Wednesday 17th July,200210884العددالاربعاء 7 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

السعودة: عاطفة.. أم ضرورة..!! السعودة: عاطفة.. أم ضرورة..!!
م.عبدالعزيز محمد السحيباني / البدائع

«السعودة» كلمة تعنى الانتماء للوطن.. تعني حب خدمة الوطن واقتصاده وأمنه وثقافته وعاداته.. إن السعودة ليست عاطفة نتكلم عنها بعواطفنا وأحاسيسنا مجرد كلام وحماس عاطفي دون تطبيق.. انها ضرورة من ضرورات الحياة انها ببساطة تعني ان «يكون جميع العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص سعوديين» ولكن ذلك لن يتحقق بين عشية وضحاها ولن يتحقق بالكلام والعواطف، لن يتحقق إلا بالتخطيط السليم والجاد وما 60 ملياراً من الريالات يتم نزفها من اقتصادنا سنويا عن طريق تحويلات العمالة الوافدة إلا مؤشر بسيط على أهمية السعودة.. وما أعداد الخريجين المتزايدة إلا مؤشر داخلي آخر على أهميتها كذلك.. عندي عدد من الرؤى التي أسوقها إلى المسؤولين في مجلس القوى العاملة، وفي غيره من المؤسسات المهتمة بهذا الموضوع:
1- في البداية لدى السعوديين والعرب عموماً عقدتان لم تفارقهما حتى الآن هي «عقدة الخواجة» و«عقدة الطفرة».. فعقدة الخواجة جاءت من الغرب وهو الاعتقاد بان كل من هو أجنبي يلبس القبعة والنبطلون هو شخص ذكي وماهر ومتفوق حتى ولو لم يتقن من علوم الصنعة شيئاً وحتى لو توظف لدينا براتب باهظ لا يوازي عطاءه القليل.. وقد يكون هذا مزيفاً وصاحب شهادة مزيفة في الطب أو الهندسة أو المحاسبة.. وهذه العقدة الزمن كفيل بحلها وتفوق السعودي كفيل بحلها.. إن الشباب السعودي شباب مطلع واع يفيض حماسه وولاء للوطن ويعطي عطاء أكبر من الأجنبي وبنفس راقية وبخلق رفيع بعكس الأجنبي الذي لا يعمل إلا بتعالٍ وكأنه أكبر خبير..!!
والعقدة الثانية هي عقدة «الطفرة» التي يعاني منها المجتمع السعودي فهي فترة مرت ولن تعود وقلت بعدها الموارد المالية وظل الانفاق من قبل كثير من الناس كما هو بل ازداد ويشمل ذلك استقدام الخدم والسائقين لغير حاجة وبأعداد كبيرة.. هذا المجتمع الذي يستقدم هؤلاء لغير حاجة أليس عنده حس وطني نحو «السعودة» حتى ولو زادت تكاليفها..!! ان الشعوب تضحي بالغالي والنفيس من أجل وطنها.. وهؤلاء الذين قدموا إلينا لطلب المعيشة تستطيع دولهم ان توفر لهم الأعمال ويستطيعون ان يعملوا بالأعمال الخاصة لدى أوطانهم ولكنهم قدموا إلينا لأن المجال كان خاليا لهم.. مع العلم ان هناك من السعوديين من هم بأمس الحاجة إلى كسب العيش عن طريق الأعمال التي يعملونها.. ان للسعودة بعداً وطنياً وانتماء يجب ان يتجذر في وجدان كل مواطن وان لا يغيب عن باله..!!
2- لماذا نجد كل الخريجين تقريباً لديهم إصرار على الاتجاه للوظيفة حتى ولو انتظر لأجل الالتحاق بها سنوات .. مع توفر الأعمال في القطاع الخاص.. هل السبب هو القطاع الخاص أم الوظيفة الحكومية..!! نجد ان السبب في ذلك هو ضمان حقوق الموظف ووجود حماية قانونية له في الوظيفة الحكومية وضمان عدم انقطاع هذا المصدر إلا بتهاون من الموظف نفسه أو إرادته .. بينما في القطاع الخاص نجد ان لا أحد يحمي الموظف من التعدي على حقوقه ولا أحد يضمن له وظيفته حتى وان كان مجتهداً والشواهد خير دليل على ذلك حيث ان الأمر لا يتطلب سوى خطاب موجه للموظف للاستغناء عن خدماته..!! ومن هنا وجب وضع أنظمة تقنن عمل الموظف في القطاع الخاص وتحمي حقوقه الوظيفية والتقاعدية ولعل نظام التأمينات الاجتماعية يتلافى هذا القصور في نظامه.
3- لا أدري ما سبب هذه الاتكالية لدى كثير من السعوديين واستنكافهم عن الأعمال الحرفية التي هي مصدر جيد للرزق والدخل.. بل تجد بعضهم لا يستعيب استجداء الناس والفقر ويستعيب مثل هذه الأعمال.. ان العمل حث عليه الإسلام وصنعة باليد أمان من الفقر وفي العمل اليدوي خدمة للاقتصاد وتصب في مصلحة الوطن لقد كان أبناء الوطن إلى وقت قريب هم الذين يقومون بأعمال الزراعة بأيديهم وبأعمال البناء والنجارة وغيرها من الحرف.. وفي هذا الزمن تجد من لايجد ما يسد رمقه يستقدم عاملاً ليقوم عنه بالأعمال.. ان هذه الاشكالية وهذا الاعتماد الأعمى قد خلقها ظروف اجتماعية واقتصادية متداخلة، خلقتها عوامل الازدهار بعد ظهور النفط وتوفر المادة في أيدي الكثيرين ومن ثم التقليد ممن لا يملك لمن يملك..!!
4- يجب ان لا يتم استقدام الأيدي العاملة إلا لضرورة قصوى ومحدودة مثل الأعمال الفنية التي لا يوجد لها متخصصون سعوديون ريثما يتم توفير أيدٍ عاملة سعودية لمثل هذه الأعمال.. إن في استقدام الخدم والسائقين وعمال الورش ضرر اجتماعي واقتصادي كبير.. فمثلاً العمال الموجودون في البقالات أو «السوبرماركات» أو في المستشفيات الخاصة أو محطات الوقود.. يعملون فعلاً برواتب تقل عما يطلبه السعودي.. ولكن الكثيرين وقعوا في خطأ فادح عند مقارنة السعودي بغيرة فغير السعودي يكفيه هذا الراتب ويزيد على حاجته بمقياسه هو ولكن السعودي يختلف مقياسه.. مع العلم ان كثيراً من هؤلاء المستقدمين هم من قليلي الأمانة الذين يختلسون الأموال خفية وخصوصاً في حال عدم وجود رقابة من المالك.. وهذا الاختلاس يزيد أضعافاً مضاعفة عما يطلبه السعودي الأمين النزيه من راتب قد يزيد قليلاً عن هؤلاء وقد لايزيد.. ولكنها عدم الثقة في السعودي والتي فعلاً سببها بعض الموظفين الكسالى المتواكلين.
5- تمثل تجربة وزارة البرق والبريد والهاتف والتي طبقتها على الكبائن الهاتفية بضرورة وجود سعوديين هي تجربة ناجحة ورائعة 100% فما بالكم ان هناك حوالي 8000 شاب سعودي يعملون بهذه الكبائن ويعيشون نحو 8000 أسرة.. أعتقد ان هذه تجربة ناجحة كسرت كل الحواجز النفسية المعروفة حول السعودة وأثبتت ان كل ما يقال عن الشباب السعودي مجرد أوهام وزالت.. ماذا لو طبقت وزارة الشؤون البلدية هذه الفكرة في المجمعات التجارية وفي الورش والبقالات بحيث لايتم إعطاء التراخيص لها إلا بوجود موظفين سعوديين وسيقبلون بنفس رواتب الأجانب وماذا لو طبقتها وزارة الصحة في المستشفيات والمستوصفات الخاصة.. لقد دخلت أحد المستوصفات الخاصة ووجدت جميع من فيه أجانب من موظفي استقبال.. ومن أخصائيي مختبرات ومن أطباء ومن خدم.. وغيرهم وغيرهم..!! فلماذا لا تتدخل وزارة الصحة في مثل هذا الأمر..!!
6- يجب وضع صناديق في «الغرف التجارية» لدعم برامج السعودة يقدم الدعم لهذا الصندوق رجال الأعمال.. والمؤسسات التي تشغل الأجانب يفرض عليها نسبة لدعم صناديق السعودية ولنقل 5% من راتب كل أجنبي يتم استقدامه مع عدم الحاجة له.. ان الغرف التجارية يجب ان تقوم بدورها الفعلي في دعم برامج السعودة نظرياً وعملياً.. ويجب ان تشكل لجان في هذه الغرف لمتابعة أعمال السعودة في الشركات والمؤسسات.
7- في عقود المشاريع التي يتم تنفيذها من قبل الجهات الحكومية بالتعاقد مع مقاولين سعوديين من شركات ومؤسسات مثل أعمال الطرق والكباري والموانئ والمساكن والمباني وغيرها يجب فرض نسبة معينة من السعوديين كأن لا تقل عن 80% منهم من السعوديين ويكون ذلك شرطاً لتوقيع العقد مع هذا المقاول أو ذاك.. مع العلم انه سيخضع للأمر الواقع ويوظف السعوديين لديه حتى وإن زادت رواتبهم قليلاً عن الأجانب فهو في جانب الربح والأمان دائماً والملاحظ ان أغلب العمالة.. من فنيين وسائقين.. هم من غير السعوديين مع العلم ان السعودي يتمنى مثل هذه الأعمال ولا يجدها لأن الأبواب موصدة بوجهه وهو أكثر كفاءة وقدرة من هؤلاء.
8- يجب ان يتم تقنين الأعمال الخاصة من ناحية الدوام المطلوب مثل ان يكون على فترة صباحية من 8-12 ومن 4-9 مساء في مثل المجمعات التجارية والبقالات والأسواق وغير ذلك.. لأن كثيراً من السعوديين يمنعهم عن العمل فيها طول فترة العمل المطلوبة في اليوم والسعودي ليس كالأجنبي الغريب عن بلده وليس لديه ارتباط إلا هذا العمل.. لدى السعودي ارتباطات عملية مثل المدارس والالتزامات الاجتماعية وغيرها والتي تمنعه عن مثل هذا العمل وفي وضع تنظيم لأوقات العمل ضمان وتشجيع للسعودة.
9- يجب ان تقوم المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بتعليم مهن جديدة للشباب السعودي في المجالات المهنية والصناعية والزراعية وفي مجالات الصيانة والمعدات الثقيلة وتشجيع الشباب السعودي على فتح الورش الخاصة بالسيارات وصيانة الأجهزة من منزلية وكهربائية وغيرها ومتابعة توظيفهم لدى القطاعات الخاصة أو إعطاء الدعم لهم في فتح ورش أو محلات خاصة فقد أثبت الشباب السعودي قدرة ومهارة تفوق غيرهم.
هذه بعض الرؤى حول «السعودة» الحاضر الغائب أسوقها إلى المسؤولين في مجلس القوى العاملة وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.. وآمل ان نجد صدى مرتداً لديهم إلينا..!!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved