لقد سرني كما سر غيري من الإخوة الكرام ما قام به سمو ولي العهد حفظه الله من كل سوء ووفقه لكل ما يحب ويرضى من إحياء لسنة سنّها آباؤه وأجداده الأئمة من آل سعود وأثلج صدور المسلمين بهذا التقليد الموفق وهذه البادرة الكريمة من لدن سموه وقد حدثني الكثير من المواطنين عن تفاعلهم الوجداني والروحي مع هذا الدرس الأسبوعي الذي يحرص عليه سموه الكريم مما يؤكد حرص سمو ولي العهد على نفع المسلمين وسماع ما يفيدهم في الدنيا والآخرة من آيات الذكر الحكيم التي ينعم ويسعد البشر باتباعها وهذه السنة الحميدة من سمو ولي العهد دليل على ما يقوم به سموه الكريم من تمثيل لمنهج الإسلام في كل صغيرة وكبيرة في شخصه أولاً ومن ولاه الله أمرهم ثانياً وهي تبرز سموه بالقدوة الصالحة التي تحتذى زاده الله توفيقاً وسداداً وعزة ورفعة في الدنيا والآخرة بمنه وجوده وإحسانه وهو بهذه الخطوة المباركة يحث الجميع الصغير والكبير على ان تكون مجالسنا مثل مجلس سموه عامرة بذكر الله جل وعلا مستلهماً سموه ذلك من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم والأئمة الأعلام والهداة الأبرار داعياً سموه جميع المسلمين الحاكم والمحكوم الى اقتفاء أثر مثل هذا العمل الجليل.
أخي القارئ الكريم أحببتُ في هذه العجالة ان أبين لك ما قام به سمو ولي العهد من إحياء لسنةٍ كانت عند الأئمة من آل سعود رحم الله سلفهم ووفق الله خلفهم تعاقبوا على إحيائها والحفاظ عليها.يقول ابن بشر في (تاريخه): «فإذا اجتمع الناس خرج الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد من قصره ومعه دولة وجلبة عظيمة.. فإذا أقبل من ذلك المجلس سلم على الكافة ثم يجلس بجانب عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهو الذي عليه القراءة في كل الدروس، ويجلس أكثر من معه في طرف الحلقة، فإذا تكامل جلوسه التفت للعلماء والرؤساء من المسلمين عن يمينه وشماله، فسلموا عليه ورد عليهم، ثم يشرع القارئ في التفسير، حضرت القارئ أي ابن بشر في ذلك الدرس في تفسير الحافظ محمد بن جرير الطبري وحضرته أيضاً في تفسير ابن كثير، فإذا فرغ الدرس نهض سعود قائماً في دولته، ودخل القصر، وجلس في مجلس من مجالسه القريبة للناس، ودفعوا إليه حوائجهم حتى يتعالى النهار».
ويقول الأستاذ عبدالرحمن الرويشد في كتابه (قصر الحكم في الرياض): «أحيا الملك عبدالعزيز تقليداً قديماً في بلاط آل سعود، وهو حلقة الدرس التي تقام بحضور الملك».
وقد أشار الزركلي في كتابه (شبه الجزيرة العربية): «إلى انه سمع في مجلس الملك عبدالعزيز ثلاثة كتب من التراث وهي: تفسير القرطبي، وكتاب البداية والنهاية لابن كثير، وكتاب الآداب الشرعية لابن مفلح، وقد سأل الزركلي الأمير عبدالله بن عبدالرحمن وهو أحد علماء آل سعود المعدودين عن عادة الدروس هذه، فقال الأمير عبدالله: إنها عادة قديمة تناقلناها عن أسلافنا».
أخي القارئ الكريم هذه مجرد إشارات إلى هذا التقليد الموفق وإلى هذه السنة الحسنة التي وفق الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه سمو ولي العهد إلى إحيائها والقيام بتطبيقها مما كان له أكبر الأثر وأبلغه في نفوس المسلمين.
الشكر كل الشكر والتقدير كل التقدير لما قام به سموه وما يقوم به وما سيقوم به بإذن الله تعالى من خطوات مسددة موفقة تحفها العناية الإلهية بحول الله وقوته وصدق الصادق المصدوق حينما قال: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير ان ينقص من أجورهم شيئاً».
هذا والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
|