* إسلام آباد - حسام ابراهيم -ا ش ا:
بات لسان حال الباكستانيين يقول بسخرية مريرة ان باكستان بلد شهادات بعد ان اثار الشرط الخاص بضرورة حصول أي مرشح في الانتخابات العامة أو الاقليمية على شهادة جامعية وهو الشرط الذي أدى إلى حالة اشبه بالزلزال داخل الاحزاب السياسية وسط شعور بالغ بالاحباط جراء رفض المحكمة العليا موخرا طعنين في شرط المؤهل الجامعي الوارد في القانون الجديد للانتخابات.
وبسبب هذا الشرط لن يكون بمقدور اكثر من مائة نائب برلماني سابق ترشيح انفسهم في الانتخابات العامة القادمة فيما تؤكد وسائل الاعلام الباكستانية ان بعض هؤلاء النواب السابقين الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية كانوا من الكفاءات البرلمانية وتفوقوا في الاداء البرلماني على نواب حملوا مؤهلات جامعية بل ودرجات دكتوراه الأمر الذي يعني ان القانون الجديد للانتخابات يحرم باكستان من هذه الكفاءات البرلمانية.
غير ان هذا الشرط الخاص بالحصول على مؤهل جامعي لا ينحصر على مسألة الترشيح للانتخابات العامة وإنما يمتد اثره للاوضاع داخل الاحزاب حيث يقضي القانون الجديد بأن كل من لايحق له ترشيح نفسه في الانتخابات العامة لايجوز له شغل أي مناصب قيادية داخل أي حزب ومن ثم فقد وصف هذا القانون بأنه أدى إلى حالة أشبه بالزلزال داخل الاحزاب الباكستانية كما ينطبق شرط الحصول على مؤهل جامعي على الانتخابات الخاصة بالمجالس البرلمانية في الاقاليم الأربعة التي يتكون منها الاتحاد الفيدرالي الباكستاني وهي البنجاب والسند وبالوشيستان فضلا عن الاقليم الحدودي الشمالي الغربي المتاخم لافغانستان.
وفي سياق التداعيات العميقة لهذا القانون الجديد للانتخابات في باكستان قرر جوهر ايوب خان الأمين العام لحزب الرابطة والذي شغل في السابق منصبي رئيس البرلمان ووزير الخارجية الانسحاب بصورة نهائية من الحياة السياسية احتجاجا على الشرط الخاص بحصول المرشح في الانتخابات على مؤهل جامعي وهو المؤهل الذي لم يحصل عليه جوهر ايوب خان على الرغم شغله لهذه المناصب المهمة.واوضح جوهر ايوب خان في تصريحات للصحفيين بإسلام اباد انه فضل اعتزال السياسة بصورة كاملة بعد ان لم يعد بمقدوره ترشيح نفسه في الانتخابات أو الاستمرار في منصبه كأمين عام لحزب الرابطة الذي يتصدر مع حزب الشعب قائمة أكبر الاحزاب الباكستانية.
وانتقد اغلب نشطاء الاحزاب في الأقاليم الأربعة لباكستان بشدة الشرط الخاص بضرورة حصول المرشح في الانتخابات على شهادة جامعية معتبرين ان هذا الشرط يحرم المواطنين من قيادات تعبر عنهم افضل من غيرها على حد قول بيان اصدره فرع حزب الشعب في منطقة سوكور .
ودافع الميجور جنرال راشد قريشي المتحدث باسم الرئيس الباكستاني برفيز مشرف عن القرار الخاص بضرورة ان يكون اي مرشح في الانتخابات العامة القادمة حاصلا على مؤهل جامعي بقوله ان اغلب اعضاء البرلمانات السابقة كانوا من الأميين.
واضاف قريشي في تصريحات للصحفيين باسلام اباد قائلا واقع الحال ان النائب في البرلمان يقوم بالتشريع للامة فاذا كان اغلب النواب غير متعلمين كما حدث في الماضي فكيف يتسنى لهم القيام بوظيفتهم التشريعية.
وفي المقابل يقول سلمان مخدوم الكاتب في صحيفة نيشن الباكستانية انه لاتوجد حتى الآن دراسة موثوق بها في العالم كله تؤيد نظرية حكومة الجنرال مشرف بأن اصحاب المؤهلات الجامعية يمكن ان يمثلوا الشعب داخل البرلمان بصورة افضل من هؤلاء الذين لايحملون شهادات من الجامعات .
واشار هذا الكاتب الصحفي الباكستاني إلى ان الشرط الخاص بالمؤهل الجامعي يحول دون ممارسة نسبة لاتقل عن 95 في المائة من الباكستانيين لحقهم في ترشيح انفسهم في الانتخابات العامة والاقليمية فيما اعرب عن دهشته لموافقة المحكمة العليا على هذا الشرط الذي اعتبره مأساة بحق جوهري من حقوق المواطن.
وارتفعت صحيفة الدون الفجر بنسبة الذين اضيروا من هذا الشرط لتقول في افتتاحيتها انه لم يعد بمقدور 98 في المائة من الباكستانيين الان شغل أي مناصب قيادية داخل الاحزاب أو دخول البرلمان الامر الذي اعتبرته تقويضا لإحدى دعائم الديموقراطية البرلمانية موضحة ان الديموقراطية المعاصرة تقضي بأن كل من له الحق في التصويت في الانتخابات يحق له ترشيح نفسه أيضا في هذه الانتخابات مالم يكن مدانا في جريمة خطيرة بحكم قضائي يحول دون ممارسة حقوقه السياسية.
واشارت الصحيفة إلى انه في بعض المناطق النائية وخاصة في بالوشيستان والاقليم الحدودي الشمالي الغربي ومناطق القبائل سيكون من الصعوبة بمكان العثور على اشخاص يمكن ان تنطبق عليهم شروط القانون الجديد للانتخابات وخاصة الشرط المتعلق بالمؤهل الجامعي.لكن المتحدث باسم الرئيس الباكستاني لم يتفق مع الرأي القائل بأن اشتراط حصول المرشح في الانتخابات العامة على مؤهل جامعي ادى إلى الحد بشدة من عدد الاشخاص الذين يمكن ان يرشحوا انفسهم في انتخابات العاشر من شهر اكتوبر القادم مؤكدا اتساع قاعدة المتعلمين الذين يمكن ان يرشحوا انفسهم في هذه الانتخابات.
واوضح الميجور جنرال راشد قريشي ان نسبة الاشخاص الذين يمكن ان يرشحوا انفسهم في الانتخابات العامة قليلة قياسا بعدد سكان باكستان الذي يصل إلى140 مليون نسمة غير ان عدد خريجي الجامعات في البلاد كبير للغاية.
غير ان صحيفة نيشن الباكستانية ذكرت بالمقابل ان نسبة خريجي الجامعات في باكستان لاتزيد على 13 في المائة من اجمالي عدد السكان ومن ثم فان الشرط الخاص بالحصول على مؤهل جامعي سيحرم السواد الاعظم من الباكستانيين من التفكير في الترشيح في الانتخابات محملة الحكومات السابقة مسؤولية هذه النسبة الضئيلة من الحاصلين على شهادات جامعية جراء عدم الاهتمام الكافي بقطاع التعليم.
واعتبرت الصحيفة ان الشرط الخاص بحصول المرشح في الانتخابات على مؤهل جامعي يلحق اضرارا بالمواطن العادي ويحمله مسؤولية التقصير في النظام الاجتماعي الاقتصادي للدولة معيدة للاذهان في الوقت ذاته ان بعض البرلمانيين اللامعين في الماضي لم يكونوا من خريجي الجامعات ومن بينهم محمد علي جناح مؤسس الدولة الباكستانية فضلا عن الزعيم البريطاني الراحل وينستون تشرشل وجون ميجور رئيس الوزراء البريطانى السابق.
واتهم المتحدث باسم الرئيس الباكستاني قادة الاحزاب الذين عارضوا قانون الانتخابات والشرط الخاص بالمؤهل الجامعي بالتورط في ممارسات الفساد وسلب ونهب المال العام حتى تسببت هذه الممارسات في الماضي بوصم باكستان بأنها دولة فاسدة معتبرا ان هؤلاء الرافضين قد لفظهم الشعب.
وفي المقابل يقول المعلق الباكستاني أمير متين في صحيفة نيوز التي تصدر من اسلام اباد ان الشرط الخاص بضرورة حصول المرشح في الانتخابات العامة على مؤهل جامعي والذي اقرته المحكمة العليا موخرا قد اثار الكثير من الانتقادات من بينها ان جيلا كاملا من الساسة سيختفي على الرغم من أن بينهم عدداً من الاشخاص الذين يتمتعون بطهارة اليد والحنكة البرلمانية.
|