقد سمعت ذلك الأمر بنفسي في ذلك اليوم، سبب الهجوم إذا ما كان ما ذكرته التقارير صحيحا وأن الهجوم الإسرائيلي على يو إس إس ليبرتي لا يمكن أن يوصف إلا بأنه متعمد، ففي رأيك لماذا حدث هذا الهجوم؟
إننى لست متأكدا من سبب هجوم إسرائيل علينا.. لذا لن يكون بمقدوري أن أعطيك سببا، إنه سيكون مجرد تخمين، لقد ظهر فيلم جديد لشبكة بي بي سي أطلق عليه «الموت في الماء» وقد تم بث هذا الفيلم في إنجلترا في 10/6/2002، والفيلم يقدم أدلة جديدة مدهشة حول سبب حدوث الهجوم.
فتح التحقيق
* هل تضع الحكومة الأمريكية في اعتبارها مسألة إعادة فتح التحقيق في الهجوم؟
هناك القليل من أعضاء الكونجرس مهتمون بمساعدتنا، ونأمل أن يكونوا راغبين في ذلك حقا.
* على ما يبدو فإن هذا الحدث قد تمت التعمية عليه، فالقول بأن هذا الهجوم حدث بطريق الخطأ هو أمر يصعب تصديقه، وهو ما يعني أن الحدث قد تمت التعمية عليه لبعض الأسباب، في رأيك لماذا تمت التعمية على حدث مأساوي في حجم الهجوم على البحارة الأمريكيين؟
انت تسأل إذا ما كان الهجوم على يو إس إس ليبرتي قد تم التعمية عليه، وإجابتي على سؤالك بسيطة: نعم، تم ذلك، فالسؤال: لماذا مازال قائما إلى اليوم، ومع تحقيقات الكونجرس فإن كل الحقائق لابد أن تتكشف وأن يعرف السبب.
ميدالية شرف
* قائدك الضابط وكابتن السفينة وليام لورين ماك جوناجل حصل على ميدالية الشرف من الكونجرس على الخدمات التي أداها لبلاده، ولكن على خلاف المعتاد عندما يمنح رئيس الولايات المتحدة ميدالية الكونجرس للشرف، حصل الكابتن وليام لورين ماك جوناجل على ميدالية الشرف في الترسانة البحرية بواشنطن، في رأيك لماذا لم يحصل قائدك على ميدالية الشرف وفقا للتقاليد؟
لقد حصل كابتن سفينتنا على ميدالية الكونجرس للشرف ولكن ليس في البيت الأبيض كما تقضي التقاليد المعتادة، ولكن في الترسانة البحرية في واشنطن دي سي، ولم يعلم الكثير منا أنه قد حصل عليها إلا بعد مرور سنوات، وفي الشهادة ببسالته لم يذكر أن إسرائيل هي التي هاجمت السفينة، وهو نفس ما حدث بالنسبة للميداليات التي حصلنا عليها وللشهادات التي قدمت حول بسالتنا لم تذكر إسرائيل على الإطلاق.
الرأي العام الأمريكي
* في رأيك، لو أن الرأى العام الأمريكي كان على علم كامل بالهجمة الإسرائيلية على ليبرتي، فهل كان ذلك سيؤثر على العلاقة «الخاصة» بين أمريكا «وحليفتها» إسرائيل؟ على سبيل المثال، لو أن الكثير من الأمريكيين قد أحاطوا علما بالهجوم وبالتعمية عليه فلربما أصبحوا أقل رغبة في تزويد إسرائيل بالدعم المالي والعسكري،
إننى لست على يقين من أن ذلك كان يمكن أن يحدث، اعتقد أنه إذا عرفت حقيقة الهجوم فإن ذلك سوف يسبب ضررا على المدى القصير، ولكنه سوف يصبح جزءا من تاريخ.
الرفاق الناجون
* هل لازلت على اتصال برفقائك من الناجين من حادث السفينة؟ وإذا كنت على اتصال بهم فهل يعبرون عن أملهم في قيام الأمريكان بإعادة فتح التحقيق حول الهجوم؟
نحن كناجين من حادث يو إس إس ليبرتي على اتصال دائم ببعضنا البعض نحن جميعا نقاتل من أجل نفس الشيء، فهم يريدون أن يجري فتح التحقيقات في أقرب فرصة.
كلمة أخيرة
* هل هناك شيء آخر تود أن تضيفه؟
أود أن أشكر «البرافدا» على الوقت الذي أفسحته لي لكى أعبر عن آرائي حول هجوم 8 يونيو 1967 على البارجة» يو إس إس ليبرتي»، وأتمنى أن تتاح الفرصة لبلدك لرؤية الفيلم الجديد «موت على الماء» الذي أنتجته شبكة بي بي سي والذي أخرجه كريستوفر ميتشل، كذلك هناك بالتوازي مع الفيلم كتاب كتبه بيتر هاونام الحائز على جائزة بولتزر والذي سوف يصدر قريبا، والكتاب والفيلم يعيدان فتح ملف الحادث بشكل جيد.
البرافدا |