فتاة تخاطب المرآة
* لدي طالبة رقيقة المشاعر شديدة الحساسية، تعاني خلافات مع أمها، ومشكلتها أنها ترتبط بعلاقة غريبة مع المرآة، عندما تكون متضايقة من أمرها، أو وحيدة فإنها تذهب إلى المرآة «أي مرآة» وتحدثها بكل ما في نفسها، وتقضي فترات طويلة أمامها تشكو إليها مشكلاتها، وآلامها، وأحزانها. وتبرز ذلك بقولها: «أشعر أني أقف أمام إنسانة - وليست مرآة - تبادلني المشاعر وتشاركني الأحاسيس وتنسيني مشكلاتي وأجد راحة مفرطة في الحديث معها حتى أني قد لا أشعر بمن حولي».
بدأت مشكلتها منذ ثلاثة أعوام تقريباً، وازدادت حتى باتت جزءاً مهماً من حياتها. والجديد الآن انها بعد ما كانت تحس بالراحة في الحديث مع المرآة وتنجذب إليها، أصبحت في الآونة الأخيرة تخاف منها، وتحاول أن تمتنع عن الحديث معها فلا تستطيع. وتقول: «كلما حدثت لي مشكلة هرعت إلى المرآة وأخبرتها بما حدث فأشعر كأنها ترد علي، مما يخيفني منها، فأقرأ المعوذتين وأعزم على ألاّ أفعل ذلك مرة أخرى إلاّ أنني لا أستطيع، وسرعان ما أعود إلى مرآتي أشركها في أفكاري ومشكلاتي». ما تفسير هذه الحالة، وما علاجها؟
آمل الرد بسرعة لأن الفتاة تتدهور، وأنا قلقة جداً عليها.
معلمة - الرياض
- الوقوف أمام المرآة لفترة طويلة يحدث في عدد من الحالات النفسية منها:
1 - حالة توهم التشوه في الوجه «كالأنف مثلاً» أو باقي الأعضاء، فيظل الشخص يمر على المرآة، ويقف أمامها كثيراً يلاحظ وجهه بدقة.
2 - حالة القهم العصابي «حالة مرضية تتسم بخوف السمنة، وزيادة الوزن، والقيام بأساليب متنوعة لانقاص الوزن»، فتقف المريضة كثيراً أمام المرآة تراقب جسدها وتناسق وزنها مع قامتها.. إلخ.
3 - حالة الوساوس القهرية، حيث يشعر الشخص المصاب برغبة شديدة ملحة، لا يستطيع مقاومتها تدفعه إلى الوقوف أمام المرآة بصورة متكررة، مرة تلو الأخرى كلما انتهى عاد ثانية.
4 - حالة انفصام الشخصية «انفصام الشخص عن الواقع الذي يعيش فيه، حيث يختل ادراكه لحقيقة ما حوله، وتضطرب لديه الوظائف العقلية: كالتفكير، والإدراك، والمشاعر، والسلوك.. إلخ».. وفيها قد يحدث الشخص نفسه بصوت مسموع سواء أمام المرآة أو بدونها، ويأخذ ويعطي في الكلام، ويسترسل وكأنه أمام من يبادله الحديث، ويصاحب ذلك أعراض أخرى كالوحدة والانعزال، وأحياناً البقاء في الظلام لفترة طويلة، ويقل اهتمام الشخص بهندامه ومظهره، إذ تتسخ ثيابه فلا يغسلها، ولا يبدلها، وتطول اظافره فلا يقلمها ونحو ذلك. وقد يتوهم رؤية أشياء غير موجودة، أو سماع أصوات، أو شم رائحة غريبة، وربما أصابه اضطراب في التفكير فيتوهم أن هناك من يخطط لإلحاق الضرر به وايذائه.
وهذه الفتاة - كما يبدو من الشكوى - غير مستقرة نفسياً، وليست مشكلتها الوحيدة دوام محادثة المرآة، فهي شديدة الحساسية، وتميل إلى العزلة والوحدة، ولا تعبّر عن مشاعرها وأحاسيسها لمن حولها، وأحياناً لا تدرك المحيط الذي هي فيه.. ولديها مشكلات مع والدتها ربما كانت أحد أهم الأسباب لحالتها النفسية. لذا فهي بحاجة إلى مراجعة العيادة النفسية مع أحد أقاربها للتمكن من استقصاء المعلومات اللازمة لتقييمها، ومن ثم علاجها.
فلعلك تتعاونين مع أهلها وترشدينهم إلى ذلك.. شفاها الله وجزاك خيراً على اهتمامك وحرصك.
د. محمد بن عبدالله الصغير استشاري الطب النفسي | 
