Thursday 25th July,200210892العددالخميس 15 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كنوز الأجر كنوز الأجر
شعر: عبد الرحمن صالح العشماوي

مع حُسْن العزاء إلى سلمان بن عبدالعزيز في وفاة ابنه أحمد رحمه الله


أَدِرْها أبا فَهْدٍ على خيرِ ما يجري
لمثلك من صِدْقِ احتسابٍ ومن صَبْرِ
أَدِرْ ذكرياتِ اليومِ والأمسِ، مثلما
يُدارَ شَذَا التَّسبيح في حِلَقِ الذكرِ
أَدِرْها على الصَّبر الجميلِ فإنَّه
يسكِّن من أحزاننا وَهَجَ الجَمَرِ
ألا أحسنَ اللهُ العزاء لفاقدٍ
حبيباً، مَحَاه الموتُ من صفحةِ العُمْرِ
وجمَّل بالإِيمانِ والصَّبرِ والداً
رأى ليلةَ الحزنِ الطويلةَ كالشَّهر
وما هانَ فُقدانُ البنينَ على أبٍ
وكيف تهونُ الشمسُ في نظر الفَجْر؟
وكيف يَهون الغصنُ عند جذوره
وكيف يهون العطر في نظر الزَّهْرِ؟
نعم، نحن أَدْرَى أنَّ للفَقْدِ لوعةً
وأنَّ فراقَ الإِبنِ قاصمةُ الظَّهْر
وأنَّ الأسى يقسو، ولكنّنا إذا
رأينا ظلامَ الليل يَهْزَأُ بالبدر
لجأنا إلى المولى الكريم لأنَّه
مَلاَذُ قلوبِ النَّاسِ في لَحْظَةِ الذُّعْرِ
أَلاَيا أبا فَهْدٍ تَصبَّرْ، فإنما
نُخَفِّفُ نيرانَ المَواجعِ بالصَّبْرِ
مضى نِجْلُكَ الثاني فأَبشرْ برحمةٍ
تُريك مقامَ الصَّبْرِ في ساحةِ الحَشْرِ
كأني بمصراعينِ للشكر أُشرعا
أمامَك فادخُلْ منهما رَوْضَةَ الشكرِ
وسبِّح بحمد الله واذكرْ نعيمَه
وقل: إِنني أسْلَمْتُ يا خالقي أَمري
ستلقاه غفَّاراً رؤوفاً بخلقه
رحيماً إِذا ما الحزنُ جار على الصَّدْر
عَزَاءُ جميع الناس في الموتِ، أنَّهم
يسيرون سَيْرَ الخاضعين إِلى القَبْرِ
وما الكونُ إلاَّ كالكتابِ، سُطورُه
ستُمحى بأمر اللهِ، سطراً على سطرِ
وما نحن في الدنيا سوى أهلِ رحلةٍ
مراكبُنا فيها بأعمارنا تَسْري
رسَمْنا خُطانا في طريقٍ قصيرةٍ
تَجلُّ خُطا الماضينَ فيها عن الحَصْرِ
وما هذه الدنيا سوى جِسْرِ عابرٍ
فهل نبتغي أنْ نستقرَّ على الجسرِ
تميَّزَتْ الدنيا بنَقْصِ كمالها
ولو كمُلَتْ للناسِ دامتْ مَدَى الدَّهْرِ
طبيعةُ دنيانا تقلُّبُ حالها
على كلِّ ما نلقى من العُسْر واليُسْرِ
وإِيمانُنا بالله إيمانُ أَنْفُسٍ
يُلاقي رضاها محنةَ الخير والشَّرِّ
رضينا بما يقضي من البؤسِ، مثلما
رضينا بما يقضي من الأُنْس والبِشْرِ
رضينا بما يقضي الإله وإنْ شَكَا
فؤادٌ، وإنْ صارتْ مدامعُنا تجري
أَتينا إلى الدنيا بأمرِ إِلهنا
ونخرجُ منها حين نخرجُ بالأَمْرِ
إليكَ أبا فهدٍ عزاءٌ تزفُّه
على صَهَواتِ النُّور قافيةُ الشِّعِر
كأني بصوتٍ مُفْعَمٍ بحنانه
يقول لنا ما قالَه الغَيْثُ للزَّهْر:
أَلا أيُّها الإنسانُ بُشراكَ، إنما
مصائبك الكُبْرى كنوزٌ من الأَجرِ

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved