شبابنا اليوم طاقة مهدرة ودرة ثمينة مهملة رئة عطلت في جسم مجتمعنا وهم الذين يعوّل عليهم بناء المجتمع ورقيه ونهضته فهم عماده وأساسه بعد الله، تراهم اليوم وللأسف الشديد احتضنتهم الاستراحات ومقاهي الانترنت تسمروا أمام هذه الشاشات والأطباق اللعينة علمتهم الرذيلة وسلبتهم الفضيلة، نوم في النهار وسهر في الليل انه الفراغ وما أدراك ما الفراغ، قال الشاعر:
ان الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسده |
ونحن كمجتمع بكل مؤسساته وفئاته مشتركون في ضياع فلذات أكبادنا حتى أصبحنا نعاني من بطالة لا مثيل لها سببت لبعضهم انحرافات أوقعتهم في المخدرات والسرقات وسلوك منحرف لم يكن مجتمعنا يعرفه، أعيا وأرهق رجال الأمن والحسبة، والمرحلة الخطيرة التي تكون المراهقة قد وصلت ذروتها هي ما بعد المرحلة الثانوية وبداية القبول في الجامعات وما يحصل بها للطالب من احباط وارهاصات وظلم قد يكون غير متعمد وعدم تخطيط ضاعف المشكلة مثلاً:
1 صعوبة وتعقيد بعض أسئلة الامتحان للثانوية العامة مثل مادة الرياضيات هذا العام وهذا يتكرر كل عام وما يترتب عليه من حرمان الطالب التقدير الذي يستحقه لا سيما ان الطلاب يعتقدون ان وزارة المعارف تفعل هذا عمداً للحد من القبول في الجامعات بالتنسيق معها وهذا اعتقاد يحتمل الخطأ أو الصواب والمطلوب من وزارة المعارف اثبات ذلك أو نفيه.
وهذه الصعوبة والطلاسم في بعض الأسئلة تتعارض مع مبدأ وزارة المعارف في واقعية الأسئلة وإبعاد شبح ورهبة الاختبارات عن الطلاب، والمعروف لدى رجال التربية والتعليم قديماً وحديثاً وفي كل مجتمع هو قياس مستوى الطالب الحقيقي وليس تعجيزه، وان يضع الأسئلة معلمون ثقات يعملون في الميدان التعليمي تجاوزت أعمارهم أربعين سنة لهم أولاد يستشعرون المسؤولية لهم قدرة على القياس، لأن هذا يترتب عليه مستقبل أمة.
2 التعقيد والظلم في القبول في الجامعات فإذا كانت وزارة المعارف تضغط على الطالب حتى لا يحصل على تقدير يؤهله للانخراط في الجامعة، والجامعة تنفي ولا تقبل إلا الامتياز والجيد جداً وبالواسطة إذاً ما هو مصير من لم تقبلهم الجامعة أين يذهبون وماذا يعملون..؟ ما ذنب الطالب الذي مستواه لا يؤهله إلى تقدير أعلى، مثل طالب لا يستطيع الحصول على تقدير ممتاز او جيد لظرف حصل له في الامتحان أو بسبب معلمه.. هل يضيع هذا الطالب ويترك عالة على المجتمع عرضة للانحراف والمخدرات وغيرها.
3 المطلوب من الجامعات والكليات والمعاهد قبول أي طالب مهما كان تقديره وتأهيله علمياً وتقنياً وفنياً وجعله عضواً نافعاً في المجتمع ولا يشترط توظيفه، فنحن دولة نامية غنية القطاع الخاص يشغل حيزاً كبيراً والوافدون هم الذين يديرون معظم هذا القطاع ويشغلونه.. والسؤال: لماذا لا نؤهل أبناءنا أولاً ثم نترك لهم الخيار في تحديد مستقبلهم؟ وتشغيل هذا القطاع.
4 القطاع الصحي يشغله 70% تقريباً غير سعوديين سواء في الطب أو التمريض أو الصيدلة وشبابنا يتمنون ولكن لا يدركون ونحن الذين وضعنا العراقيل أمامهم بحجج واهية وتقديرات عالية، فهل الأطباء والفنيون الوافدين الذين يعملون في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية هل هم أفضل من أبنائنا وهل طبقت عليهم النسب التي نفرضها على أبنائنا وهل دخلوا الجامعات والكليات بنسب تفوق 90% هل عمل لهم اختبار وهل شهاداتهم صحيحة 100% هل هم متفوقون علمياً، الذي نشاهده في القطاع الخاص يناقض ذلك والكل يعلم ان الطب 60% منه مهارة وخاصة الجراحة والأسنان..
السؤال: لماذا لا يقبل الطلاب الذين يحصلون على نسبة مثلاً 80% فما فوق ويعمل لهم اختبار قبول أولاً من لجنة أكاديمية متخصصة تحدد قدراتهم واتجاههم يقبلون على أساس الطب العام، فنحن بحاجة إلى شريحة كبيرة للطب العام خاصة في المراكز الصحية والمستشفيات والمستوصفات الخاصة في أنحاء المملكة ويشغل هذه الوظائف أطباء من الهند وبنغلاديش وباكستان ومصر وغيرها ومعظمهم يحمل دبلوم طب فقط إذاً لو قبل الطالب من أبنائنا وتقديره جيد جدا مثلاً وتخرج بعد أربع أو خمس سنوات طب عام فقط أليس هذا أفضل من هذا الوافد.
وإذا كانت عنده قدرة وتخصص فهذا هو المطلوب وإلا يبقى طبيبا عاما فنحن بحاجة إلى هذه الفئة.
والكل في هذه البلاد يتمنى سعودة الطب لا سيما ان الطبيب السعودي أثبت جدارته على مستوى العالم فهو يجمع بين التفوق والأمانة ويمارس عمله على أساس انه عبادة، وليس القطاع الصحي وحده يحتاج إلى أبناء الوطن وكذلك التعليم وخاصة التخصص النادر مثل الحاسب واللغة الإنجليزية وقد قرأنا في بعض الصحف ان وزارة المعارف سوف تتعاقد مع معلمين من الهند وبنغلاديش لتدريس الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية العام القادم. ومن حقنا أن نتساءل: لماذا لا يشغل هذه الوظائف أبناؤنا وإذا كانوا قلة فلماذا توضع أمامهم العراقيل في القبول سواء في كليات المعلمين أو في بعض الكليات في الجامعة ويحصر القبول على نطاق ضيق وعلى الحاصلين على تقدير ممتاز وجيد جداً مرتفع مادمنا بحاجة إلى هذا التخصص في القطاع الحكومي وفي القطاع الخاص لماذا نحد من قبولهم لِمَ لا يقبل من حصل على تقدير جيد جداً أو جيد، ويعمل له اختبار قبول فالحاسب الآلي مهارة أكثر منه تحصيلاً نظرياً، فأيهما أفضل ان يعلّم أبناؤنا متعاقدون من الهند وبنغلاديش أم من خيرة أبنائنا فهم بحق الأقدر بتعليمهم وتربيتهم.
5% نسبة من أبنائنا لهم قدرهم وحظهم «لا اعتراض على قدر الله» لا يؤهلهم مستواهم (جيد أو مقبول) هل نتركهم يضيعون؟ نحن لا نتكلم عن الوظيفة أو الرزق.. قال تعالى: {نّحًنٍ قّسّمًنّا بّيًنّهٍم مَّعٌيشّتّهٍمً فٌي پًحّيّاةٌ پدٍَنًيّا} لكن نتكلم عن تعليمهم وتأهيلهم، فالعلم والتربية حق من حقوقهم مثل الماء والهواء فإذا تعلم وعدّى هذه المرحلة الخطيرة ونضج وأخذ شهادة تؤهله فنتركه وشأنه فالله يتولى الجميع وهو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، وحكومتنا الرشيدة حفظها الله لم تأل جهداً في بذل الغالي والنفيس في تعليم أبنائنا.. حفظها الله وأدام علينا أمننا وحفظنا من كل سوء ومكروه.
|