Sunday 28th July,200210895العددالأحد 18 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

محام سعودي يدافع عن قضية خاسرة تمس شرف الوطن وثوابت الأمة محام سعودي يدافع عن قضية خاسرة تمس شرف الوطن وثوابت الأمة
رسالة من صلاح الحجيلان تمجد مصداقية عبدالباري عطوان وتنعته بالنزاهة والموضوعية والصدق والشفافية والإخلاص

فيما يلي ننشر نص رسالة وصلتنا من المحامي الاستاذ صلاح الحجيلان متمنين ان يثوب الى رشده وان يبتعد عن تبني القضايا المشبوهة وعدم استغلال مهنته لتجميل الوجوه المشوهة، وهو من اولى الناس بالوقوف مع قيادته وابناء شعبه في خندق واحد، وتسخير مهنته في الدفاع عن مواقف وطنه الشريفة التي تتعرض لها لأعتى هجوم إعلامي ظالم في تاريخنا الطويل المزدحم بالمواقف الشريفة.
سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إشارة إلى المقال المنشور في جريدتكم الموقرة بتاريخ 10/2/2002م بقلم الأستاذ زيد الحربي تحت عنوان (فضيحة صحفية تكشف علاقة الأستاذ عبدالباري عطوان بالموساد الإسرائيلي - شركة بريطانية يملكها يهودي بريطاني اسمه أرنولد إدوارد تصدر صحيفة القدس التي يرأسها ابن عطوان)، والذي تضمن نقدا لاذعا وتحاملا واضحا على أحد زملائكم الصحفيين الأستاذ عبدالباري عطوان، أود إفادتكم بأن ذلك المقال قد حمل الكثير من التجاوزات التي وصلت الى حد التشهير والقذف، بدءا من اتهامه بالعمالة لإسرائيل وخدمة الموساد، الى التشكيك في وطنيته، وصولا الى حد اتهامه بالخيانة، وذلك في استغلال واضح لمنبر جريدة الجزيرة السعودية العريقة، وبأسلوب لا يتسم بالحيدة والموضوعية، ولا يتفق مع شرف مهنة الصحافة وآدابها، ولا مع الاحترام المتبادل لزملاء هذه المهنة المقدسة، والذي يفترض حداً أدنى من الموضوعية والعقلانية في الكتابة والنشر، وتوجيه النقد، يصبح النزول عنه اعتداء سافراً على ميثاق العمل الصحفي.
إن محاولات التشويه والتشكيك في وطنية أو نزاهة أي صحفي او سياسي، أو اتهامه بالعمالة أو تخوينه، إلى غير ذلك من الاتهامات التي تموج بها الساحة الصحفية، والتي يتم توزيعها يمينا ويساراً، خاصة في صحافتنا العربية تحدث عادة لبواعث كثيرة، قد يكون من بينها الغيرة والحسد وتثبيط الهمم، وهو أمر يصيب القارئ العربي بالكآبة والحزن، لأن مثل هذه الأساليب تعد غريبة على أخلاقنا العربية، وهي أبعد ما تكون عن قيمنا ومبادئنا فها نحن نسخر أقلامنا لينتقد بعضنا البعض الآخر من أجل تصفية حسابات شخصية، ونعتلي المنابر لتوجيه القذف والسباب بعضنا لبعض من أجل شفاء غل في الصدور، ونغرق صفحات مجلاتنا وصحفنا بكل ما يسيء الى أنفسنا وإلى أمتنا العربية، ونفعل ذلك بهدوء أعصاب على رؤوس الأشهاد.
ويحدث كل ذلك في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه الى الترابط والتكاتف في مواجهة الهجمة الشرسة التي يشنها علينا أعداء الإسلام، لتشويه صورة المسلمين وتأليب العالم عليهم تحت دعوى مكافحة الارهاب، وممارسة كل أنواع الضغط والابتزاز على الدول العربية والاسلامية، وكيل الاتهامات الباطلة لها برعاية الارهاب، من أجل ردعها وتحجيمها على نحو يحقق في نهاية المطاف مصلحة إسرائيل، ويضمن لها التفوق، ويحقق لها الأمن المزعوم الذي يحلم به حكامها.
ويتناسى بعض الصحفيين والاعلاميين في وطننا العربي حاجتنا الماسة الى التخلي عن التناحر ونبذ الخلافات والوقوف صفا واحدا في مواجهة هذا الخطر الداهم، والتغاضي عن خلافاتنا الفكرية والعقائدية والسياسية مع خصومنا، حتى لا يظهر انقسامنا وخذلاننا وقلة حيلتنا امام اعين اعدائنا المتربصين بنا، وحتى لا يصبح حالنا كحال أهل بيزنطة الذين شغلتهم صغرى المسائل عن كبراها، فغفلوا عن العدو الذي كان يقرع أبوابهم غازيا ومهددا بهلاكهم.
إن الأستاذ عطوان كغيره من الصحفيين إنما يعبر عن وجهة نظره في الأحداث التي تجري امامه وأمام أعين الجميع على مسرح السياسة الدولية، ومن ثم يدلي بدلوه فيما تمر به منطقة الشرق الأوسط كلها من مخاض صعب، ويعبر عما يشعر به من احاسيس ومشاعر يمليها عليه ضميره وحسه الصحفي تجاه ما تمارسه العنجهية الاسرائيلية من بطش وتقتيل بدم بارد، وفيما توجهه من اهانات مستمرة للكرامة العربية والفلسطينية، فهل ما يقوم به من فضح لتلك الممارسات من خلال المنابر المتاحة أمامه في أجهزة الاعلام الغربي يجعل منه مشبوها ومتهما بالعمالة لإسرائيل وخدمة الموساد؟!! وهل يمكن ان يوصف حماسه ودعوته لاستثارة الهمم، وشحذ العزائم ودفاعه عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية كل العرب والمسلمين، بأنه مجرد «غمز ولمز للمواقف العربية»، وبأنه يتنكر لانتمائه الوطني، ويخون الأرض التي منحته شرف المواطنة، وببيع عهدها للشيطان؟!!.
وقد يتفق البعض مع الأستاذ عطوان، أو يختلف معه، وقد يوافق البعض على مواقفه او يعترض عليها كلها أو بعضها، مثله في ذلك مثل العديد من الصحفيين الذين نحترم شخصياتهم ونقدر وجهات نظرهم، ونختلف ونتفق احيانا معهم، ولكن يبقى اختلافنا معهم في النهاية مجرد اختلاف في الرأي، لا أكثر ولا أقل، طالما لم يتحول هذا الاختلاف الى صراع يقضي على الأخضر واليابس.
ونحن من جانبنا لا ننصب من أنفسنا مدافعين عن شخص الأستاذ عطوان أو عما يكتبه على صفحات المجلات والصحف، أو عما يقوله على شاشات التلفزيون فهو يستطيع الدفاع عن نفسه ضد ما يوجه إليه من اتهامات باطلة أو مغرضة، ولكننا نود في هذا المقام التأكيد على حقيقة هامة، يعرفها القاصي والداني، هي ان الأستاذ عطوان بحكم اندماجه الطويل في المجتمع الأوروبي قد أصبح على دراية كاملة بمكونات النسيج الثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي لهذا المجتمع، وتوافرت له بذلك القدرة على فهم العقلية الغربية وأسلوب التعامل معها والتأثير فيها، ونجح من هذا المنطلق في مخاطبتها بأسلوبها، وفي التعامل معها وفقا لمفهومها ومنطقها، ليكشف لها عن سياسة اسرائيل العدوانية، ومحاولاتها الأخطبوطية للامتداد والسيطرة، وعن الموقف العربي الداعم للسلام العادل، وذلك بكل العبارات والأساليب والمفاهيم التي يتقبلها العقل الغربي ويقتنع بها، وكل ذلك من اجل حشد التأييد الدولي لقضيتنا بالاستناد الى الحكمة والعقلانية، وبعيداً عما يفعله البعض من التشنج والاثارة وتزييف الحقائق الذي ينفر العالم منا ويحول الرأي العام العالمي ضدنا.
ولعل هذا الاسلوب الهادئ والعقلاني الذي اتبعه الاستاذ/ عطوان نهجاً له في التعامل مع أجهزة الاعلام الغربي، هو الذي دعاها الى فتح الباب أمامه لمخاطبة الرأي العام الأوروبي والعالمي من خلالها، فقد اتسم خطابه الاعلامي بالصدق والشفافية مما هيأ له فرصة مواتية لتقديم الحقيقة من خلال وسائل الاعلام الغربية، وساهم بفاعلية في فرض احترام وجهة النظر العربية عليها، وفي اقناعها بعدالة وبمنطق الخطاب الاعلامي العربي.
وربما جلب هذا النهج على الأستاذ/ عطوان حسد الحاسدين وغيرة الحاقدين الذين يطمحون الى نافذة إعلامية يطلون منها على الرأي العام، ويجدون في الهجوم على الناجحين وسيلة لتحقيق غاياتهم. فأساليب الأستاذ/ عطوان والنهج الذي يؤمن به نبراسا لحياته الصحفية، قد لا يعجب بعض الصحفيين وغيرهم في صحافتنا العربية، ويحق لهؤلاء الاعتراض عليها وانتقادها ولكن يبقى هذا الاعتراض وهذا النقد مقبولا طالما تم في إطار التحاور العقلاني، وفي جو من الصدق والشفافية، ولم يتحول الى صراخ وصخب في جو من التعصب والرغبة في الهدم والانتقام.
ولعلكم تتفقون معنا اننا كعرب بحكم تقوقعنا على أنفسنا نعتقد ان المفاهيم واحدة سواء في الشرق أو الغرب، وان السلام الذي نتحدث عنه، هو نفسه الذي يتحدث عنه الغرب او تؤمن به اسرائيل، ولذا فعندما يتحدث بعضنا عن تلك المفاهيم بلغة الغرب، كما يفعل عادة الأستاذ/ عطوان، تثور ثائرة البعض منا وننفعل ونلعن كل من لا يتحدث معنا بالمنطق الوحيد الذي نقدر على فهمه واستيعابه، وسوف يستمر ويتواصل هذا التأرجح في أفكارنا وفي ردود أفعالنا، ما لم تستيقظ ضمائرنا، ونواجه تلك الحقيقة ونعريها من القمصان البالية التي ألبسناها اياها تهربا او هروبا من مواجهتها وتحمل مسؤولياتها.
إذن فلن يجدي التقريع للأستاذ/ عطوان أو اتهامه بأنه يبيع مبادئه وشرفه الصحفي بالدولار والاسترليني، كما لن تجدي محاولة الربط بين صحيفة القدس التي يرأس تحريرها وجهاز الموساد الاسرائيلي للاساءة الى تاريخه الصحفي والنيل من وطنيته، في تحسين صورتنا كعرب في أعيننا، أو في أعين الآخرين عن طريق جلد الذات بهذا الأسلوب المشين، ولن يحول ذلك دون استمرار الأستاذ/ عطوان في التعبير عن مواقفه وإبداء وجهات نظره وفقا للنهج الذي رسمه لنفسه، ووفقاً لما يمليه عليه ضميره ومبادئه وقناعاته الشخصية.
إننا نقف جميعا أمام مرآة باتت تخجل من انعكاس صورتنا عليها، وتترفع عن وجوهنا التي اكتست بلون كالح باهت لأن بعضنا اصبح يتربص بالبعض الآخر، ويتعمد تشويه صورته والنيل منه، وغفلت ضمائرنا، وعمت بصائرنا، وأصابت أفكارنا ريح جليدية تركتها باردة برودة الموت.
إننا الآن في أمسَّ الحاجة الى ردم تلك الهوة من اختلاف الرأي، وإلى السعي لكلمة سواء تخرجنا من هذا النفق المظلم، وتفتح امام الجميع آفاق التعاون والتكاتف بصدق وشفافية في جو صحي لا مجال فيه للطعن والتجريح والتشهير وتصفية الحسابات لأننا نقف في خندق واحد، ونواجه عدونا على خط تماس شديد الحساسية، وفي ظل ظروف دقيقة يتعين علينا تحمل مسؤولياتها بشرف وأمانة، ولأن حصيلة الاتهامات المتبادلة سوف تخرج الجميع عن السياق الموضوعي، وتلقي بنا في بحر هائج من الشكوك والكراهية، نكتوي كلنا بنارها، في أتون من الفوضى لا يحكمها المنطق والعقل، لنتحول كلنا دون ان ندري الى جزء من الماضي بدون أي أمل في الحاضر أو المستقبل.
آمل أن يسهم خطابي هذا في تهدئة النفوس والخواطر، وأن نراجع أنفسنا بعيداً عن الانفعال، فهل يا ترى ستلقى هذه الدعوة التفهم والاستجابة من جانبكم ومن جانب كاتب هذا المقال من أجل تعديل الطرح الذي ورد في هذا المقال على نحو ينصف الأستاذ/ عبدالباري عطوان، ويمحو تلك الاساءة البالغة التي لحقت به من جراء ما تضمنه المقال من اتهامات وتجريح إن الأستاذ/ عطوان يثق ثقة تامة في المؤسسات الشرعية في المملكة العربية السعودية، ويعلم أنها لا تقبل مثل تلك الانتهاكات ولا تقر اتباع تلك الاساليب في التشكيك والتجريح التي تأباها أحكام شريعتنا الإسلامية السمحة التي تحرص على توفير الحماية لأعراض أهل الصلاح وصيانة سمعتهم وكرامتهم من الادعاءات الكيدية الباطلة، إذ لو ترك أصحاب تلك الدعاوى دون زجر أو حساب لمنحوا فرصة التسلط بدعاويهم على اعراض الشرفاء.
يقول الله تعالى في حماية الأعراض وصيانة الكرامة الإنسانية والمحافظة على حرمة المؤمن: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لا يّسًخّرً قّوًمِ مٌَن قّوًمُ عّسّى" أّن يّكٍونٍوا خّيًرْا مٌَنًهٍمً وّلا نٌسّاءِ مٌَن نٌَسّاءُ عّسّى" أّن يّكٍنَّ خّيًرْا مٌَنًهٍنَّ وّلا تّلًمٌزٍوا أّنفٍسّكٍمً وّلا تّنّابّزٍوا بٌالأّلًقّابٌ بٌئًسّ الاسًمٍ الفٍسٍوقٍ بّعًدّ الإيمّانٌ وّمّن لَّمً يّتٍبً فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الظَّالٌمٍونّ (11) يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا اجًتّنٌبٍوا كّثٌيرْا مٌَنّالظَّنٌَ إنَّ بّعًضّ الظَّنٌَ إثًمِ وّلا تّجّسَّسٍوا وّلا يّغًتّب بَّعًضٍكٍم بّعًضْا أّيٍحٌبٍَ أّحّدٍكٍمً أّن يّأًكٍلّ لّحًمّ أّخٌيهٌ مّيًتْا فّكّرٌهًتٍمٍوهٍ } [الحجرات: 11 - 12]
إن القضاء الشرعي في المملكة العربية السعودية بما يتمتع به من حيدة ونزاهة وموضوعية هو السياج الذي يحمي ويصون كرامة الإنسان من أن تنتهك، وهو القادر على أن يرسي قواعد العدل والانصاف، وفقاً لتعاليم الاسلام السمحة التي لا تسوغ اي اعتداء على الكرامة الإنسانية، وسوف يجد الأستاذ/ عطوان الحماية والإنصاف في ظل مبادئ الإسلام العادل الذي تلتزم به كافة المؤسسات الشرعية السعودية.
والله الهادي الى سواء السبيل..
وتقبلوا تحياتنا..

صلاح إبراهيم الحجيلان

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved