* موسكو خدمة الجزيرة الصحفية:
لم تكن التوقعات بفقدان روسيا الجديدة لمواقعها في المجال السوفيتي السابق مجرد «تكهنات»، فإذا كانت دول البلطيق وبعدها دول وسط آسيا قد ذهبت وإلى الأبد من مجال تأثير روسيا المباشر، ولحقت بها جورجيا، فقد بقي الأمل على أوكرانيا وبلاروسيا.
الولايات المتحدة والغرب وحلف الناتو قامت جميعا بشن حملة غير عادية ضد الرئيس البلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على مستويين:
المستوى الداخلي بحجة القمع وغياب الحريات وانعدام الديمقراطية، والمستوى الخارجي بتعاون بلاروسيا عسكريا مع كل من إيران والعراق، بيد أن بلاروسيا لا تزال تقاوم الهجمة الأمريكية الأطلسية معتمدة على «الأخت الكبرى» روسيا على الرغم من عدم توافر الثقة في الخطوات الروسية المتسارعة نحو الناتو.
واليوم جاء دور أوكرانيا التي توجه إليها نفس الاتهامات، لتصبح روسيا وحيدة تماما ومجردة من أي حليف، حتى الحلفاء الذين يتاخمونها في الحدود.
في هذا السياق تناولت صحيفة «نيزافيسيمايا جازيتا» الموضوع الأوكراني استنادا إلى ما نشرته صحيفة «فاينينشال تايمز» البريطانية، فقد أعلنت الأخيرة أنها حصلت على أدلة جديدة حول عقد صفقات سلاح بين صدام حسين والرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما، والأدلة عبارة عن مكالمة هاتفية استمع إليها مندوبو الصحيفة وكان قد تم تسجيلها بين رجلين يعتقد أنهما الرئيس الأوكراني كوتشما ويوري ألكسييف مدير مصنع «يوج ماش» أكبر مؤسسة صناعة للصواريخ في أوكرانيا، وجرى الحديث فيها عن «إيران» و«صواريخ» و«العراق».
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الخبير العسكري تيموتي مكارثي الذي عمل مفتشا في الأمم المتحدة سابقا قوله إن «المعاملات التي تتركز على التكنولوجيا العسكرية بين أوكرانيا والعراق استغرقت سنوات وهي الآن في طريقها إلى العودة كما يبدو من جديد، وبالتالي لا يجوز أن نسمح بتكرار أخطاء وقعت في الماضي». قامت «فاينينشال تايمز» بنشر هذا الخبر في نفس التوقيت الذي بدأ فيه الأمين العام للناتو جورج روبرتسون زيارته لأوكرانيا، وكان مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني في مايو الماضي قد اتخذ قرارا يقضي بالانضمام إلى حلف الناتو، إلا أن الرئيس الأوكراني كوتشما لم يصدر مرسوما يجعل قرار مجلس الأمن القومي ساري المفعول حتى الآن.
ومن جانبه لا يبدو حلف الناتو مستعدا للحديث عن انتساب أوكرانيا إلى عضويته في المستقبل القريب.
وقال روبرتسون للصحفيين الأوكرانيين في بروكسل قبيل سفره إلى كييف إن «قيادة الناتو ترحب بسعي أوكرانيا إلى الانضمام لمنظمات حلف شمال الأطلنطي بما فيها الناتو، ولكن انتساب أوكرانيا إلى عضوية الحلف لا يزال أمرا افتراضيا تماما».
ولدى وصوله إلى أوكرانيا قال مشددا على كل كلمة «لدينا علاقات جيدة مع أوكرانيا التي نساعدها في تطوير الإصلاحات الجارية بها، ونأمل أن نعمل معا بشكل مكثف قبل انعقاد قمة الحلف المقبلة في براج».
وحول وجود الأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم قال روبرتسون إن «مسألة الأسطول الروسي في البحر الأسود تستأثر باهتمام غير عادي وينبغي أن تتمكن أوكرانيا ذات السيادة أن تحلها مع روسيا»، واعتبر المراقبون أن تصريحات روبرتسون الحذرة والمتشددة في آن واحد تزامنت مع نشر معلومات تسيء مباشرة إلى الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما وهذا يعني ببساطة أن الناتو مستعد لبحث موضوع انضمام أوكرانيا إليه ولكن بدون كوتشما، أو بالأحرى على كوتشما أن يكف عن أي تعاون ولو كان حتى «مزعوما» مع أعداء الحلف، وأن يتصرف بما يتوافق مع خطط الحلف مع الأسطول الروسي القابع في مياه البحر السود في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وهو ما يعيق حركة الحلف وواشنطن في الأراضي الأوكرانية.
أما «فاينينشال تايمز» فقد اعتبرت أن نشر هذه المعلومات قد يمثل محاولة لحمل الناتو على إثارة موضوع التعاون بين كييف وبغداد في مجال الأسلحة في الوقت الذي تعد فيه الولايات المتحدة لحملة عسكرية واسعة النطاق لغزو العراق.
|